العمارة الاسلامية الدينية

انتشرت أماكن العبادة الاسلامية مع انتشار الاسلام في اقطار العالم . وكان بعضها بسيطاً غرضه إقامة مكان للمصليين ومركز تجمع ديني واجتماعي ، وبعضها الآخر عمارات دينية ضخمة ذات طابع إسلامي او عربي تفنن المعماريون القدامى والجدد في إخراجها بحلة لافتة تجمع بين ما هو مطلوب منها ان تكون مكان عبادة وبين ما هو مرضٍ للذوق ودليل على عظمة الاسلام والمسلمين .

ثلاثة اماكن عبادة تميزت خلال القرون الطويلة منذ قيام الدين بمكانة لم تصل اليها دور عبادة اخرى . وهذه الاماكن هي :
الحرم المكي الشريف في مكة المكرمة وجامع النبي محمد في المدينة المنورة والحرم الشريف في القدس . هذه الجوامع ظلَت على الدوام قبلة المسلمين ومصدر فخر واماكن عبادة لها في قلوب مئات الملايين موقعاً خاصاً لم تنافسه فيها مواقع دينية اخرى . 

الكعبة او الحرم المكي الشريف هي أكثر الاماكن قدسية في
الاسلام . وهي التي تتجه اليها عيون المسلمين وقلوبهم اينما كانوا . ومحارب الجوامع كافة اينما وجدت تتجه نحو هذا الحرم. إنها قبلة المسلمين . والقبلة الثانية هو الحرم الشريف او جامع قبة الصخرة في القدس. والقبلة في اللغة تعني كل ما ’يستقبل من الشىء – الجهة . والكعبة هي قبلة المسلمين لأنهم يستقبلونها في صلاتهم . قال تعالى : فلنولينك قبلة ترضاها .

تعلو الكعبة ثلاثة عشر متراً . علو بابها الشمالي حوالى المترين وعرضه نحو متر وسبعين سنتمتراً . حائطها الشمالي 12.63 متراً والحائط الشرقي 11.22 متراً والحائط الغربي 13.10 متراً والحائط الشمالي الغربي 11.03 متراً .

ثاني أعظم دار عبادة أو عمارة دينية اسلامية هو
جامع النبي محمد في المدينة المنورة بالمملكة العربية السعودية . وكان النبي قد وضع له الاساسات سنة 622 م ودفن فيه . وسنة 707 م ايام خلافة الوليد الاول الاموي جرى توسيع الجامع بما فيه محيط مرقد النبي . وزين الجامع بالرخام والزجاج الملون والمزخرف بالأشجار والعمارات . وهذه الزخارف تغطي جدران الفناء والحرم المعمد عند حائطه الجنوبي . وقد اعاد العباسيون والمماليك والعثمانيون زخرفة الجامع . وفي العصر الحديث جدد الملك فهد زخرفة الجامع بكامله ووسعه .

الجامع مستطيل الشكل ذو قبة كبيرة خضراء وله خمس مآذن . أما محاربه فمملوكية وعثمانية. وقد أضحى جامع النبي النموذج والطراز الاصلي للعمارات الدينية الاسلامية . ويوصف هذا النموذج المعماري بالجامع الاموي المرتكز السقف على صفوف من أعمدة .

قبة الصخرة في القدس بفلسطين هي جوهرة ضخمة تكلل الجامع الاقصى او الحرم الشريف او أولى القبلتين . وهي روعة فريدة في نوعها في الفن المعماري العالمي . وهي تمثل قمة الفن الاسلامي المعماري . 

بنيت قبة الصخرة بين سنتي 680 م و 692 م . وبذلك كانت أول عمارة ضخمة بنيت منذ ظهور الاسلام والحضارة الاسلامية . والقبة مذهبة وجدران المبنى مطلية بالسيراميك الملون. بنى هذه القبة الخليفة عبد الملك بن مروان احد خلفاء بني امية الذين حكموا الدولة الاسلامية من عاصمتهم دمشق نحو مئة وعشر سنوات . وقد عرف الامويون برعايتهم للفن في جميع اشكاله .

يؤمن المسلمون أن النبي عرَج الى السماء من المكان نفسه الذي بنيت فوقه القبة .

على غرار هذه العمارات الدينية الضخمة والفريدة قامت عمارات مماثلة في جميع انحاء الدولة الاسلامية ، منها جامع القيروان في
تونس وجامع المتوكل في سمارا بالعراق .

يمتاز
جامع القيروان ببساطته ونقاء عمارته . وقد تم بناءه في القرن الثامن ميلادي . حائطه الخارجي بسيط جداً ترتفع فوقه مأذنة مربعة ضخمة ، وفي اثنين من محوره مدخلان مقببان . اما الزخرفة الداخلية فتقتصر على محراب مبلط بآجر لمَاع استقدم من بغداد . والمنبر هو أقدم منبر محفوظ حتى الآن في العالم الاسلامي . ولم يقتصر جامع القيروان منذ ان كان، على دوره الديني فحسب. فقد كان وما يزال مركز علم وثقافة وسياسة واجتماع .  

بنى
الخليفة المتوكل في بغداد جامعًا عظيماً هو جامع الملوية او جامع المتوكل الكبير . وكان المتوكل قد حكم بين 847 و 861 م . ولهذا الجامع مأذنة تبعد عن جانبه الشمالي نحو ثلاثين متراً وترتفع حوالى 55 م . وكانت قديماً ترتبط بالجامع بجسر .