مسـجد النـاقة

يُعرَفُ بأعتق مساجد مدينة طرابلس في ليبيا. وفي وصف هذا المسجد نجد أنّه يقع في حي الفنيدقة، ويُقال إنّه بُنِيَ في أيّام المعز لدين الله الفاطمي، عند منتصف القرن العاشر الميلادي.

هو جامع متّسع على أعمدةٍ مرتفعةٍ، وسقفه حديث التّجديد وبه منار متّسع مرتفع قائم على الأرض على أعمدةٍ مستديرةٍ، وابتداءً من منتصفها تُعتبر سداسيّة. وكان بناؤه في العام المُكمل للمائة الثالثة على يد خليل بن إسحق. ويقال إنّ هذا المسجد قد تمّت إعادة بنائه سنة 1610م على يد والي طرابلس صفر داي، حسبما تُشير لوحة رخامية وُجِدَت به، تشير إلى ذلك، وتربط بين هذا الجامع والجامع الأعظم.

مئذنة المسجد مغربية الطّراز، إذ هي مقتبسة من مئذنة القيروان. أمّا بيت الصلاة فيشغل الجزء الشّمالي من مبنى الجامع وهو عبارة عن قاعة شبه مستطيلة، وطول جدار القبلة نحو 39.25م، والجدار مقابل له 39.40م. أمّا الجدار الشمالي، فهو على نحو 19.25م. والجدار الجنوبي الغربي نحو 20.30م. وسِمكُ الجدران 40سم، وقاعة الصّلاة بها العديد من الأبواب والنوافذ المُوَزّعة على جدرانها، على ارتفاعاتٍ مختلفةٍ. وهناك سبعة أروقة موازية لحائط القبلة ترتكز على 26 عمودًا مختلفة الأشكال، بعضها يعود إلى العهد الرّوماني وقليل منها يعود إلى العهد العثماني؛ وهي مصنوعة من الرخام والغرانيت وبعضها من الحجر. وهذه الأعمدة تحمل عقودًا تستندُ عليها القباب التي تغطي القاعة، ويبلغ عددها 42 قبة، كلّ قبة منها ترتكز على أربعة أعمدة. والرّواق الشمالي الغربي غُطّيَ بقبوةٍ. ويقع المحراب في منتصف جدار القبلة، وهو عبارة عن تجويفٍ بسيطٍ. وعلى جانبٍ من جوانبه عمود صغير وفوق المحراب لوحة رخامية مزخرفة بزخارف نباتية، كُتِبَ عليها في الأعلى عبارة "لا إله إلا الله"، وفي الأسفل "محمد رسول الله". والمنبر يقع على يسار المحراب وهو مصنوع من الخشب ومكوّن من أربع درجات.

أمّا المئذنة، فهي عبارة عن برجٍ مربّع الشكل وارتفاعها حوالى عشرة أمتار. ويمكن الدّخول إليها من طريق بابٍ ضيّقٍ في الجدار الشمالي. ومن المعروف أنّ هذ االنمط من المآذن هو من سمات الطّراز المغربي الأندلسيّ الشّهير في فنّ العمارة الإسلامية. وفي الجنوب الغربي من المبنى أضيف صحن الجامع، وهو عبارة عن ساحةٍ مكشوفةٍ محاطةٍ برواقٍ ذي أعمدة مختلفة الأشكال، ومساحته نحو 282م2. وكان الجزء الشّرقي من الصّحن يتكوّن من رواقين، وقد أعيد ترميمه أكثر من مرّةٍ.

يوجد في الصّحن هاجن لتخزين مياه الأمطار. أمّا الميضأة فهي في الزاوية الجنوبية الغربية ومكانها مُغطّى بسقفٍ على شكل قبوتين مستطيلتين متوازيتين، يدعمهما الجدار الخارجي للمبنى، ويتمّ الوصول إليها من طُرُق ممرٍّ طويلٍ بجوار الباب الرّئيسي للمسجد.