مسجد أحمد باشا الجزار

هو أكبر جامعٍ في عكّا  بفلسطين ومن أهمّ معالمها وأروع وأبدع مظاهر الفنّ الإسلامي في العهد العثماني. بناه أحمد باشا الجزّار، والي عكا، عام 1781م على طريقة المساجد الفخمة في استنبول (القسطنطينية)، وبالتّحديد على نسق المسجد الأزرق، على مساحةٍ واسعةٍ من الأرض وفي مكانٍ مرتفعٍ. ووقف عليه الأوقاف الكثيرة.

يتميّزُ هذا الجامع، بالإضافة إلى فخامته، بمئذّنته المرتفعة الشامخة ذات القطر الصّغير، وهي منتصبة ومشرئبّة ويمكن رؤيتها من على بعد عشرين كلم. 

للمسجد بابان: أحدهما الباب الرّئيسي ويقع إلى شمال المسجد، وهو مزخرف مربّع الشكل ومسقوف؛ والآخر يقع إلى الجهة الشّرقية من المسجد. ويتّصل هذان البابان بالشّارع بأدراجٍ عريضةٍ ومتعددّةٍ نظرًا لإرتفاع المسجد عن الطّريق العام ولإتّساع مدخله.

بُنيت حول المسجد وفي صحنه المُستطيل أروقةٌ مقبّبة وغرف عديدة يستعملها موظّفو الجامع، وقد خُصّصت إحداها لتكون مركزًا لمُفتي عكا ولإجتماعاته، وخُصّصت غُرف أخرى لتكون مكتبة تحوي نفائس الكتب الدّينية والتّاريخية والفقهية والمخطوطات، وقد كُتِبَ على بابها ثلاث كلمات، وهي: "فيها كتب قيّمة".

بُني أيضًا حول المسجد مدرسة لتعليم القرآن الكريم والفقه الإسلامي وعلوم أخرى. وأُلحِقَت بالمدرسة حوالي خمس عشرة غرفة تتّسع كلّ منها لطالبين أيّ لثلاثين طالبًا يستعملونها طيلة أيّام الدّراسة بلا مقابلٍ. إضافةً إلى ذلك، فقد أوقف لكلّ طالب راتب شهريّ بدل مأكله وملبسه. وقد سُميّت هذه المدرسة بالمدرسة الأحمدية نسبةً إلى منشئها وبانيها أحمد باشا الجزار.

أُقيمت في صحن المسجد بركةٌ مستديرةٌ يسيل منها الماء باستمرارٍ من أكثر من خمس عشرة فتحةٍ. وأمام كل فتحةٍ منها مكان لشخصٍ يطلب الوضوء قبل الصّلاة. كما كان في صحن المسجد مَزولة، وهي ساعة شمسية لضبط أوقات الصّلاة. وبالقرب من الزاوية الشمالية الغربية لفناء الجامع، بُنِيَ مدفنٌ كبيرٌ يضمّ رفات أحمد باشا الجزار وخليفته سليمان باشا العادل.

من مميّزات هذا الجامع النّادرة بالنسبة لغيره من الجوامع الفلسطينية، وجود صندوق خاص في داخل المسجد يضمّ زجاج، في داخله شعرةٌ مباركةٌ من شعر الرّسول كانت تُعرض على المُصلّين لتقبيلها والتبرّك منها مرةً واحدةً في السّنة، وذلك أثناء الإحتفال الكبير الذي كان يُقام داخل الجامع بمناسبة عيد المولد النّبوي الشّريف.