الأسـواق

السّوق عبارةٌ عن مجموعةٍ من الدّكاكين المُنتصبة على جانبيّ طريق. وقد يكون السوق مسقوفًا بكامله أو تكون مجموعة الدكاكين في بناءٍ كبيرٍ واحدٍ، وغالبًا ما يكون له باب كبير يقفل عند المساء بعد إغلاق السّوق والدكاكين وانتهاء البيع والشّراء. وهو ما يشبه إلى حدٍ كبيرٍ المُجمّعات التجارية الحديثة.

تحتلّ الأسواق مركز المدينة العربية الإسلامية، وذلك لكونها تلبّي شروط الحياة ومتطلباتها، بين العرض والطلب، وبين الحاجة والمصلحة، فيلتقي فيها الباعة بالمُشترين وتتكرّر دورة الحياة الإقتصادية.

ربّما تكون مسألة التّخصص في السّوق هي إحدى أبرز سمات السّوق العربي الإسلامي، إضافةً إلى طراز بنائه، حيث نجد أسواقًا مُتخصصةً، مثل سوق الحرير، سوق الخيش، سوق السّروجية، والسّلاح في المدن العربية الإسلامية.

إنّ هذا التّخصص والتنوع صبغ الأسواق العربية الإسلامية بطوابعها المُختلفة وفقا لطبيعة هذا السّوق المُتخصّص. ومع كلّ ذلك، بدت كم هي الأسواق جميلة المظهر والمنظر، دافئة الحنايا، مُلبّية للحاجتين العملية والجمالية. فكما يستطيع الشّاري أن يتجول في هذه الأسواق وفي متناول يديه وناظريه ما يشاء من السلع والحاجيات، كذلك يستطيع أن يتأمّل في المكان فيُلبّي حاجات نفسية لديه.

وعلى الرّغم من أن التّخصص في بيع سلعةٍ محدّدةٍ قد يُعطي إحساسًا بالملل والرّتابة بسبب أنّ حركة الشّاري أو المتجوّل في السوق، والذي تتكرّر أمامه السّلع عينها وإن اختلفت أشكالها، قد تدفعه لذلك الإحساس، إلاّ أنّ طبيعة التداخل بين هذه الأسواق وتقاربها من بعض على شكل شبكةٍ قد ألغى هذا الأمر.

تتّفق أغلبية الأسواق العربية الإسلامية بكونها مُمدّدة على مسافاتٍ طويلةٍ، مُغطّاة بسقوفٍ نصف أسطوانيةٍ، وعقودٍ ضخمةٍ مقبّبةٍ، ومناور تؤمّن للإنسان مكانًا مُريحًا، من حرّ الصّيف ومطر الشّتاء وبرده. وغالبًا ما تكون الأسواق المُتخصّصة المُختلفة مُتفرّعة عن بعضها بتخصّصاتها، متداخلة أو مُتصالبة، وتُشكّل مُجمّعًا واحدًا.. ففي مدينة دمشق مثلاً تستطيع أن تدخل في سوق الحميديّة ثم تتفرّع منه إلى سوق الصّاغة وسوق البزورية والعصرونيّة. وهذا ينطبق على سائر أسواق المُدُن الإسلامية. لهذا يُقال إنّ أسواق العهد العثماني تُكَوّن مجموعةً معماريّةً متكاملةً تضمّ المخازن التّجارية والخان والجامع والحمّام والمدرسة.

ولكلّ سوقٍ بابٌ خاصٌ يقفلُ عند انتهاء البيع والشّراء، فتُعزَل الأسواق عن أحياء المدينة السّكنية الأخرى، كما يُذكَر أنّ عددًا من الوظائف قد ارتبط بالسّوق، مثل أمين السّوق والمُحتسَب.



دمشق