حرية التنظيم النقابي ضرورة وطنية

التجزئة وقوانينها من عوامل عرقلة النهضة الاقتصادية العربية

لقاء مع اديب الجادر ، نائب رئيس اتحاد الصناعيين في العراق

نشر اللقاء في كانون الثاني / ديسمبر 1961 ، العدد الثالث ، الرائد العربي

إغتنمت الرائد العربي فرصة وجود الاستاذ اديب الجادر ، نائب رئيس اتحاد الصناعات العراقي في بيروت فأجرت معه مقابلة تحدث فيها عن اهم العقبات التي تعترض الصناعيين في النطاقين المحلي والعربي والحلول التي يرتأيها . وشرح رأيه في موضوع استثمار رؤوس الاموال الاجنبية في البلاد العربية ، والمحاذير التي تكتنف هذا الموضوع . وفي ما يلي نص الحديث .

ما هي اهم العقبات التي تواجه الصناعيين في العراق على الصعيدين المحلي والعربي ، وما هي الحلول التي تقترحونها للتغلب عليها؟.

هناك ثلاث مشاكل تواجه الصناعيين هذه الايام وهي :

أ – ضعف الكادر الفني . وهذه مشكلة أساسية لأن اكثر ما نعانيه ، سواء في ادارة العمل او في حالات التوسع الصناعي ، هو عدم توفر الفنيين من ابناء البلاد العربية . اما الفنيون الاجانب فانهم لا يحلون المشكلة لأنهم ، بالاضافة الى أجورهم المرتفعة ، لا يتمتعون بالكفاءة المطلوبة .

ب – عدم وجود مقاييس ومواصفات علمية مدروسة للمواد الاولية والمواد المنتجة .

ج – ضعف التعاون بين ارباب العمل والعمال وعدم وجود صيغة للتعاون بين الطرفين تحدد التزامات وحقوق كا منهما وتمكنهما من دراسة القضايا المشتركة .

هذه هي اهم المشاكل التي تواجه الصناعيين ، وأعتقد أن بالامكان التغلب عليها بالمخططات والوسائل التالية:
1 – العناية بانشاء كادر فني مدرب عن طريق فتح المدارس والكليات المهنية وتوسيع القائم منها لنتمكن من توفير عمال مهرة مدربين ورؤساء اقسام ومهندسين ومدراء .

2 – انشاء دائرة رسمية تشرف على وضع المواصفات والمقاييس وتطبيقها . وحبذا لو اتفق على انشاء دائرة عربية لهذا الغرض حتى تكون المقاييس والمواصفات واحدة في مختلف البلدان العربية .

3 – تأسيس منظمة عمل عربية ، على غرار منظمة العمل الدولية ، تضم ممثلين عن ارباب العمل والعمال والحكومات ، يدرسون المشاكل المشتركة والحلول المناسبة لها . ومن أجل تهيئة السبيل امام قيام هذه المنظمة وتمكينها من تأدية أهدافها ، يتوجب العناية بالتنظيم النقابي الحر . فمهما قيل إن الحكومات تعرف مصالح العمال وترعاها ، فان العمال يدركون مصالحهم ويرعونها بشكل أفضل . وكذلك الامر بالنسبة لارباب العمل . إن تشجيع التنظيم النقابي واحترام حق العمال في تنظيم انفسهم ونقاباتهم من دون تدخل من الخارج ضرورة قصوى تمليها مصلحة الوطن والعمل . واشير ، بهذه المناسبة ، الى أنني تقدمت رسمياً باقتراح مفصل حول انشاء منظمة العمل العربية الى مؤتمر غرف التجارة والصناعة والزراعة خلال دورته الحالية .

ما هي أهم العقبات التي تواجه الصناعيين على الصعيد العربي وكيف يمكن التغلب عليها ؟.

من أبرز العقبات عدم وجود اتصال قوي ومنظم بين الصناعيين العرب في مختلف أقطارهم . وهذا يجعل قضايا الصناعة، في كل قطر ، تدرس على صعيد إقليمي ضيق ، الامر الذي يعزل تجارب كل قطر عن الآخر ، فلا يتوفر التفاعل بين هذه التجارب . وفي ذلك أضرار كبيرة على الصناعة ومستقبلها في البلاد العربية . لذلك تقدمت بمذكرة الى مؤتمر غرف التجارة والصناعة والزراعة دعوت فيها الى عقد مؤتمرات عربية دورية لبحث مشاكل الصناعة ودراستها على أسس علمية سليمة ، وتقديم هذه الدراسات الى الحكومات العربية والمؤسسات الصناعية لاعتماد ما تراه مناسباً.

 

هناك عقبة أخرى في هذا الصدد وهي التجزئة المفروضة على البلاد العربية وما يتبعها من قوانين تجارية وصناعية، وخاصة الجمركية، معتمدة ومطبقة . إنها تشكل عائقاً أمام نشاط رجال الاعمال العرب وتحد من انطلاقهم في مجالات اوسع وارحب . إن السبيل للتغلب على هذه العقبات هو الوحدة الاقتصادية العربية . فهي التي تهيء لرجال الاعمال الطريق الممهدة لانطلاقه وتوسيع أعماله وتوفير فائدة أكبر له ولمجتمعه . لذلك ، فان من الضروري إعادة النظر بالقوانين التجارية والصناعية ، الناشئة عن سياسة اقتصادية اقليمية ضيقة ، لتنسجم هذه القوانين مع الوحدة الاقتصادية العربية المنشودة . وبهذه المناسبة ، تجدر الاشارة الى أن ما يقال ويشاع حول أضرار الوحدة الاقتصادية العربية بالمصلحة الاقليمية لكل قطر ، هو محض وهم وخيال واراجيف .

تتضارب الاراء حول فائدة استثمار الاموال الاجنبية في البلاد العربية. فما هو رأيكم في ذلك ؟.

توجد تجارب عديدة لبلدان مختلفة استعانت برأس مال أجنبي . وقد إتضح ، من الناحية العملية ، أن رأس المال الاجنبي يعقبه ضغط سياسي . وبما ان البلاد العربية ليست من القوة بحيث تستطيع الدفاع عن نفسها سياسياً ، فان من مصلحتها ان ترفض رأس المال الاجنبي . واذا كان رأس المال الوطني لا يفي بالحاجة ، فان أسلم طريقة ، في رأي ، لتلافي هذا العجز هي ان تقوم الحكومات العربية باقتراض ما تحتاج اليه من رأس مال من المؤسسات الدولية كبنك الانشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي ، كلما استدعت الضرورة ذلك.