خطوات جديدة في طريق التعاون الاقتصادي بين العرب وأفريقيا

عبد الكريم الخليل

نشر المقال في تموز / يوليو 1961 ، العدد التاسع ، الرائد العربي

 

تتوالى الخطوات العربية المتخذة لزيادة التعاون الاقتصادي والتجاري مع الاقطار الافريقية الحديثة العهد بالاستقلال ، بعد ان تأكد المسؤولون ورجال الاختصاص من فوائد هذا التعاون .

 

فبعد قرار اتحاد غرف التجارة والصناعة والزراعة في البلدان العربية ، في دورته الثامنة عشر في شهر ايار/ مايو الماضي ، القاضي بإرسال بعثة الغرف العربية الى افريقيا في شهر تموز / يولية الحالي ، أعلن في القاهرة في أواخر شهر ايار / مايو الماضي عن تقديم قرض بقيمة 6 ملايين جينه مصري من الجمهورية العربية المتحدة لغينيا كي تسنخدمه هذه الاخيرة في شراء المعدات والآلات والاجهزة والمصانع التي تحتاج اليها واستقدام الخبراء الفنيين ، على ان يسدد القرض على 7 اقساط سنوية متساوية بفائدة 2.5 بالمئة .

 

وقد نص الكتابان المتبادلان بين رئيسي الدولتين ، بعد زيارة الرئيس الغيني للجمهورية العربية المتحدة ، على إنشاء شركة عربية – غينية مقرها غينيا ، تقوم بتنفيذ بعض المشاريع العامة والخاصة بينها مشاريع التعمير والاصلاح الزراعي والري والاعمال الهندسية ، وعلى ان تكون حصة كل من غينيا والجمهورية العربية المتحدة 50 بالمئة من رأس مال هذه الشركة الذي لم يحدد بعد .

 

من جهة أخرى ، يبحث الدكتور عبد المنعم القيسوني ، وزير الاقتصاد والخزانة المركزي ، انشاء شركة عربية برأسمال ضخم ، تسهم فيه بنوك المؤسسة الاقتصادية ومؤسسة مصر، للقيام بأعمال مصرفية في دول آسيا وأفريقيا ، ويكون لها دور كبير في تنشيط التجارة الخارجية بين الجمهورية العربية المتحدة والبلدان الاسيوية والافريقية .

 

تجدر الاشارة الى ان مجلس ادارة الهيئة العامة لشؤون المعارض والاسواق الدولية في الجمهورية العربية المتحدة قرر تكوين وحدة اقتصادية متحركة تضم ممثلين عن هيئة المعارض وتنمية الصادرات ووزارة الصناعة واتحاد الصناعات واتحاد الغرف التجارية ومجلس بحوث بنك مصر وشركائه والمؤسسة الاقتصادية وبعض رجال الاعمال . وجاء في هذا القرار ان مهمة هذه الوحدة المتحركة القيام بزيارة كل الدول الافريقية ودراسة اقتصادياتها والعمل على اقامة معارض لعرض نماذج من الانتاج الصناعي والزراعي ، ومباحثة الحكومات الافريقية بعقد صفقات تجارية الخ.. . وقد شكلت لجنة تضم ممثلين عن الهيئات المذكورة ، وهي تقوم في الوقت الحاضر بتحديد البلدان التي ستزورها الوحدة وتحديد المعروضات التي سيجري عرضها في هذه البلدان .

 

جدير بالذكر ان أحد أوائل الاتفاقات البارزة التي عقدت بين دولة عربية واخرى افريقية هو الاتفاق التجاري التبادلي الذي وقع بين غينيا ولبنان والذي ينص على ان تستورد غينيا من لبنان بضائع مختلفة بقيمة 600 الف دولار اميركي تشمل المنتجات النسيجية اللبنانية وغيرها ، وان تصدر غينيا اليه بالقيمة نفسها كميات من البن وجوز النخيل الزيتي .

 

يعلق المراقبون على هذا التوجه التجاري نحو افريقيا بقولهم انه سيؤدي الى تنشيط التعاون الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري بين البلدان العربية ، كما انه سيحد من اضرار النشاط الصهيوني الذي تقوم به اسرائيل في افريقيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي .

 

وعلى الرغم من ان هذه الخطوات ذات فائدة ملموسة ومردود ايجابي ، فإنها تظل ناقصة اذا لم توضع سياسة عربية منسقة ، تعمل وفق تخطيط شامل مدروس وطويل الامد على طرد النشاط الاسرائيلي نهائياً من أفريقيا، وتنطلق من اعتبار افريقيا سوقاً للمنتجات العربية .

 

إن تمتين العلاقات الاقتصادية مع الدول الافريقية يؤدي ، علاوة على شل محاولات التوسع الاقتصادي الاسرائيلي وتأمين أسواق للمنتجات العربية ، الى توثيق العلاقات مع المغتربين العرب وفتح آفاق جديدة لنشاطهم وتركيز اوضاعهم في البلدان الافريقة على أسس أقوى وأثبت .