الوحدة الاقتصادية تدعم امكانيات التنمية في كافة الاقطار العربية

 

نشر اللقاء في ايلول / سبتمبر 1962 ، العدد الثالث والعشرون ، الرائد العربي  

وجه مندوب مجلة الرائد العربي في القاهرة عدداً من الاسئلة الى رئيس وفد المملكة المغربية الى مؤتمر مسائل التنمية الاقتصادية الذي انعقد في القاهرة  خلال الشهر الماضي ، فاجاب عليها بالحوار التالي :  

متى بدأت التنمية الاقتصادية في المغرب ، وهل أثر ذلك على نسبة الصادرات ، وما هي أهم صادرات المغرب؟ . 

بدأ المغرب بتطوير اقتصاده بعد الاستقلال ، فوضع اسس التنمية الاقتصادية واخذ بتنفيذها خطوة اثر خطوة ، فقام بمغربة بعض المرافق العامة وقيد استيراد بعض السلع الكمالية وفصل الفرنك المغربي عن الفرنك الفرنسي . وكان لكل هذه الخطوات اثره الواضح بالنسبة لاقتصادنا ، فزادت صادراتنا من الفوسفات والمنتجات الزراعية والفاكهة والخضار ، وكذلك المعادن كالحديد والمنغنيز والرصاص والفحم الحجري . وكانت نسبة الزيادة في صادراتنا من الفوسفات الطبيعي 10.05 بالمئة سنوياً بعد الاستقلال . وسنبدأ في السنة القادمة ، أي في سنة 1963 ، بتصدير الفوسفات المصنع بعد ان انشأنا مجموعة كيماوية من اهم المجموعات الكيماوية في العالم ، هي " مجموعة الاسفي " . وستنتج هذه المجموعة سوبر فوسفات واسيد فوسوريك وحامض سلفوريك . ويقدر انتاج هذه المجموعة من السوبر فوسفات بمقدار 250 الف طن سنوياً . ومجموعة الاسفي هي مجموعة حكومية تملكها الدولة بالكامل . 

اما المنتجات الزراعية ، كالحبوب ، من قمح وشعير وعدس وذرة ، فرغم انها تعتمد على المواسم ، فقد زادت نسبة صادراتنا منها . فنحن نصدر حوالى 300 الف طن من القمح الصلب سنوياً . اما الفاكهة والخضار، فقد صدّر المغرب في سنة 1960 حوالى 350 الف طن الى فرنسا والمانيا وروسيا وهولندا وبريطانيا ، وسيصدر المغرب من هذه المنتجات ، بعد الاتفاقات التجارية التي وقعها مع عدد من الدول ، الى معظم بلدان العالم . وكانت الاتفاقية التي وقعها المغرب مع كوبا آخر هذه الاتفاقيات ، وهي اتفاقية مهمة للغاية . فقد صدر المغرب، بموجب هذه الاتفاقية ، الى كوبا منتجات وحاجات بمبلغ 8 ملايين دولار ، بينما كنا قبل الاستقلال لا نصدر أي شيء الى كوبا . ولدينا الآن اتفاقيات ثنائية عديدة مع الدول الاشتراكية والدول الاخرى ذات الاقتصاد الموجه . وأود ان أذكر هنا ان لدينا اتفاقيات تجارية مع معظم الدول الاوروبية وبعض الدول الآسيوية كالهند والباكستان واليابان . 

يصدر المغرب حالياً حوالى ثلاثة ملايين طن من الحديد سنوياً تقريباً ، ومن المنغنيز حوالى 400 الف طن ، ومن الرصاص 150 الف طن ، ومن الفحم الحجري نحو 300 الف طن ، بينما نستورد نوعاً خاصاً من الفحم الحجري لاغراض صناعية خاصة . وتعود كل هذه الاحصائيات التي ذكرتها الى سنة 1960 . اما الآن فقد زادت هذه الارقام بنسبة تقارب العشرة بالمئة سنوياً . 

 ما هي الاسواق التي تضعونها في اعتباركم اثناء تنفيذ خطة التنمية ، وما تأثير النشاط الاسرائيلي الاقتصادي في الاسواق الافريقية بالنسبة اليكم ؟ . 

إن الاسواق العربية هي التي تهمنا بالمقام الاول . لذلك نرجو ونتمنى ان تسرع الدول العربية في اقامة السوق العربية المشتركة وبالوحدة الاقتصادية العربية حتى تتمكن هذه الدول من العمل سريعاً في تنفيذ خطة التنمية التي تفكر فيها كل دولة عربية . فمما لا شك فيه ان هناك تكافوءاً بين الموارد العربية والعوامل الاساسية لنجاح مشاريع التنمية بين كافة البلدان العربية . وهذا ما يؤهلنا ، كعرب ، ان نرفع من مستوى اقتصادنا عن طريق التصنيع وتحسين الانتاج والتصدير، وان نواجه اسرائيل التي تحاول الآن منافسة العديد من البلدان العربية والاسلامية ، مثل محاولاتها منافسة المغرب في مصنوعاته المغربية كالقماش في الاسواق الافريقية حيث لها نشاط اقتصادي ضخم ، بالاخص في مدغشقر وساحل العاج ومحموعة بلدان برازفيل المؤلفة من احدى عشرة دولة كانت تابعة لفرنسا سابقاً ، وما تزال تحت سيطرتها حتى الآن . ففرنسا تفرض على هذه البلدان شراء السلع الاسرائيلية وتوفر لاسرائيل التسهيلات اللازمة لتوسيع نشاطها في القارة الافريقية . وقد تنبهت المملكة المغربية ، كاحدى دول ميثاق الدار البيضاء ، لهذا النشاط الاسرائيلي الذي يحاول ان يقف حجر عثرة في وجه نمو الدول الافريقية اقتصادياً . كما ان هذا النشاط الاسرائيلي ما هو الا خرق للحصار الاقتصادي الذي تفرضه الدول العربية على اسرائيل وما هو الامحاولة لتقوية الكيان الاسرائيلي وجعله قاعدة واداة استعمارية في الشرق الاوسط . فدول ميثاق الدار البيضاء ، في اجتماعاتها في كوناكري والقاهرة ومستقبلاً في الدار البيضاء ، تؤكد على مستقبل المغرب والدول العربية كافة وكذلك الدول الافريقية ، دولاً متحررة من السيطرة الاقتصادية الاجنبية . وأملنا ان تكون كل دولة افريقية على وعي لمصالحها الحقيقية ومستقبلها الحقيقي ، فلا تترك لمجموعة متعاونة مع من كانوا يحكمونهم من قبل . 

تنظر المملكة المغربية بقلق بالغ الى النشاط الاسرائيلي في الاسواق الافريقية ، مما يدعوها الى ضرورة القضاء عليه بسلع جيدة وقليلة التكاليف . وهذا يحتاج الى التعجيل في التصنيع داخل المغرب . وهذا يقتضي رؤوس اموال ومعونات كبيرة يطلبها المغرب من اي جهة كانت ، خاصة من الدول العربية ، شرط ان لا تقترن تلك المعونات المالية بأية شروط . فنحن نرحب برؤوس الاموال العربية التي ستجد لها ميداناً واسعاً للعمل في المغرب ، كما ستجد كافة التسهيلات والتأمينات . والمملكة المغربية على استعداد لاعطاء الرساميل العربية امتيازات خاصة لا تعطى عادة لرؤوس الاموال الاجنبية . 

ما هو الغرض من عقد هذا المؤتمر ، وهل يمكن ان يؤدي مؤتمر التنمية الاقتصادية الغرض الذي عقد من أجله ؟ . 

تعتمد اقتصاديات البلدان النامية حالياً على تصدير المواد الاولية ، أي المواد الخام غير المصنعة الى الدول المتقدمة صناعياً . وهذه بدورها هي البائع والمشتري الحقيقي ، حيث انها هي التي تقرر الاسعار وتملي الشروط التي تراها ملائمة مع مصالحها ، بغض النظر عن مصالح البلدان الاخرة النامية صاحبة هذه المواد الاولية . وكثيراً ما تعمد هذه البلدان المستوردة لموادنا الخام الى تخفيض اسعار هذه المواد من دون سبب وبدون الرجوع الى الدول المنتجة . وازاء هذا الواقع المرير رأت الدول النامية عقد هذا المؤتمرواتخاذ موقف موحد بعد ان تتدارس الموضوع فيما بينها من كل وجوهه والتداول بالنتائج مع الدول التي تتعامل معها حالياً ، ومن ثم حمل قضيتها الى الامم المتحدة اذا لزم الامر .