كنيسة القديس مارقوريوس

أنشئت هذه الكنيسة القاهرية المصرية المهمة تاريخياً وفنياً ما قبل القرن 2هـ/ 8م، ثم هدمت مع ما هدم من الكنائس القبطية خلال القرن 4هـ/ 10م، فجددها الأنبا أبرام السرياني البطريرك الثاني والستون على عهد الخليفة الفاطمي المعز لدين الله تجديدا شاملاً. ثم جددها بعد ذلك أيضا الشيخ أبو الفضل المعروف بابن الأسقف كاتب سر الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالي. وظلت الكنيسة على تلك التجديدات زمنا إلى أن احترقت سنة 1168م، وظلت على حريقها حتى رممها الشيخ أبو البركات بن أبي سعيد سنة 572هـ- 1176م، فاستبدل أعمدتها الرخامية الحاملة للسقف بأكتاف من الطوب، وأعلى بناء القباب القائمة فوق الهياكل عما كانت عليه.

تتكون العمارة الخارجية لهذه الكنيسة من سور قديم مبني بالحجر والآجر بواقع مدماك حجري تعلوه أربعة مداميك آجرية، وتفضي إليها ثلاثة أبواب من الناحية الغربية يؤدي أوسطها عبر دهليز مستطيل إلى النارثكس. وقد فرشت أرضيته ببلاطات من الحجر المعصراني يتوسطها مغطس ذو شكل مثمن من أسفل، ومربع من أعلا، غُطيت جوانبه برخام أبيض، وأحيط بسياج حديدي حديث، وغُطي بسقف خشبي معرق ذي لون بني داكن، وفصل عن الصحن بحجاب خشبي مدهون بذات اللون. وهو آية في الروعة ودقة الصناعة والزخرفة عليه كتابات وزخارف نباتية عبارة عن أوراق رمحية.

أما الصحن فقد فرشت أرضيته ببلاطات من الحجر المعصراني، وغُطي بسقف خشبي جمالوني ذي لون بني داكن تتخلله نوافذ غشيت من الخارج بمباضع خشبية، ومن الداخل بدرف زجاجية، علاوة على بعض نوافذ من الجص المعشق بالزجاج الملون، يتوسطه جرن رخامي لغسل الأرجل يوم خميس العهد. وقد فصل هذا الصحن عن النارثكس والجناحين بواسطة أعمدة رخامية تم تدعيمها بدعامات تحمل عقوداً مدببة رباعية المراكز. وقد علقت على جوانبه فوق الدعامات باتجاه الهيكل الأوسط عدة أيقونات بين إفريزين خشبيين فيهما كتابات قبطية. وبهذا الصحن منبر من الزجاج المغشى بفسيفساء يرتكز على خمسة عشر عموداً رخامياً ذات تيجان وقواعد بصلية عليه كتابات قبطية، وقد أضيفت إليه سنة 1175م عدة أكتاف تحمل أنصاف قباب تحملها كوابيل. وهذا الصحن ينقسم إلى أربعة أقسام: أولهما جناح أوسط عريض تحيط به ثلاثة أجنحة من النواحي الشمالية والجنوبية والغربية. يضم الشمالي منها بابين يؤدي أحدهما إلى قاعة كبيرة تقع خارج الكنيسة، ويؤدي الآخر إلى حوش في الناحية الشرقية من بقايا الكنيسة القديمة التي كانت مكرّسة على اسم القديسين يوحنا المعمدان ويعقوب المقطع، بهما معمودية عليها حجاب من الخشب المنقوش بعناصر نباتية وهندسية وصور طيور وأشكال قديسين.

يفضي الباب الأيمن من أبواب الكنيسة الخارجية الثلاثة عبر دهليز مستطيل إلى جناحها الجنوبي وقد غطي بسقف خشبي بني اللون وفرشت أرضيته ببلاطات من الحجر المعصراني أيضا. في جداره الجنوبي شبابيك مستطيلة بالإضافة إلى مقصورة تحوي رفات القديس مارقوريوس، وقد نقشت بكتابات قبطية وزخارف نباتية وهندسية. أما الباب الأيسر من أبواب الكنيسة فيفضي إلى جناحها الشمالي وقد غطي بسقف عبارة عن أقبية متقاطعة، وفرشت أرضيته ببلاطات من الحجر المعصراني. وفي هذا الجناح باب يؤدي إلى سلم هابط ينتهي إلى مغارة الأنبا برسوم العريان، وهي ذات أرضية فيها مذبح داخلي، وسقف عبارة عن ثلاثة أقبية متقاطعة.

أما هياكل الكنيسة فتقع في الناحية الشرقية، وهي عبارة عن ثلاثة هياكل يصعد إليها بدرجتين رخاميتين فرشت أرضياتها ببلاطات حجرية وزينت بزخارف نباتية وهندسية ملونة بالأبيض والأسود والأحمر تتصدرها أحجبة خشبية بنية، عليها أشكال صلبان وكتابات قبطية وعربية وزخارف هندسية، تعلوها أيقونات للقديسين. وقد كرس الهيكل الرئيس (الأوسط) منها على اسم القديس أبو سيفين. ويمتاز هذا الهيكل باتساع غير مألوف يتوسطه مذبح تعلوه مظلة خشبية تقوم على أربعة أعمدة رخامية. وغُطي الهيكل الشمالي بقبو متقاطع من الطوب المضفور، وفرشت أرضيته ببلاطات حجرية، وزين حجابه الخشبي بزخارف هندسية مطعّمة بالسن والأبنوس تتخللها أشكال صلبان. ونقشت على بابه كتابات عربية في حشوات أعلاه وأسفله. وفي الجدار الشرقي لهذا الهيكل توجد شرقية تشتمل على بلاطات خزفية دمشقية ذات زخارف نباتية. وغطي الهيكل الجنوبي الذي كرّس على اسم الملاك ميخائيل بقبو حجري متقاطع، وله باب يعلوه عتب خشبي مطعّم بالعاج تتخلله ثلاث حشوات كتابية. ولا يوجد فيه مذبح. وفي منتصف جداره الشرقي باب يفضي إلى حجرة للخدمة. أما الخورس الذي خصص للنساء فهو ذو أرضية حجرية وسقف خشبي معرّق ذو لون بني يرتكز على أعمدة رخامية، وفيه نوافذ للتهوية والإضاءة، عليه حجاب خشبي دقيق.

ألحقت بهذه الكنيسة قاعة للضيوف ذات أرضية حجرية وسقف خشبي يفضي إليها بابان أحدهما في الناحية الغربية من الكنيسة والآخر في جناحها الشمالي.