أخبار الحارث بن خالد المخزومي ونسبه

نسبه من قبل أبويه

الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. وأمه فاطمة بنت أبي سعيد بن الحارث بن هشام، وأمها بنت أبي جهل بن هشام. وكان العاص بن هشام جد الحارث بن خالد خرج مع المشركين يوم بدر فقتله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه قامر أبو لهب العاص على نفسه فاسترقه

وأرسله بدله يوم بدر:

حدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار قال حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال حدثني مصعب بن عبد الله قال: قامر أبو لهب العاص بن هشام في عشر من الإبل فقمره أبو لهب، ثم في عشر فقمره، ثم في عشر فقمره، ثم في عشر فقمره، إلى أن خلعه من ماله فلم يبق له شيء، فقال له: إني أرى القداح قد حالفتك يابن المطلب فهلم أقامرك، فإينا قمر كان عبداً لصاحبه، قال: افعل، ففعل، فقمره أبو لهب فكره أن يسترقه فتغضب بنو مخزوم، فمشى إليهم وقال: افتدوه مني بعشر من الإبل؛ فقالوا: لا والله ولابوبرة، فاسترقه فكان يرعى له إبلاً إلى أن خرج المشركون إلى بدر. وقال غير مصعب: فاسترقه وأجلسه قيناً يعمل الحديد. فلما خرج المشركون إلى بدر كان من لم يخرج أخرج بديلاً، وكان أبو لهب عليلاً فأخرجه وقعد، على أنه إن عاد إليه أعتقه، فقتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه يومئذ

ذهابه مذهب ابن أبي ربيعة في الغزل

وحبه عائشة بنت طلحة وولايته مكة:

والحارث بن خالد أحد شعراء قريش المعدودين الغزليين، وكان يذهب مذهب عمر بن أبي ربيعة لايتجاوز الغزل إلى الميح ولا الهجاء، وكان يهوى عائشة بنت طلحة بن عبيد الله وشبب بها؛ وولاه عبد الملك بن مروان مكة، وكان ذا قدر وخطر ومنظر في قريش؛

وأخوه عكرمة بن خالد المخزومي محدث جليل

من وجوه التابعين، قد روى عن جماعة من الصحابة؛ وله أيضاً أخ يقال له عبد الرحمن بن خالد المخزومي محدث جليل من وجوه التابعين، قد روى عن جماعة من الصحابة؛ وله أيضاً أخ يقال له عبد الرحمن بن خالد، شاعر، وهو الذي يقول:

رحل الشباب وليته لـم يرحـل

 

وغدا لطية ذاهب متـحـمـل

ولى بـلا ذم وغـادر بـعـده

 

شيباً أقام مكانه في المـنـزل

ليت الشباب ثوى لدينا حـقـبة

 

قبل المشيب وليته لم يعـجـل

فنصيب من لذاته ونـعـيمـه

 

كالعهد إذ هو في الزمان الأول

وفيه غناء.

كان أبو عمرو يسأله عن بعض الحروف

حدثني هاشم بن محمد الخزاعي قال حدثنا الرياشي قال حدثنا الأصمعي قال: قال معاذ بن العلاء أخو أبي عمرو بن العلاء: كان أبو عمرو إذا لم يحج استبضعني الحروف أسأل عنها الحارث بن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة الشاعر وآتيه بجوابها؛ قال: فقدمت عليه سنة من السنين وقد ولاه عبد الملك بن مروان مكة، فلما رآني قال: يامعاذ، هات مامعك من بضائع أبي عمرو، فجعلت أعجب من اهتمامه بذلك وهو أمير

هو أحد شعراء قريش الخمسة المشهورين

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار، وأخبرني به الحسن بن علي عن أحمد بن سعيد عن الزبير، ولفظه أتم، قال حدثني محمد بن الضحاك الحزامي قال: كانت العرب تفضل قريشاً في كل شيء إلا الشعر، فلما نجم في قريش عمر بن أبي ربيعة والحارث بن خالد المخزومي والعرجي وأبو دهبل وعبيد الله بن قيس الرقيات، أقرت لها العرب بالشعر أيضاً.

تفاخر مولى له ومولى لابن أبي ربيعة

بشعريهما:

أخبرني علي بن صالح بن الهيثم وإسماعيل بن يونس وحبيب بن نصر وأحمد بن عبد العزيز قالوا حدثنا عمر بن شبة قال حدثني محمد بن يحيى أبو غسان قال: تفاخر مولى لعمر بن أبي ربيعة ومولى للحارث بن خالد بشعريهما، فقال مولى الحارث لمولى عمر: دعني منك فإن مولاك والله لايعرف المنازل إذا قلبت، يعني قول الحارث:

إني ومانحروا غداة منـى

 

عند الجمار تؤودها العقل

لو بدلت أعلى مساكنـهـا

 

سفلاً وأصبح سفلها يعلو

فيكاد يعرفها الخبير بهـا

 

فيرده الإقواء والمـحـل

لعرفت مغناها بما احتملت

 

مني الضلوع لأهلها قبل.

-قال عمر بن شبة: وحدثني محمد بن سلام بهذا الخبر على نحو مماذكره أبو غسان، وزاد فيه: -فقال مولى ابن أبي ربيعة لمولى الحارث: والله مايحسن مولاك في شعر إلا نسب إللى مولاي قال ابن سلام: وأنشد الحارث بن خالد عبد الله بن عمر هذه الأبيات كلها حتى انتهى إلى قوله:

لعرفت معناها بما احتملت

 

مني الضلوع لأهلها قبل

فقال له ابن عمر: قل: إن شاء الله؛ قال: إذا يفسد بها العشر ياعم، فقال له: يابن أخي، إنه لاخير في شيء يفسده "إن شاء الله". قال عمر: وحدثني هذه الحكاية إسحاق بن إبراهيم في مخاطبته لابن عمرو ولم يسندها إلى احد، وأظنه لم يروها إلا عن محمد بن سلام. وأخبرني محمد بن خلف بن المزربان عن أبي الفضل المروروذي عن إسحاق عن أبي عبيدة، فذكر قصة الحارث مع ابن عمرو مثل الذي تقدمه.

فضله كثير الشاعر في الشعر على نفسه

وأنشد من شعره:

أخبرني عمي قال حدثنا الكراني قال حدثنا الرياشي قال حدثني أبو سلمة الغفاري عن يحيى بن عروة بن أذينة عن أبيه قال: كان كثيراً جالساً في فتيةٍ من قريش إذ مر بهم سعيد الراس، وكان مغنياً، فقالوا لكثير: يا أبا صخر، هل لك أن نسمعك غناء هذا، فإنه مجيد؟ قال: افعلوا؛ فدعوا به فسألوه أن يغنيهم:

صوت

هلا سألت معـالـم الأطـلال

 

بالجزع من حرضٍ وهن بوالي

سقياً لعزة خلتي سقـياً لـهـا

 

إذ نحن بالهضبات من أمـلال

إذ لاتكلمنا وكـان كـلامـهـا

 

نفلاً نؤملـه مـن الأنـفـال

فغناه، فطرب كثيراً وارتاح، وطرب القوم جميعاً، واستحسنوا قول كثير، وقالوا له: يا أبا صخر مايستطيع أحد أن يقول مثل هذا؛ فقال: بلى، الحارث بن خالد حيث يقول: صوت

إني ومانحروا غداة منـى

 

عند الجمار تؤؤدها العقل

بدلت أعلى مساكنـهـا

 

سفلاً وأصبح سفلها يعلو

 

لعرفت معناها بما احتملت

 

مني الضلوع لأهلها قبل

 

             

نسبة ما في هذه الأخبارمن الأغاني في أبيات كثير الأول التي أولها: " هلا سألت معالم الأطلال لابن سريج منها في الثاني والثالث رمل مطلق في مجرى البنصر عن إسحاق. وللغريض في الأول والثاني ثقيل أول مطلق في مجرى البنصر عنه. وفيهما لعلويه رمل بالوسطى عن عمرو. وفي أبيات الحارث بن خالد لإبراهيم الموصلي رمل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق أيضاً.

شعره في علو الزبيرين على العلويين

أخبرني عمي قال حدثنا الكراني قال حدثنا الخليل بن أسد عن العمري عن الهيثم بن عدي قال: دخل أشعب مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يطوف الحلق، فقيل له: ماتريد؟ فقال: أستفتني في مسالة؛ فينا هو كذلك إذ مر برجل من ولد الزبير وهو مسند إلى سارية وبين يديه رجل علوي، فخرج أشعب مبادراً؛ فقال له الذي سأله عن دخوله وتطوافه: أوجدت من أفتاك في مسألتك؟ قال: لا، ولكني علمت ماهو خير منها؛ قال: وماذاك؟ قال: وجدت المدينة قد صارت كما قال الحارث بن خالد:

قد بدلت أعلى مساكنهـا

 

سفلاً وأصبح سفلها يعلو

رأيت رجلاً من ولد الزبير جالساً في الصدر، ورجلاً من ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه جالساً بين يديه، فكفى هذا عجباً، فانصرفت.

كان مروانياً وكل بني مخزوم زبيرية

أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة، وأخبرني هذا الخبر إسماعيل بن يونس الشيعي قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا محمد بن يحيى أبو غسان، وأخبرني محمد بن خلف بن المزربان قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا أبو عبد الله بن محمد بن حفص عن أبيه قال قال محمد بن خلف أخبرني به أبو أيوب سليمان بن أيوب المدني قال حدثنا مصعب الزبيري، وأخبرني به أيضاً الحرمي بن أبي العلاء قال حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني عمي، وقد جمعت رواياتهم في هذا الخبر: أن بني مخزوم كلهم كانوا زبيرية سوى الحارث بن خالد فإنه كان مروانياً.


ذهب إلى الشأم مع عبد الملك فحجبه وجفاه فقال شعراً فقربه وولاه مكة: فلما ولي عبد الملك الخلافة عام الجماعة وفد عليه في دين كان عليه وذلك في سنة خمس وسبعين؛ وقال مصعب في خبره: بل حج عبد الملك في تلك السنة فلما انصرف رحل معه الحارث إلى دمشق، فظهرت له منه جفوة، وأقان ببابه شهراً لايصل إليه، فانصرف عنه وقال فيه:

صحبتك إذ عيني عليها غـشـاوة

 

فلما انجلت قطعت نفسي ألومها

ومابي وإن أقصيتني من ضراعة

 

ولاافتقرت نفسي إلى من يضيمها

هذا البيت في رواية ابن المزربان وحده:

عطفت عليك النفس حتى كأنما

 

بكفيك بؤسي أو عليك نعيمها

عزله عبد الملك لأنه أخر الصلاة

حتى تطوف عائشة بنت طلحة:

وبلغ عبد الملك خبره وأنشد الشعر، فأرسل إليه من رده من طريقه؛ فلما دخل عليه قال له: حار، أخبرني عنك: هل رأيت عليك في المقام ببابي غضاضة أو في قصدي دناءة؟ قال: لا والله ياأمير المؤمنين؛ قال: فما حملك علي ماقلت وفعلت؟ قال: جفوة ظهرت لي، كنت حقيقاً بغير هذا، قال: فاختر، فإن شئت أعطيتك كائة ألف درهم، أو قضيت دينك، أو وليتك مكة سنة، فولاه إياها، فحج بالناس وحجت عائشة بنت طلحة عامئذ، وكان يهواها، فأرسلت إليه: أخر الصلاة حتى أفرغ من طوافي، فأمر المؤذنين فأخروا الصلاة حتى فرغت من طوافها، ثم أقيمت الصلاة فصلى بالناس، وأنكر أهل الموسم ذلك من فعله وأعظموه، فعزله وكتب إليه يئنبه فيما فعل؛ فقال: ماأهون والله غضبه إذا رضيت! والله لو لم تفرغ من طوافها إلى الليل لأخرت الصلاة إلى الليل. فلما قضت حجها أرسل إليها: يابنة عمي ألمي بنا أوعدينا مجلساً نتحدث فيه؛ فقالت: في غد أفعل ذلك، ثم رحلت من ليلتها؛ فقال الحارث فيها:

صوت

ماضركم لو قلتم سـداداً

 

إن المطايا عاجل غدها

ولها علينا نعمة سلفـت

 

لسنا على الأيام نجحدها

لو تممت أسباب نعمتها

 

تمت بذلك عندنا يدهـا

لمعبد في هذه الأبيات ثقيل أول بالوسطى عن عمرو بن بانة ويونس ودنانير، وقد ذكر غسحاق فنسبه إلى ابن محرز ثقيلاً أول في أصوات قليلة الأشباه؛ وقال عمر بن بانة: من الناس من نسبه إلى الغريض نسبة مافي الأخبار من الغناء صوت

ومابي وإن أقصيتني من ضراعة

 

ولا افتقرت نفسي إلى من يهينها

بلى بأبي إني إلـيك لـضـارع

 

فقير ونفسي ذاك منها يزينـهـا

البيت الأول للحارث بن خالد، والثاني ألحق به. والغناء للغرض ثقيل أول بالوسطى عن ابن المكي. وذكر الهشامي أن لحن لاغريض خفيف ثقيل غي البيت الأول فقط، وحكى أن قافيته على ما كان الحارث قاله: " ولاافتقرت نفسي إلى من يضمهاً وأن الثقيل الأول لعلية بنت المهدي، ومن غنائها البيت لامضاف. وأخلق لأن يكون الأمر على ماذكره، لأن البيت الثاني ضعيف يشبه شعرها.
تزوج مصعب بعائشة فقال شعرا أخبرني أحمد بن عبد العزيز وحبيب بن نصر وإسماعيل بن يونس قالوا حدثنا عمر بن شبة قال حدثني أبو غسان محمد بن يحيى قال: لما تزوج مصعب بن الزبير عائشة بنت طلحة ورحل بها إلى العراق، قال الحارث بن خالد في ذلك: صوت

ظعن الأمير بأحسن الـخـلـق

 

وغدا بلبك مطـلـع الـشـرق

في البيت ذي الحسب الرفيع ومن

 

أهل التقى والبـر والـصـدق

فظللت كالمقهور مـهـجـتـه

 

هذا الجنون وليس بالـعـشـق

أترجة عبـق الـعـبـير بـهـا

 

عبق الدهان بجـانـب الـحـق

ماصبحـت أحـداً بـرؤيتـهـا

 

إلا إذا بكـواكـب الـطـلـق

وهي أبيات، غنى ابن محرز في البيتين الأولين خفيف رمل بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق، وذكر عمرو بن بانة أن فيهما لمالك ثقيلاً بالوسطى، وذكر حبش أن فيهما لمالك رملاً بالوسطى، وذكر حبش أيضاً أن فيهما للدلال ثاني ثقيل بالبنصر، ولابن سريج ومالك رملين، ولسعيد بن جابر هزجاً بالوسطى.


استأذن على عائشة بنت طلحة وكتب لهامع الغريض وأمره أن يغني لها من شعره فوعدته وخرجت من مكة: أخبرني محمد بن مزيد بن أبي الأزهر والحسين بن يحيى عن حماد بن إسحاق عن أبيه عن محمد بن سلام عن ابن جعدبة قال: لما أن قدمت عائشة بنت طلحة أرسل إليها الحارث بن خالد وهو أمير على مكة: إني أريد السلام عليك، فإذا خف عليك أذنت، وكان الرسول الغريض، فقالت له: إنا حرم، فإذا أحللنا أذناك، فلما أحلت سرت على بغلاتها، ولحقها الغريض بعسفان أو قريب منه، ومعه كتاب الحارث إليها: " ماضركم لو قلتم سداداً -الأبيات المذكورة -؛ فلما قرأت الكتاب قالت: مايدع الحارث باطله! ثم قالت للغريض: هل أحدثت شيئاً؟ قال: نعم، فاسمعي، ثم اندفع يغني في هذاالشعر؛ فقالت عائشة: والله ماقلنا إلا سداداً، ولاأردنا إلا أن نشتري لسانه؛ وأتى على الشعر كله، فاستحسنته عائشة، وأمرت له بخمسة آلاف درهم وأثواب، وقالت: ذدني، فغناها في قول الحارث بن خالد أيضاً:

زعموا بأن البين بعد غـد

 

فالقلب مما أحدثوا يجف

والعين منذ أجد بـينـهـم

 

مثل الجمان دموعها تكف

ومقالها ودموعها سـجـم

 

أقلل حنينك حين تنصرف

تشكو ونشكو ماأشئت بنـا

 

كل بوشك البين معترف

-إيقاع هذا الصوت ثقيل أول مطلق في مجرى الوسطى عن الهشامي، ولم يذكر له حماد طريقاً- قال: فقالت له عائشة: ياغريض، بحقي عليك أهو أمرك أن تغنيني في هذا الشعر؟ فقال: لا، وحياتك ياسيدتي! فأمرت له بخمسة آلاف درهم، ثم قالت له: غنني في شعر غيره؛ فغناها " قول عمر فيهاً: غناها الغريض بشعر ابن أبي ربيعة:

صوت

أجمعت خلتي مع الفجر بينا

 

جلل الله ذلك الوجه زينـا

أجمعت بينها ولم نك منهـا

 

لذة العيش والشباب قضينا

فتولت حملها واستقـلـت

 

لم تنل ظائلاً ولم نقض دينا

ولقد قلت يوم مـكة لـمـا

 

أرسلت تقرأ السلام علينـا

أنعم الله بالرسول الـذي أر

 

سل والمرسل الرسالة عينا

-الشعر لعمر بن أبي ربيعة، والغناء للغريض خفيف ثقيل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر عن إسحاق، وغيره ينسبه إلى ابن سريج. وفيه لمعبد خفيف ثقيل بالوسطى عن عمرو، وأظنه هذا اللحن -قال: فضحكت ثم قالت: وأنت ياغريض فأنعم الله بك عيناً، وبابن أبي ربيعة عيناً، لقد تلطفت حتى أديت إلينا رسالته، وإن وفاءك له لمما يزيدنا رغبة فيك وثقة بك. وقد كان عمر سأل أن يغنيها هذا الصوت لأنه قد كان ترك ذكرها لما غضبت بنو تميم في ذلك، فلم يجب النصريح بها وكره إغفال ذكرها؛ وقال له عمر: إن أبلغتها هذه الأبيات في غناء فلك خمسة آلاف درهم.

غنى الغريض عاتكة بنت يزيد

فوفى له بذلك، وأمرت له عائشة بخمسة آلاف درهم أخرى، ثم انصرف الغريض من عندها فلقي عاتكة بنت يزيد بن معاوية امرأة عبد الملك بن مروان، وكانت قد حجت في تلك السنة، فقال لها جواريها: هذا الغريض؛ فقال لهمن: علي به، فجيء به إليها. قال الغريض: فما دخلت سلمت فردت علي وسألتني عن الخبر، فقصصته عليها؛ فقاللت: غنني بما غنيتها به، ففعلت فلم أرها تهش لذلك، فغنيتها معرضاً لها ومذكراً بنفسي في شعر مرة بن محكان السعدي يخاطب امرأته وقد نزل به أضياف:

أقول والضيف مخشي ذمامـتـه

 

على الكريم وحق الضيف قد وجبا

صوت

ياربة البيت قومي غير صاغـرةٍ

 

شمي إليك رحال القوم والقربـا

في ليلة من جمـادى ذات أنـدية

 

لابيصر الكلب من ظلمائها الطنبا

لاينبح الكلب فيها غـير واحـدةٍ

 

حتى يلف على خيشومه الذنبـا

-الشعر لمرة بن محكان السعدي، والغناء لاين سريج. ذكر وينس أن فيه ثلاثة ألحان، فوجدت منها واحداً في كتاب عمرو بن بانة رملاً بالوسطى، والآخر في كتاب الهشامي خفيف ثقيل بالوسطى، والآخر ثاني ثقيل في كتاب أحمد بن المكي-قال: فقالت وهي مبتسمة: وقد وجب حقك ياغريض، فغنني؛ فغنيتها:

صوت

يادهر قد أكثرت فجـعـتـنـا

 

بسراتنا ووقرت في العـظـم

وسلبتنا مـالـيت مـخـلـفـه

 

يادهر ما أنصقت في الحـكـم

لو كان لي قـرن أنـاضـلـه

 

ماطاش عند حفيظة سهـمـي

لو كان يعطي النصف قلت لـه

 

أحرزت سمهك فاله عن سهمي

فقاللت: نعطيك النصف ولانضيع سهمك عندنا، ونجزل لك قسمك، وأمرت لي بخمسة آلاف درهم وثياب عدنية وغير لذك من الألطاف، وأتيت الحارث بن خالد فأخبرته الخبر وقصصت عليه القصة؛ فأمر لي بمثل ما أمرتا لي به جميعاً، فأتيت ابن أبي ربيعة وأعلمته بما جرى، فأمر لي بمثل ذلك، فما انصرف واحد من ذلك الموسم بمثلي ماانصرفت به: بنظرة من عائشة ونظرة من عاتكة وهما أجمل نساء عالمهما، وبما أمرتا لي به، وبالمنزلة عند الحارث وهو أمير مكة، وابن أبي ربيعة، وماأجازاني به جميعاً من المال.

لما حجت عائشة بنت طلحة فاستأذنها
في زيارتها فوعدته ثم هربت:

أخبرني محمد بن خلف بن المزربان قال حدثنا أبو الحسن المروزي قال حدثنا محمد بن سلام عن يونس قال: لما حجت عائشة بنت طلحة أرسل إليها الحارث بن خالد وهو أمير مكة: أنعم الله بك عينا وحياك، وقد أردت زيارتك فكرهت ذلك إلا عن أمرك، فإن أذنت فيها فعلت؛ فقالت لمولاة لها جزلة: وماأرد على هذا الشفيه؟ فقالت لها: أنا أكفيك، فخرجت إلى الرسول وقالت له: اقرأ عليه السلام، وقل له: وأنت أنعم عليك بك عيناً وحياك، تقضي نسكنا ثم يأتيك رسولنا إن شاء الله، ثم قالت لها: قومي فطوفي واسعي واقضي عمرتك واخرجي في الليل، ففعلت؛ وأصبح الحارث فسأل عنها فأخبر خبرها، فوجه إليها رسولاً بهذه الأبيات، فوجدها قد خرجت عن عمل مكة، فأوصل الكتاب إليها، فقالت لمولاتها: خذيه فإني أظنه بعض سفاهاته، فأخذته وقرأته وقالت له: ما قلنا إلا سداداً وأنت فارغ للبطالة، ونحن عن فراغك في شغل.

سالت عائشة بنت طلحة فأرسل إليها شعراً

أخبرني أحمد بن عبيد الله بن عمار وأحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي وإسماعيل بن وينس الشيعي قالوا حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الموصلي قال: زعم كلثوم بن أبي بكر بن عمر بن الضحاك بن قيس الفهري قال: قدم المدينة قادم من مكة فدخل على عائشة بنت طلحة، فقلت له: من أين أقبل الرجل؟ قال: من مكة، فقالت: فما فعل الأعرابي؟ فلم يفهم ماأرادت، فلما عاد إلى مكة، فقالت: فما فعل الأعرابي؟ فلم يفهم ماأرادت، فلما عاد إلى مكة دخل على الحارث، فقال له: من أين؟ قال: من المدينة، قال: فهل دخلت على عائشة بنت طلحة؟ قال: نعم، قال: فعماذا سألتك؟؟ قال: قالت لي: ما فعل الأعرابي؟ قال له الحارث: فعد عليها ولك هذه الراحلة والحلة ونفقتك لطريقط وادفع إليها هذه الرقعة، وكتب إليها فيها:

صوت

من كان يسأل عنا أين منزلنـا

 

فالأقحوانة منا منزل قـمـن

إذ نلبس العيش صفواً ما يكدره

 

طعن الوشاة ولاينبو بنا الزمن

قال إسحاق: وزادني غير كلثوم فيها:

ليت الهوى لم يقربني إلـيك ولـم

 

أعرفك إذ كان حظي منكم الحزن

غنى في هذه الأبيات ابن محرز خفيف ثقيل بإطلاق الوتر في مجرى البنصر عن إسحاق، وذكر يونس أن فيها لحناً وبم يجنسه، وذكر عمرو أن فيه لبابويه ثاني ثقيل بالبنصر.

غضب على الغريض ثم رق له

وغناء الغريض في شعره:

أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه عن محمد بن سلام، قال: لما ولى عبد الملك بن مروان الحارث بن خالد المخزومي مكة بعث إلى الغريض فقال له: لاأرينك في عملي، وكان قبل ذلك يطلبه ويستدعيه فلا يجيبه، فخرج الغريض إلى ناحية الطائف، وبلغ ذلك الحارث فرق له فرده وقال له: لم كنت تبغضنا وتهجر شعرنا ولاتقربنا؟ قال له الغريض: كانت هفوة من هفوات النفس، وخطرة" من خطرات الشيطان، ومثلك وهب الذنب، وصفح عن الجرم، وأقال العثرة، وغفر الذلة، ولست بعائد إلى ذلك أبداً؛ قال: وهل غنيت قي شيء من شعري؟ قال: نعم، قد غنيت في ثلاثة أصوات من شعرك، قال: هات ما غنيت، فغنيت:

صوت

بان الخليط فما عاجوا ولاعدلوا

 

إذ دعوك وحنت بالنوى الإبل

كأن فيهم غداة البين إذ رحاوا

 

أدماء طاع لها الحوذان والنفل

-الغناء للغريض ثقيل أول بالوسطى عن الهشامي وحبش؛ قال حبش: وفيه لابن سريج خفيف رمل بالبنصر، ولإسحاق ثان ثقيل بالبنصر-فقال له: أحسنت والله ياغريض، هات ماغنيت أيضاً من شعري، فغناه في قوله:

صوت

ياليت شعري وكم من منية قدرت

 

وفقاً وأخرى أتى من دونها القدر

ومضمر الكشح يطويه الضجيع له

 

طي الحمالة لاجـافٍ ولافـقـر

له شبيهان لانقص يعـيبـهـمـا

 

بحيث كانا ولاطول ولاقـصـر

-لم أعرف لهذا الشعر لحاً في شيء من الكتب ولاسمعته-فقال له الحارث: أحسنت واللله ياغريض، إيه، وماذا أيضاً؟ فغناه قوله:

عفت الديار فما بها أهل

 

حزانها ودماثها السهـل

إني ومانحروا غداة منى

 

عند الجمار تؤدها العقل

- الأبيات المذكورة وقد مضت نسبتها معها-فقال له الحارث: ياغريض لا لوم في حبك، ولاعذر في هجرك، ولالذة لمن يروح قلبه بك، ياغريض لو لم يكن لي في ولايتي مكة حظ إلا أنت لكان حظاً كافياً وافياً، ياغريض إنما الدنيا زينة، فأزين الزينة مافرح النفس، ولقد قهم قدر الدنيا على حقيقته من فهم قدر الغناء.

أنشدت سكينة بنت الحسين بيتاً من شعره

فنقدته:

أخبرني الحسن بن علي عن أحمد بن زهير عن مصعب الزبيري قال:

ففرغن من سبع وقد جهدت

 

أحشاؤهن من موائل الخمر

فقالت: أحسن عندكم ماقال؟ قالوا: نعم، وماحسنه! فوالله لو طافت الإبل سبعاً لجهدت أحشاؤها.

قيل له مايمنعك من عائشة

وقد مات زوجها فأجاب:

أخبرني الحسين عن حماد عن أبيه عن كلثوم بن أبي بكر قال: لما مات عمر بن عبد الله التميمي عن عائشة بنت طلحة وكانت قبله عند مصعب بن الزبير قيل للحارث بن خالد: مايمنعك الآن منها؟ قال: لايتحدث والله رجال من قريش أن نسيبي بها لكان لشيء من الباطل.

تنازع هو و أبان بن عثمان ولاية الحج

فغلبه أبان فقال شعراً:

أخبرنا محمد بن العباس اليزيدي قال حدثني عمي عبيد الله عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي قال: لما خرج ابن الأشعث على عبد الملك بن مروان شغل عن أن يولى على الحج رجلاً، وكان الحارث بن خالد عامله على مكة، فخرج إبان بن عثمان من المدينة وهو عامله عليها، فغدا على الحارث بمكة ليحج بالناس؛ فنازعه الحارث وقال له: لم يأتني كتاب أمير المؤمنين بتوليتك على الموسم، وتغالبا فغلبه أبان بن عثمان بنسبه، ومال إليه الناس فحج بهم؛ فقال الحارث بن خالد في ذلك:

فإن تنج منها يا أبان مسـلـمـاً

 

فقد أفلت الحجاج خيل شبـيب

وكاد غداة ادير ينفد حضـنـه

 

غلام بطعن القرن جد طبـيب

وأنسوه وصف الدير لما رآهـم

 

وحسن خوف الموت كل معيب

فلقيه الحجاج بعد ذلك، فقال: مالي ولك ياحارث! أينازعك أبان عملاً فتذكرني! فقال له: مااعتمدت مساءتك ولكن بلغني أنك أنت كاتبته، قال: والله مافعلت، فقال له الحارث: المعذرة إلى الله وإليك أبا محمد.


قال هشام حين سمع شيئاً من شعره هذا كلام معاين: نسخت من كتاب هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات: حدثني عمرو بن سلم قال حدثني هارون بن موسى الفروي قال حدثني موسى بن جعفر أن يحيى قال حدثني مؤدب لبني هشام بن عبد الملك قال: بينا أنا ألقي على ولد هشام شعر قريش إذ أنشدتهم شعر الحارث بن خالد:

إن أمراً تعـتـاده ذكـر

 

منها ثلاث مني لذو صبر

وهشام مصغ إلي حتى ألقيت عليهم قوله:

ففرغن من سبع وقد جهدت

 

أحشاؤهن موائل الخمـر

فانصرف وهو يقول: هذا كلام معاين.


قدمت عائشة بنت طلحة تريد العمرة فقال شعراً: أخبرني محمد بن خلف بن المزربان قال حدثني أبو عبد الله السدوسي قال وحدثنا أبو حاتم السجستاني قالأخبرنا أبو عبيدة قال: قدمت عائشة بنت طلحة مكة تريد العمرة، فلم يزل الحارث يدور حولها وينظر إليها ولايمكنه كلامها حتى خرجت، فأنشأ يقول-وذكر في هذه الأبيات بسرة حاضنتها وكنى عنها-: صوت

يادار أفقر رسـمـهـا

 

بين المحصب والحجون

أفـوت وغـير آيهــا

 

مر الحوادث والسنـين

واستبدلوا ظلف الحجـا

 

زوسرة البلـد الأمـين

يابسر إني فاعـلـمـي

 

بالله مجتهـداً يمـينـي

ماإن صرمتحبـالـكـم

 

فصلي حبالي أو ذريني

في هذه الأبيات ثاني ثقيل لمالك بالبنصر عن الهشامي وحبش، قال: وفيها لابن مسجح ثقيل أول، وذكر أحمد بن المكي أن فيها لابن سريج رملاً بالبنصر؛ فيها لمعبد ثقيل أول بالوسطى عن حبش.


شبب بزوجته أم عبد الملك أخبرني الطوسي والحرمي بن أبي العلاء قالا حدثنا الزبير بن بكار قال حدثني مصعب بن عثمان بن مصعب بن عروة بن الزبير، زأخبرني بن محمد بن خلف بن المزربان بعن أحمد بن زهير عن مصعب الزبيري قال: كانت أم عبد الملك بنت عبد الله بن خالد بن أسيد عند الحارث بن خالد، فولدت منه فاطمة بينت الحارث، وكانت قبلة عند عبد الله بن مطيع، فولدت منه عمران ومحمداً، فقال فيها الحارث وكناها بابنها عمران:

ياأم عمران مازالت ومابرحت

 

بي الصبابة حتى شفني الشفق

القلب تاق إليكم كي يلاقـيكـم

 

كما يتوق إلى منجاته الغـرق

تنيل نزراً قليلاً وهي مشفـقة

 

كما يخاف مسيس الحية الفرق

قال مصعب بن عثمان: فأنشد رجل يوماً بحضرة ابنها عمران بن عبد الله بن مطيع هذا الشعر، ثم فطن فأمسك؛ فقال له: لاعليك، فإنها كانت زوجته. وقال ابن المزربان في خبره: فقال له: امض رحمك الله ومابأس بذلك، رجل تزوج بنت عمه وكان كفئاً كريماً فقال فيها شعراً بلغ مابلغ، فكان ماذا! شبب بأم بكر بعد أن رآها ترمي الجمرة وحادثها: أخبرني محمد بن خلف بن المزربان قال حدثني أحمد بن عب الرحمن التميمي عن أبي شعيب الأسدي عن القحذمي قال:  بينا الحارث بن خالد واقف على جمرة العقبة إذ رأى أم بكر وهي ترمي الجمرة فرأى أحسن الناس وجهاً، وكان في خدها خال ظاهر، فسأل عنها فأخبر باسمها حتى عرف رحلها، ثم أرسل إليها يسألها أن تأذن له في الحديث، فأذنت له في الحديث، فأذنت له، فكان بأتيها يتحدث إليها حتى انقضت أيام الحج، فأرادت الخروج إلى بلدها، فقال فيها:

ألا قل لذات الخال ياصاح في الخـد

 

تدوم إذا بانت على أحسن العـهـد

ومنها علامات بمجرى وشـاحـهـا

 

وأخرى تزين الجيد من موضع العقد

وترعى من الود الذي كان بـينـنـا

 

فما يستوي راعي الأمانة والمبـدي

وقل قد وعدت اليوم وعداً فأنجـزي

 

ولاتخلفي، لاخير من مخلف الوعـد

وجودي على اليوم مـنـك بـنـائل

 

ولاتبخلي، قدمت قبلك في اللـحـد

فمن ذا الذي يبدي السرور إذا دنـت

 

بك الدار أو يعنى بنأيكـم بـعـدي

دنـوكـم مـنـا رخـاء تـنـالـه

 

ونأيكم والبعد جهد عـلـى جـهـد

كثير إذ تدنو اغتباطي بـك الـنـوى

 

ووجدي إذا مابنتم ليس كـالـوجـد

أقول ودمعي فوق خدي مخـضـل

 

له وشل قد بل تـهـتـانـه خـدي

لقد منـح الـلـه الـبـخـيلة ودنـا

 

ومامنحت ودي بدعوى ولاقـصـد

شبب بليلى بنت أبي مرة لما رآها بالكعبة أخبرني محمد بن خلف قال وحدثني عن المدائني ولست أحفظ من حدثني به قال: طافت ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود وأمها ميمونة بنت أبي سفيان ابن حرب بالكعبة، فرآها الحارث بن خالد فقال فيها:

أطافت بنا شمس النهار ومن رأى

 

من الناس شمساً بالعشاء تطوف

أبو أمها أوفـى قـريش بـذمة

 

وأعمامها إما سألـت ثـقـيف

وفيها يقول:

أمن طللٍ بالجزع من مكة السدر

 

عفا بين أكناف المشقر فالحضر

ظللت وظل القوم من غير حاجة

 

لدن غدوة حتى دنت حزة العصر

يبكون ليلى من ليى عهوداً قديمة

 

وماذا يبكي القوم من منزل قفر

الغناء في هذه الأبيات لابن سريج ثاني ثقيل بالخنصر والبنصر عن يحيى المكي، وذكر غيره أنه للغريض. وفي ليلى هذه يقول - أنشدناه وكيع عن عبد الله بن شبيب عن إبراهيم بن المنذر الحزامي للحارث بن خالد، وفي بعض الأبيات غناء-:

صوت

لقد أرسلت في السر ليلى تلـومـنـي

 

وتزعمني ذا مـلة طـرفـاً جـلـدا

وقد أخلفتـنـا كـل مـاوعـدت بـه

 

ووالله ماأخلـفـتـهـا عـاداً وعـدا

فقلت مجيباً لـلـرسـول الـذي أتـى

 

تراه، لك الويلات، من قولهـا جـدا؟

إذا جئتها فأقر الـسـلام وقـل لـهـا

 

دعي الجوز ليلى واسلكي منهجاً قصدا

أفي مكثنا عنكم لـيال مـرضـتـهـا

 

تزيدينني ليلى على مرضي جـهـدا

تعدين ذنـبـاً واحـداً مـاجـنـيتـه

 

علي وماأحصـي ذنـوبـكـم عـدا

فإن شئت غرنا بعدكـم ثـم لـم نـزل

 

بمكة حتى تجلسـي قـابـلاً نـجـدا

الغناء للغريض ثاني ثقيل بالسبابة في مجرى الوسطى. وذكر ابن المكي إت فيه لدحمان ثاني ثقيل بالوسطى لا أدري أهذا أم غيره. وفيه ثقيل أول للأبجر عن يونس والهشامي. وفيه لابن سريج رمل بالبنصر. ولعرار خفيف ثقيل عن الهشامي وحبش.

غلبه أبان بن عثمان على الصلاة

فقال فيه شعراً عرض فيه بالحجاج:

أخبرني محمد بن خلف قال أخبرني محمد بن الحارث الخراز قال حدثنا أبو الحسن المدائني قال: كان الحارث بن خالد والياً على مكة، وكان أبان بن عثمان ربما جاءه كتاب الخليفة أن يصلي بالناس ويقيم لهم حجهم، فتأخر عنه في سنة الحرب كتابه ولم يأت الحارث كتاب، فلما حضر الموسم شخص أبان من المدينة، فصلى لالناس وعاونته بنوأمية ومواليهم فغلب الحارث على الصلاة، فقال:

فإن تنج منها يا أبان مسلمـاً

 

فقد أفلت الحجاج خيل شبيب

فبلغ ذلك الحجاج فقال: مالي وللحارث! أيغلبه أبن بن عثمان على الصلاة ويهتف بي أنا! ماذكره أياي! فقال له عبيد بن موهب: أتأذن أيها الأمير في إجابته وهجائه؟ قال: نعم؛ فقال عبيد:

أبا وابصٍ ركب علاتك والتمس

 

مكاسبها إن اللـئيم كـسـوب

ولاتذكر الحجاج إلا بصـالـح

 

فقد عشن من معروفه بذنوب

ولست بوال ما حييت إمـارة"

 

لمستخلف إلا علـيك رقـيب

سأله عبد الملك عن أي البلاد أحب إليه

فأجاب وقال شعراً:

قال المدائني: وبلغني أن عبد الملك قال للحارث: أي البلاد أحب إليك؟ قالكحا حسنت في حالي وعرض وجهي، ثم قال:

لاكوفة أمـي ولابـصـرة أبـي

 

ولست كمن يثنيه عن وجهه الكس

نسبة مافي هذا الخبر من الأغاني الغناء في شعره: منها في تشبيب الحارث بامرأته أم عمران: صوت

بان الخليط الذي كـنـا بـه نـثـق

 

بانوا وقلبك مجنون بـهـم عـلـق

تنيل نزراً قليلاً وهـس مـشـفـقة

 

كما يخاف مسيس الحـية الـفـرق

ياأم عمران مازالت ومـابـرحـت

 

بي الصبابة حتى شفني الـشـفـق

لاأعتق الله رقي من صبـابـتـكـم

 

ماضرني أنني صبـبـكـم قـلـق

ضحكت عن مرهف الأنياب ذي أشر

 

لاقـضـم فـي ثـنـاياه ولاروق

يتوق قلبي إلـيكـم كـي يلاقـيكـم

 

كما يتوق إلى منجـاتـه الـغـرق

غنى ابن محرز في الثلث ثم السادي ثم الخامس ثم الثاني، ولحنه من القدر الأوسط من الثقيل الأول بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق، وللغريض في الرباع والثاني والثالثل والسادس خفيف ثقيل بالبنصر عن عمرو، ولسلسل في الأول والثاني ثقيل أول مطلق عن الهشامي، ولابن سريج في الثاني والأول والرباع والخامس رمل بالخنصر في مجرى البنصر بالوسطى، ولابن محرز ثاني ثقيل آخر بالبنصر. وذكر الهشامي أن لابن سريج في الأبيات خفيف رمل.

ومما يغني فيه من شعر الحارث

ابن خالد في عائشة بنت طلحة تصريحاً وتعريضاً ببسرة جاريتها:

صوت

ياريع بسرة بالجنـاب تـكـلـم

 

وأبن بنا خبراً ولاتستـعـجـم

مالي رأيتك بعد أهلك موحشـاً

 

خلقاً كحوض الباقر المتـهـدم

تسبي الضجيع إذا النجوم تغورت

 

طوع الضجيع أنيقة المتـوسـم

قب البطون أوانس مثل الـدمة

 

يخلطن ذاك بـعـفة وتـكـرم

الغناء لمعبد خفيف رمل بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى. والأبيات أكثر من هذه إلا أني اعتمدت على ما غني فيه.
ومنها صوت قد جمعت فيه عدة طرائق وأصوات في أبيات من القصيدة.

أعرفت أطلال الرسوم تنـكـرت

 

بعـدي ويد آيهـــن دثـــورا

وتبدلت بعد الأنـيس بـأهـلـهـا

 

عفراً بواغـم يرتـعـين وعـورا

من كل مصيبة الحديث ترى لـهـا

 

كفلاً كرابـية الـكـثـيب وثـيرا

دع ذا ولكن هل رأيت ظـعـائنـا

 

قربن أجمـالاً لـهـن بـكـورا

قربن كل مـخـيس مـتـحـمـل

 

بزلاً تشبه هـامـهـن قـبـورا

يفـتـن لايألـون كـل مـغـفـل

 

يملأنـه بـحـديثـهـن سـرورا

يادار حسرها البلـى تـحـسـيرا

 

وسفت عليها الريح بعـدك بـورا

دق التـراب نـخـيلة فـمـخـيم

 

بعراصهـا ومـسـير تـسـييرا

ياربع بسرة إن أضر بك الـبـلـى

 

فلقد عهدتك آهـلاً مـعـمـورا

عقب الرذاذ خلافهم فـكـأنـمـا

 

بسط الشواطب بينهـن حـصـيرا

إن يمس حبلك بعد طول تـواصـل

 

خلقاً ويصبح بينكـم مـهـجـورا

فلقد أراني، والجـديد إلـى بـلـى

 

زمناً بوصلك قانعـاً مـسـرورا

جذلا بمالي عنـدكـم لاابـتـغـي

 

للنفس غـيرك خـلة وعـشـيرا

كنت المنى وأعز من وطىء الحصا

 

عندي وكنت بذاك منـك وجـديرا

غنى في الأول والثاني من هذه الأبيات معبد، ولحنه ثقيل أول بالبنصر عن عمرو، مطلق في مجرى الوسطى عن إسحاق، وللغريض فيه ثقيل أول بالبنصر عن عمرو، ولإسحاق فيهما ثاني ثقيل، ولإبراهيم فيهما وفي الثالث خفيف ثقيل بالسبابة والوسطى عن ابن المكي، وغنى الغريض في الثالث والسادس والرابع والخامس ثاني ثقيل بإطلاق الوتر في مجرى الوسطى عن إسحاق، وغنى معبد في السابع والثامن والعاشر خفيف ثقيل بالسبابة والوسطى عن يحيى المكي؛ وفيها ثاني ثقيل ينسب إلى طويس واين مسجح واين سريج، ولمالك في التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر خفيف ثقيل بالسبابة والوسسطى عن يحيى المكي، وفيها بأعيانها لابن سريج رمل بالسبابة والوسطى عن يحيى أيضاً، وليحيى المكي في الحادي عشر ومابعده إلى أخر الأبيات ثاني ثقيل، ولإبراهيم فيها بعينها ثقيل أول عن الهشامي، وفيها لإسحاق رمل، وفي الثالث والرابع لحن لخليدة المكية خفيف ومنها أبيات قالها بالشأم عند عبد الملك أولها:

هل تعرف الدار أضحت آيها عجما

 

كالرق أجرى عليها حاذق قلـمـا

بالخيف هاجت شؤونا غير جامـدة

 

فانهلت العين تذري واكفاً سجمـا

دار لبسرة أمست ماتـكـلـمـنـا

 

وقد أبنت لها لو تعرف الكلـمـا

واهاً لبسرة لو يدنو الأمـير بـهـا

 

ياليت بسرة قد أمست لنا أمـمـا

صوت

حلت بـمـكة لادار مـصـافـية

 

هيهات جيرون ممن سيكن الحرما

يابسر إنكم شط الـعـبـاد بـكـم

 

فما تنيلوننا وصـلاً ولانـعـمـا

غنى هذين البيتين الهذبي ثاني ثقيل بالوسطى، وفيهما ليحيى المكي ثقيل ألو بالبنصر، جميعاً ن روايته:

قد قلت بالخيف إذ قالت لجارتها

 

أدام وصل الذي أهدى لنا الكلما

صوت

لايرم الله أنفـاً أنـت حـامـلـه

 

بل أنف شانيك فيما سركم رغما

إن كان رابك شيء لست أعلمـه

 

مني فهذي يميني بالرضا سلمـا

أو كنت أحببت شيئاً مثل حبـكـم

 

فلا أرحت إذاً أهلاً ولانـعـمـا

لاتكليني إلى من ليس يرحمـنـي

 

وقال من تبغضين الحتف والسقما

إن الوشاة كثير إن أطـعـتـهـم

 

لايرقبون بـنـا إلا ولاذمـمـا

غنى ابن محرز في:

لايرغم الله أنفاً أنت حامله

خفيف ثقيل بالبنصر، ولابن مسجح فيه ثاني ثقيل عن حبش؛ وفي:

لاتكليني إلى من ليس يرحمني

لابن محرز ثقيل أول بالبنصر عن حبش والهشامي.

أخر الصلاة لعائشة فعزله عبد الملك

ولامه فقال شعراً:

أخبرني محمد بن مزيد والحسين بن يحيى قالا أخبرنا حماد بن إسحاق عن أبيه الزبيري قال: أذن المؤذن يوماً وخرج الحارث بن خالد إلى الصلاة، فأرسلت إليه عائشة ابنة طلحة: إنه بقي علي شيء من طوافي لم أتمه، فقعد وأمر المؤذنين فكفوا عن الإقامة وجعل الناس يصيحون حتى فرغت من طوافها، فبلغ ذلك عبد الملك بن مروان، فعزله وولى مكة عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن أسيد، وكتب إلى الحارث: ويلك، أتركت الصلاة لعائشة بنت طلحة! فقال الحارث: والله لو لم تقض طوافها إلى الفجر لما كبرت؛ وقال في ذلك:

لم أرحب بأن سخطت ولكـن

 

مرحباً أن رضيت عنا وأهلا

إن وجهاً رأيتـه لـيلة الـبـد

 

ر عليه انثنى الجمال وحـلا

وجهها الوجه لو يسأل به المز

 

ن من الحسن والجمال أاستهلا

إن عند الطواف إن غبن عنها

 

فإذا مابدت لهم اضـمـحـلا

الغناء في شعره في شعر الحارث هذا غناء قد جمع كل مافي شعره منه على اختلاف طرائقه، وهو:

صوت

أثل وجودي على المـتـيم أثـلا

 

لاتزيدي فـؤاده بـك خـبـلا

أثل إني والراقصات بـجـمـع

 

يتبـارين فـي الأزمة فـتـلا

سانحات يقطعن من عـرفـاتٍ

 

بين أيدي المطي حزناً وسهـلا

والأكف المضمرات على الـر

 

ن بشعث سعوا إلى البيت رجلي

لاأخون الصديق في السر حتـى

 

ينقل البحر بالغرابـيل ثـقـلا

أو تمر الجبـال مـر سـحـاب

 

مرتق قد وعى من الماء ثقـلا

 

أنعم الله لي بذا الوجه عـينـاً

 

وبه مرحباً وأهـلاً وسـهـلا

حين قالت لاتفشـين حـديثـي

 

يابن عمي أقسمت قلت أجل لا

اتقي الله واقبلي العذر مـنـي

 

وتجافي عن بعض ما كان زلا

لاتصدي فتقتلينـي ظـلـمـاً

 

ليس قتل المحب للحب حـلا

ماأكن سؤتكم به فلك الـعـت

 

بى لدينـا وحـق ذاك وقـلا

لم أرحب بأن سخطت ولكـن

 

مرحباً أن رضيت عنا وأهـلا

إن شخصاً رأيته لـيلة الـبـد

 

ر عليه انثنى الجمـال وحـلا

جعل الله كـل أنـثـى فـداء

 

لك بل خذها لرجلك نـعـلا

وجهك البدر لو سألت به المز

 

ن من الحسن والجمال استهلا

غنى معبد في الأبيات الأربعة الأولى

خفيف ثقيل بالوسطى عن عمرو، ولابن يتزن في الأولوالثاني ثقيل أول عن إسحاق، ولابن سريج في الأول والثاني والخامس ثقيل أول عن الهشامي، وللغريض في الخامس إلى الثامن خفيف ثقيل بالوسطى عن عمرو، ولد حمان في التاسع والعاشر والثالث عشر والرابع عشر خفيف ثقيل بالبنصر عن عمرو، ولمالك في التاسع إلى آخر الثاني عشر لحن ذكره يونس ولم يجنسه، ولابن سريج في هذه الأبيات بعينها رمل بالوسطى عن عمرو، وللغريض فيها أيضاً خفيف رمل بالبنصر عن ابن المكي، ولابن عائشة في الخامس إلى أخر الثامن لحن ذكره حماد عن أبيه ولم يذك رطريقته.
ومنه

صوت

أحقا إن جيرتنا استـحـبـوا

 

حزون الأرض بالبلد السخاخ

إلى عقر الأباطح من ثـبـير

 

إلى ثور فمدفع ذي مـراخ

فتلك ديارهم لم يبـق فـيهـا

 

سوى طلل المعرس والمناخ

وقد تغنى بها في الدار حور

 

نواعم في المجاسد كالإراخ

غني في هذه الأبيات الغريض، ولحنه من الثقيل الأول بالوسطى عن الهشامي

جزعت سوداء لموت ابن أبي ربيعة

فلما سمعت شعر الحارث طابت به نفساً:

وأخبرني محمد بن خلف بن المزربان قال حدثنا عبد الله بن محمد قال أخبرني محمد بن سلام قال: كانت سوداء بالمدينة مشغوفة بشعر عمر بن أبي ربيعة، وكانت من مولدات مكة، فلما ورد على اهل المدينة نعي عمر بن أبي ربيعة أكبروا ذلك واشتد عليهم، وكانت السوداء أشدهم حزناً وتسلباً وجعلت لاتمر بسكة من سكك المدينة إلا ندبته، فلقيها بعض فتيان مكة، فقال لها: خفضي عليك، فقد نشأ ابن عم له بشبه شعره شهره، فقالت: أنشدني بعضه، فأنشدها قوله:

إني ةمانحروا غداة منـى

 

عند الجمار تؤودها العقل

الأبيات كلها، قال: فجعلت تمسح عينيها من الدموع وتقول: الحمد لله الذي لم يضيع حرمه.

ناضل سليمان بينه وبين رجل من أخواله

أخبرني اليزيدي قال حدثني عمي(جد عبيد الله) عن ابن حبيب عن ابن الأعرابي قال: ناضل سليمان بن عبد الملك بين الحارث وبين رجل من أخواله من بني عبس، فرمى "الحارث بن" خالد فأخطأ ورمى العبسي فأصاب، فقال: " أنا نضلت الحارث بن خالد ثم رمى العبسي فأخطأ ورمى الحارث فأصاب، فقال الحارث: "حسبت نضل الحارث بن خالد ورميا فأخطأ العبسي وأصاب الحارث، فقال الحارث: " مشيك بين الزرب والمرابد ورميا فأخطأ العبسي وأصاب الحارث، فقال الحارث: "وإنك الناقص غير الزائد فقال سليمان: أقسمت عليك يا حارث إلا كففت عن القول والرمي فكف.