جامع القيروان

يعود تأسيس جامع القيروانالواقع في تونس إلى الفاتح العظيم عقبة بن نافع وذلك في العام 670م، وهذا الجامع يُعتَبَر من أقدم الجوامع الباقية، بل إنّه يُعَدّ أوّل جامع أُنشئ في المغرب العربي.

أَمَرَ زيادة الله، أبرز أمراء الأغالبة، بهدم جامع القيروان وإعادة تشييده وذلك في سنة 836م، فأخذ شكله الحالي على يده وما يزال محراب هذا الجامع تُغطّيه، مع مساحةٍ مستطيلةٍ حوله، بلاطاتٌ من القاشاني ذي البريق المعدني، عددها نحو مائةٍ وأربعين بلاطةٍ، وهي مُربّعة الشّكل ويغلب عليها اللّونان الأحمر والأخضر، وكلّها من أبدع ما أنتجه الخزفيون في الطّراز العبّاسي.

وقوام هذه الزّخرفة دوائر فيها نقط ورسوم نباتية أهمّها وُرَيدة ذات خمسة فصوصٍ أو سبعة، ثم وريدات نخلية غير منتظمة الشكل، ومُربّعات على هيئة خانات لعبة "الدّاما" أو "الضّاما"، وخطوط منكسرة وخطوط متوازية تقطعها خطوط أخرى متوازية أيضًا، وعلامات تظهر كأنّها تقليد حروف كوفيّة.

ومن أهم الظواهر المعمارية في جامع القيروان القبة الجميلة المُقامة أمام المحراب في البلاطة الوُسطى في إيوان القبلة، ثم قبة ثانية مواجهة لها عند انتهاء البلاطة الوسطى.

المئذنة برجٌ ضخمٌ يقوم في آخر الصحن في الجدار المُواجِه لجدار القبة، وربّما هذه المئذنة من أقدم المآذن الموجودة. وعمومًا فإنّ مساجد المغرب الإسلامي، مثل جامع القروييّن في فاس وجامع الكتيبة في مراكش، يُشبه تصميمها القلاع. فأسوار الصّحن عاليةٌ وضخمةٌ، والمئذنة برجٌ ضخمٌ، وبيت الصلاة بَهوٌ فسيحٌ فيه أعمدة ذات عقود.

يُعتبَر محراب جامع القيروان واحدًا من أقدم المحاريب إذ يرجع تاريخه إلى العام 862م، وهو على شكل مشكاةٍ مُقعّرة ذات طرفين من الأعمدة والأقواس. والجُدُر المحيطة به مزخرفةٌ بطبقةٍ معدنيةٍ. كما أن جدران المحراب مغطاة بالرّخام.

إنّ عقد المحراب مزيّنٌ بأسلوبٍ كَرَميّ، مرسوم بالذّهب على خلفيةٍ سوداء.