المهندس ابراهيم حمد
نشر المقال في شباط / براير 1962 ، العدد السادس عشر ، الرائد العربي
يتميز الاقتصاد السوري بكونه اقتصاد زراعي ، تحتل فيه الزراعة البعلية المكان الاول ، أي انه يعتمد الى حد بعيد على الأمطار الموسمية . لذلك كان الانتاج الزراعي مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بكمية الامطار الهاطلة ، الشيء الذي أدى في الماضي الى عدم الاستقرار الاقتصادي في البلاد ، ذلك لأن الدخل الوطني الناتج من قطاع الزراعة يشكل نسبة كبيرة من مجموع الدخل العام . ولما كانت المنتجات الزراعية تشكل جزءاً كبيراً من مجموع صادرات الجمهورية العربية السورية ، لذا كانت مواردها من العملات الاجنبية تتغير بتغير قيمة الانتاج الزراعي . وعندما فكرت الدولة في ادخال مبدأ التخطيط على الاقتصاد السوري ، وصممت على تصنيع البلاد ، كان عليها ان تؤمن العملات الاجنبية اللازمة لبناء صناعتها من ناحية ، ولتلافي حدوث اختناقات في موارد العملات الاجنبية التي من شأنها ان تعوق تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية من جهة ثانية .
لهذا كله ، كان أول ما فكرت فيه الدولة هو القيام بمشروعات الري لزيادة مساحة الاراضي المروية لتأمين الاستقرار النسبي في قيمة الانتاج الزراعي ، وبالتالي في موارد العملات الاجنبية لتأمين حسن سير خطة التنمية الاقتصادية .
جدول رقم 1
نوع الارض آلاف الهكتارات
اراضي مروية 527
اراضي تزرع بعلاً 5487
اراضي غير مستثمرة صالحة للزراعة 2041
غابات 432
مراعي 6558
ابنية ومرافق عامة 355
مستنقعات وبحيرات 12
اراضي اخرى 3042
المجموع 18454
تبلغ مساحة الاراضي المروية في الجمهورية السورية 527 الف هكتار ، منها 400 الف هكتار تروى بالضخ من الانهار او الآبار و125 الف هكتار تروى بالراحة من الانهار وشبكات الري والفي هكتار تروى بواسطة الدواليب المائية على الانهار والينابيع . اما مساحات الاراضي القابلة للزراعة في سوريا ، وهي التي تتراوح تربتها من الرواسب الى البنية اللون الى الكستنائية والحمراء والى البنية الضاربة للحمرة ، فيبلغ مجموعها حوالى 7.1 مليون هكتار . ويعتبر اكثر من نصف هذه الاراضي من النوع الجيد جداً للزراعة ، والباقي من النوع الحسن الذي يمكن استصلاحه وزراعته بسهولة . اما ما تبقى من الاراضي ، والتي تبلغ مساحتها 11400 مليون هكتار فتتوزع بين الاراضي الغبراء الصحراوية وشبه الصحراوية ، وبين الاراضي الصخرية الجبلية والتربة المالحة .
اما بالنسبة لمصادر المياه المتوفرة في الانهار والينابيع والاودية الجارية والمياه الجوفية ، فهي قادرة على تزويد هذه الاراضي الزراعية بما تحتاجه للري وتعويض النقص القائم في كمية الامطار التي تسقط . ويؤخذ من الدراسات الاولية ان مجموع كميات مياه الانهار والينابيع في سوريا يقدر بحوالى 30 مليار متر مكعب في العام موزعة على الشكل التالي :
جدول رقم 2
الاسم كمية المياه السنوية النسبة المئوية
مليون متر مكعب
نهر الفرات 25000 83
نهر الخابور 1700 6
نهر العاصي 1000 3
بقية الانهر والينابيع 2300 8
المجموع 30000 100
فاذا فرضنا ان حصة سوريا من مياه الفرات تبلغ 50 بالمئة ، فان كمية المياه الجارية والمتوفرة تبلغ حوالى 17500 مليون متر مكعب من المياه سنوياً .
لذلك كان من الطبيعي ان يستهدف انماء سوريا الاقتصادي الى استثمار كل الاراضي القابلة للزراعة والاستفادة من كل مصادر المياه المتوفرة ، والتي تعوض النقص الذي تتعرض له البلاد من المطر في ري كل ما يمكن ارواؤه من هذه الاراضي الزراعية ، علماً بان حاجة الاراضي الزراعية من المياه لاروائها تختلف بين ارض واخرى ، وكذلك تختلف المدة التي تحتاج اليها الاراضي لريها خلال السنة . وهذا يتوقف على نوعية التربة ومقدار الامطار ونوع الزراعة ، وعلى عوامل ثانوية اخرى . واذا اعتبرنا متوسط حاجة الهكتار الواحد تقدر ب 0.8 ليتر خلال ستة اشهر كاملة في العام الواحد ، فان هذا يعني ما مقداره 12441 متراً مكعباً من الماء في السنة . وعلى هذا الاساس ، فان كمية المياه المتوفرة تمكننا من ارواء 1.5 مليون هكتار من الاراضي القابلة للزراعة . وتتوزع الاراضي الممكن اروائها ، وبشكل تقريبي ، على النحو التالي :
جدول رقم 3
حوض الفرات 1000000 هكتار
حوض الخابور 200000 هكتار
حوض العاصي 120000 هكتار
بقية المناطق 180000 هكتار
المجموع 1500000 هكتار
فاذا امكن تحقيق هذه المشاريع واستغلال كافة مصادر المياه واستثمار هذه الاراضي ، فان توزيع الاراضي المزروعة يصبح على الشكل التالي :
جدول رقم 4
اراضي تزرع بعلاً 5500000 هكتار
اراضي مروية 2000000 هكتار
المجموع 7500000 هكتار
ونتيجة لتنفيذ السدود ستتولد مساقط مائية يمكن توليد طاقة كهربائية منها تقدر بحوالى 500000 كيلوات/ساعة.
تهدف خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنوات الخمس 1960 – 1965 الى زيادة المساحة المروية من 527 الف هكتار الى 781 الف هكتار ، أي بزيادة قدرها 254 الف هكتار . فاذا قدرنا ان ما يلحق الهكتار الواحد من كلفة اعمال السدود والقناطر وشبكات الري والصرف والطرق الرئيسة وخلافه حوالى 2500 ليرة سورية ، وان ما يلحق الهكتار الواحد من كلفة اعمال الاستصلاح والخدمات التي تشمل انشاء المباني للاهالي والمنافع العامة والمباني الحكومية والمدارس والمستشفيات بحوالى 1500 ليرة سورية ، تكون الكلفة الحقيقية للهكتار الواحد 4000 ليرة سورية .
واذا قدرنا ان متوسط الانتاج السنوي الواحد ب 1400 ليرة سورية ، فان معامل رأس المال ، أي ما يسمى capital – output ratio يكون 4500 ÷ 1400 = 2.8 . واذا قدرنا زيادة الدخل الوطني الناتجة عن الاستثمار الزراعي للهكتار بحوالى 1100 ليرة سورية ، تكون نسبة الدخل الوطني الناتج عن الاستثمار 4500 : 1100 = 3.6 . ولقد ادخلنا كلفة الخدمات العامة المقدرة بحوالى 1500 ليرة سورية للهكتار الواحد في حساب المعاملات المنوه عنها سابقاً ، الا ان لها آثاراً تنعكس بصورة غير مباشرة على الانتاجية ، خاصة على انتاجية الفلاحين والعمال الزراعيين ، حيث انها تهدف الى رفع المستوى العلمي والثقافي والصحي والاجتماعي للمنتفعين بالاراضي من الفلاحين ، والى الترفيه عنهم ، والى جعلهم مواطنين منتجين .
تبلغ الزيادة في الدخل الوطني الناتجة عن تنفيذ مشاريع الري بحسب الخطة الخمسية حوالى 280 مليون ليرة سورية ، وتشكل 28 بالمئة من مجمل زيادة الدخل الوطني السوري الناتجة عن تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنوات الخمس 1960 – 1965 . والجدول التالي يبين المساحات المنوي تجهيزها بشبكات الري والصرف واعدادها للاستثمار الزراعي خلال هذه السنوات الخمس ، كما تظهر الزيادة المتوقعة في الدخل الوطني نتيجة لتنفيذها :
جدول رقم 4
السنة المالية المساحة المستصلحة الزيادة في الدخل الوطني
الف هكتار مليون ليرة
1960 – 1961 8 8.80
1961 – 1962 75 82.50
1962 – 1963 120 132.00
1963 – 1964 195 214.50
1964 – 1965 254 279.40
رصدت الحكومة لتنفيذ المشاريع الواردة ضمن خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسنوات الخمس 1960 – 1965 مبلغ 780 مليون ليرة سورية منها 640 مليون ليرة لاعمال الري و 140 مليون ليرة سورية لاعمال استصلاح الاراضي ، وذلك لتنفيذ مشاريع الري على الفرات والخابور والروج والسن واليرموك وبردى والاعوج وبانياس وبعض مشاريع الري المتفرقة . وقد تم البدء بتنفيذ مشاريع الري الواردة في الخطة الخمسية خلال السنة المالية 1960 – 1965 ورصد لها مبلغ 65 مليون ليرة سورية . وقد تم تحقيق الاهداف الواردة ضمن الخطة واعداد ما مساحته 8500 هكتار من الاراضي للاستثمار الزراعي ، منها سبعة الاف هكتار في مشروع الغاب والف وخمسمئة هكتار في مشروع الروج .
وضع برنامج شامل لاعداد الدراسات التفصيلية وتنفيذ مشاريع الري لاستغلال كل مصادر المياه في البلاد واستصلاح الاراضي واعدادها للاستثمار الزراعي ، على ان يستصلح خلال المرحلة الاولى من الخطة الخمسية ما مقداره 254000 هكتار .
ختاماً ، يمكن القول إن تنفيذ هذه البرامج سيضيف الى سوريا مناطق زراعية جديدة كانت الى عهد قريب صحارى ومستنقعات ، وستصبح آهلة بالسكان وتؤمن العمل لعدد كبير من المواطنين وتسهم في تأهيل البدو .