مسجد ومدرسة الأمير صرغتمش

يقع هذا المسجد بشارع الخضيري بالقاهرة، ملاصقًا للزّيادة الغربية لجامع أحمد بن طولون. أنشأه فى سنة 757هـ/ 1356م الأمير سيف الدّين صرغتمش الذى اشتراه الناصر محمد بن قلاون سنة 737هـ/ 1337م، ولم يهتمّ بأمره، فظلّ طول حكمه خامل الذّكر. وفى ولاية الملك المظفر حاجى ابن الناصر محمد، ثم في ولاية أخيه الصّالح محمد كَبُرَ شأنه وصار يرجع إليه فى كل أمرٍ؛ وتعاظم نفوذه فى أيّام السّلطان حسن. وتوفي سنة 759هـ /1358م.

بُنيَ هذا المسجد على نظام المدارس ذات التّخطيط المتعامَد. فهو يتكوّن من صحنٍ مكشوفٍ، تُشرف عليه أربعة إيواناتٍ، أكبرها إيوان القبلة الذي يشمل ثلاثة أقسامٍ: القسم الأوسط منها تُغطّيه قبة مرتفعة بأركانها مقرنصات خشبية، أُنشِئَت سنة 1940م بدل القبة القديمة التي هُدمَت أواخر القرن التّاسع عشر. ووجود القبة في أعلى المحراب ظاهرة عمارية شاهدناها في كثير من الجوامع السّابقة، وإن لم نشاهدها في المساجد المشيّدة على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد. وهي في هذا المسجد تُعتبَر منيّرة، انفرد بها دون غيره من المساجد السابقة واللاّحقة. ويقوم بصدر هذا الإيوان محرابٌ من الرخام الملوّن وسط وزرةٍ رخاميّةٍ. أمّا المنبر، فيرجع تاريخه إلى سنة 1118 هـ/ 1706م. ويحيط بالصّحن بين فتحات الإيوانات الأربعة خلاء، وحُلّت عقود أبوابها بصنجٍ من الرّخام الأبيض والأسود، كما فُرِشَت أرضه بالرّخام الملوّن يتوسّطها مكان الوضوء، تغطّيه قبّة لم يبق منها سوى الأعمدة الرّخامية التي كانت تحملها. وإذا ما تَرَك الزّائر الصّحن واتجه إلى الإيوان الغربي، وجد على يساره بابًا يؤدّي إلى الضّريح تتوسطه تركيبة رخامية دقيقة الصّنع. ويُغطّي الضّريح قبةً ترتكزُ على أركان المُقرنَص المتعدّد الحطّات، بشكلٍ يختلف عن مقرنصات القبّة التى تعلو المحراب؛ ويُحلّي رقبة القبة كما يُحلّي حائط الضّريح، من أعلى، شبابيك من الجص المفرّغ المُحلّى بالزّجاج الملوّن برسوماتٍ دقيقةٍ. أما الواجهة فمقسمة إلى صفف، فُتِحَ بها نوافذ سفلية وأخرى علوية من الجص المفرّغ. ويقع المدخل فى الطرف البحري للواجهة، وهو على النّظام المألوف فى مداخل المساجد، تُغطّيه من أعلى طاقية مجوّفة، بأسفلها مقرنصات جميلة، ومكتوبٌ فوق أحد جانبيه إسم المُنشئ وتاريخ الإنشاء. وتقوم المنارة على يسار المدخل، وهى مبنيّة من الحجر الأبيض والأحمر، ومؤلّفة من ثلاث طبقات: السُّفلية منها مثمّنة وتنتهى بمقرنصاتٍ تكوّن الدّورة الأولى للمنارة، والطبقة الثّانية مُثمّنةً أيضًا وتنتهى بمقرنصاتٍ تكوّن الدّورة الثّانية؛ أما الطّبقة الثالثة فتشتمل على ثمانية أعمدةٍ رخاميّةٍ تحمل الخوذه. وقد قامت إدارة حفظ الآثار العربية بفكّ هذه المنارة لخللها، وأعادت بناءها سنة 1935م؛ كما قامت بتجديد أرض الصّحن الرّخامية سنة 1945م.