الطريق الصحراوي في الاردن

 


علي الدجاني

نشر هذا المقال في اذار / مارس 1961 ، العدد الخامس، الرائد العربي

إكتمل في
الاردن في خريف العام الماضي بناء الطريق الصحراوي الذي يصل عمان بمدينة معان ومنها الى ميناء العقبة على الخليج الاحمر ، وبدأت السيارات تعبر هذا الطريق الحيوي الجديد الذي يربط ما بين البحر الابيض المتوسط ، عبر سوريا ولبنان ، والبحر الاحمر جنوباً ، وقامت ببنائه حلقة مهمة من طرق المواصلات البرية بين البلاد العربية . ويربط الطريق ، في الوقت نفسه ، بين العراق والبحر الاحمر عبر الطريق الصحراوي بين بغداد وعمان . ولذلك ، فإن مزاياه وفوائده ، والحال هذه ، لا تقتصر على الاردن وحده ، او تنحصر في النتائج الاقتصادية والتجارية التي ستتأتى عن وجوده ، وانما تتعدى كل ذلك الى آفاق أوسع وأكبر وأكثر أهمية للعالم العربي بأسره . فقد كان خليج العقبة ، وهو النافذة البحرية المهمة في المواصلات العربية بصورة عامة ، معزولاً عن الامكنة الاخرى لا بالنسبة للاردن فحسب ، بل بالنسبة للاقطار العربية الاخرى ايضاً ، الى أن تم بناء هذا الطريق الجديد الذي سيجعل الخليج قريباً من كثير من البلاد العربية .

لخليج العقبة تاريخ حافل بوقائعه ، فضلاً عن أهميته التجارية العظيمة ، وخط حديد الحجاز المشهور لا يصل اليه ، بل يصل الى نقطة تبعد عنه شرقاً مسافة ثمانين كيلو متراً تقريباً . وعندما برزت فكرة احياء ميناء العقبة ، حالت رداءة الطريق دون استغلال الميناء استغلالاً تجارياً واسعاً يتناسب مع موقعه وضرورته . وهكذا ، تقرر بناء الطريق الصحراوي وبوشر بتنفيذه في مطلع الشهر الثالث من عام 1957 بتمهيد النتوء وتسوية التربة ابتداء من عمان شمالاً ومن محطة الحسا جنوباً ، الى ان انتهى العمل في شهر ايلول / سبتمبر 1960 . وتبلغ المسافة بين عمان والعقبة 330 كيلو متراً ، تقسم إجمالاً الى ثلاثة أقسام : قسم معبد يمتد جنوباً من
عمان مسافة 17 كيلو متراً حتى مفترق طريق عمان – مادبا . وقسم آخر يمتد من هذا المفرق مسافة 197 كيلو متراً حتى تفترق طريق معان – العقبة ، وهو الموصوف بالطريق الصحراوي . أما القسم الاخير فيمتد مسافة 120 كيلو متراً تقريباً من مفترق معان الى العقبة . وهو قسم تم تعبيده في مراحل زمنية متفاوتة في السابق . إلا أن أهميته الاقتصادية استمرت محدودة ومحصورة ضمن النطاق الاقتصادي الضيق في المناطق الجنوبية من الاردن ، ذلك لان القسم الثاني من الطريق الجديد ، وهو القسم الصحراوي ، كان ارضاً واسعة ووعرة تتخللها نتوء صخرية وأودية سحيقة لا قبل للسيارات باجتيازها . وكان العديد من السيارات التي تغامر في المرور تتعرض في بعض الحالات للانقلاب بحمولتها وركابها . وكان الطريق ينقطع مرات كثيرة خلال السنة بسبب العواصف الرملية صيفاً ، والسيول والوحول في الشتاء . وكانت السيارات عندما تجتاز هذا القسم من الطريق تخوض فعلاً بحراً من الغبار والرمال ، ولا تصل الى عمان الا بعد يومين او ثلاثة ايام ، وقد كسيت بطبقة كثيفة من الاتربة وامتلأت البضائع بالغبار . أما الآن فتستطيع السيارات اجتياز الطريق بسرعة مئة كيلو متر في الساعة من دون ان تتعرض للاخطار ، حيث روعي في انشائها تطبيق المواصفات الحديثة في هندسة الطرق ، من رش التربة بالماء وضغطها بمداحل الاصابع حتى تصل التربة الى كثافتها العظمى الجافة .

قامت وزارة الاشغال العامة بالاشراف التام على تنفيذ المشروع منذ ابتداء العمل فيه عام 1957 حتى منتصف عام 1959 . وفي ذلك الحين طلبت الحكومة الاردنية من المؤسسة المنفذة الاشتراك مع وزارة الاشغال العامة بالاشراف على تنفيذ ما تبقى من المشروع والاسراع في إنهائه . واستمر العمل على هذا الاساس ، وبشكل جيد ، حتى انتهت الاعمال بكاملها في تشرين الاول / اكتوبر من عام 1960 وأصبحت السيارات تسير عليه بمعدل لا يقل عن 300 سيارة شحن في اليوم ، عدا سيارات الركوب . والعدد كله في تزايد .

بلغت تكاليف الطريق مليونين وسبعمئة الف دينار اردني ، أي بمعدل اربعة عشر الف دينار للكيلو متر الواحد طولاً . وكانت الحكومة الاردنية قد حصلت على قرض من الحكومة البريطانية بواسطة مجلس الاعمار الاردني لتمويل المشروع.

وقبل ان ننهي هذا الموضوع ، لا بد لنا ان نثبت بعض الاحصائيات التقريبة عن الاعمال التي اشتمل عليها مشروع الطريق الصحراوي ، والتي توضح ضخامة المشروع والجهود التي بذلها كل الذين أسهموا في تنفيذه، من مشرفين ومتعهدين وعمال .

1 – المسافات والابعاد

أ- طول المشروع من نقطة ابتدائه ولغاية مدينة معان 197 كيلومتراً تقريباً

ب – عرض سطح الطريق 9 امتار

ج – عرض القسم المزفت 7 امتار

2 – اعمال الانشاء

أ – حفريات تربية 2000000 متر مكعب

ب – حفريات صخرية متنوعة 500000 متر مكعب

ج – المياه المستعملة في رش التربة 350000 متر مكعب

د – انابيب اسمنت مسلح للعبارات طولها متر واحد 10000 انبوبة

ه – عبارات صناديق من الخرسانة المسلحة 270 فتحة

ز – جسور كبيرة 9 جسور

3 – أعمال الفرشيات

أ – حصى سيول وكسارات 500000 متر مكعب

ب – المياه المستعملة في اعمال الفرشيات 60000 متر مكعب

4 – اعمال التزفيت

أ - مادة الاسفلت 6000 طن

ب – الحصى اللازمة لتغطية الاسفلت 25000 متر مكعب