أحمد عمر ، نائب مدير دائرة المالية والاقتصاد في الكويت يشرح :

المراحل التأسيسية للصناعة البتروكياوية في الكويت

آثار انتقال سلطة الرقابة على النقد الاجنبي الى الحكومة

نشر اللقاء في تموز / يوليو 1961 ، العدد التاسع ، الرائد العربي

 

موضوع الكيماويات البترولية ، موضوع مهم وحيوي في اقتصاديات البلاد العربية المنتجة والمصدرة للنفط. وقد بدأ يحظى في الاشهر الاخيرة  بعناية الهيئات المسؤولة ، حكومية وغير حكومية ، في كل هذه البلدان ، وخاصة في الكويت . وقد عالجت مجلة الرائد العربي موضوع الكيماويات البترولية أكثر من مرة منذ صدورها قبل تسعة أشهر حتى الآن . ومن دواعي اعتزازنا وسرورنا ان تجد معالجتنا ودعوتنا الملحة هذه ، صدى طيباً ، بدأ يتبلور ويخرج الى حيز الواقع والتنفيذ .

 

السيد أحمد عمر ، نائب مدير دائرة المالية والاقتصاد في الكويت ، في طليعة شبابنا الذين يهتمون بهذا الموضوع ، وذلك بحكم عمله وانصرافه الكلي اليه ، سواء أكان ذلك في الكويت أم في المؤتمرات البترولية الدولية والعربية التي طالما مثل الكويت فيها . ويسرنا ان نقدم فيما يلي مقابلة اجراها مندوب الرائد العربي  مع السيد أحمد ، تحدث فيه في جملة ما تحدث عن موضوع الكيماويات البترولية .

 

بمناسبة صدور المرسوم رقم 5 لسنة 1961 بتأسيس الكيماويات البترولية الكويتية ، هل لكم ان تحدثونا عن المراحل التي تم فيها تبلور هذه الفكرة ؟ . وهل كانت هنالك عوائق تحول دون تنفيذها في الماضي ؟ . ولماذا اختير التعاقد مع مؤسسة اورونزيز دي نورا الايطالية بالذات لتكون شريكاً في التنفيذ ؟ .

كان من الطبيعي ان نفكر في استغلال جميع الموارد الطبيعية في البلاد والحصول على موارد ثانية الى جانب النفط . ولما كان الغاز الطبيعي ، الذي يحرق منه ملايين الاقدام المكعبة يومياً ، يكوِّ ن ثروة اذا ما استغل استغلالاً صحيحاً ، فقد فكرنا منذ بداية عام 1959 في العمل على إقامة الصناعات الممكن استخدام الغاز الطبيعي فيها ، إما كمادة خام او كمولد للقوى او الاثنين معاً . وكانت السياسة التي وضعها رئيس المالية والاقتصاد هي اشراك المؤسسات الاجنبية معنا في هذه المشاريع بقصد الانتفاع بخبرتهم الفنية والادارية والتسويقية . وكنا ، لهذا الغرض ، منذ البداية على اتصال بشركات عالمية اميركية وبريطانية على أساس اشتراكهم معنا مالياً في إقامة هذه الصناعات ، لكن لاسباب لا ندري اساسها توقفوا عن المضي معنا .

 

كانت مؤسسة اورنزيو دي نورا قد تقدمت منذ سنة 1959 بمشروع الى مجلس الانشاء اساسه استغلال الغاز الطبيعي في بعض الصناعات على اساس ان يشتركوا مع الحكومة برأس مال متساوٍ ، أو اذا لم ترغب الحكومة المشاركة  بالرأس المال فان دي نورا ابدت استعداداً لاقامة المصنع على حسابهم . وفي سنة 1960 كرروا هذا العرض . ونظراً لما تتمتع به دي نورا من سمعة عالمية في مجال الكيماويات البترولية ، بعد ان أقاموا الكثير من المصانع المماثلة في أقطار عديدة كالولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وايطاليا والبرازيل ، ونظراً لموافقتهم على الشروط التي وضعناها ، ونظراً لاستعدادهم المساهمة في رأس مال المؤسسة بما لا يقل عن 40 بالمئة وقبولهم الاشراف الفني والاداري على المصنع وتدريب الكويتيين في ايطاليا وفي المصانع المشابهة ، وبعد التأكد من وضعهم المالي وسلامته وسمعتهم الطيبة في الميدان الصناعي والتجاري ، وافق سعادة رئيس المالية والاقتصاد على العرض ورفع مذكرة بهذا الموضوع الى المجلس الاعلى الذي وافق بدوره على تأليف شركة الكيماويات البترولية وان تشارك في ملكيتها المؤسسات التالية : مؤسسة دي نورا 40 % ، شركة البترول الكويتية 40 % شركة الصناعات الوطنية 5 % الاهالي بما تبقى . اما من حيث انتاجالشركة في المرحلة الاولى، فقد اختيرت له المواد التالية الممكن تسويقها عالمياً وهي :

1 – اليوريا ، وهو من أقوى أنواع الأسمدة وملائم جداً للبلاد الحارة . وسينتج منه سنوياً 156 الف طن .

2 – الصودا الكاوية وسينتج منها سنوياً 31 الف واربعمئة طن . وهي تستخدم في صناعة الصابون والالمنيوم والمطهرات ومصافي النفط الخ ..

3 – بي . في . سي .وسينتج منه سنوياً 42 الف طن . وهو يستخدم في صناعة البلاستيك والانابيب والاصباغ وارضيات المباني وغيرها من الاستخدامات .

كذلك ستنتج الشركة مواد وسيطة ، كلها لها أهمية تجارية ، مثل الكلورين والامونيا والاستيلين .

لقد أسهبت في شرح أغراض الشركة ومنتجاتها ، وذلك لكي اعطيكم فكرة واضحة عن أهمية المشروع الذي نحن بصدده . وستكون المصانع المنتجة لهذه المواد الاولى من نوعها في الشرق الاوسط ، بل ، لا نغالي ، اذا قلنا انها ستكون من أحدث مثيلاتها في العالم .

 

أعلن المسؤولون ان في النية إستغلال الغاز الطبيعي في مشاريع صناعية أخرى كبيرة . فهلا حدثتمونا عن هذه المشاريع وكيفية تأمين أسواق لها ؟ .

صحيح . نحن في صدد تكوين شركات مماثلة لصناعات أخرى يستغل فيها الغاز الطبيعي ايضاً . ونحن الآن في طور اتمام الدراسات الفنية والاقتصادية والتسويقية لهذه المشاريع . ونحن نسعى لاشراك الشركات العالمية معنا مالياً وفنياً وادارياً . ومن الطبيعي ان تكون دراسة الاسواق وعملية التسويق من اهم الدراسات التي تقام عليها الاسس السليمة لأي مشروع صناعي قبل الاقدام عليه . اما بيع منتجاتنا فلا حدود للاسواق التي نعتزم دخولها ، سواء أكانت في البلاد العربية أم في بلاد العالم الاخرى . ولنا تمام الثقة ان اسعار منتجاتنا ستكون أقل بكثير من اسعار منتجات الاسواق العالمية . ولا يفوتني هنا ان أنوه بالفضل الكبير لسعادة رئيس المالية والاقتصاد على المشروع ، إذ ان عزمه وحزمه وثاقب فكره وحرصه على مصلحة البلاد ، كان العامل الأول في إخراج هذا المشروع الضخم الى حيز الوجود قبل فوات اوانه .

 

بمناسبة إنتقال سلطة الرقابة على النقد الاجنبي الى حكومة الكويت ، ما هي الاجراءات والانظمة التي ستتخذ نتيجة لذلك ؟ .

لقد تقرر ، بمناسبة انتقال سلطة الرقابة على النقد الاجنبي الى الحكومة ، انشاء قسم "مراقبة النقد" في دائرة المالية والاقتصاد ، ليقوم هذا القسم بتطبيق النظم والقوانين النقدية والاشراف على كل اعمال الرقابة الفنية . ونظراً لتوفر العملات الاجنبية لدى حكومة الكويت وكفايتها لسد حاجات البلاد من واردات ومصاريف مختلفة ، فلن تكون الحكومة ، في الوقت الحاضر ، بحاجة الى فرض نظم وقوانين لشراء ما يدخل البلاد لحساب المقيمين من العملات الاجنبية ، كما انها لن تحظر على الصيارفة التعامل باوراق النقد الاجنبي او استيراد وتصدير هذه الاوراق ، ولن تتحكم في تداول المعادن الثمينة بين الكويت والخارج ، وسيقتصر دور مراقبة النقد حالياً بالاشراف على توزيع العملات الاجنبية على أوجه الصرف المختلفة ، وذلك عن طريق إصدار التصاريح الخاصة بشراء النقد الاجنبي اللازم للاستيراد ولوفاء تعهدات المقيمين في الكويت واحتياجاتهم في الخارج . وسوف تقوم " مراقبة النقد " بدراسة طلبات الجمهور للحصول على تصاريح عملة اجنبية بالسعر الرسمي وفقاً للانظمة المعمول بها ، وستعهد المراقبة الى البنوك باصدار تصاريح شراء عملة لتسديد اثمان السلع المستوردة بحدود مبلغ اجمالي يتيح لهذه البنوك ان تصدر تراخيص للمستوردين في حدوده. وستفرض دائرة صاحب السمو باصدار اذونات عملة لموظفيها وفقاً لتعليمات مراقية النقد .

 

ولما كان من أهم أغراض الرقابة على النقد هو تحقيق التوازن في ميزان مدفوعات البلاد ، فسوف يعهد الى " مراقبة النقد " مهمة وضع ميزان مدفوعات دوري لمراقبة عناصره وللتدخل عند الحاجة لحماية الاقتصاد الوطني . وسيظهر في ميزان المدفوعات ما يلي :

1 – مجموع ما تنفقه البلاد من العملات الاجنبية على السلع والسفر والاستثمار الاجنبي في الكويت والمدفوعات الحكومية وغير ذلك من أوجه الصرف المختلفة .

2 – ما يعود على البلاد من العملات الاجنبية من كافة أوجه الدخل العام .

3 – التحويلات الخارجية ، شخصية أكانت أم حكومية .

 

أشيع أن هناك مشاريع كبرى تنوي الحكومة القيام بها ولها علاقة كبيرة بمقترحات وفد خبراء البنك الدولي، فما صحت هذه الاشاعات ؟ .

لم يصلنا حتى الآن تقرير خبراء البنك الدولي . بيد انه بعد وصول التقرير ودراسته دراسة وافية نقر حينذاك المشروعات المقترحة في حدود امكانيات وصلاحية المشروعات لبلادنا . على انه من الطبيعي ان توضع سياسة مدروسة ومخططة لتنفيذ الأهم منها فالمهم .

 

ترددت في الآونة الأخيرة انباء تفيد ان الحكومة الكويتية قدمت اقتراحاً الى حكومة المملكة العربية السعودية حول تعيين حدود المنطقة المحايدة واقامة ادارة كويتية سعودية مشتركة بقصد الحد من تكاليف الحكومتين . وأشارة الانباء الى ان المفاوضات تجري بينكم وبين وزير النفط السعودي . فهل لكم ان تبينوا لنا الخطوات التي اتخذت بهذا الصدد؟.

تعمل في المنطقة المحايدة في الوقت الحاضر ثلاث شركات ذات امتيازات لاستخراج البترول وتصديره ، وهي شركة " رمينويل " واتفاقيتها مع حكومة الكويت ، و" كتي اويل " واتفاقيتها مع المملكة العربية السعودية ، وشركة الزيت العربية " اليابانية " واتفاقيتها مع المملكة العربية السعودية والكويت . وتمت مؤخراً ترتيبات ادارية بين كتي اويل لغرض الحد من ازدواجية التكاليف ، كما ان المملكة العربية السعودية تقدمت بمشروع لادارة المنطقة المشتركة عن طريق ادارة كويتية – سعودية موحدة لها أنظمتها وقوانينها الخاصة . وكان الهدف من وراء ذلك ، كما أوضحته المملكة السعودية ، الحد من التكاليف الادارية بالنسبة لكل من الدولتين في هذه المنطقة . لكن اتضح بعد الدراسة ان تكاليف تطبيق هذا المشروع يبهظ الكويت أكثر مما كان متوقعاً. وبصورة اجمالية ، فالبنسبة الى ترسيم حدود المنطقة المحايدة واقامة ادارة مشتركة ، فالأمر ما زال قيد الدرس والبحث ، ولم نتوصل بعد الى نتائج ايجابية .