3- نهر الاردن : وعده ووعيده: تطور فكرة التحويل ومصادرها الرئيسة

 

 

تطور فكرة التحويل ومصادرها الرئيسة

فكتور خوري

نشر المقال في نيسان / ابريل 1961 ، العدد السادس ، الرائد العربي

وهوالمقال الثالث في سلسلة " نهر الاردن : وعده ووعيده " المؤلفة من اربع حلقات .

إن الاهداف والدوافع التي حدت باسرائل لاخراج فكرة تحويل مجرى نهر الاردن الى حيز التنفيذ ليست جديدة. فالمخططون الصهيونيون شعروا بضرورة تأمين مورد مائي مهم لري أراضي
فلسطين منذ اللحظات الاولى التي إستقر فيها رأيهم على اختيار فلسطين " ارضاً للميعاد " وهدفاً لنشاط الحركة الصهيونية . وفلسطين كما بينا في الحلقة الاولى من هذه السلسلة ، أعجز من أن تستوعب اربعة ملايين نسمة من دون تغيير جذري في تنظيمها الاقتصادي وفي وسائلها الانتاجية وفي استغلال مواردها الطبيعية ، وبشكل خاص مواردها المائية . من هنا نشأت الحاجة الماسة الى تحويل مجرى نهر الاردن ، المورد المائي الرئيس والوحيد في فلسطين ، لري اراضي مرج ابن عامر والسهل الساحلي والنقب ، بحيث ترتفع المساحة المروية الى مليون وثمانمئة الف دونم ، وهي المساحة التي قدر المخططون الصهاينة انها قادرة على تأمين الجزء الرئيس من تغذية الملايين الاربعة المقترح استقدامهم الى المنطقة المحتلة بالماء والطعام .

ولكي يأتي بحثنا عن التحويل دقيقاً وشاملاً لا بد وان نرجع قليلاً الى الوراء ، أي الى فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية ، لنستعرض التطورات التي رافقت فكرة التحويل واخراجها من مرحلة الحلم والخيال الى مرحلة التنفيذ والبناء في كاون الثاني / يناير 1946 أبان مفاوضات لجنة التحقيق الانكلو – اميركية . فقد ظهر هذا المشروع بشكل دراسة ( سوف نبحث لاحقاً خطوطها العريضة ) قدمتها الوكالة اليهودية لهذه اللجنة. وقد اشترك في اعددادها عدد كبير من أكبر الخبراء العالميين في شؤون الري والهندسة والطاقة الكهربائية .

ونظراً للاهمية الكيانية لمشروع نهر الاردن بالنسبة لمخططات الوكالة اليهودية ، فانه من الطبيعي ان تكون الوكالة قد قامت بجميع الدراسات والاعمال التنظيمية التحضيرية اللازمة لوضع مثل هذا التقريبر . وبالفعل ، فقد استخدمت الوكالة اليهودية عدداً من المؤسسات المتخصصة في سبيل هذا الغرض . فقامت محطة الابحاث الزراعية في رحوبوت بدراسة متطلبات نباتات ومحاصيل كثيرة للماء على ضوء ظروف فلسطين الطبيعية . وأدت هذه المحطة خدمة كبرى في انها قدمت المعلومات التي جمعتها على مدى عشر سنوات الى اللجنة الهندسية الاستشارية التي أشرفت على دراسة المشاريع المائية التي نحن بصددها ووضعت لها الخطط الاولية اللازمة . كما قامت لجنة المساحة الفلسطينية ، وهي هيئة كانت تابعة لحكومة الانتداب ، بتقديم دراسة عن تربة فلسطين ومساحاتها القابلة للاستصلاح ، مرفقة بخرائط مفصلة أعدتها وزارة الزراعة الاميركية . وقد وضعت هذه الدراسة عام 1928 .

بالاضافة الى هذه المؤسسات ، فإن شركة المياه الفلسطينية التابعة آنذاك للشركة الاقتصادية لفلسطين في نيويورك ، كانت قد أعدت عدداً من المشاريع المقترحة لري فلسطين جزئياً وكلياً ، يتشابه بعضها الى حد كبير مع مخطط السنوات العشر الذي تقوم اسرائيل بتنفيذه الآن . وقامت هذه المؤسسة ، بالاشتراك مع محطة رحوبوت للابحاث وشركة مياه مكوروث Mekoroth بتجربة وسائل عديدة للري على صعيد المشروع الكبير وعلى صعيد مزرعة واحدة في اراضي الشركة ، الأمر الذي أدى الى ادخال تحسينات عديدة على وسائل الري، وبالتالي الى وفر كبير في تقديرات المشروع المقدم .

طبيعي ان تسهم شركة كهرباء فلسطين والشركة الفلسطينية للبوتاس باجراء قياسات كثيرة لمجرى نهر الاردن نظراً لطبيعة عمل هاتين الشركتين ، وقد ساعدتهما ابحاث الجامعة العبرية في القدس في شؤون الطقس وتساقط الامطار والتبخر وغير ذلك من المواضيع التي لها علاقة مباشرة وغير مباشرة بهاتين الشركتين ، وبالتالي بامكانيات دراسة مشاريع الري الكبرى وتوليد الطاقة الكهربائية في فلسطين.

وتنسيقاً لكل هذه الابحاث والدراسات وملء الفراغات التي لا بد منها ، أنشأت الوكالة اليهودية ، بالاشتراك مع "صندوق الوطن اليهودي" ، مكتباً للابحاث المائية . وعمل هذا المكتب يالتعاون مع مختبر الدراسات الهيدروليكية في الجامعة العبرية في
القدس والمعهد الفني العبري في حيفا . وكان لهذا التنظيم التعاوني أكبر الأثر في إخراج تقرير موحد في سنة 1943 عنوانه " تقرير عن موارد فلسطين المائية " . ويعتبر هذا التقرير مصدراً رئيساً لكل ما يتعلق بهذا الموضوع.

تبدأ الحلقة الاولى من حلقات التخطيط سنة 1938 عندما أرسلت وزارة الزراعة الاميركية المهندس الزراعي الاميركي ولتر كلاي لودرميللك " لدراسة استخدام الارض في البلاد العريقة وذلك لمنفعة الزراعة في الولايات المتحدة " . وخلال رحلته وضعت حكومة الانتداب تحت تصرفه خدمات دوائر الزراعة والاحراج وعلماء التربة ، كما قدمت له الجامعة العبرية كل التسهيلات العلمية الموضوعة بتصرفها . وخرج لودرميللك من رحلته مقتنعاً تماماً " بامكانات وادي الاردن ومنطقة الصرف المحيطة به لإنتاج الطاقة واستصلاح الاراضي ، وان هذه الامكانيات سوف توفر في المستقبل المزارع والمصانع والاستقرار لاربعة ملايين لاجيء يهودي على الأقل " . ونتج عن رحلة لودرميلك هذه ، كتاب بعنوان " فلسطين : ارض الميعاد " اقترح فيه لودرميللك اقامة مشروع أطلق عليه في ما بعد اسم " سلطة وادي الاردن " . ويقول المؤلف في مقدمته لمشروع هيز Hays انه كتب كتابه بناء على إلحاح الدكتور نيومان ، رئيس مكتب الدراسات في الوكالة اليهودية . وقد اقترح نيومان انشاء لجنة من الخبراء لتدرس المشروع وتضع له مخططاً تفصيلياً ، بالرغم من أن الحرب العالمية كانت آنذاك على أشدها والعالم لا يعرف مصيره . وتمكن نيومان من تجنيد المهندس ديفيد ليلينتال ، رئيس لجنة وادي تنسي ، ومهندس اللجنة الكولونيل باركر . وقد قام باركر بوضع مخطط الدراسة واقترح اسماء الفنيين .

حصلت هذه الجهود ، منذ بدايتها ، على مساندة رئيس الوكالة اليهودية آنذاك الدكتور حاييم وايزمن الذي عين نيومان رئيساً للجنة المساحة الخاصة بدراسة مشروع سلطة وادي الاردن وأعطاه الصلاحيات لتوظيف المهندسين والخبراء بقصد انجاز المشروع . وتم تعين المهندس جيمز هيز ، وهو الخبير المعروف ، مهندساً للمشروع يعاونه في ذلك بعض المهندسين الاميركيين الآخرين . وأشرفت على كل مراحل الدراسة لجنة استشارية هندسية مؤلفة من أشهر مهندسي الولايات المتحدة ، بينهم لودرميللك وجون سافيج John Savage الذي عمل في مشروع النقطة الرابعة في
الاردن فيما بعد ، ثم أخرجته السلطات الاردنية من البلاد .

تولت الدراسة شركة صندوق مؤسسة فلسطين ( كيرين حايصود ) الاميركية وتم وضع الصيغة الاولى للمشروع في نيسان / ابريل سنة 1945 . وفي كانون الثاني / يناير سنة 1946 ، أنهى هيز تقريره الضخم وقدمه الى لجنة التحقيق الانكلو – اميركية التي كانت يومها في فلسطين . وجاء في مقدمة التقرير الذي نشر في سنة1948، أي سنة اعلان انشاء اسرائيل ، ما يلي : " لم يسبق في التاريخ ان قدم مشروع ما بتوقيت أسلم من هذا المشروع المدروس ".

تجدر الاشارة ، بمناسبة إثارة موضوع الخطوات العربية المقترحة لمواجهة مشروع تحويل نهر الاردن الى النقب ، الى أن مقدمة تقرير هيز تقول : " ولحسن الحظ ان واضعي مشروع هيئة الامم المتحدة لتقسيم فلسطين كانوا على إطلاع على الخطوط العامة لمشروع هيز – لودرميللك واخذوه بعين الاعتبار حين وضعوا الحدود المقترحة للدولة الجديدة . وقد خصصت للدولة اليهودية منطقة تشمل مصادر المياه في منطقة الاردن الشمالية وحوض الحولة وبحيرة طبريا والسهول المجاورة ومرج ابن عامر والسهل الساحلي وصحراء النقب القاحلة والقابلة للري من مياه نهر الاردن . وهكذا ، فإن فرصت قد خلقت لتنفيذ الخطوط العريضة للمشروع ... بل ان مشروع الامم المتحدة المعدل ... قد شمل في الدولة اليهودية سهل البطوف في الجليل الغربي ، وهو منخفض طبيعي حيوي لتنفيذ المشروع . وهكذا ، فقد توفرت للدولة اليهودية فرصة كبيرة لاستغلال اكثر موارد البلد حيوية للري وتوليد الكهرباء والاسكان على اوسع نطاق " ، تقرير هيز – المقدمة .

بعد إنشاء دولة " اسرائيل " قامت الوكالة اليهودية في مؤتمر القدس سنة 1953 بتعديل ارقام التكلفة ووضعها بشكل مشروع ذي مراحل تدخل تكاليفه في نطاق امكانيات الدولة . وعرف هذا المشروع بمشروع السنوات السبع . وفي سنة 1956 عادت اسرائيل وعدلت مشروعها الاساسي وتبنت مشروعاً معدلاً عرف بمشروع السنوات العشر الذي يمتاز عن مشروع السنوات السبع بطموحه الاوسع مدى . وهذا المشروع الاخير هو المشروع الذي تحاول الحكومات العربية درس امكانيات منع تنفيذه .

حقيقة مشروع هيز – لودرميلك

الان ، وقد استعرضنا مراحل تطور الدراسات والابحاث التي انتهت الى وضع مشروع السنوات العشر ، يجدر بنا ان نوضح حقيقة هيز – لودرميللك الذي يكون الحلقة الرئيسة في جميع الدراسات التي تبعته من الجانبين العربي واليهودي . فما هو هذا المشروع ، وما هي خطوطه العريضة ؟ .

يتألف مشروع هيز – لودرميللك من ثماني مراحل رئيسة :

1 – تنمية موارد المياه الجوفية في السهل الساحلي وفي مرج ابن عامر ووادي الاردن . وتشمل هذه المرحلة سد الحاصباني لانتاج الكهرباء .

2 – استخدام المياه التي تجري في الاردن الاعلى ( نهر الشريعة ) في فصل الصيف ، بما في ذلك مخزون سد الحاصباني وذلك لري الحولة العليا ومنطقة سمخ والجليل الشرقي ومرج ابن عامر ومنطقة العفولة – بيت حلفا .

3 – تحويل مياه نهر اليرموك وخزنها ، مع الاحتفاظ بخمسين بالمئة من مياه النهر شرقي الاردن ، وذلك لري منطقة بيسان ومثلث اليرموك وطبريا .

4 – مشوع الطاقة الكهربائية من سقوط مياه البحر الابيض المتوسط الى البحر الميت .

5 – الاستفادة من فائض مياه نهر الاردن الأعلى ( نهر الشريعة ) وخزنها في خزان سهل البطوف ، وذلك لري المنطقة المتبقية بين العفولة – بيت حلفا ، وعلى السهل الساحلي جنوباً حتى رحوبوت .

6 – تجفيف بحيرة الحولة والمستنقعات المحيطة بها وري المساحة المستصلحة منها .

7 – ري منطقة اريحا من المتبقي من مياه النهر ، بالاضافة الى مياه الاودية .

8 – خزن مياه الاودية الساحلية وجرها الى النقب .

يتضح من هذا المخطط ان عدداً من هذه الخطواط المقترحة لم تعد ممكنة التنفيذ ، وذلك بسبب وضع الحدود المغايرة لافتراضات واضعي المشروع . فالجزء المتعلق بسد الحاصباني ونهر اليرموك واريحا ومشروع جر مياه البحر الابيض المتوسط البحر الميت كلها لم تعد واردة ، وبالتالي فالمرحلة الاولى تنقصها الطاقة الكهربائية . واما المراحل الثالثة والرابعة والسابعة فلا يمكن لاسرائيل البحث فيها بسبب تخطيط الحدود العربية – الاسرائيلية .

على انه تم استغلال كامل المياه الجوفية في السهل الساحلي ومرج ابن عامر والمنطقة المحتلة من وادي الاردن ، وهي المرحلة الاولى . وتم تجفيف بحيرة الحولة وبناء خزانات ومنشآت سهل البطوف وحفر القنوات وبناء الانابيب اللازمة لتنفيذ كل المراحل الباقية . وواضح ، في نظرة سريعة ، ان المراحل المتبقية تشكل تحويلاً لنسبة كبيرة من مياه نهر الاردن الى السهل الساحلي والنقب ، وبذلك تكون الفكرة الاساسية لمشروع هيز – لودرميللك قابلة للتحقيق ، وإن كانت بعض الاجزاء الاخرى ، مثل سد الحاصباني وقناة البحر الابيض المتوسط – البحر الميت لتوليد الكهرباء ، بعيدة المنال .

فيما يلي لمحة سريعة عن كل مرحلة من هذه المراحل الثماني على حدة ، وضعناها بشكل رقمي لأن تفاصيلها وترتيبها المرحلي في المخططات الاسرائيلية الحالية قد تغيرت بفعل الظروف المعاكسة التي لم يتنبأ بها المهندسون ، واضعوا المشروع .

المرحلة الاولى

هي مرحلة استكمال استغلال الينابيع المعروفة في السهل الساحلي ومرج ابن عامر ووادي الاردن ، بالاضافة الى استثمار المياه الجوفية في هذه المناطق . وهذه المرحلة ، في الاحوال العادية ، ما كانت لتتعارض مع استمرار العمل في أي من المراحل الاخرى وذلك لكون طبيعة الاعمال الهندسية مختلفة ، ولكون الفائدة من هذه المشاريع عاجلة ، وثالثاً لأن فرص إيجاد الماء ليست دائماً معروفة تماماً وسلفاً، بل هي بحاجة الى دراسة واستقصاء . ويأمل واضعوا المشروع الحصول على 518000 متر مكعب من المياه الجوفية في هذه المناطق لري 703000 دونم موزعة على الشكل التالي :

الهل الساحلي الشمالي 197000 دونم

السهل الساحلي الجنوبي 353000 دونم

مرج ابن عامر 59000 دونم

سهل بيسان 69000 دونم

وادي يفنيل 25000 دونم

المجموع 703000 دونماً

اما الجزء الثاني من هذه المرحلة ، ويشمل سد الحاصباني ومولدات الكهرباء في مستعمرة تل حي ، وهو الجزء المستبعد من هذا المشروع ، فكان يشمل :

1 – بناء سد على نهر الحاصباني الواقع في الاراضي اللبنانية شرقي قرية ابل السقي اللبنانية تنطلق منه قناة تدخل الاراضي الفلسطينية شرقي مستعمرة المطلة حتى تل حي . وارتفاع السد 90 متراً

2 – مولد الكهرباء في تل حي ، وقدرته الانتاجية 24200 كيلو وات ، أي بامكانه انتاج 90 مليون كيلو وات ساعة . وكان القصد من هذه الطاقة تأمين مورد للطاقة لادارة مضخات المياه المستخرجة من الابار . واما الان فقد استعيض عن هذه الطاقة بمحركات الديزل ومولدات كهربائية حرارية موزعة في اماكن مختلفة ، الامر الذي يسهم في رفع كلفة الانتاج الزراعي في اسرائيل .

المرحلة الثانية

تشمل هذه المرحلة تحويل الفائض من مياه نهر الحاصباني وينابيع تل القاضي ونهر بانياس والينابيع الصغيرة شمالي بحيرة الحولة لري منطقة الحولة الشمالية وسمخ وبيسان والعفولة –بيت حلفا وسائر الجليل الشرقي .

تبدأ قناة التحويل على ارتفاع كبير من نهر بانياس وتتوجه نحو الشمال الغربي حتى تلتقي مع ينابيع تل القاضي الغزيرة والتي يقع احدها فقط في الاراضي السورية وباقيها في اراضي فلسطين المحتلة وعلى ارتفاع 183 متراً عن سطح البحر . ومن تل القاضي تتجه القناة غرباً الى نهر الحاصباني ، فجنوباً الى اراضي فلسطين حيث تلتقي مياهها بالمياه المتدفقة من محطة تل حي . وتلتقي القناة الرئيسة في جنوبي تل حي بقناة فرعية تضخ اليها بقية مياه ينابيع الحولة . ثم تمر القناة في سهل البطوف ، حيث ستقام بحيرة اصطناعية وراء سد قدرته الكهربائية خلال هذه المرحلة 2000 كيلو وات . وتنتهي القناة في العفولة – بيت حلفا وعلى نهر المقطع ( قيشون ) على السهل الساحلي .

بالامكان ، طبعاً ، تحويل كل هذه المياه ضمن اراضي
فلسطين . غير ان دراسة هيز لم تفترض وجود مشاكل من النمط الموجود حالياً بين اسرائيل والدول العربية . ولهذا السبب ، فإن مشروع السنوات السبع ، الذي واجهته هذه العقبات ، عدل بشكل يتناسب ومعطيات الجغرافيا السياسية والعسكرية للمنطقة ، رغم ان عمليات التحويل التي اقترحها هيز كانت أقل كلفة بكثير من المقترحات اللاحقة التي تحاول اسرائيل تنفيذها الآن . ويلاحظ ، في هذا الخصوص ، ان المشروع الموحد المعروف بمشروع جونستون قد تبنى هاتين المرحلتين ، الاولى والثانية . وكان هيز يأمل في ري المساحات التالية من هذه المرحلة :
 

دونم                               الاف الامتار المكعبة

الحولة العليا                   35000                  23468

ايلات هاشمار                  30000                23310

الجليل الشرقي              110000               75130     

العفولة – بيت حلفا         53000                42930

السهل الساحلي         300000               183150

                                ------------       --------------

المجموع                      528000             347988

واضافة الى الري ، فقد كان هيز يأمل في انشاء محطة ثانوية لتوليد الكهرباء على مساقط القناة في البطوف تصل قدرتها الانتاجية الى الف كيلو وات وتنتج سنوياً عشرة ملايين كيلو وات ساعة.

المرحلة الثالثة

هي المرحلة التي يتم فيها تحويل حوالى خمسين بالمئة من مياه نهر اليرموك لري مثلث اليرموك وجسر المجامع وبيت حلفا . وقد تبنى المشروع الموحد ( مشروع جونستون ) هذه المرحلة ، وإن كان قد عدل في نسب توزيع المياه بين شرقي الاردن وفلسطين . وتقدر كميات المياه التي يمكن تحويلها من هذا النهر بمئتين وثلاثين مليوناً من الامتار المكعبة سنوياً ، تكفي لري 1500000 دونم . وإضافة الى ذلك ، فإن تحويل الاودية الصغرى يؤدي الى توفير مياه كافية لري 65000 دونم إضافية ، يصيب فلسطين من مجموعها 125000 دونم بعد احتساب ضياع الماء في التبخر الخ.. ، موزعة على الشكل التالي :

                                      مساحة                   امتار مكعبة / سنة

طبريا – اليرموك                 300000 دونم                35000000

بيت حلفا                          95000  دونم               107000000

                                       -------------              --------------

المجموع                         125000  دونم         142000000   م.م./سنة

المرحلة الرابعة

تتألف هذه المرحلة من مشروع هندسي ضخم للافادة من فرق الارتفاع بين بحر الميت والبحر الابيض المتوسط لتوليد طاقة كهربائية تقدر بنصف مليار كيلو وات ساعة سنوياً من عدد من المحطات تبلغ قدرتها الانتاجية الاجمالية 137000 كيلو وات . ويقدر منسوب المياه في قناة التوليد بثلاثين متراً مكعباً في الثانية من ماء
البحر الابيض المتوسط .

حالت حالة الحرب القائمة بين البلاد العربية واسرائيل دون تنفيذ هذا الجزء من المشروع الاسرائيلي ، الذي قدرت تكاليفه بخمسين مليون دولار . وقدرت كلفة انتاجه من الطاقة الكهربائية بقرش لبناني واحد للكيلو وات الساعي الواحد . ويعتبر هذا المشروع من أكثر المشاريع الهندسية طموحاً في العالم ، وإن كان لا يشتمل على أي عنصر جديد من الناحيتين العلمية او العملية.

المرحلة الخامسة

تشكل هذه المرحلة التتمة الطبيعية للمرحلة الثانية . فهي تشمل تحويل مياه نهر الشريعة ، بعد الابقاء على قدر من المياه يكفي للتعويض عن تبخر الماء في بحيرة طبريا والمقدر بثلاثمئة مليون متر مكعب سنوياً . وفي هذه المرحلة ، تحول وتجمع كل مياه الاودية الشتوية والينابيع في منطقة الاردن الاعلى لري الاراضي في الجنوب . ولهذا السبب ، فإن إكمال بناء خزانات سهل البطوف يصبح أمراً حيوياً .

سهل البطوف منخفض يقع في شمالي مدينة الناصرة العربية . وهو
يفصل بين منطقتي صرف البحر المتوسط ووادي الاردن . وبمجرد بناء سد غربي قرية صفورية العربية ، يتكون حوض سعته مليار متر مكعب ، وترتفع المياه في السد حتى مستوى قرية طرعان . ومن هذا الخزان المائي يتبخر سنوياً ما يقدر باربعين مليوناً من الامتار المكعبة من الماء .

تستعمل في هذه المرحلة قنوات المرحلة الثانية ، مع إضافة جديدة من وادي المقطع حتى قرية ام الزينات في الجنوب . وبإمكان إرواء بقية اراضي بيت حلفا – العفولة واراضي السهل الساحلي حتى رحوبوت في الجنوب على الشكل التالي :

المنطقة                                  المساحة المروية                     المياه المطلوب

رصيف اراضي بيت حلفا – العفولة    520000  دونم                      421200000 م م

 شمال رحوبوت                         2400000 دونم                      16501200000 م م

                                                -----------                            --------------

المجموع                                  2920000 دونم                      20702400000 م م
 

المرحلة السادسة

هي مرحلة تجفيف بحيرة الحولة وري بقية اراضي مستعمرة رحوبوت. وقد تم ، كما هو معروف ، تجفيف مستنقعات الحولة وبحيرتها الصغيرة ، حسب المخططات التي وضعتها شركة " رندل بالمر " البريطانية قبل ثلاثين سنة . وقد وفر تجفيف البحيرة الصغيرة والمستنقعات المحيطة بها ستين مليوناً من الامتار المكعبة . وأمكن توفير 230 مليوناً من الامتار من الاودية والينابيع في البحيرة موزعة كما يلي ( مشروع هيز – لودرميللك ) :

                                                      مساحة الارض                       كمية المياه

ري باقي اراضي الحولة                        43000   دونم                       28832000 م م

ري اراضي بيت هانوم – رحوبوت            250000  دونم                       200000000 م م

                                                          -----------                     --------------

المجموع                                           293000  دونم                       228832000 م م
 

بعد اتمام تنفيذ هذه المرحلة يمكن استعمال مياه الاودية الساحلية لري سهل النقب . أما حالياً ، فإن مياه هذه الاودية تستعمل في ري السهل الساحلي ، بينما يهدف المشروع الجديد الى تحويل نهر الاردن لري النقب ، بدلاً من الاودية الساحلية .

لا علاقة مباشرة للمرحلتين السابعة والثامنة بقضية تحويل نهر الاردن . فالمرحلة السابعة لا يمكن تنفيذها ضمن مخطط اسرائيل ، وان كان المشروع الموحد ( مشروع جومستون ) قد تبناها لأنها تتعلق بري اراضٍ تقع تحت السيادة العربية .

تهدف المرحلة الثامنة الى إرواء الساحل والجنوب ( النقب ) من مياه الاودية الساحلية . وبشكل رقمي ، فإن أهداف هاتين المرحلتين ، أي السابعة والثامنة ، هي ارواء المساحات التالية :
 

                                                   المساحة المروية                     كمية مياه الري

وادي الاردن الجنوبي – اريحا                  170000  دونم                      255 مليون م م

ما عدا المنطقة المروية                        5000     دونم                      7.5   مليون م م

رصيد                                               165000  دونم                      247.5 مليون م م

بيت هانون – روجوبوت                       100000  دونم                      80.2  مليون م م

النقب الشمالي                              162000  دونم                      155.2 مليون م م

النقب الجنوبي                                 80000   دونم                       84.3  مليون م م

                                                               ----------                    ----------

المجموع                                       507000  دونم                      567.2 مليون م م

يتضح من هذه المراجعة لمشروع لودرميللك انه كان أساساً ومنطلقاً لجميع الدراسات والمشاريع اللاحقة . فمشاريع اسرائيل انطلقت منه ، والمشروع الموحد ( مشروع جونستون ) تبناه، والمشروع العربي البديل كان رداً عليه . لذا وجب علينا العودة الى هذه الدراسة كلما دار البحث حول مشاريع اسرائيل للري والكهربة ، وخاصة في ما يتعلق بنهر الاردن وتحويله .