جامع قرطبة الأعظم

جامع قرطبة من أقدم آثار مدينة قرطبة الأندلسيّة والذي بدأ بناءه عبد الرحمن الداخل، ثم شيّد هشام المئذنة، وزاد عبد الرحمن الثاني أروقته ومحاريبه، وبنى محمّد الأول مقصورته، وشيّد عبد الرحمن الثالث منارته العظيمة، وزاد الحكم الثّاني امتداد أروقته الإثني عشر، وشيّد إلى جانبه دار ذات ثماني زوايا، تعلوها قبةٌ مقصورةٌ، على رخاماتٍ حلزونيّة الشّكل، ومقصورة جديدة لها أقواس متقاطعة مفلطحة وقبب ذات أضلاعٍ رائعة الشّكل.

زاد الحاجب المنصور أروقة الجامع فبلغت تسعة عشر. وفي كلّ رواقٍ خمسة وثلاثون عمودًا أُحيط بسورٍ ذي شرفاتٍ عاليةٍ، وواحد وعشرين بابًا شامخًا. وفي وسط الجامع حوضٌ عظيمٌ للوضوء. ويُعتبر هذا الجامع من أهمّ المباني الفاخرة التي زهت بها الأندلس.

حوى هذا المسجد 1400 عمود من أقواس الدّائرة. ويتدلّى من السّقف المصنوع من خشب الأرز 4700 مصباحٍ من الفضة لتضيء تسعة عشر رواقًا طوليًا، تتقاطع مع ثلاثة وثلاثين رواقًا عرضيًا.

ما يزال المسجد يحتفظ ببعض خصائصه المعمارية. فالمحراب ما يزال يحتفظ بكلّ نقوشه وألوانه، وواجهته لا تقبل المُقارنة مع أيّ محرابٍ وذلك بفضل كسوتها الفُسيفسائيّة الجميلة وزخارفها الدّقيقة المحفورة على الرخام والحجارة.

وممّا يجلب الإنتباه، الكتابات الكوفيّة المُحيطة بقوس المحراب، وهي على نوعين: شريطٌ أفقيٌ مكتوب بحروفٍ زرقاء على أرضيةٍ ذهبيةٍ، وشريطٌ مرسومٌ في الإطار المُستطيل الشّكل ومكتوب بحروفٍ ذهبيةٍ على أرضيةٍ زرقاء.

ومن الأماكن اللاّفتة محراب الحكم الثاني الذي يتمتّع بعقودٍ مُشبّكةٍ ومحمولةٍ على سَوارٍ متراكبةٍ، كأنها زخارف خياليةٌ صَنَعَتها يدٌ سحريةٌ. أمّا القبة فتُعتَبَر إحدى آيات الفن المعماري، وشكلها على هيئة نجمةٍ مُثمّنة الزّوايا، تحتوي في أعلاها على صَدَفَة. أمّا عناصر زخرفتها فهي نباتية محوّرة عن الطّبيعة ذات ألوانٍ ذهبيةٍِ. وتبقى هذه القبّة فريدةً من نوعها، رغم محاولات تقليدها.