العمارة العسكرية

ترتبط العمارة العسكرية الإسلامية بالتّاريخين السياسي والعسكري لدولة الإسلام التي شهدت فترات متنوّعة من طبيعة العلاقات الداخلية والخارجية. ففضلاً عن الحروب والمعارك الطويلة التي شهدتها منذ بداية عصر الفتوحات الإسلامية، كان على دولة الإسلام أن تدخل في طور التّحدي الكبير لتثبيت أمن وأمان الدولة والدفاع عن حدودها ضدّ القوافل الداخلية التي كانت تنبعث بين حينٍ وآخر بحكم التنوع الكبير الذي ضمّته هذه الدولة من شعوبٍ وبلدانٍ وأعراقٍ ودياناتٍ وما ينجم عن ذلك من بقاءٍ كامنٍ لنزعاتٍ وأهدافٍ وغاياتٍ تحاول التعبير عن ذاتها من حينٍ لآخر.

تفنّن المسلمون في إنشاء تحصيناتهم الدفاعية لحماية الدولة من هجمات الأعداء والتّصدي لهم، فبنوا على طول الحدود تحصيناتٍ أطلقوا عليها إسم "الأربطة"، وهي أبنية عسكرية تُمثّل خطّ دفاع متقدمًا عن البلاد، حيث كان يقيم فيها الجنود وعائلاتهم بشكلٍ دائمٍ، فيمارسون في حياتهم الدينية والمدنية إضافةً إلى استعدادهم وجاهزيتهم الدائمة لمواجهة أيّ عدوانٍ خارجيٍ أو السيطرة على أيّ فتنةٍ أو خلخلةٍ داخليةٍ.

تُبنَى الأربطة على هيئة نسقٍ معماريٍ مُتماثلٍ. فيغلب على تخطيطها الأشكال المستطيلة، الجدران الحجرية المنتظمة، المزدوجة المزوّدة بالأبراج الدفاعية. أمّا في الداخل، فكان هناك فناء واسع تحيط به غرف لسكن الجنود ومسجد ومَرافق عامة.

والشّكل الآخر من التحصينات العسكرية كان يشمل الأسوار العالية المدعّمة بالأبراج والمُجهّزة بوسائل الدفاع والمراقبة. وقد بُنِيَت هذه الأسوار غالبًا حول المدن لحمايتها وصدّ الحصارات عنها. ويُعَدّ السور من أهم الأبنية العسكرية التي أنشأها المسلمون في مدنهم.

كان لطبيعة الأرض والمكان والموقع الدّور الأساس في تحديد شكل السور. ولكن السّمات في الأسوار كانت تتمثّل في وجود الأبراج المُجهزة بنقاط المراقبة ومرامي السهام والنوافذ لقذف السوائل المُحرقة. وهناك نقاط متعددة من السور جعلت فيها أبواب مُحكّمة الإغلاق، يحميها برجان أو تكون ضمن برجٍ واحدٍ. ويعود ذلك لأهميّة الباب وما يشكّله من نقاط قوةٍ وضعفٍ.