المدارس

أنشئت المدارس على نحو مصلى لكن بدون مئذنة ولا منبر ولا تقام فيه صلوات الجمعة والعيدين ويختلف تصميمه عن تصميم المسجد. وللمصلى - المدرسة صحن تحيط به إيوانات أربعة.

أقيمت هذه المدارس لتدريس المذاهب السنية الأربعة: الشافعي والحنفي والمالكي والحنبلي، إلى جانب قراءة القرآن وحفظه وتجويده وتفسيره وتدريس الحديث والشريعة والفقه السني، وربما درست فيها بعض العلوم الأخرى كالطب والكيمياء.

كانت غرف تلك المدارس غير متساوية المساحات، يخصص أوسعها لتدريس المذهب السائد في البلد. وغالبا ما تلحق بالمدرسة قاعات لاستعمالات شتى ترتبط بالعبادة والتدريس وإيواء المعلمين والمتعلمين. وترقى فكرة إقامة المدارس إلى العهد السلجوقي في فارس والعراق، وازدهرت أيام الوزير نظام الملك وفي عصر السلطان طغرلبك في القرن الخامس للهجرة الحادي عشر للميلاد. ولعل أول مدرسة حكومية أنشئت في أوائل ذلك القرن كانت في غزنة، وتبعتها أخرى في بغداد وطوس والبصرة وأصفهان وغيرها. وفي القرن التالي عمم الأتابكة المدارس السنية على مدن كثيرة، مثل الموصل والرها وأربل ونصيبين وحلب وحماة وحمص ودمشق. كما نشر صلاح الدين في القرن نفسه المدارس السنية في الشام ومصر بعد قضائه على الحكم الفاطمي.

استمر اهتمام الخلفاء السنة وولاتهم بإقامة المدارس في العهود اللاحقة. غير أن دورها التدريسي تقلص بعض الشيء، بعد استقرار الأمر للسنة في شمال أفريقيا ومصر والشام، واقتصر نشاط أكثرها على استقبال المصلين. وتطور شكل بعضها وزودت بالمآذن والمنابر أحيانا، ولم تعد تختلف عن المسجد إلا في تخطيطها الإيواني.