الجامع الأزهر

الأزهر هو قلب مدينة القاهرة مبنًى ومعنًى، إذ تجسّدت في بناءه آيات الفن المعماري الإسلامي من الطّراز الفاطمي. ولكن حاله اليوم يختلف عما كان عليه. فالأزهر الشّريف الآن يُعاني عوامل الزّمن. فقد انهارت بعض أسقفه وتآكلت بعض المشغولات الخشبية وانمحت الألوان وتمايلت الأساسات.

إنّ أعمدة الجامع، التي تقارب الألف عمود، ترتكز على قواعد واهنةٍ من الحجر الجيري وفي أغلبها تقوم الآن على تربةٍ ضعيفةٍ رخوةٍ كما أوضحت الإختبارات العلميّة.

ترتفع في فضاء الجامع الأزهر خمس مآذن كان يؤذّن عليها خمسة مؤذّنين في وقتٍ واحدٍ. وأبرز هذه المآذن، المئذنة المزدوجة الرّأس، الفريدة من نوعها، وقد أنشأها السّلطان الغوري عام 1510م. وهي تمتازُ بوجود درجين بين الدّورين الأول والثاني، لا يرى الصاعد في أحدهما الآخر. وتنتهي المئذنة برأسٍ مزدوجٍ عليه في كلّ طرفٍ نموذج صغير لمئذنةٍ من الطّراز المملوكي الفاطمي المتعدّد الأدوار.

من الدّاخل يبدو الجامع الأزهر وكأنّه لم يعد كله من النّمط الفاطمي، إذ هو في الحقيقة الآن مجموعة من الآثار الإسلامية التي ضُمَّت إليه في عهودٍ وأزمنةٍ مُتباينةٍ.

لم يبق من الأعمال الفاطمية في الجامع سوى المحراب الكبير بكتاباته حول الشّبابيك الباقية وعقود المجاز بجانبيه، وما اشتملت عليه من زخارف وكتابات كوفية. أمّا زخارف وكتابات عقود مؤخر الإيوان الشّرقي من الداخل فترجع إلى عهد الحاكم بأمر الله الفاطمي، ثم القبّة التي على رأس المجاز وقد احتفظت بنقوشها وكتاباتها الكوفية. أمّا المحاريب فكان عددها عشرة ولم يبق منها سوى ستة محاريب، أهمها المحراب الأصلي والمحراب الجديد في المقصورة القديمة. ويحيط بصحن الجامع عدّة أروقةٍ كان الطّلبة يشغلونها ويقيمون فيها لطلب العلم والمعرفة. وكان عدد الأعمدة في صحن الجامع 76 عمودًا من المرمر الأبيض، أُضِيف إليها واحد حديث. وكان لكلّ عمودٍ علام يحيط به طلاّبه ومريدوه لتلقي الدّروس على يديه، ليمثّل الجامع الأزهر أوّل جامعةٍ في الإسلام، ويشكّل نقطة انطلاق علمٍ ومعرفةٍ وتصدٍ وتحدٍ للطّغاة والأعداء، كما يثبت تاريخ الأزهر.