مسجد ومدرسة الأشرف برسباى

كان الملك الأشرف أبو النصر برسباى أحد مماليك الظاهر برقوق قدم إليه صغيراً فأعتقه واستمر يتدرج من وظيفة إلى أخرى إلى أن صار دواداراً كبيراً فى أيام الملك الظاهر ططر. وظل كذلك إلى أن توفي ططر وخلفه ابنه الصالح محمد، فما لبث أن خلفه برسباي وولي الملك بعده سنة 825 هـ/ 1422م. وكانت مدة حكمه ست عشرة سنة وبضعة شهور حيث توفي سنة 841 هـ/ 1438م.

يقع هذا المسجد بشارع
القاهرة المعز لدين الله عند تلاقيه بشارع جوهر القائد. أنشأه الملك الأشرف برسباى فبدأ فى عمارته سنة 826 هـ/ 1424م وهو أحد مساجد ثلاثة ما زالت باقية إلى الآن أنشأها الأشرف برسباي، وثانيهما مسجده الملحق به مدفنه وخانقاه، والواقع بقرافة الممالك، وثالثهما جامعه الكبير الذى أنشأه ببلدة الخانكة سنة 841 هـ/ 1437م. وكلها تنطق بجمال الهندسة وحسن الزخرف. فقد بلغت فيها صناعة الرخام وخصوصاً بالمدفن شأوا عظيما فى الدقة والإتقان ، كذلك الشبابيك الجصية المفرغة المحلاة بالزجاج الملون فإنها جمعت بين براعة التصميم ودقة الصناعة.

أنشىء هذا المسجد على نظام المدارس ذات التخطيط المتعامد، أي صحن مكشوف تحيط به أربعة إيوانات متقابلة وتقع القبة ملاصقة لإيوان القبلة. وهذا الإيوان كمثيله فى المدارس الأخرى أهم الإيوانات وأكثرها زخرفة. ويسترعي النظر فيه أرضيته الرخامية الجميلة وشبابيكه الجصية الدقيقة المصنوعة حديثا على نمط نظيراتها القديمة بمدفن الأشرف برسباى بقرافة المماليك. أما منبره الخشبى فحافل بالتطعيم بالسن والزرنشان شأنه فى ذلك شأن منابر المساجد التى أنشئت فى القرن التاسع الهجرى - الخامس عشر الميلادي.

لم يبق من أسقف المسجد القديمة سوى سقف الإيوان الغربي المقابل لإيوان القبلة الذي فقد سقفه الأصلى وحل محله سقف آخر. وهذا السقف - سقف الإيوان الغربي - يماثل سقف إيوان القبلة بمسجد برقوق، غني بنقوشة المذهبة الجميلة. ووجهة المسجد الرئيسة تشرف على شارع المعز لدين الله ويقع المدخل فى طرفها القبلى بجواره سبيل وكتاب. ويحلي صدر المدخل رخام ملون وتغطيه مقرنصات. ويكسو الباب الخشبي نحاس مفرغ تفريغا زخرفيا بديعا على شكل سرة فى الوسط وأربعة أركان وطراز علوي وآخر سفلي مكتوب بهما اسم المنشئ وتاريخ التجدي(1332 هـ). وكسوة الأبواب بالنحاس على هذا التصميم تجدها فى مسجد برقوق ومساجد الأشرف برسباى وغيرها من المساجد التى أنشئت فى هذه الحقبة من الزمن، بينما كانت الأبواب السابقة تكسى أوجهها كلها بالنحاس المزخرف كما شاهدنا فى باب مسجد السلطان حسن المركب على باب مسجد المؤيد وغيره.

تقوم إلى يمين المدخل المنارة. الطبقة الأولى منها مربعة والثانية أسطوانية تحليها جفوت متقاطعة، والثالثة تتكون من أعمدة رخامية تعلوها الخوذة. وقد جددت هذه الطبقة سنة 1945م. وبالنهاية البحرية للوجهه تقوم قبة حجرية حليت بخطوط متكسرة على شكل دالات محفورة فى الحجر. أما الوجهة الممتدة بين المدخل والقبة ففيها صفان من الشبابيك تغطيها مقرنصات جميلة وتتوجها شرفات مورقة.