الكويت المتغير

 

نقولا الحلبي

رئيس المهندسين في حكومة الكويت

نشر المقال في تشرين الثاني / نوفمبر 1960 / العدد الاول ، الرائد العربي 

 كم من شخص في العالم ، او حتى في الجزء العربي من العالم ، عرف قبل خمسة عشر عاماً  أين تقع الكويت وكيف كان شكلها حينذاك ، ترى كم منهم كان يعرف كيف يجيب ؟ والآن ، وبعد مضي خمسة عشر عاماً لنتساءل : كم هم أولئك الذين يعرفون الان أين يقع هذا البلد وماذا يمثل ؟. 

لقد أصبحت الكويت مركز إهتمام جزء كبير من العالم بعد اكتشاف هذا الكم الخيالي من النفط وارتفاع إنتاجه. كذلك تبع تغير نظر الناس اليها تغير في أحوالها وفي وضعها المادي والعمراني والسكاني. 

كانت الكويت سنة 1950 مدينة صغيرة يقطنها حوالى مئة الف انسان معظمهم من  رجال البحر وصيادي اللؤلؤ والتجار . وكان أكثر هؤلاء يقومون ببناء سفنهم الخاصة ويبحرون في الخليج العربي شرقاً حتى حدود الهند وغرباً حتى مدغشقر وأفريقيا . أما المدينة نفسها فقد بنيت على شواطىء خليج الكويت ، وكانت بيوتها من الحجارة والطين مبنية حسب البناء التقليدي وتحتوي على التسهيلات التي كانت تحتويها اي مدينة مشابهة منذ مئات السنين . وكانت الازقة المتعرجة والضيقة تمتد كشريط رفيع عبر الابنية المتلاصقة التي أنشئت من دون تخطيط مسبق . كما ان سوراً يبلغ طوله ستة كيلومترات والمبني من الطوب أحاط بالمدينة وأعطيها ، وإضافة الى الساحل ، شكلها البيضوي . وكانت تخترق هذا السور ثلاث بوابات تصل المدينة بالعالم الخارجي الذي كان عبارة عن صحراء ، ولا شيء غير الصحراء . 

كانت الكويت ، بصورة عامة ، لا تختلف كثيراً عن المدن التقليدية المنتشرة في العالم العربي . غير ان إكتشاف النفط غيَر من هذا الوضع وجعلها مدينة تختلف عن العديد من القرى والمدن العربية الاخرى . فقد تغيرت الكويت ، لا صدفة ، واتخذت شكلاً مميزاً نتيجة لطموحات حاكمها وشعبها . فالثروة الحديثة لم تبعثر وانما استثمرت بتصميم وجهد و سرعة مدروسة في سبيل رفع مستوى الناس . وكانت بذلك رائدة بين العديد من بقاع الدنيا . والجدول التالي أفضل دليل على هذه المتغيرات .

التعليم                                                              عام 1950                      عام 1960

أ – عدد المدارس                                                    23                                 102

ب – عدد الطلاب                                                     5340                           40302

ج -  عدد المدرسين                                                 222                               2011

 

الصحة                                                              عام 1950                      عام 1960

أ – الأسرة في المستشفيات                                    134                               1958

ب – عدد الاطباء                                                      10                                 208

ج  - عدد المستشفيات                                            2                                  12     

 

الكهرباء                                                             عام 1950                      عام 1960

                                                                        930 كيلو وات                   70000 ك.و

المجاري

المجاري الرئيسة : 630520 متراً منذ عام 1956 حتى عام 1960

المجاري الفرعية : 405905 متراً منذ عام 1956 وحتى عام 1960

 المياه

أ – مياه الشفة                            600000000  غالون في اليوم

ب – مياه مشوبة بالملوحة 900000000 غالون في اليوم . 

الطرق

أ – الشوارع                                 82 . 503235  متراً مربعاً حتى 1960

ب – الطرق                                  35. 4081099 متراً مربعاً حتى 1960

ج – الساحات والمواقف                  68. 40130  مترا مربعاً حتى  1960

بيوت ذوي الدخل المحدود

2693 منزلاً منذ البدء في بنائها وحتى عام 1960 . 

إذن ، تغيرت الكويت . إنما يصعب ذكر كل التغييرات التي حصلت . وكل ما يمكن فعله هو ان نلخص بعض ما حدث من تغيير . فقد تم هدم سور المدينة واحتلت الشوارع العريضة المعبدة تدريجاً أمكنة الازقة واتسعت المدينة عبر الصحراء التي كانت تحيط بها ، وأخذت شبكة من الطرق الرئيسة تخترق هذه الصحراء، وهي طرق تضاهي شبكات الطرق في مدن العالم . وتم بناء منازل جديدة في مناطق سكنية خطط لها تخطيطاً سليماً بحيث احتوت على طرق داخلية وحدائق وأمكنة عامة . 

لعل بناء ميناء حديث للكويت هو أبرز مثل على تطور البلد . فمنذ سنوات غير بعيدة كانت السفن ترسو على مسافة كيلومترات عديدة من الشاطىء . أما الآن فقد اصبح بامكانها الوصول الى ميناء حديث يتسع لرسو خمس سفن من عابرات المحيط في وقت واحد . وسيبدأ قريباً بناء مطار حديث يضاهي المطارات الدولية . ومن المنتظر ان تصبح الكويت بعد ثلاث سنوات تقريباً مركزاً لحركة الطيران الدولي . 

اما نظام المجاري فما زال على عهده السابق . إلا أن ترتيبات قد اتخذت لتنفيذ مشروع جديد للمجاري التي ستخترق المدينة وتؤدي الى محطة تصفية حديثة.

كانت الكويت الى عهد قريب عبارة عن صحراء . غير أن استصلاح الارض وزرع الاشجار بشكل تدريجي حول لون البلد واصبح اللون الاخضر يطغي على ما نراه . ولو كانت هنالك كميات كافية من المياه لأصبحت الكويت واحة صغيرة داخل الصحراء الكبيرة المحيطة بها . وهناك أمل في تحقيق هذا الهدف . 

يجري العمل الان على تخطيط مكاتب حديثة للدوائر الحكومية ، واعادة تخطيط المنطقة التجارية . لذا من المنتظر ان يطرأ تغيير مهم على شكل البلد في السنوات العشر القادمة . 

لا بد هنا ، ونحن نعدد مشاريع التحديث هذه ، الا أن ننوه بالدور الذي كان لصاحب السمو الشيخ عبد الله السالم الصباح ، حاكم الكويت وصاحب الاريحية والنظر البعيد ، وافراد أسرته وسكان الكويت ، الذين ، جميعاً ، جعلوا بالامكان تحقيق هذه التطورات العمرانية  بفضل انفتاحهم  ودأبهم على العمل.