خبر زيد بن عمرو ونسبه

نسبه من قبل أبويه

هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزي بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب. وأمه جيداء بن جابر بن أبي حبيب بن فهم. وكانت جيداء عند نفيل بن عبد العزي فولدت له الخطاب أبا عمر بن الخطاب و عبدنهم، ثم مات عنها نفيل فتزوجها ابنه عمرو فولدت له زيداً، وكان هذا نكاحاً ينكحه أهل الجاهلية.
اعتزل عبادة الأوثان وكان يعيب قريشاً:

وكان أحد من اعتزل عبادة الأوثان

وامتنع من أكل ذبائحهم، وكان يقول: يامعشر قريش، أيرسل الله قطر السماء وينبت بقل الأرض ويخلق السائمة فترعى فيه وتذبحوها لغيره ? والله ماأعلم على ظهر الأرض أحداً على دين إبراهيم غيري.


أخرجه عن مكة خطاب بن نفيل وقريش لمخالفته دينهم: أخبرنا الطوسي قالحدثنا الزبير قال حدثني عمي مصعب بن عبد الله ومحمد بن الضحاك عن أبيه، قالا: كان الخطاب بن نفيل قد أخرج زيد بن عمرو من مكة وجماعة من قريش ومنعوه أن يدخلها حين فارق أهل الأوثان، وكان أشدهم عليه الخطاب بن نفيل. وكان زيد بن عمرو إذا خلص إلى البيت استقبله ثم قال: لبيك حقاً حقاً؛ تعبداً ورقاً؛ البر أرجو لا الخال، وهل مهجر كمن قال! " ثم يقول":

عدت بما عاذ به إبراهـيم

 

مستقبل الكعبة وهو قائم

يقول أنفي لك عانٍ راغم

 

مهما تجشمني فإني جاشم

ثم يسجد. قال محمد بن الضحاك عن أبيه: "و" هو الذي يقول:

لاهم إني حرم لاحـلـه

 

وإن داري أوسط المحلة

" عند الصفا ليست بها مضلة"

شعره في ترك عبادة الأوثان

قال الزبير وحدثني مصعب بن عبد الله عن الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال قال هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت: قال زيد بن عمرو بن نفيل:

عزلت الجن والجنان عـنـي

 

كذلك يفعل الجلد الصـبـور

فلا العزى أدين ولاأبنيتـهـا

 

ولاصنمي بني غـنـم أزور

ولاهـبـلاً أدين وكـان ربـاً

 

لنا في الدهر إذ حلمي صغير

أربـاً واحـداً أم ألـف رب

 

أدين إذا تقسـمـت الأمـور

ألم تعلم بـأن الـلـه أفـنـى

 

رجالاً كان شأنهم الفـجـور

وأبقى آخـرين بـبـر قـوم

 

فيربو منهم الطفل الصغـير

وبينا المرء يعثر ثـاب يومـا

 

كما يتروح الغصن النضـير

فقال ورقة بن نوفل بزيدج بن عمرو بن نفيل:

رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما

 

تجنبت تنوراً من النار حامـيا

بدينك رباً ليس رب كمـثـلـه

 

وتركك جنان الجبال كما هـيا

أقول إذا مازرت أرضاً مخوفة"

 

حنانيك لاتظهر على الأعـاديا

حنانيك إن الجن كانت رجاءهم

 

وأنت إلهي ربـنـا ورجـائيا

أدين لرب يستـجـيب ولاأرى

 

أدين لمن لايسمع الدهر داعـيا

أقول إذا صليت في كل بـيعة

 

تباركت قد أكثرت باسمك داعيا

يقول: خلقت خلقاً كثيراً يدعون ياسمك  قال الزبير وحدثني مصعب بن عبد الله قال حدثني الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة قال سمعت من أرضي يحدث:

امتناعه عن ذبائح قريش

وقصته مع النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك:

أن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول: الشاة خلقها الله وأنزل من السماء ماء" وأنبت لها من الأرض نباتاً ثم تذبحونها على غير اسم الله! إنكاراً لذلك وإعظاماً له.


قال الزبي: وحدثني مصعب بن عبد الله عن الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله أنه سمع عبد الله بن عمر يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح، وكان قبل أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل، وقال: إني لاآكل إلا ماذكر اسم الله عليه.


اجتمع بالشأم مع يهودي ونصراني فسألهما عن الدين واعتنق دين ابراهيم: قال الزبير وحدثني مصعب بن عبد الله الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد على موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله قال - قال موسى: لاأراه إلا حدثه عن عبد الله بن عمر-: إن زيد بن عمرو خرج إلى الشأم يسألأ عن الدين ويتبعه، فلقي عالماً فسأله اليهود عن دينهم فقال: لعلي أدين بدينكم فأخبرني بدينكم؛ فقال اليهودي: إنك لاتكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله؛ فقال زيد بن عمرو: لاأفر إلا من غضب الله وماأحمل من غضب الله شيئاً أبداً وأنا أستطيع، فهل تدلني على دين ليس فيه هذا؟ قال: ماأعلمه إلا أن يكون حنيفاً؛ قال: وماالحنيف؟ قال: دين إبراهيم؛ فخرج من عنده وتركه. فأتى عالماً من علماء النصارى فقال له نحواً مما قال لليهودي، فقال له النصراني: إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله؛ فقال: إني لاأمل من لعنة الله ولا من غضبه شيئاً أبداً وأنا أستطيع، فهل تدلين على دين ليس فيه هذا؟ فقال له نحواً مما قال اليهودي: لاأعلمه إلا أن يكون حنيفاً؛ فخرج من عندهما وقد رضي بما أخبراه واتفقا عليه من دين إبراهيم، فلما برز رفع يديه وقال؛ اللهم "إني" على دين إبراهيم بلغته البعثة فخرج من الشام فقتله أهل ميفعة: قال الزبير وحدثني مصعب بن عبد الله عن الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد قال قال هشام بن عروة عن أبيه عن سعيد بن زيد بن عمرو قال: سألأت أنا وعمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد فقال: " يأتي يوم القيامة أمة واحدة" وأنشد محمد بن الضحاك عن الحزامي عن أبيه لزيد بن عمرو:

أسلمت وجهي لمن أسلـمـت

 

له المزن تحمل عذبـاً زلالا

وأسلمت وجهي لمن أسلمـت

 

له الأرض تحمل صخراً ثقالا

دحاها فلما استـوت شـدهـا

 

سواء وأرسى عليها الجبـالا

زهير بن جناب وشعره في الكبر

وأما زهير بن جناب الكلبي فإنه أحد المعمرين، يقال: إنه عمر مائة وخمسين سنة وهو-فيما ذكر-أحد الذين شربوا الخمر في الجاهلية حتى قتلتهم؛ وكان قد بلغ من السن الغاية التي ذكرناها، فقال ذات يوم: إن الحي ظاعن، فقال: من هذا الذي يخالفني منذ اليوم! قيل: ابن أخيك عبد اللع بن عليم؛ فقال: أو هاهنا أحد ينهاه عن ذلك! قالوا: لا، فغضب وقال: لاأراني قد خولفت، ثم دعا بالخمر فشربها صرفاً بغير مزاج وعلى غير طعام حتى قتلته. وهو الذي يقول في ذم لكبر وطول الحياة:

الموت خير للـفـتـى

 

فليهلكن وبـه بـقـية

من أن يرى الشيخ البجا

 

ل إذ تهادى بالعشـية

ابني إن أهلـك فـقـد

 

أورثتكم مجداً بـنـية

وتركتكم أبـنـاء سـا

 

دات زنـادكـم ورية

بل كل مانال الفـتـى

 

قد نلته إلا الـتـحـية

 مدرج الريح وسبب التسمية

وأما مدرج الريح فاسمه عامر بن المجنون الجرمي، وإنما سمي مدرج الريح بشعر قاله في امرأة كان يزعم أنه يهواها من الجن وأنها تسكن الهواء وتتراءى له، وكان محمقاً؛ وشعره هذا:

صوت

لابنة الجني في الجو طـل

 

دارس الأيات عافٍ كالخلل

درسته الريح من بين صبا

 

وجنوبٍ درجت حيناً وطل

الغناء فيه لحنين ثقل أول بالوسطى عن الهشامي وابن المكي، وذكر حبش أنه لمعبد، وذكر عمرو بانة أن لحن حنين من خفيف الثقل الأول بالبنصر. وأخبار عامر بن المجنون تذكر في موضع آخر إن شاء الله تعالى.