واقع الاقتصاد الاردني ومستقبله

محمد احمد التيجاني  

نشر المقال في تموز / يوليو 1962 ، العدد الواحد والعشرون ، الرائد العربي  

لو أوقف المرء الزمن في حسه وعاد بذاكرته الى عام 1950 لرأى صورة قاتمة لواقع الاقتصاد الاردني ، ولما وجد بصيصاً من نور او خيطاً من أمل يدفعه الى التفاؤل او حتى مجرد التفكير في مستقبل الكيان الاقتصادي للاردن . فقد كان الاقتصاد الاردني آنذاك بدائياً ، راكداً ، جامد الاطار. ورغم وجود حركة جاهدة وطامحة ، الا انها ظلت طوعية وبطيئة ، مفتقرة الى التوجيه والتخطيط .  

ولعل الصورة تبدو أوضح اذا علمنا ان الكيان الاردني الحديث يتكون من شطرين ، أحدهما ما كان يسمى "شرق الاردن " والثاني الرقعة الباقية من فلسطين . وقد برز الكيان الاردني الى الوجود في اعقاب الحرب العالمية الاولى عندما طعن الحلفاء اماني العرب القومية في التحرير والوحدة . 

عاش الشطر الاول ثلاثين عاماً ، بين سنة 1920 و سنة 1950 في وضع اقتصادي بدائي غير متطور ، يرتكز الى زراعة ضعيفة وتجارة انتعشت لاسباب غير طبيعية خلال الحرب العالمية الثانية . ولم تحقق الادارة البريطانية خلال ثلاثين عاماً في " شرق الاردن " أي تقدم اقتصادي جدي ، ولم تقم بأية محاولة لاستغلال موارده ، بل تعمدت ابقاء اقتصاده بدائياً متخلفاً . والشطر الثاني المتبقي من فلسطين كان كذلك في مستوى اقتصادي متخلف ، وهو من أقل اراضي فلسطين خصباً وموارد . 

تبرز هذه الصورة القاتمة لواقع الاقتصاد الاردني المشاكل التالية : نزوح خمسمئة الف فلسطيني قذفت بهم نكبة فلسطين عام 1950 الى الاردن ، أعباء دفاعية على جبهة طولها 650 كيلومتراً ، موقع جغرافي لا يحسد عليه، بطالة مستحكمة ، انخفاض مخيف في مستوى الدخل الفردي ، عجر دائم في الميزان التجاري ، ارتفاع كبير في نسبة تزايد السكان ، فقدان الخبرة الادارية والتكنولوجية ، واخيراً عدم انتظام مصادر التمويل والدخل. 

وعلى الرغم من الصورة المخيفة التي رسمناها والمشاكل التي عددناها ، فقد قبل الاردن هذا التحدي وحقق القطاع الخاص بالتعاون مع القطاع العام بعض النجاحات في مجالات التنمية الاقتصادية في السنوات الاخيرة وأثبت للعالم ان الحاجة والكفاءة والعزم والتصميم تصنع المعجزات . غير ان كل هذا النجاح الذي احرزه الاردن وتقدم اقتصاده في السنوات الاخيرة ، الا ان الوضع الاقتصادي العام في البلاد ظل يتعثر ، يغلب عليه التوجيه والتخطيط غير الواعي لذاته واهدافه لواقع اقتصاد البلد ومكانه من الاقتصاد العربي بالنسبة للتناسق والتكامل . وما زالت تلوح في الافق علامات تعجب واستفهام عند التساؤل عن مستقبل الاقتصاد الاردني ، وان كان يحدونا الامل الكبير في ان يتمكن هذا البلد الفتي من تحقيق المعجزة في القضاء على البطالة العامة والبطالة الجزئية ورفع مستوى الدخل الفردي والاستغناء عن المساعدات الاجنبية ، ما أمكن ذلك .  

هذه في اعتقادي أهداف انسانية ملحة وواضحة ، مشابهة للاهداف الاقتصادية في البلاد العربية وسائر البلدان الفتية والصاعدة لتشابه الظروف والاوضاع والمشاكل الاقتصادية فيها . وبالرغم من وضوح هذه الاهداف التي تبدو براقة على الورق ، فان الوصول اليها وتحقيقها ، خاصة في بلد يحمل اعباء كبيرة كالتي يحملها الاردن ، امر معقد صعب المنال . ولعل عرض واقع الاقتصاد الاردني ومشاكله بشيء من الايجاز يبين لنا مدى الصعوبة والتعقيد الذين يعترضان تنفيذ وتحقيق هذه الاهداف . 

1 – الميزان الجاري 

بلغت مستوردات الأردن عام 1960 حوالى 43 مليون دينار ، بينما بلغت صادراته حوالى 4 ملايين دينار فقط، مما شكل عجزاً بلغ 39 مليون دينار اردني . وتشير ارقام المستوردات خلال السنوات الخمس الماضية الى ان العجز يسير في خط بياني متصاعد . فقد زاد العجز عام 1956 عن 23 مليون دينار . وكان هذا العجز في  سنة 1957 حوالى 26 مليون دينار وبلغ في سنة 1958 حوالى 31 مليون دينار وقفز في سنة 1959 الى 37 مليون دينار . اما في عام 1960 فقد بلغ العجز ، كما ذكرنا ، حوالى 39 مليون ديناراردني . ومعنى هذا ان العجز قد زاد في خلال السنوات 1956 – 1960 بنسبة تقارب 70 بالمئة . وعل الرغم من ان ازدياد المستوردات كان نتيجة لزيادة عدد السكان وحرية الاستيراد والمنافسة التجارية واستيراد السلع التجهيزية والآلات اللازمة للتصنيع ، الا انني اعتقد ان هذا العجز الهائل في الميزان التجاري يعكس تدهوراً اقتصادياً يستدعي معالجة الوضع معالجة جذرية وبناءة . 

2 – مستوى الدخل الفردي

بلغ عدد سكان الأردن بحسب احصاء سنة 1961 مليوناً و800 الف نسمة . وبلغ الدخل الوطني بحسب الدراسات التي اجراها مجلس الاعمار الاردني سنة 1959 حوالى 82 مليون دينار . واذا افترضنا ان الدخل الوطني زاد قليلاً خلال العامين الماضيين ، فان معدل دخل الفرد السنوي في الاردن يقارب خمسين ديناراً او ما يعادل 140 دولاراً . وهذا بالطبع أقل رقم للدخل الفردي في لوائح الامم المتحدة كما اعتقد ، باستثناء افغانستان. وهذه الارقام تبين المدى ولا ترسم الواقع بدقة . ولعل الصورة تبدو اقرب الى الواقع اذا قلنا ان فئة قليلة تعيش في مستوى " خيالي " من العيش وان 25 بالمئة من السكان يعيشون بمستوى 150 دولاراً للفرد الواحد و25 بالمئة بمستوى الكفاف بمعدل 2200 كالوري في اليوم وحوالى 50 بالمئة بمستوى أقل من الكفاف بمعدل 1600 كالوري في اليوم . ومعظم هؤلاء من النازحين الفلسطينيين . 

هذه الصورة ، كما سبق ان قلت ، تبين المدى والخطوط العريضة ولا ترسم بدقة الوضع السائد . وهي تتحدى المسؤولين وغير المسؤولين في الاردن لتمكين التوجيه والتخطيط الاقتصادي من بلوغ غاياته الانسانية وهي تحقيق مستوى ادنى من العيش المادي المعقول لكافة المواطنين . 

3 – تزايد السكان   

يتزايد السكان في الأردن بنسبة مرتفعة تبلغ 3 بالمئة . وتزايد السكان مشكلة تشكو منها جميع البلدان اليافعة ، وهي من العوامل المهمة في التكوين الاقتصادي وذات صلة ةثيقة بمشاكل التنمية الاقتصادية ورفع المستوى المادي للحياة . تزايد السكان بنسبة مرتفعة ، كما هو الحال في الاردن  يتطلب المزيد من الجهد لاستيعاب الوافدين الجدد عن طريق التكاثر الذي من شأنه ان يزيد من حدة الحاجة الى النمو الاقتصادي . 

تعكس الارقام المتوفرة عن المواليد والوفيات خلال السنوات الخمس الاخيرة تصاعداً بارزاً في التكاثر . فالزيادة في المواليد بعد حذف الوفيات قد قفزت عام 1956 من 43 الفاً الى ما يزيد على 66 الفاً في سنة 1960 . وتعكس احصاءات المواليد والوفيات كذلك زيادة سنوية في المواليد وتناقصاً في عدد الوفيات . وتبلغ نسبة الزيادة السنوية حوالى 3 بالمئة ، وهي من اعلى نسب الزيادة المعروفة في العالم . وزيادة السكان ظاهرة من مظاهر ارتفاع المستويات الادارية والصحية . ويشارك الاردن سائر دول المنطقة ، التي تمر بظروف مماثلة ،  في هذه الظاهرة . وليس من المنتظر ان تتوقف الزيادة في عدد المواليد قبل ان يقل الاقبال على الزواج المبكر ، وقبل ان بزداد وعي الناس بالنسبة لتحديد النسل . وقد يحتاج هذا التطور في المفاهيم الاجتماعية الى عقد من الزمن . اما بالنسبة للوفيات فمن المنتظر ان تنخفض بتقدم وسائل الوقاية والعناية الصحية. وتتضح المشكلة بشكل ابرز اذا ما علمنا ان عدد سكان الاردن سيبلغ الضعف في اقل من ربع قرن ، وان على الاردن ان يوفر الكساء والغذاء وفرص العمل لزيادة سنوية متصاعدة بلغت عام 1960 حوالى 70 الف مواطن . 

4 – مشكلة البطالة  

يعاني الاردن من ازمة بطالة حادة ومستحكمة . وتقول تقارير مجلس الاعمار الاردني ان البطالة العامة تشمل ثلث القوة العاملة . ويقدر بعض الاقتصاديين المطلعين ان القوة العاملة في البلاد تبلغ حوالى 20 بالمئة من مجموع عدد السكان ، أي حوالى 360 الف نسمة ، وذلك باستثناء القوة العاملة النسائية التي أخذت تدخل معترك الحياة بشكل ملحوظ وتنافس القوة العاملة من الرجال منافسة جدية . وتتوزع القوة العاملة كما يلي :

1 – القوة العاملة من النازحين وتقدر بمئة الف عامل . ونسبة البطالة بينها تصل الى 95 بالمئة تقريباً . 

2 – القوة العاملة من سكان الضفة الغربية وتقدر بحوالى 80 الف عامل . ونسبة البطالة بينها 60 بالمئة تقريباً . 

3 – القوة العاملة من سكان الضفة الشرقية وتقدر بحوالى 180 الف عامل . ونسبة البطالة بينها 30 بالمئة تقريباً . 

ويقول التقرير الذي اعده خبراء البنك الدولي للانشاء والتعمير سنة 1957 ان مجموع القوة العاملة بين النازحين تبلغ 120 الف نسمة موزعة على الشكل التالي :  

34 الفاً يعملون في اعمال دائمة خارج الميدان الزراعي .

25 الفاً يعملون في خلال الموسم الزراعي فقط .

61 الفاً عاطلون تماماً عن العمل .

قد تكون هذه الارقام قريبة من الواقع ، لكن يمكننا القول بوجه عام ان حوالى 50 بالمئة من مجموع القوة العاملة الاردنية عاطلة عن العمل ، وان هذه النسبة تمثل حوالى 90 الف عامل مقيم و90 الف عامل من النازحين . والذين يعملون في الاردن ليسوا احسن حالاً بكثير من العاطلين عن العمل . فمعدل قيمة انتاج العامل يقدر بنحو 200 دينار سنوياً . وبما ان النمط الاقتصادي في الاردن زراعي ، بمعنى ان الزراعة تستوعب ثلاثة ارباع القوة العاملة تقريباً ، فان النسبة الكبرى من الايدي العاملة في البلاد لا تبلغ هذا الحد من قيمة الانتاج . والواقع ان البطالة ، وهي ام الفقر ، عدو لدود للانسان ، وهي من أخطر وأعقد المشاكل التي يجابهها اقتصاد الدول اليافعة خاصة في البلدان العربية . 

5 – الموقع الجغرافي  

هناك مشاكل اخرى ، بالاضافة الى المشاكل الاساسية التي اشرنا اليها ، تتعلق بالموقع الجغرافي للبلاد . فميناء الاردن الوحيد بعيد عن مراكز الاستهلاك بالنسبة للمستوردات ، وعن مراكز الانتاج الصناعي والزراعي بالنسبة للصادرات ، مما يستدعي تحميل المستوردات  نفقات نقل باهظة . وهذه النفقات تنعكس سلباً على الارباح . وقد تم مؤخراً انشاء الطريق الصحراوي الذي يربط ميناء العقبة بالعاصمة عمان . وقد أسهم هذا الطريق في حل المشكلة جزئياً . ونحن نعتقد ان ابعاد المشكلة ستتقلص في حال اكمال ما طوله نحو 90 كيلومتراً من الخط الحديدي ما بين رأس النقب وميناء العقبة ، إذ تصبح اكلاف النقل في هذه الحالة معقولة نسبياً . 

6 – مشكلة التصنيع  

 لا بد للاردن كبلد يهدف التطور والنمو من ان يغير نمطه الاقتصادي . ونعني بذلك انه لا بد من تعديل نسب استيعاب الجهد الانساني في مختلف حقول النشاط الاقتصادي . فالبنسبة للنمط الاقتصادي القائم في البلاد ، مازالت الزراعة تستوعب ثلاثة ارباع الجهد الانساني ، بينما يتوزع الربع الاخير بين الصناعة والخدمات . ويسير الاردن حالياً في هذا السبيل بخطى حثيثة . وقد زاد الدخل الناجم عن التعدين والصناعة خلال السنوات 1954 – 1959 بنسبة 80 بالمئة حسب تقديرات مجلس الاعمار الاردني . كما زاد الدخل في قطاع الخدمات خلال الفترة نفسها بنسبة مئة بالمئة . اما القطاع الزراعي فقد نقص الدخل بنسبة 6 بالمئة . ويعزى هذا النقص الى الجفاف الذي أصاب البلاد.

يندفع الأردن الآن في طريق التصنيع ، رغم الصعوبات التي تعترض التصنيع في بلد كالاردن حيث سوقه الداخلية ضيقة وامكانات التمويل والحصول على المواد الخام محلياً محدودة جداً . كما انه يفتقر الى الخبرة الادارية والتكنولوجية .  

انني من الذين يعتقدون ان التوجيه والتخطيط الصناعيين في الاردن غير سليم . فسياسة الاكتفاء الذاتي ، بمعنى ان ننتج كل ما نحتاج اليه ، أصبحت ضرباً من الخيال والسخف في المفهوم الاقتصادي الحديث . كما ان الصناعة لا تقوم على اشلاء المستهلك وتقبع داخل ابواب موصدة او اسوار جمركية تناطح السحاب . فهكذا صناعة لا تستحق الحياة وتلحق اشد الاذى باقتصاد البلاد. وجدير بنا ان نستفيد من تجارب بلدان اخرى وقعت في مثل هذه الاخطاء ، كبلدان اميركا اللاتينية. ثم ان هكذا سياسة تحول دون تحقيق الوحدة الاقتصادية العربية الشاملة التي كان الاردن ، وما زال على الصعيدين الشعبي والرسمي ، في طليعة المنادين بها والعاملين على تحقيقها . وانني اعتقد ان اقامة صناعات متماثلة في اجزاء الوطن الواحد تقف عائقاً دون تحقيق الوحدة الاقتصادية المنشودة ودون تكامل الاقتصاد العربي ونموه .

إن الصناعات القائمة حالياً في الأردن على أساس سد السوق المحلية لم تثبت قدرتها على الصمود في وجه المزاحمة الاجنبية . وهي تعيش ، كما قلنا ، على حساب المستهلك . فتكاليفها الانتاجية مرتفعة ومواردها المالية محدودة وخاماتها المحلية تفتقر الى الجودة المطلوبة بسبب عدم توفر الخبرات الفنية المتطورة . وهذه الصناعات تعيش الان خلف ابواب موصدة بوجه الاستيراد المماثل او وراء اسوار جمركية عالية . ومن المسلم به صناعياً ان حماية الصناعة  تكون موقتة لتمكينها من النهوض على قدميها في مراحلها التأسيسية ، بينما الحماية الدائمة او الطويلة الاجل لا يمكن تفسيرها الا انها ضرب من ضروب الاحتكار الذي يجب على الدولة ان تقاومه . 

كان الاجدر بالاردن ان يستغل رؤوس الاموال المستثمرة حالياً في الصناعات المشبعة ، أي الصناعات التي تهدف الى تغطية الاستهلاك المحلي ، في صناعات تتفق واستعدادات البلد الفطرية ، كصناعة السياحة وصناعة الفوسفات والبوتاس وغيرهما من الصناعات المتوقعة ، كالحديد والمنغنيز والبترول والغاز الطبيعي ، وهي صناعات قد تتوفر لها اسباب المنافسة على الصعيد الدولي وتؤثر تأثيراً مباشراً وسريعاً في تحسين الاقتصاد الاردني . 

يدرك المسؤولون في الاردن جسامة وخطورة المشاكل التي تواجه اقتصاد البلاد . الا انهم ، في الوقت نفسه ، ينظرون الى المستقبل بشيء من الأمل . فقد أعلن مجلس الاعمار برنامجاً للتنمية الاقتصادية لسنوات خمس تبدأ من عام 1962 وتنتهي في عام 1967 . ويهدف هذا البرنامج الى تحقيق ما يلي :  

1 – زيادة الدخل الوطني من 90 مليون دينار عام 1961 الى 144 مليون دينار عام 1967 . وتمثل هذه الزيادة البالغة نسبتها 60 بالمئة ، نمواً سنوياً بمعدل 10 بالمئة .

2– تخفيض نسبة البطالة العامة والبطالة الجزئية الى اقل مستوى ممكن . 

3 – تعديل الميزان التجاري بالتوسع في الصادرات وانتاج سلع بديلة للسلع المستوردة ، بحيث تزيد قيمة الصادرات بواحد وعشرين مليون دينار ولا تتجاوز زيادة المستوردات عن ثمانية ملايين دينار اردني ، مقارنة مع ما كان عليه ميزاننا التجاري سنة 1961. وبذلك يتقلص الفرق بين ما نستورد وما نصدر بمقدار 13 مليون دينار .  

وضع مجلس الاعمار الاردني ، تحقيقاً لهذه الاهداف ، التخطيط اللازم لعدد من مشاريع التنمية المدروسة لمختلف قطاعات الاقتصاد الاردني . وقد أعارهذا المخطط الاهتمام الاول للقطاعات التي من شأنها ان تسهم بشكل سريع وعال في نمو الاقتصاد الوطني . وهذه القطاعات هي قطاع الزراعة بما في ذلك التحريج ، وقطاع الصناعة بما يه التعدين ، وقطاع السياحة . ففي قطاع الزراعة الذي بمقدوره ان يؤمن العمل لما يزيد عن نصف القوة العاملة الارنية  والتي تشكل في السنين العادية حوالى 25 بالمئة من مجموع الدخل الوطني . ويتضمن برنامج السنوات الخمس عدداً من المشاريع ، أهمها :  

1 – إكمال المرحلتين الاولى والثانية من مشروع قناة الغور الشرقية .

2 – تحسين مصادر المياه وتطويرها .

3 – رفع رأسمال مؤسسة الاقراض الزراعي وتوسيع امكاناتها ومجالات نشأتها .

4 – تشجيع التعاونيات الزراعية .

5 – تأسيس مكتب للتسويق الزراعي .

6 – تحريج مساحات واسعة في المنطقة الشمالية ، وفي 175 الف دنم من اراضي الدولة ، وفي حوالى 550 قرية منتشرة في شتى انحاء المملكة . وتستوعب المساحات المنوي تحريجها نحو 30 مليون شجرة .

تقدر تكاليف هذه المشاريع ، بما في ذلك مشاريع تطوير مصادر المياه ، بحوالى 37 مليون دينار اردني .  

اما القطاع الصناعي فيشكل في الوقت الراهن حوالى 10 بالمئة من مجموع الدخل الوطني ويستوعب جوالى 9 بالمئة من مجموع القوة العاملة في البلد . والتنمية السريعة للقطاع الصناعي على جانب كبير من الاهمية نسبة لضغط المستوردات من ناحية ، وزيادة الصادرات من ناحية ثانية ، خاصة صادرات الفوسفات والبوتاس .

وستتخذ الحكومة الخطوات المطلوبة لتمكين شركة منجم الفوسفات الاردنية من زيادة انتاجها ، بحيث يبلغ الانتاج مليوناً ونصف المليون طن سنوياً في عام 1967 ، وتمكين شركة البوتاس العربية كذلك من بناء مصنعها الكبير لانتاج البوتاس واستغلال معادن البحر الميت خلال مدة اقصاها سنة 1964 . 

يتضمن مشروع السنوات الخمس عدداً آخر من المشاريع الصناعية والتعدينية . ويقدر خبراء مجلس الاعمار الاردني الاموال اللازمة لتنفبذ مشاريع قطاع الصناعة والتعدين بحوالى 19 مليوناً وخمسمئة الف دينار. وسيعمل مجلس الاعمار على تأمين حوالى 9 ملايين دينار من المصادر الاجنبية .  

سيؤدي تحقيق كل هذه المشاريع في قطاعي الصناعة والتعدين الى زيادة في مجموع الدخل الوطني بما يقدر بحوالى 12 مليون ديناراردني ، كما انه سيؤمن 13 الف فرصة عمل جديدة ، وسيزيد من الصادرات ويقلل من المستوردات بما قيمته حوالى تسعة ملايين دينار

اما القطاع الثالث الذي أولاه برنامج السنوات الخمس اهتمامه فهو القطاع السياحي . ويهدف البرنامج الى مضاعفة السياح الوافدين الى الاردن في سنة 1967 وزيادة انفاقهم من 3 ملايين دينار في الوقت الحاضر الى 9 ملايين دينار سنوياً في عام 1967 . وسيؤدي تطوير القطاع السياحي الى زيادة في الدخل الوطني تقدر بنحو 4 ملايين و500 الف دينار

لم يهمل برنامج السنوات الخمس تنمية القطاعات الاخرى . وتقدر الاموال التي ستصرف لتنمية هذه القطاعات بحوالى 127 مليون دينار ، يغطي منها القطاع الخاص ما تقديره 47 مليون دينار وتتكفل القروض والمنح والمساعدات الاجنبية بالمبالغ الباقية والمقدرة بحوالى 59 مليون ديناراردني ، وذلك بحسب تقديرات مجلس الاعمار الاردني . 

هذه بعض مشاكل الاقتصاد الاردني . وهذه بعض المحاولات المبذولة للتغلب عليها ، وهي محاولات نرجو ان تتوفر لها اسباب النجاح لتزول بعض علامات الاستفهام والتعجب التي تلوح في الافق عندما نتساءل عن مستقبل الاقتصاد الاردني.