خان أسـعد باشـا

يُعدّ خان أسعد باشا من روائع الخانات في العمارة الإسلامية. يقع وسط سوق البزورية في دمشق. بناه والي دمشق أسعد باشا بن إسماعيل العظم، وانتهت عمارته، التّي استمرت سنةً وشهرين، عام 1753م.

يحتلّ الخانُ رقعةً مساحتها خمس مائة متر مربّعٍ ومسقطه مربّع الشكل. وللخان واجهةٌ حجريةٌ ضخمةٌ في الجهة الغربية، وهي قطعةٌ فنّيةٌ نادرةٌ تتوسّطها بوابة الخان الضّخمة المعقودة بالمُقرنصات والدلاّيات الحجرية. ويتألّف الخان من طبقتين ويحتوي على عددٍ من المخازن التّجارية وعلى مسجدٍ صغيرٍ. يُغلَق بابه بمصراعين كبيرين من الخشب المصفّح بالحديد والمسامير، وواجهته الرّئيسيّة تحتلّ جانبًا من سوق البزوريّة. وبوّابته حجريّة فخمةٌ تؤدّي إلى إيوانٍ معقودٍ بالمُقرنصات الجميلة التي تنتهي في أعلاها بصَدَفَةٍ؛ وعلى جانبيّ الإيوان مقعدان حجريان يُحيطان بالصّحن.

يؤدّي المدخل إلى دهليزٍ مسقوفٍ بعقودٍ متقاطعةٍ، تُزيّنها زخارف جصيّة. وعلى جانبيّ الدّهليز، درجٌ يؤدّي للطّبقة العُليا. وينتهي الدّهليز بقنطرةٍ مفتوحةٍ على صحن الخان الواسع، وهو باحة مربّعة الطول، ضلعها سبعة وعشرون مترًا، مُبلّطة بالحجر الأسود، تتوسّطها بركةُ ماءٍ كثيرة الأضلاع، ويغطّي سقفه قبّة متوسطة، حولها ثماني قباب موزّعة بصورةٍ متناظرةٍ على أطراف مِحوَرين متعامدين.

والقباب متساويةٌ في الحجم والإرتفاع، وقطر كلّ قبةٍ ثمانية أمتار، كلّها محمولة على عقودٍ حجريّةٍ تستند على أربع عضائد حجريّة مربّعة في وسط الصّحن من جهةٍ، وعلى جدران الخان الدّاخلية من جهةٍ أخرى، وهي موزّعة على ثلاثة صفوفٍ محمولةٍ على إحدى وعشرين عقدةٍ حجريّةٍ.

تتألّف كلّ قبةٍ من قاعدةٍ مربّعةٍ يعلوها أربعة أقواس حجريّةٍ، تصل بينها زوايا؛ وتحمل هذه الزّوايا والأقواس طارة القبة، ثم تليها الرّقبة المؤلّفة من طاسةٍ مبنيّةٍ بالآجر، تُزيّنها زخارف جصيّة. وتوجد في طاسة القبة فتحة مغطّاة بمُنوّرٍ مضلّعٍ ذي عشرة أضلاعٍ، في كلّ منها نافذة مستطيلة.

تحيط بالصّحن المخازن التجارية والمستودعات في الطّبقة الأرضية. وتضمّ هذه الطبقة ثلاثة وعشرين مخزنًا، مُعظمها مصمّم على شكل أجنحةٍ. أمّا في الطّبقة العُليا، فيوجد رواق طويل مُطلّ على الصّحن، مسقوف بعقودٍ متقاطعةٍ. ويلي الرّواق غرف صغيرة يبلغ عددها أكثر من أربعة غرفٍ. يُعتَبَر هذا الخان من أهمّ نماذج العمارة الإسلاميّة المتطوّرة والمتأثرة بطابع العهد العُثماني من ناحية هندستها وفنونها ومخطّطها الجميل. لذلك فهو يُعتبَر من أجمل الصّروح الحضارية.

إن أهمّ مميزات هذا الخان سعته وفنون صنعته الحجرية المُنفّذة بإتقانٍ، وقبابه التّسع التي تميزه عن بقية الخانات، إضافةً إلى ضخامة بوّابته الرّئيسية البديعة المُزّينة بالمُقرنصات والدلاّيات الجميلة، وحجارته المُكوّنة من اللّونين الأبيض والأسود، والأقواس التي تحيط بجميع أنحائه، فضلاً عن روعة توزيع الضّوء والظّل.