آثار النوبة

 

أهميتها الحضارية ووسائل انقاذها

تحقيق كتب ونشر في آب / أغسطس 1961 ، العدد العاشر ، الرائد العربي

ما هو مصير آثار النوبة ؟ .. سؤال يزداد حدة كلما بدأت فكرة بناء السد العالي تخرج من حيز الآمال الى مراحل التحقيق . فالسد الذي سيكون من نتائجه زيادة الرقعة المزروعة من الارض في الاقليم المصري ، سيؤدي ايضاً الى إغراق أهم آثار صحراء النوبة بالماء . وسيخسر الاقليم المصري ، والعالم معه ، جزءاً من تاريخ الانسانية . ومع الشعور بفداحة هذه الخسارة بدأت فكرة انقاذ آثار النوبة تتحول الى عمل جدي متواصل . ولم يكن الدافع الوحيد لانقاذ هذه الآثار مجرد المحافظة على جزء مهم من تراث مصر القديم ، تراث يمتد من فجر التاريخ حتى العصور الوسطى . فقد كان هناك دافع آخر ، دافع استكمال البحث والتنقيب ودراسة الآثار المكتشفة وتلك التي لا تزال مطمورة في اعماق رمال النوبة . فعلى الرغم ما تناولت الاقلام هذه الآثار بالبحث ، فإنها لا تزال الى الآن بحاجة الى تدقيق أعمق وأدق . وليست هذه هي المرة الاولى التي تتعرض فيها آثار النوبة للضياع ، وتصبح مهمة انقاذها الشغل الشاغل لعلماء الآثار في العالم .

نحن الآن ، في الواقع ، في آخر الطريق ، في آخر حلقة وآخر مرحلة من مراحل تاريخ هذه الآثار وتاريخ اغراقها وانقاذها ، إذ ان التفكير في الحفاظ على نفائس الانسان القديم كان متلازماً مع التفكير في رفاهية الانسان الحديث . فمع كل مشروع طرح لبناء سدود على النيل في المنطقة السد العالي ، كان يبرز مشروع آخر لانقاذ الآثار التي ستغمرها مياه النهر . ففي سنة 1898 طرحت فكرة انقاذ آثار النوبة مع مشروع بناء خزان اسوان . ثم برزت الفكرة ذاتها في سنة 1907 ، ثم في عام 1929 عندما طرحت مشاريع زيادة ارتفاع خزان اسوان . وفي هذه الفترة ، أي في سنة 1898 كثرت الكتابات حول هذه الآثار ، كأننا في مرثية يكتبها انسان عالمنا الحديث لالآف عريقة من السنين تسكن بين احجار هذه الآثار وتأبى ان تموت .

في سنة 1954 ، ومع تبلور البحث حول مشروع السد العالي ، أوفدت مصلحة الآثار في الاقليم المصري بعثة من العلماء والمهندسين الى بلاد النوبة لدراسة ما يمكن عمله لانقاذ آثار النوبة ضمن الامكانيات المادية الضئيلة التي كانت تملكها هذه المصلحة . أوصت البعثة ، بعد دراسة الموضوع على الارض ، بتسجيل كل آثار النوبة وحفر عدد من المقابر الأثرية ، خاصة تلك الواقعة الى جنوبي " بلانه " . والجدير ذكره ان البعثة لم تقم بدراسة المشكلة على اساس انقاذ كل الاثار بما فيها المعابد والمقاصير ، خاصة معبد كلابشة وابي سمبل وبيت الولي ووادي السبوع وغيرها العديد من هذه الآثار النفيسة . ورأت اللجنة الاكتفاء بنقل معبدي "قرطاسي" و "عمدة" وبعض تماثيل وادي " السبوع " ومعبدي " ابو سمبل " . وأوصت اللجنة بتسجيل آثار بلاد النوبة عن طريق الرسم وصنع النماذج والتصوير السينمائي الخ..

كانت الامكانيات المالية المتواضعة الموضوعة بتصرف مصلحة الآثار هو السبب الرئيس الذي حدا بها للخروج بهذه التوصيات الجزئية . وجرى ، بعد ذلك ، نقل هذه التوصيات الى مختلف الجامعات والمؤسسات العلمية في العالم في محاولة لتشجيع هذه المؤسسات على المساهمة في تمويل اعمال التنقيب والحفر والانقاذ . إلا أن الاستجابة لهذا النداء لم تكن مشجعة . فلم يلب دعوة الانقاذ غير عدد قليل جداً من الجامعات والمؤسسات العلمية . عندها أخذت مصلحة الآثار امر الانقاذ على عاتقها ضمن امكاناتها المحدودة وأوفدت بعثتها من جديد الى النوبة لتحاول استكمال الحفريات في بعض المناطق التي سبق للبعثة ان نقبت فيها . وكان في هذا الوقت يبدو وكأن الآثار العظيمة ستذهب ضحية لاسعاد الانسان الحديث الشره . ولم ترتسم بعض الخطوط المشرقة على هذه الصورة الحزينة والقاتمة الا بعد ان تدخلت مؤسسة اليونيسكو عارضة المساعدة لانقاذ الآثار .

بدأت اليونيسكو بتحمل جزء صغير من مسؤولية الانقاذ فأمدت مركز تسجيل الآثار المصري ، والذي سبق ان أنشأته الحكومة المصرية لغرض دراسة امكانية انقاذ آثار النوبة ، بالمعونة المالية والفنية . إلا ان المال هذا وامكانيات المركز كانت أقل مما هو مطلوب الى درجة أصبح معها اتمام العمل متعذراً قبل البدء ببناء السد العالي في سنة 1959 .

هنا طرحت مشكلة آثار النوبة من جديد . ولم تكن المشكلة سهلة الحل . فقد كان الهدف هو انقاذ معابد النوبة، وعلى الاخص معبدي " ابو سمبل " ، وذلك عن طريق نقل المعابد الى مكان آخر لا تصله مياه السد ، او صيانتها في مكانها . فقد بات الان واضحاً لمصلحة الآثار في الجمهورية العربية المتحدة ان مركز تسجيل الآثار لا يستطيع ان يقوم بمهمة تسجيل كامل لآثار النوبة ، ولا كانت مصلحة الآثار هذه تملك الامكانات المادية والفنية لتحقيق أهدافعا في صيانة الآثار . أما المساعدة المتوقعة من الهيئات الدولية ، كما سبق ان ذكرنا ، فقد جاءت مخيبة للامال ، إذ لم تلب نداء الانقاذ سوى هيئات قليلة لا تتعدى الهيئتين او الثلاث .

كانت نقطة التحول في شهر يناير / كانون الثاني 1959 عندما مر بالقاهرة المسيو رينه ماهي ، المدير العام المساعد لمنظمة اليونيسكو . ففي مقابلة له مع وزير الارشاد في الاقليم لمصري ، طرح الوزير موضوع النوبة والحاجة الى مساعدة دولية كبيرة وسخية لانقاذ الآثار الضخمة ، التي هي في المحصلة آثار تهم الانسانية جمعاء . ولفت الوزير ضيفه الى ان اي مساعدة محدودة ، كما جرى حتى الآن ، لا تفي بالمطلوب. أبدى السيد ماهي اهتماماً كبيراً في الموضوع وابلغ الدكتور فيتو رينو فيرونيز ، المدير العام لمنظمة اليونيسكو ، رغبة الجمهورية العربية المتحدة هذه ، فرحب مدير اليونسكو بالفكرة وكتب الى الجمهورية العربية يسأل عن نوع المساعدة المطلوبة .

في السادس من ابريل / نيسان 1959 ارسلت وزارة الارشاد في الجمهورية العربية المتحدة طلباً رسمياً باسم الحكومة تطلب فيه مساعدة المنظمة الدولية لانقاذ آثار النوبة من الغرق . وتضمنت المطالب :

1 – تنسيق الدراسات والابحاث عن طريق ايفاد بعثات التنقيب الى النوبة السفلى وتصوير بلاد النوبة بالطريقة المعروفة بالتصوير الفوتوجرامتري .

2 – استكمال تسجيل كل آثار النوبة .

3 – نقل كل المعابد التي يمكن نقلها ، خاصة معبدي ابو سمبل واعادة تشييدها في مناطق اخرى .

4 – حماية المعابد المنحوتة في الصخر ، والتي يستحيل نقلها من الوجهة الفنية .

ووعدت حكومة الجمهورية العربية المتحدة بتسهيل مهمة بعثات التنقيب ، كما سمحت لها بالعمل خارج منطقة بلاد النوبة ، ومنحتها حق الاحتفاظ بنصف الآثار المكتشفة . كما وعدت بمنح البعثات التي تسهم مساهمة فعالة ورئيسة في عملية الانقاذ ، بعض الآثار المهمة المحفوظة حالياً في متاحف الاقليم المصري . واقترحت حكومة الجمهورية العربية المتحدة ، بالاضافة الى ذلك ، تشكيل لجان استشارية من علماء الآثار في العالم ليقدموا المشورة للبعثات المشاركة في عملية الانقاذ .

رحب المجلس التنفيذي لليونيسكو المنعقد في يونيو / حزيران عام 1959 بالفكرة ، واتخذ قراراً بالاجماع لتقديم المساعدة المطلوبة لانقاذ آثار النوبة . وتضمن القرار الموافقة على القيام بتصوير بلاد النوبة فوتوجرامترياً ، وارسال بعثة فنية لدراسة المنطقة واعداد تقرير عنها . كما أقر المجلس مبدأ عقد مؤتمر دولي لعلماء الآثار للبحث في عملية انقاذ آثار النوبة . وقرر المجلس كذلك رسم خطة متكاملة للانقاذ على ان تعرض على المجلس ذاته في دورته بين شهري نوفمبر / تشرين الثاني وديسمبر / كانون الاول 1959 لاقرار الخطة في شكلها النهائي والبدء بالتنفيذ . وفي اغسطس / آب سنة 1959 توجهت بعثة اليونسكو الاولى الى بلاد النوبة . وضمت البعثة العالم الجيولوجي الدكتور جورج كنيتش والاستاذ جوزيف ديفو . وزارت بلاد النوبة في سبتمبر / ايلول 1959  بعثة اخرى ترأسها الاستاذ بيرو جازولا ، استاذ الهندسة والفنون في ايطاليا . وجاءت بعثة ثالثة من المعهد القومي في باريس مهمتها تصوير بلاد النوبة تصويراً فوتوجرامترياً . وكانت هذه البعثة برئاسة الاستاذ ماسون دي تيم ، وبقيت في مصر من اول سبتمبر / ايلول الى 10 اكتوبر / تشرين الاول 1959 واشتركت معها بعثة من الجمهورية العربية المتحدة .

أعدت هذه البعثات تقاريرها عن آثار النوبة وقدمتها الى منظمة اليونيسكو ومؤتمر الخبراء الدوليين . وهذه التقارير هي :

1 – تقرير الاستاذين اندريه كوين وجوزيف ديفو عن حماية معبدي " ابو سمبل " ومعابد " فيلة " .

2 – تقرير الدكتور جورج كنيتش عن الدراسات الجيولوجية للمنطقة المهددة بالغرق .

3 – تقرير الاستاذ بيرو جازولا عن نقل وحماية آثار النوبة من معابد " فيلة " و " بجة"  في الشمال حتى معبدي " ابو سمبل " و " ابو عودة " و " جبل الشمس " في الجنوب.

وضمت الى هذه التقارير ثلاثة تقارير اخرى للاستاذ مصطفى عامر ، ومصلحة الآثار ، ومركز تسجيل الآثار في الجمهورية العربية المتحدة .

شملت دراسة بعثة كوين – ديفو موضوع حماية معبدي " ابي سمبل " ومعابد " فيلة " . ورأت البعثة ان تتم حماية هذه الآثار عن طريق بناء سدود خرسانية تحيط بالمعبدين ، على ان تؤخذ كل الاحتياطات اللازمة ضد رشح المياه . وقدمت البعثة مشروعين لحماية معابد جزيرة " فيلة " ، يقضي الاول ببناء جدار واق يحيط بالجزيرة ويحميها من المياه ، بينما يوصي المشروع الثاني الذي أعده الاستاذ عثمان رستم بانشاء بحيرة اصطناعية حول الجزيرة يكون منسوب المياه فيها أقل من منسوب مياه النيل . والمعروف ان جزيرة " فيلة " تغمرها مياه النيل طوال العام تقريباً ، فلا يظهر من معبدها سوى قسمه الأعلى . وفي شهري يوليو / تموز وأغسطس / آب من كل عام، عندما تفتح بوابات خزان اسوان ، تظهر الجزيرة ومعابدها ظهوراً تاماً ، لتعود المياه فتغمرها طوال الاشهر العشرة الباقية من السنة .

المشروع الثاني هو المشروع الذي اعده وقدمه الاستاذ جازولا . وهو يدور ايضاً حول امكانية نقل وحماية معابد النوبة والهياكل والمقاصير والكنائس وبعض النصوص التي حفرت على بعض المحاجر التي اقتطعت منها احجار معابد النوبة . وتحدث التقرير عن أهمية آثار النوبة ومدلولاتها التاريخية ، وركز بشكل خاص على معابد جزيرة " فيلة " ومعبدي " ابو سمبل " و"بيت الوالي " و " عمدة " و" قرطاس " و " ابو عودة " و "وادي السبوع" واخيراً  مقبرة "بنوت " . ثم تطرق التقرير الى الناحية الهندسية ، فميز بين المعابد المشادة والمعابد المحفورة في الصخر ، من حيث سهولة نقلها . وذكر ان بعض المباني المشيدة من الحجارة صار من الصعب نقلها بعد ان قامت مصلحة الآثار في الجمهورية العربية المتحدة بترميمها ترميماً حديثاُ في المرتين اللتين جرت فيهما تعلية خزان اسوان . ومن هذه المباني " الصرح الاول " و البهو الخارجي لمعبد "وادي السبوع" و معبد " كلايشة " وغيرها .

أقرت البعثة ، بوجه عام ، بامكانية نقل معظم آثار النوبة من مواضعها ، وركزت الدراسة التي قدمها الاستاذ جازولا على أهمية آثار جزيرة " فيلة " و " ومعبدي " ابي سمبل " . اما بالنسبة لآثار جزيرة فيلة فقررت البعثة انه من الممكن ان تتم عملية الانقاذ على مراحل ثلاث . يتم في المرحلة الاولى تفكيك حجارة المعابد حجرأ حجراً ، وفي المرحلة الثانية يتم رفع أرضية الجزيرة حتى تصبح فوق منسوب المياه ، وفي المرحلة الثالثة والاخيرة بعاد بناء المعابد على ما كانت عليه من قبل .

أهمية هذا المشروع انه يعيد الجزيرة الى ما كانت عليه عند بنائها قبل ان تغمرها مياه النيل بعد تعلية خزان اسوان . اما بالنسبة لمعبدي " ابو سمبل " فقد قررت البعثة انه من الممكن هندسياً ان يتم نقل المعبدين ، الصغير والكبير، مع الصخر المحيط بهما الى مكان ما في أعلى الجبل ، على ان تتخذ الاحتياطات اللازمة لتقوية هذه الصخور قبل رفع المعبدين .

استعرض تقرير مصلحة الآثار تاريخ الحفريات الحديثة في النوبة وطالب بضرورة اكمال الحفريات واستحداث الحفائر في المنطقة الواقعة بين الشلال الاول و " ادندان " وحفر المناطق الواقعة الى الجنوب من "قسطل" و " بلانة " واستكمال كشف المقابر والمواقع التي لم يكتمل العمل فيها . ويشدد التقرير الذي قدمه الاستاذ مصطفى عامر على ضرورة تركيز البحث عن النقوش والمخلفات الأثرية التي تعود الى العصر الحجري القديم. ويعتقد الاستاذ لطفي ان هذه الابحاث سوف تؤدي الى اكتشافات مهمة من تاريخ الفترة القديمة .

هذه هي المشاريع التي قدمت لانقاذ آثار النوبة . فماذا جرى بعد ذلك ؟ .

عقد في القاهرة في اكتوبر / تشرين الاول 1959 مؤتمر ضم ثلاثة عشر عالماً وخبيراً ينتمون الى ثماني دول . وقام اعضاء المؤتمر بزيارة الى بلاد النوبة واطلعوا على اعمال الانقاذ الجارية، وقاموا بدراسة كل المشاريع المقدمة وهم في باخرتهم النيلية توفيراً للوقت ، ثم عقدوا اجتماعاً خاصاً في معبد ابو سمبل تدارسوا فيه كيفية انقاذ المعبد .

خرج المؤتمر ، بعد دراسة التقارير المقدمة ، بمقررات أهمها القرار القاضي بتنظيم عملية مسح الاراضي في بلاد النوبة ، بحثاً عن مخلفات العصر الحجري ، وجرد النقوش والرسوم الموجودة على صخور النوبة . وقضى القرار باجراء " الحفائر الاثرية " في جميع المواقع الأثرية فوق مستوى 121 متراً ، على ان تشمل هذه الحفريات آثار العصرين القبطي والاسلامي القديمين . وقرر المؤتمر تبني مشروع الاستاذ كوين لانقاذ معبد ابي سمبل ، لكن اللجان المختصة اعادت النظر في هذا القرار في ما بعد وتبنت مشروع الاستاذ جازولا الذي يلحظ ضرورة نقل المعبدين الى قمة الجبل . اما بالنسبة لجزيرة " فيلة " فقد تبنى المؤتمر مشروع الاستاذ عثمان رستم الذي يرى ان تنشأ بحيرة صناعية تحفظ منسوب المياه على ارتفاع 102 متر، وذلك بواسطة جسور او خزانات تربط الجزر المجاورة لفيلة بالشاطيء الأيمن للنيل . واتخذ المؤتمر قرارات لانقاذ تسعة عشر معبداً ، وحدد المؤتمر كيفية اتمام عملية انقاذ كل اثر من هذه الآثار . وأوصى المؤتمر اخيراً ، المدير العام لليونيسكو بتوجيه نداء دولي لحكومات العالم وشعوبه وافراده وهيئاته لانقاذ هذا التراث العالمي التاريخي والأثري والفني في النوبة .

قرر المجلس التنفيذي لليونيسكو بالاجماع في اجتماعه الذي انعقد خلال شهري تشرين الثاني / نوفمبر وكانون الاول / ديسمبر من عام 1959 توجيه نداء عالمي للمساهمة في عملية الانقاذ ، وخول مدير اليونيسكو حق تقديم المساعدات والتبرعات لمركز تسجيل الآثار بالقاهرة ، وتشكيل لجان دولية لرعاية المشروع . وفي فبراير / شباط في سنة 1960 شكلت لجنتان ، الاولى لجنة شرف ، وهي بالواقع لجنة استشارية ، والثانية لجنة عمل دعيت " لجنة الدعاية " او كما اصطلح في ما بعد على تسميتها " الحملة الدولية لانقاذ آثار النوبة " . وباشرت اللجنتان اعمالهما فوراً . وفي الوقت ذاته طاف الدكتور فيرونير في انحاء العالم واجرى اتصالات واسعة لتأمين المعونة المادية والفنية اللازمة لانقاذ هذه الآثار .

في الثامن من مارس / اذار ، وخلال اجتماع لمنظمة اليونيسكو في باريس ، وجه الدكتور فيرونيز النداء الدولي لانقاذ آثار النوبة . وكان لهذا النداء صداه الكبير في الصحافة العالمية والمؤسسات العاملة في حقل الآثار . وأقيم ، في الوقت نفسه ، معرض بروكسل للآثار المصرية القديمة ، وهو مجزء من الحملة الدولية . ومنذ ذلك التاريخ بدأ العمل الجدي لانقاذ آثار النوبة ، فتوفرت بعض المساعدات المالية والفنية ، وتوجهت أكثر من بعثة الى مراكزها تعمل على انقاذ آثار قوم اقاموا واحدة من اعظم الحضارات القديمة .