قصة الحضارة العربية في مكتبة رقمية واحدة
والحاجات المائية خلال العقد القادم (1)
د. بسيم حنوش
نشر المقال في آب / اغسطس 1962 ، العدد الثالث والعشرون ، الرائد العربي
في غياب المعلومات الاحصائية وعدم وجود سياسة اقتصادية محددة في لبنان ، يجعل من المستحيل وضع حسابات مفصلة ودقيقة ، سواء كان ذلك بالنسبة للطلب الحالي على المياه او للاحتياجات المستقبلية في مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي . وسنجد انه سيستحيل ، في بعض الحالات ، ان نخرج بنتيجة على أساس مناطقي. ويبدو لنا ان أفضل خطة يجدر اتباعها هي التوصل الى تقرير مدى الطلب على المياه والحاجة اليها بوجه عام ، بحيث يمكن استخدام ما يتجمع من معلومات نتيجة لذلك ، للتوصل الى اهداف مبدئية ضمن اطار برنامج عام لتطوير الموارد المائية . وسنحاول ، حيث أمكن ذلك ، ان نضع أهدافاً بديلة قائمة على اقتراحات مختلفة لكل وجه من وجوه استخدام المياه . ويجب التشديد هنا على ان الارقام المتوفرة حول الاحتياجات المذكورة في بحثنا هذا ما هي الا تقديرات تقريبية . وعلى هذا الاساس يجب اعادة النظر فيها وتعديلها بين حين وآخر على ضوء الحقائق والتطورات المستجدة .
1 – مياه الشفة المخصصة للاستهلاك الانساني
من المبادئ المتفق عليها في كل مكان من العالم ان مياه الشفة للاستهلاك الانسامي يجب ان تحظى بالاولوية في اي مخطط لتطوير الموارد المالية . وفي لبنان ، لا تحصل قرى عديدة على ما يكفيها من مياه الشفة . والواقع ان بعض الفلاحين في مختلف المناطق اللبنانية يشربون مياهاً ملوثة . وقد وعت الحكومة اللبنانية لهذه المشكلة وبدأت فعلاً بتطبيق برنامج خماسي السنوات لازالة هذا النقص المعيب قبل نهاية سنة 1963 . وتشير الاحصاءات الرسمية لعام 1959 الى وجود اجهزة لايصال مياه الشفة الى 341 مدينة وقرية لبنانية . على انه من الضروري ان نشير الى ان هذه الاجهزة لا تعدو ، في بعض الاحيان ، كونها مجرد انبوب واحد لجر المياه من نبع القرية . وقد بلغ عدد سكان هذه المدن والقري 1236000 عام 1959 ، أي ما يوازي 74 بالمئة من مجموع سكان لبنان . ومن المنتظر ان يتم انشاء نظام لتوزيع مياه الشفة على 420 قرية اخرى ، سيبلغ مجموع سكانها المتوقع في نهاية سنة 1963 حوالى 286 الف نسمة .
قدرت بعثة ايرفد (2) عدد سكان لبنان في سنة 1959 بنحو 1626000 نسمة ، كما قدرت نسبة ازدياد السكان السنوية بحوالى 2.3 بالمئة . فاذا افترضنا ان هذه النسبة لن تتغير خلال العقد القادم ، يكون من المنتظر ان يزيد عدد السكان الى 1824000 في سنة 1965 و 2048000 في سنة 1970 . وبناء على ما سبق من معلومات ، ومع المحافظة على نمط توزيع السكان بين مختلف المناطق كما كان سائداً عام 1959 ، أمكن وضع ثلاث مجموعات من التقديرات . ويستند اول هذه التقديرات الى افتراض ان الاستهلاك الفردي اليومي من المياه يبلغ 100 ليتر . ويتناسب هذا الرقم مع التقدير الحالي للاستهلاك اليومي في المدن والقرى التي تتمتع بنظام مدروس لتوزيع المياه . ويستند التقدير الثالث الى افتراض ان الاستهلاك الفردي اليومي يبلغ 150 ليتراً، وهو يتناسب مع الهدف الذي وضعته الحكومة اللبنانية والذي يبدو انه يفترض وجود علاقة فردية بين المستويات الحياتية للسكان وكمية مياه الشفة المستهلكة . اما التقدير الثاني وهو 125 ليتراً بالنسبة للفرد يومياً ، فهو يمثل متوسط التقديرين الاول والثالث ،وهو في رأي الكاتب الهدف الأكثر واقعية . ويبين الجدول ادناه النتائج المختلفة مقسمة حسب المناطق والفرضيات الثلاث المختلفة :
احتياجات مياه الشفة المقدرة حسب المناطق والسنوات المختارة
مرتكزة الى افتراض ان الاستهلاك المائي يبلغ
100 125 150
ليتراً للفرد يومياً ( الارقام بملايين الامتار المكعبة )
1959
وسط لبنان 30.0 ----- -----
شمال لبنان 12.3 ----- -----
جنوب لبنان 8.7 ----- -----
شرق لبنان 8.3 ----- -----
المجموع 59.3
1965
وسط لبنان 33.7 42.0 50.5
شمال لبنان 13.8 17.3 20.8
جنوب لبنان 9.7 12.1 14.6
شرق لبنان 9.3 11.6 14.0
المجموع 66.5 83.0 99.9
1970
وسط لبنان 37.8 47.3 56.7
شمال لبنان 15.5 19.4 23.3
جنوب لبنان 10.9 13.6 16.4
شرق لبنان 10.5 13.0 15.7
المجموع 74.7 93.3 112.1
من المهم ان نشير هنا الى ان الكميات المقدرة آنفاً هي الكميات التي يجب ان تسلم فعلاً الى المستهلك اللبناني . ومن اجل تحقيق هذا الهدف يتوجب اضافة 20 بالمئة الى الكميات المذكورة في الجدول كي يمكن التعويض عن خسارة المياه الناتجة عن نظام التوزيع وسد احتياجات السياح والاجانب المقيمين بصورة دائمة في لبنان . وهكذا يبدو ان الحاجة لمياه الشفة ستتراوح بين 70 مليون متر مكعب كحد ادنى و 135 مليون متر مكعب عام 1970 . وذلك يعني انه ، الى ان تقوم ظروف افضل ، فان مجموع احتياجات مياه الشفة سنة 1970 لن تتجاوز 3 بالمئة من معدل تدفق مياه الانهار في البحر وفي الاقطار المجاورة . وبالرغم من هذه النسب المئوية المنخفضة ، فان المشاكل المترتبة على ايصال مياه الشفة الى مراكز السكان قد تكون بالغة الخطورة .
2 – مياه الري
إن محاولة تقديرالطلب الحالي والحاجات المقبلة لمياه الري في لبنان قد واجهت الكثير من الصعاب ، ذلك انه ليس ، على ما يبدو ، اتفاق بين التقديرات للمساحات المروية التي استثمرت في فترات مختلفة . وحتى التقديرات الرسمية وشبه الرسمية لكل من وزارات الزراعة والاشغال العامة والتصميم ، فانها تختلف فيما بينها اختلافاً بيناً . اما التفسير لهذا التباين فقد يكون مرده الى عدم دقة السجلات ، مما يمكن ان يعزى الى تغير نسبة الاراضي المزروعة والمروية سنوياً من جهة ، والى عدم الاتفاق على تحديد المقصود من عبارة " المساحة المروية " من جهة اخرى . ومن اجل اعطاء فكرة عن مدى الاختلاف في التقديرات ، يمكن اعطاء الارقام التالية عن مجموع المساحة المروية :
تقدير مكتب الولايات المتحدة للاستصلاح 24120 هكتار
تقدير وزارة التصميم 28000 هكتار
تقدير وزارة الاشغال 32000 هكتار
تقدير وزارة الزراعة 75625 هكتار (3)
كما انه لا يمكن الحصول على ارقام يمكن الركون اليها عن كمية المياه اللازمة للهكتار الواحد من الاراضي المروية في لبنان . هذه النسبة تتحكم فيها عوامل عديدة ، منها نوع التربة ونوع المحصول ومعدل الارتفاع والرياح الخ.. مثلاً ، تقدر وزارة التصميم في لبنان ان الهكتار المروي والمزروع محصولاً دائماً يحتاج الى 0.40 – 0.70 ليتراً من الماء في الثانية ، بينما يقدر احد مهندسي وزارة الاشغال العامة ان معدل حاجة الهكتار من الارض والمروي كلياً هو 0.80 ليتراً من الماء في الثانية . وفي دراسة شاملة لمناطق الهرمل والقاع في البقاع (4) قدم مهندسو تل العمارة ارقاماً شهرية عن الاحتياجات المائية بالنسبة للارتفاع والمحصولات . وقد امكن ، استناداً الى هذه الدراسة ، اضافة الى اراء ووجهات نظر عبر عنها الخبراء في لبنان، التوصل الى التقديرات التالية :
الاحتياجات السنوية من المياه ( أ )
بالامتار المكعبة للهكتار الواحد سنوياً
الحبوب ( ب ) 8000
الخضار 18000
البساتين الساحلية 12000
البساتين الجبلية 2000
المحاصيل الصناعية ( ج ) 15000
العلف ( نبات الحلفا ) 20000
أ – معدلة بحيث تشمل الخسارة في نظام الري .
ب – في حال رويت الارض المزروعة حبوباً . وقد افترض في حساب المياه اللازمة في هذا القسم انه نظراً لمنافسة المحاصيل النقدية ، انه لا يجب من الناحية الاقتصادية ، ري الحبوب .
ج – المياه اللازمة محسوبة على اساس محصول المنجر في الأغلب .
تجدر الاشارة هنا الى انه حسب دراسات مكتب الولايات المتحدة لاستصلاح الاراضي ، يبلغ معدل الاحتياجات السنوية لمياه الري ، بالنسبة للمناطق الحالية والمقترحة ، 10000 متر مكعب في الهكتار سنوياً ، وذلك في احواض انهر لبنان العشرة . وبذلك يبلغ مجموع احتياجات مياه الري في المستقبل حوالى 500 مليون متر مكعب في السنة الواحدة (5) ، بينما تبلغ الحاجة الحالية حوالى 117 مليون متر مكعب ، وتسد ال 323 مليون متر مكعب الباقية الحاجة في المستقبل للتوسع في البرنامج المقترح لري 31620 هكتار اضافي (6) . وقد اعدت مؤسسة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة FAO جدولاً يبين كيفية استخدام الارض وانتاج السلع الزراعية حاليا ومستقبلاً في لبنان (7) . وقد اخترنا السلع الزراعية التي يتوجب ريها حتماً . ويبين الجدول التالي ما توصلنا اليه من نتائج
استخدام الارض والاحتياجات المائية لبعض السلع الزراعية
1958 1975
المساحة المياه المجموع المساحة المياه المجموع
1000 هك الف م3 مليون م3 1000 هك الف م3 مليون م3
في هك في هك
الحمضيات 8.00 12 96 15.00 12 180
التفاح 9.00 2 18 15.00 2 30
الموز 2.15 12 26 4.00 12 48
فاكهة اخرى متنوعة 8.50 2 17 10.00 2 20
البطاطا 4.70 5 23 8.00 18 40
الخضار 16.10 18 290 20.00 18 40
النيجر 0.55 18 10 5.00 18 90
محاصيل صناعية 2.70 15 40 3.00 15 45
نبات الحلفا 0.10 20 2 6.00 20 180
__________________________________________________________________
المجموع 51.80 522 86.00 993
هكذا ، تكون الاحتياجات المائية للري قد بلغت بموجب النتائج الاحصائية الواردة اعلاه ، حوالى 520 مليون متر مكعب . وفيما لو توفرت ظروف ملائمة للري الشامل ، واذا ما تحقق الانتاج المتوقع لعام 1957 ، فان مجموع الاحتياجات المائية ستبلغ في الأغلب حوالى 990 مليون متر مكعب .
3 – المياه المخصصة للثروة الحيوانية
لا ارقام موثوق بها بالنسبة للثروة الحيوانية في لبنان . فالارقام المستقاة من وزارة الزراعة عن الفترة الواقعة بين 1955 و 1960 لا تشير الى اي اتجاه خاص يتعلق بهذا الحقل . اى انه يمكن القول ، على وجه العموم ، ان الماشية والجمال والخيول والبغال في تناقص ، بينما يتزايد عدد الدجاج والخنازير ، في حين لا نعرف بالضبط وضع الاغنام والماعز والحميرعما اذا كانت في تزايد او في نقصان . وبالاضافة الى ما تقدم لم تتوفر ارقام عن الاحتياجات المائية اليومية لهذه الحيوانات . ففي رأي احد المهندسين الزراعيين في وزارة الزراعة يبلغ معدل الاحتياج اليومي للحيوانات الكبيرة الحجم 40 ليتراً ، بينما يصل الى 5 ليترات بالنسبة للحيوانات الصغير كالاغنام. اذل اخذنا هذه الارقام دليلاً ، يمكن ان نصل الى التقديرات التالية :
الاحتياجات المائية للثروة الحيوانية عام 1961
بملايين الامتار المكعبة
الحيوانات الكبيرة 1.5
الحيوانات الصغيرة 1.0
------------
المجموع 2.5
من غير الممكن القطع بالاحتياجات اليومية للثروة الحيوانية في المستقبل ، ذلك انه لا يمكن الخروج ، بموجب الاحصاءات المتوفرة عن السنوات السابقة ، باتجاه خاص يمكن بناء التقديرات على أساسه . والبرنامج الوحيد بالنسبة للثروة الحيوانية الذي يدرس بصورة جدية ، هو تقليل عدد الماز وتشجيع زيادة عدد الاغنام . الا ان هذا المخطط سيؤثر في الوضع الجغرافي للمياه اكثر من تأثيره على كميتها . وبكلمات اخرى ، فان مجموع كمية المياه التي تحتاج اليها الثروة الحيوانية ليست مهمة بدرجة كبيرة ، الا اذا اضطررنا الى تأمين هذه المياه اللازمة في خلال فصول الجفاف .
4 – المراعي وانواعها
المراعي في لبنان طبيعية (8) وتعتمد في وجودها على الامطار والثلوج . وتقدر مساحة هذه المراعي بحوالى 400 الف هكتار ، بعضها مغطى جزئياً بالغابات والخضار . اما الحيوانات التي تستفيد من هذه المراعي فهي الماعز في الاغلب والاغنام بدرجة اقل . وفي لبنان حركتان لتنقل الحيوانات تتبعان الدورة نفسها تقريباً : حركة داخلية من القطعان ، من ماغز وأغنام ، من السهول الى الجبال وبالعكس ، وحركة خارجية من القطعان السورية التي تتجه الى الجبال اللبنانية ثم تعود الى السهول السورية .
تبدأ امكانيات الرعي في الجبال التي يزيد ارتفاعها على 1400 متر حوالى شهر تموز / يوليو . اما الرعاة فيوجهون قطعانهم ابتداء من شهر ايار / مايو ، أي عندما تيدأ الاعشاب بالنمو مما يصيب المراعي ببعض الاضرار. وتستمر عملية الرعي هذه حتى بداية موسم الامطار والثلوج . وكما سبق ان ذكرنا ، فان الماعز هي الحيوانات الاكثر استفادة من مراعي الجبال لقدرتها على التسلق والتحرك بسرعة ولامكانها العيش على كميات محدودة من المياه والعلف . اما الاغنام فتضطر الى النزول في وقت مبكر باتجاه ينابيع المياه ، نظراً لعدم توفر المياه في المراعي بكميات كبيرة . وقد أدركت وزارة الزراعة خطورة هذه المشكلة مما دفعها الى اتخاذ بعض الخطوات في سبيل حلها . وقد خصصت ، على سبيل المثال ، بعض الاعتمادات في موازنة سنة 1962 لبناء بحيرات جبلية صغيرة تتسع لحوالى الف وخمسمئة متر مكعب ، وستصمم بحيث تتجمع فيها مياه الامطار والثلوج (9) .
5 - مياه لاغراض صناعية
تختلف كمية المياه المطلوبة للانتاج الصناعي اختلافاً بيناً وفقاً للبضائع والصناعات ووسائل الانتاج . وحتى الدول الصناعية نفسها لا تملك سوى معلومات ضئيلة عن اوجه استعمال المياه ، ولا يمكنها الا في حالات نادرة اعطاء معلومات عن نسب توزيع المياه بين الصناعات التي تستهلك كميات كبيرة من المياه وبين تلك التي تستهلك كميات اقل . اما في لبنان فالارقام الوحيدة الثابتة عن مجموع استخدام المياه للاغراض الصناعية موجودة في الاحصاء الصناعي لعام 1955 . ويظهر هذا الاحصاء ان مجموع الكمية المستهلكة من الماء سنة 1955 بلغ 10.4 مليون متر مكعب ، عشرها فقط تشتريه من البلديات وشركات المياه الحكومية والخاصة ، بينما تولد المصانع نفسها الكمية الباقية من آبار تحفرها لهذا الغرض .
يستحيل في الوقت الحاضر الحصول على قائمة كاملة بالكميات السنوية التي تنتجها الصناعة من البضائع . والارقام المتوفرة تتعلق بالقليل من الصناعات الرئيسة ، كتكرير البترول والاسمنت والنسيج والتبغ وتوليد الكهرباء . وهذا ما يجعل مهمة تقدير كمية الطلب على المياه المستعملة حالياً للاغراض الصناعية وتلك التي ستستعمل مستقبلاً أمراً في غاية الصعوبة والتعقيد . وعلى الرغم من هذه الصعوبات ، فقد حاولنا وضع بعض التقديرات التقريبية ، غايتها الوحيدة التوصل الى نتائج ضمن اطار عام وحث الصناعيين على التفكير الجدي بخطورة ان تصبح المياه عائقاً مهماً يعوق حركة التصنيع في المستقبل .
إعتمد البحث عن الاحتياجات المائية للصناعة جزئياً الى نموذجين للنمو الاقتصادي طورتهما بعثة ايرفد . أولهما ، يستند الى معدل في نمو الدخل يوازي 4.3 بالمئة سنوياً ، وهو المعدل الوسطي نفسه للنمو الذي حصل بين عامي 1950 و 1957 مع تجميد الاسعار ، كما يستند الى زيادة في الدخل الفردي قدره 2 بالمئة سنوياً ، والى معامل للرأسمال يساوي 3 والى معدل في التوظيف يقدر ب 13 بالمئة من الانتاج القومي الاجمالي ، وهو المعدل الوسطي السنوي ، خلال العقد الاخير . واعتمد النموذج الثاني على معدل أعلى بقليل من نمو الدخل ، أي حوالى 5.3 بالمئة (10) . وانه من الاهمية بمكان ان نشير هنا الى رأي بعض المصادر المطلعة في ان 80 بالمئة من ال 13 بالمئة من متوسط التوظيف السنوي الذي حصل في العقد الاخير نتج عن الادخارات المحلية .
استناداً الى النموذجين السابقين ، مع تبين تقديرات ايرفد للدخل خلال عام 1961 ، ولما يتوقع ان يكون عليه عامي 1965 و 1970 ، واذا ما استخدمنا نسباً مختلفة لمدى مساهمة القطاع الصناعي في الدخل القومي (12 بالمئة عام 1961 و14 بالمئة عام 1965 و 16 بالمئة عام 1970 ) أمكننا الوصول عندئذ الى مجموعتين من تقديرات الدخل الذي يمكن ان ينتج عن القطاع الصناعي . وقد تمكنا من التوصل الى تقدير الكميات الاجمالية للاحتياجات المائية خلال سنوات مختارة ، وذلك باستخدام كمية المياه التي استهلكت سنة 1955 من قبل الصناعة كنسبة مئوية مضافة قيمتها في الصناعة عام 1955 والمقدرة ب 6 بالمئة ، ثم بافتراض ان النسبة نفسها لن تتغير خلال السنوات العشر القادمة (11) . وقد حصلنا على النتائج التالية كما هي مبينة في الجدول التالي :
كميات المياه المقدرة للاغراض الصناعية خلال سنوات مختارة
الافتراض الاول الافتراض الثاني
معدل نمو الدخل : 4.3 % سنوياً معدل نمو الدخل : 5.3 % سنوياً
حصة القطاع الصناعي من الدخل القومي
12 % 14 % 16 % 12 % 14 % 16 %
بملايين الامتار المكعبة
1955 10.4 ( أ ) 10.4 ( أ )
1961 12.4 (ب) 12.4 12.4 (ب) 12.4 12.4 12.4
1965 13.7 17.2 17.2 (ج) 15.2 17.8 ( ج ) 17.8
1970 18.2 12.2 24.2 19.8 23.1 26.4
أ : مبنية على الكمية الملاحظة من مياه الاستهلاك نسبة الى المعدل الملاحظ من مساهمة دخل القطاع الصناعي في الانتاج القومي الاجمالي وقدره 12 % .
ب : مبنية على فرض ان مساهمة دخل القطاع الصناعي في الانتاج القومي الاجمالي تساوي 12 % .
ج : مبنية على فرض ان مساهمة دخل القطاع الصناعي في الانتاج القومي الاجمالي تساوي 14 % .
يمكن القول ، استناداً الى هذه التقديرات ، ان الطلب الصناعي على المياه قد يبلغ حوالى 12 مليون متر مكعب سنة 1961 . اما الاحتياجات المقبلة للعقد القادم ، فمن الممكن ان تتراوح بين 18 و 24 مليون متر مكعب بحسب الافتراض الاول ، وبين 20 و 26 مليون متر مكعب بحسب الافتراض الثاني . اما من حيث الاحتياجات المناطقية للمياه من قبل الصناعة ، فلا يمكن الجزم بشيء في الوقت الحاضر ، إذ ان ذلك يعتمد على عوامل عديدة ومتغيرة تحتاج الى دراسة مفصلة وشاملة .
6 – مياه للمصانع التي تدار بالقوةالمائية
تقع حاجات هذه المصانع في فئة اخرى لأن نوعيتها وكميات المياه التي تحتاج اليها لا يطرأ عليهما اي تغير عند توليد الطاقة . المهم هنا هو الرؤوس المائية التي تستخدم لتوليد الكهرباء . وهذه عملية ذات علاقة مباشرة ومهمة بالوسائل البديلة لاستخدام المياه . وهكذا ، فاذا ما أخذنا بالاعتبار الحاجة المتزايدة للكهرباء في لبنان ، وامكانيات مشروع الليطاني ، ومدى الوفر الحاصل من استخدام الطاقة الكهربائية ، ثم أمعنا النظر بصورة جدية في الري الجبلي والحاجات المستقبلية لمياه الشفة ومياه التصنيع في البلاد ، فقد يكون من المفيد عندئذ ان نخضع المعامل الكثيرة التي تدار بالقوة المائية الى فحص اقتصادي دقيق .
7 – اسعار المياه وكلفتها
لم تتوفر لدينا معلومات كافية عن اسعار المياه المستعملة في الزراعة والصناعة . والارقام الوحيدة التي يمكن الوثوق بها تتعلق باسعار المياه المستعملة في الصناعة والتي تعود الى سنة 1955 ، وكذلك لاسعار مياه الري المستعملة في المشاريع الحكومية الحالية . وعلى سبيل المثال تشير الاحصاءات الصناعية لعام 1955 الى ان أغلى ثمن للمياه هو 30 قرشاً لبنانياً للمتر المكعب في لبنان الشنالي ، بينما أرخص ثمن هو 10 قروش لبنانية في جنوب لبنان . ويبلغ المعدل الوسطي لسعر المياه المشتراة عام 1955 من قبل الصناعة الوطنية 22 قرشاً لبنانياً للمتر المكعب . ويجب التذكير هنا ان الصناعة لم تشتر في سنة 1955 سوى عشر استهلاكها من المياه بينما من المفترض ان تكون التسعة اعشار الباقبة قد جرى تأمينها عن طريق ابار ، غالباً ما تكون قد حفرت خصيصاً لهذه الغاية . الا انه ليست هناك ارقام لسعر كلفة هذه الكمية .
لا تتوفر معلومات حالياً عن اسعار المياه نسبة للهكتار المروي من الارض . ففي المناطق الساحلية من جنوب لبنان ، حيث تكثر البساتين ضمن حدود مشروع مياه القاسمية ، يبلغ السعر خمسين ليرة لبنانية لارواء هكتار واحد سنوياً ، أي ما يوازي خمسة قروش لبنانية للمتر المكعب الواحد . ويبدو ان السعر نفسه ينطبق على مشروع مياه اليمونة . وتبذل الآن محاولة لرفع سعر المياه للهكتار الواحد الى مئة ليرة لبنانية في مشروع القاسمية . وقد استفاد بعض الاخصائيين من الخبرة التي توفرت في جنوب لبنان ، وقدروا ان سعر المياه اللازمة لارواء الهكتار الواحد بالنسبة لاصحاب المشاريع الزراعية الفردية في المناطق الساحلية يتراوح بين مئتين وثلاثمئة ليرة لبنانية سنوياً . اما اسعار مياه الشفة للاستهلاك الانساني فتتراوح ارتفاعاً وهبوطاً بين المدن المختلفة . فهي على سبيل المثال ثمانون ليرة لبنانية في بيروت للمتر المكعب الواحد في السنة ، وستون ليرة لبنانية في مدينة عالية ، وثلاثون ليرة في الباروك ، وثمانون ليرة في سوق الغرب، واثنتان واربعون ليرة في مدينة طرابلس ، واربعون ليرة في مدينتي صيدا وزحلة . اما المرافق العامة فيجري على مشترياتها من الماء حسم كبير.
8 – عرض وتلخيص
حاولنا في عرضنا هذا ان نضع بعض التقديرات التقريبية للطلب على المياه والاحتياجات المائية في مختلف جقول النشاط الاقتصادي في لبنان . ونعود فنكرر ان هذه التقديرات ما هي الا وسيلة للوصول الى نتائج عامة ضمن اطار برنامج شامل لتطوير الموارد المائية اللبنانية . ونظراً لفقدان بعض الاحصاءات ، لم يكن ممكناً في بعض الاحيان وضع تقديرات على اساس مناطقي . والجدول التالي يبين النتائج المبدئية الي توصلنا اليها بالنسبة للطلب والاحتياجات المائية :
ملخص الطلب والاحتياجات المائية في لبنان
1958 – 1975
الكمية بملايين الامتار المكعبة
مياه الشفة الري الثروة الحيوانية الاغراض الصناعية المجموع
1958 – 1961
الحد الادنى 70 180 3 12 265
النسبة المئوية 26 68 1 5 100
1965 – 1970
الحد الادنى 80 500 3 14 597
الحد الاقصى 120 520 3 18 661
المعدل 100 510 3 16 629
النسبة المئوية 81 81 1 3 100
1970 – 1975
الحد الادنى 90 520 3 18 631
الحد الاقصى 135 990 3 26 1154
المعدل 112 705 3 22 842
النسبة المئوية 12 84 1 3 100
جرى ترتيب هذا الجدول بحيث يعطي الحدين الادنى والاعلى والمعدل الوسطي للحاجة الى المياه خلال العقد القادم . وقد وضعت المعدلات الوسطية لهذه الحاجات كي نضفي بعض الواقعية على الحدود القصوى الموضوعية بشكل تقديري .
ان نظرة سوية الى الجدول اعلاه تشير الى الاهمية الحالية لمياه الري والى الزيادة المتوقعة في حصتها مستقبلاً. وتأتي بعدها في الترتيب الكمي مياه الشفة للاستهلاك البشري ، ثم المياه المستخدمة في الصناعة . وتظهر النتيجة التي توصلنا اليها ان الحاجة ماسة وملحة للبدء في وضع دراسات مفصلة يكون الهدف منها تقرير الاحتياجات المائية على اساس مناطقي للخدمات المختلفة ومدى توفر المياه في هذه المناطق لسد الحاجات المتوقعة ، وتحديد اسعار المياه بحسب طرق استعمالها ، وعلى ضوء الظروف التجارية المختلفة . إن هذه هي المتطلبات الاساسية اللازمة لوضع مخطط مائي وطني تكون الغاية منه استخدام الموارد المائية بشكل يؤدي الى تقديم اكبر قسط مستطاع ومتاح من الفوائد للمجتمع اللبناني .
_________________________________
(1) كتب المقال باللغة الانكليزية وقام قسم التحرير بنقله الى العربية . وصاحب البحث هو الخبير الاقتصادي المسؤول عن دائرة الشؤون الاقتصادية للشرق الاوسط في الامم المتحدة ، وكان من ضمن اعضاء بعثة الامم المتحدة للموارد المائية التي زارت لبنان في ربيع سنة 1961 وقدمت للحكومة اللبنانية تقريراً بعنوان " الحاجات والموارد المائية في لبنان " . إلا ان الاراء الواردة فيه لا تعبر الا عن رأي كاتبها الشخصي ولا تعكس وجهة نظر البعثة او المنظمة .
(2) مؤسسة الابحاث والتأسيس الدولية للتطوير الشامل والمنسق .
(3) غرفة التجارة والصناعة في بيروت ، تقييم الاقتصاد اللبناني 1959 . الارقام المذكورة مستقاة من احصاءات وزارة الزراعة .
(4) بيلو ، بالدى وبابان ، شرح خريطة استعمال التوبة في منطقة الهرمل في البقاع ، " مؤسسة البحوث الزراعية العلمية " ، تل العمارة ، رياق ، 1960
(5) استناداً الى تقدير مكتب الولايات المتحدة لاستصلاح الاراضي بأنه من الممكن ري 50 الف هكتار من الاراضي في المستقبل .
(6) لري مساحة تبلغ 17680 هكتاراً من دون حساب الري الجبلي الحالي .
(7) مشروع الفاو المتوسطي ، تقرير عن لبنان ، روما 1959 ، جدول 3/3 ، صفحة 3/52 .
(8) تستثنى من ذلك المساحة الصغيرة المزروعة بنبات الحلفا والمقدرة مساحتها ب 120 هكتار سنة 1959 .
(9) خصصت وزارة الزراعة اللبنانية مبلغ 30 الف ليرة لبنانية لبناء ثلاث بحيرات جبلية . ولما كان هذا البرنامج لا يزال في مرحلة الاختبار ، فان نجاحه هو الذي سيحدد مدى التطور الممكن في هذا الاتجاه .
(10) وهو يفترض ايضاً نمواً في الدخل الفردي قدره 3 بالمئة سنوياً ، كما يفترض نمواً لعامل الرأسمال في حدود 3 بالمئة ومعدل التوظيف يساوي 16 بالمئة من الانتاج الوطني الاجمالي .
(11) يعلم الكاتب مدى النقص في هذا الافتراض . الا ان عدم توفر الاحصاءات يمنع التوصل الى تقديرات أكثر دقة .