قلعة معرة النعمان

تعد قلعة المعرة السورية من أهم المباني العسكرية الأثرية الباقية والظاهرة للعيان في محافظة إدلب. وتتموضع إلى الشمال الغربي من مدينة معرة النعمان وقد وصل إليها العمران الحديث بعدما كانت بعيدة عنه أكثر من نصف كيلو متر.

وقد شيدت هذه القلعة على قاعدة كلسية طبيعية مرتفعة عما حولها ويحيط بها خندق عظيم نقر حفراً بالصخر بعرض 13 متراً وعمق 10 أمتار، وكانت أرضه مفروشة بالبلاط، إلا أن عوامل الزمن أثرت فيه كثيراً وأصبح الخندق مزروعاً بأشجار التين والرمان.

تمتد القلعة على مساحة 2500 متر مربع ويلتف حولها من الجنوب والغرب والشمال مجرى نهر الهرماس الموسمي. وكان في السابق يتم الدخول إلى القلعة عن طريق مدخل جنوبي رئيسي بواسطة جسر خشبي متحرك يستند على دعامة حجرية تركت في منتصف الخندق، وقد تم اهمال هذا المدخل واستعيض عنه بمدخل ثانوي من الشرق والجنوب عبر ردم الخندق المحيط بالقلعة. ‏

يعود تاريخ بناء القلعة إلى ما قبل العهد الروماني وكانت حصناً منيعاً على مر العصور لمدينة المعرة. وقد رممت في العهد الأيوبي بعد تعرضها للدمار من الخوارزمية والغزاة الصليبيين وقد وثق هذا الترميم بسطر كتابي نافر وبخط نسخي أيوبي كبير بطول 145ھ 30 سم وتم ذلك سنة 1234 ميلادية، كما ويلاحظ وجود أعمدة الروابط الاسطوانية الكلسية بين جدران الأبراج الدفاعية وقد زخرفت وجوهها بزخرفة هندسية قوامها نجوم وأشكال أخرى. ‏

عرفت هذه القلعة من خلال المجزرة التاريخية التي ارتكبها الصليبيون سنة 1098 ميلادية حيث حاصروا سكان المعرة الذين اعتصموا فيها خوفاً من جيش الفرنجة الطامع بالاستيلاء على ممتلكاتهم والذي يضم الفرسان والعدد الأكبر من الفقراء وعامة الشعب في أوروبا، فضلاً عن الرعاع وأفراد العصابات المتعطشة للسفك والنهب، وقد حاول هؤلاء جميعهم احتلال القلعة لكنهم فشلوا مرات عدة فقاموا بنصب برج خشبي أمام سور القلعة واحتدم القتال يرافقه إلقاء النيران فوق المعتصمين حتى أحدث النقابون الفرنجة تحت البرج الخشبي ثغرة بجدار سور القلعة ما شكل خوفاً وذعراً في نفوس المدافعين. وفي عصر ذلك اليوم طلب قائد الحملة «بوهيموند» خروجهم إلى قصر قرب القلعة وسيضمن لهم حياتهم مقابل دفع جزية، فانصاع المدافعون لهذا الأمر وذهب بعضهم إلى المكان المذكور وبعضهم الآخر اتجه إلى مغاور وسراديب القلعة وأوقف القتال. وهنا دخل الفرنجة إلى القلعة فنهبوا كل ما وقع بين أيديهم وقتلوا كل من وقف في طريقهم واعتقل الكثير منهم وسيقوا إلى انطاكية لبيعهم عبيداً هناك.