البيمارستان النوري

يقع البيمارستان النّوري في الحريقة إلى الجنوب الغربي من الجامع الأمويّ في دمشق. أنشأه الملك العادل نور الدين محمود زنكي حوالى عام 1154م. ويذكر بعض المصادر أن المُسلمين قد أسروا أحد ملوك الإفرنج، وعند استشارة نور الدين لمجلس أعيانه، تمّ الإتّفاق أن يُفَكّ أسر هذا الملك مقابل فديةٍ ماليةٍ تُصرَف في بناء بيمارستانٍ ليكون مشفى يقدّم الدواء والعلاج.

كان هذا البيمارستان يؤدّي وظيفةً مهمّةً بالإضافة إلى معالجة المرضى. وقد عمل في الطّبابة والتدريس فيه أشهر أطباء العرب، منهم ابن سينا والزهراوي. وكان المرضى يتلقّون الدواء والغذاء والكساء مجانًا حتى يتماثلوا للشفاء.

منذ بداية القرن العشرين تعدّدت مهام مبنى البيمارستان لغير الوظيفة التي أنشئ من أجلها، وقد أدّى هذا إلى إحداث أضرارٍ كثيرةٍ بالبناء. وفي عام 1976م تمّ ترميم المبنى، وأصبح في ما بعد مقرًا لمتحف الطّب والعلوم عند العرب.

مدخل البيمارستان في الجهة الغربية له باب ذو مصراعين من الخشب، مُصفّحين بالنّحاس ومُزخرفين بالمسامير النحاسية الموزعة هندسيًا. وتعلو بوابة البيمارستان زخارف جصّية جميلة صُمّمَت من تسع مداميك من المقرنصات التي تعتمد على شكل الورقة المجوّفة. وهذا النوع من التشكيل فنٌ جديدٌ في سورية أتى به السلاجقة. كما أن تجويف البوابة فن جديد أيضًا، حيث تُشاَهَد الأقواس المؤلّفة من سبعة فصوص، ويُتَخَيّل تلك المحاريب الصمّ أعمدة جدارية تتفرّع من أعلاها على شكل شجرة النّخيل. يلي الباب غرفة مربعة تقوم مقام الدّهليز، وهي من أجمل غُرَف المبنى، مزودة بإيوانين صغيرين شمالي وجنوبي، مسقوفين بعقد مزينة بزخارف ذات أقواس ومقرنصات جصّية تشابه زخارف بوابة البيمارستان. تنفتح الغرفة من الجهة الجنوبية على صحن البيمارستان المستطيل الشكل الذي تتوسّطه بركة ماء، ويحيط بالصّحن أربعة أواوين، تنفتح على جانبيّ كل إيوانٍ غرفتان. والغُرَف مسقوفة بالعقود المُتقاطعة.

يُعَدّ البيمارستان أحد أهمّ العمائر الدّمشقية التاريخية.