مسجد وخانقاه السلطان برقوق

تقع هذه الخانقاه العظيمة بقرافة المماليك في مصر. أنشأها السّلطان الملك الناصر أبو السّعادات فرج بن برقوق.

شرع فى بنائها سنة 801 هـ/ 1398م، في المكان الذي أوصى والده السّلطان برقوق بدفنه فيه، وأتمّها سنة 813 هـ/1411م. وساهم في بعض الأعمال التّكميلية بها أخوه الملك المنصور عبد العزيز عندما ولّى الملك لفترةٍ قصيرةٍ، سنة 808 هـ/ 1405م. وقد توفّر في هذا المبنى من أغراضٍ دينيّةٍ وخيريّةٍ ما لم يتوفّر في أيّ مبنى أثريٍّ آخر. فقد اشتمل، فضلاً عن كونه خانقاه للصّوفية، على مسجدٍ فسيحٍ وتربتين لأسرة برقوق، وسبيلين وكتابين لتعليم القرآن الكريم. كما حوى من المميّزات العمارية ما لم يحوه أيّ أثرٍ آخر.

في المسجد منارتان متماثلتان وسبيلان يعلوهما كتابان وقبّتان كبيرتان تتوسطهما قبّة ثالثة صغيرة في أعلى المحراب. وتخطيطه عبارة عن صحنٍ مكشوفٍ تحيط به أربعة إيواناتٍ، أكبرها إيوان القبلة يقابله إيوان آخر مماثل له وأقلّ منه اتّساعًا؛ ويتكوّن سقفاهما من قباب نصف كرويّة محمولة على عقود ترتكز على أعمدة حجريةٍ مثمّنة القطاع. أمّا الإيوانان الجانبيان فمتماثلان ومتساويان، وتقوم خلفهما أبنية الخانقاه من خلاو وغرف علوية أُعدّت لإيواء الصّوفية وطُلاّب العلم. وبإيوان القبلة منبر حجري جميل محفور به زخارف منوّعة، أمر بإنشائه السّلطان قايتباي سنة 888 هـ/1483م، وتقوم أعلى المحراب قبّة صغيرة. ويكتنف هذا الإيوان القبّتان الكبيرتان المتماثلتان ويتوصل إليهما من بابين، فتحا على الإيوان المذكور، عليهما حجابان من الخشب على هيئة أشكالٍ هندسيّةٍ.

يرقد بالقبة البحرية السّلطان برقوق فى المكان الذي أوصى بدفنه فيه عند أقدام بعض الفقراء، كما دُفنَ بها وبالقبة القبلية بعض أولاده وحفدته. وللخانقاه مدخلان: أوّلهما بنهاية الوجهة البحرية، والثاني بنهاية الوجهة الغربية. وتشير النقوش الكتابية التي بهما إلى إسم المُنشئ وألقابه وتاريخ الإنشاء. وقد عنى المهندس بالتّماثل عنايةً عظيمةً. كما توفّر هذا التّماثل في الوجهة الشرقية أيضًا. فبوَسَطها القبة الصغيرة التي تعلو المحراب وبطرفيها القبتان الكبيرتان.