كنيسة القليس

القليس هي الكنيسة التي بناها وزينها في اليمن أبرهة الحبشي ليحج إليها العرب بدلا من الكعبة، وعندما لم يجد إقبالا عليها من قبل العرب خرج بجيش عظيم على ظهور الفيلة لهدم الكعبة ولكن الله خذله هو وجيشه بطيراً أبابيل رمتهم بحجارة من سجيل.

الكنيسة ما زالت باقية . كانت بطول 60 ذراعا إلى السماء ويصعد إليها بدرج من رخام. حجارتها مثلثة الشكل متداخلة ببعضها البعض ملونة بالأخضر والأبيض والأصفر. يوجد بها سردابان تحت الأرض بطول 5 كليومترات يحيران علماء الآثار.

من المعروف أن مكة هي أول بيت وضع في الأرض وهو المكان الذي يحج إليه الناس من جميع أنحاء البلاد وكانت تكسى كل عام وأول من كسا بيت الله الحرام في التاريخ هو ملك اليمن (تبان اسعد بن أبي الكر) وكان هذا الرجل على دين النصرانية وحاقد على اليهود وكلما نوى الهجرة من مكة إلى المدينة لحربهم يرى في المنام بأنه يكسو الكعبة ويقوم بكسائها فعلاً وتكرر هذا المنام لديه كثيراً وكان بعد كل منام يقوم ويكسو الكعبة وكانت توضع كسوة الكعبة الأولى فوق الثانية إلى زمن عبد المطلب جد الرسول صلى الله عليه وسلم فرأى العرب بأن الكعبة ستهدم من كثرة الكسوات التي عليها حتى أمر عبد المطلب بان تكسى الكعبة مرة واحده فقط في السنة.

عقد الملك (تبان اسعد) هدنة بينه وبين اليهود ولم يحاربهم لحكمة إلهية واستمرت الهدنة حتى مماته وخلفه ابنه (ذو نواس ابن تبان) وكان يعتنق اليهودية وكان أشد حقداً وكرهاً للنصرانية وهو من احرق النصرانيين في حادثة (محرقة أصحاب الأخدود) الشهيرة ولم ينج من أصحاب الأخدود سوى شخص واحد فر هربا من ذي نواس إلى قيصر الروم لأن قيصر الروم كان نصرانيا كارهاً لليهود حكى الرجل ما قام به ذو نواس ووصف له حادثة الغلام الذي كان على النصرانية وأراد ذو نواس قتله ولم يستطع إلا بعد أن قال له الغلام (قل بسم الله رب الغلام ثم ارم سهمك) ففعل ذلك ذو نواس وباسم رب الغلام وقوس الغلام بنبالة حتى قتله وبعد هذه الحادثة دخل إلى دين النصرانية 20 ألفاً من أهل اليمن وهذا الفعل اغضب ذا نواس غضباً شديداً وأحرقهم جميعاً في خندق كبير.

بعد سماع قيصر الروم لهذه القصة غضب غضباً شديداً على من يعتنقون دينه النصراني ولان موقع بلاده بعيد كل البعد عن اليمن فقد أمر القيصر الرجل بان يذهب إلى نجاشي الحبشة الذي كان يعتنق النصرانية ليشكو إليه ما حل بأهل دينه بحكم قرب موقع اليمن من الحبشة ، وبالفعل ذهب الرجل إلى ملك الحبشة النجاشي واخبره بالقصة فاستشاط غيظا وأمر بتجهيز جيش كبير قوى جبار. وكان للجيش قائدان أحدهما أبرهة والآخر يدعى أرياض وذهب الجيش إلى اليمن للمقاتلة ودارت معركة كبيرة وانتصر جيش النجاشي على ذي نواس واحتلت اليمن فترة من الزمن وكان من الطبيعي أن يكون الحاكم هو أرياض بما أنه قائد الجيش الرئيسي وأصبحت اليمن في تلك الفترة تابعة للنجاشي، وطغى أرياض بالبلاد وكان ظالماً شديد الظلم قاسي القلب والطباع فقامت جماعة من جيش أبرهة بقيادته بحرب جيش أرياض وجنوده بعد أن جمعوا اكبر قدر من معارضي حكم أرياض وأسلوبه القاسي ودارت المعركة بين الجيشين الحبشيين حتى ضرب أرياض أبرهة ضربة قوية بسيفه وقعت على أنفه فقطع نصفه ولهذا سمي أبرهة الأشرم وبعد أن علت وتيرة القتال قتل أبرهة أرياض وأصبح هو حاكم اليمن الوحيد وعلم النجاشي بما دار في اليمن وما آل إليه الوضع ومقتل أرياض فاقسم بان يدوس النجاشي على أبرهة ويجز شعره جزاً وإذلالاً لما أقدم عليه.

وما أن سمع أبرهة بقسم الملك قام بجز شعره واخذ بعض تراب اليمن وارسله إلى النجاشي مستسمحا إياه قائلا : هذا تراب اليمن فدس عليه وهذا شعري جززته لك) وعفا عنه ملك الحبشة ، فكر أبرهة بطريقة يرضى بها النجاشي ويظهر له ولاءه وطاعته الكبرى ففكر ببناء كنيسة كبيرة عظيمة. وفعلا قام ببنائها حيث تعد اكبر كنيسة في الوطن العربي وأطلق عليها اسم (القليس) حيث يأتي وصفها بأنها كانت بطول 60 ذراعا إلى السماء ويصعد إليها بدرج من رخام ويوجد سور كبير بين القليس وبين ساحتها قدره مائتا ذراع مطبق من كل جانب. أما حجارتها فهي مثلثة الشكل متداخلة بعضها ببعض ملونة بالأخضر والأبيض والأصفر.. بينما المدخل إلى جوف القليس فطوله ثمانون ذراعاً مسيج بسياج من ذهب منقوش بالفضة وبها ألواح كبيرة من رخام مربعة الشكل.

وكان أبرهة قد استعان بملوك أوروبا جميعا لبناء هذه الكنيسة وبالفعل أعانوه بالمهندسين والمال إلى أن جهز البناء، ووقت الافتتاح طلب أبرهة من جميع الملوك الذين أعانوه على البناء لافتتاح الكنيسة بحفل عظيم بحكم أن هذه الكنيسة هي الوحيدة بالشرق الأوسط والجزيرة العربية آنذاك وأمر الناس بالحج إلى القليس عوضا عن الكعبة إلى أن وصل هذا الخبر إلى رجل من (النسي) الذين يعظمون الكعبة. فسافر إلى اليمن وقضى حاجته داخل القليس وتغوط ولطخ جدرانها..وعندما رأى أبرهة ما حل بكنيسته اقسم أغلظ الأيمان بان يحطم كعبة هذا الرجل والعرب فأتى بفيل كبير يقال أن وزنه 3600 كيلو جرام أي اكبر من الفيل العادي بأربع أضعاف وتوجه إلى مكة وأراد أن يحطم الكعبة مقررا بان القليس ستكون كعبة العرب في اليمن ويحضر حجارتها لأنها مقدسة ويزيدها على (القليس) لتكون مقدسة، فحمى الله بيته بإرسال طير أبابيل كل طير يحمل ثلاث أحجار في المنقار والرجلين كانت ترمي جيش أبرهة فتصيب الرجل فتقع على رأسه وتخرج من دبره، فمات كل جيش أبرهة ما عدا جندي واحد لم يمت وسافر إلى اليمن مهرولا ليحكي للناس هناك ما حل بجيش أبرهة ولم يصدق احد روايته وحاول إقناعهم بالبحث عن طير صغير بحجم طير الأبابيل وما أن رفع رأسه الى السماء ليرى ذلك الطير الذي كان يخبرهم به مشيرا إليه قائلا : مثل هذا حتى سقطت على رأسه حجارة من سجين وخرجت من دبره وكان هذا هو طير الأبابيل الذي لحق به ليقتله. وحلق الناس على الجندي من كل صوب وناحية حتى سمى هذا المكان ب(الحلقة) وهو موجود حتى يومنا هذا بداخل صنعاء القديمة وبهذه الحادثة انتهى آخر جندي من جنود أبرهة الأشرم.

والآن لم يبق من (القليس) إلا حفرة عميقة محاطة بسور، وعند هطول الأمطار الشديدة تمتلئ الحفرة بالماء كليا وما أن تمر بعض السويعات حتى يختفي الماء نهائيا، وظل سر اختفاء الماء طويلا إلى أن تم الكشف عن وجود بابين صغيرين لسردابين كبيرين يقعان تحت الأرض يصل طول السردابان حوالي 5 كيلو مترات وبقي السردابان على وضعهما الحالي دون معرفة سر وجودهما.