عبد العزيز الصرعاوي يقول :

القانون يسمح بتكوين نقابات عمالية في الكويت

اشتراك الكويت في مؤتمر العمل الدولي حقق مكاسب كبيرة

نشرت هذه المقابلة في ايلول / سبتمبر 1961 ، العدد الحادي عشر ، الرائد العربي

أجرت مجلة الرائد العربي هذه المقابلة مع الاستاذ عبد العزيز الصرعاوي ، نائب مدير دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل ورئيس وفد الكويت الى مؤتمر العمل الدولي في دورته المنعقدة في جنيف ، بسويسرا بين 7 و 29 حزيران / يونيو 1961 ، ودار بين مندوب المجلة والاستاذ الصرعاوي الحديث التالي :

هل سبق للكويت ان اشتركت في مؤتمر العمل في جنيف ، وهل لكم ان تبينوا لنا كيفية اشتراك الكويت في هذا المؤتمر؟.

تشترك دولة الكويت لأول مرة في اجتماعات هذه المنظمة الدولية للعمل ، وهي احدى الوكالات المتخصصة التابعة للامم المتحدة . وتتفرد منظمة العمل الدولية عن غيرها من المنظمات العالمية بتكوينها الثلاثي ، حيث يشترك في اعمالها مندوبان عن الحكومة ومندوب عن اصحاب العمل ومندوب عن العمال . أما عن كيفية اشتراك الكويت في هذه المنظمة ، فقد جاء اشتراكنا طبقاً للمادة الاولى من الفقرة الرابعة من دستور المنظمة التي تنص على قبول عضوية اي دولة مستقلة تتقدم بطلب الانضمام وتتعهد بقبول الالتزامات المنصوص عليها في دستور هذه المنظمة العالمية، وذلك شرط ان تحصل الدولة الجديدة على ثلثي الاصوات ، بما فيها أصوات ممثلي الحكومات الحاضرين الذين لهم حق التصويت في الاجتماع العام . وقد تقدمت دولة الكويت بطلب الانضمام للعضوية وحصلت على موافقة أغلبية 295 صوتاً ضد صفر وامتناع صفر ، أي أن اشتراك الكويت كعضو في هذه المنظمة جاء بالاجماع ومن دون اي معارضة .

ذكرتم في معرض اجابتكم عن سؤالنا الاول ان تكوين هذه المنظمة ثلاثي . من هي هذه الهيئات الثلاث التي مثلت دولة الكويت في هذا المؤتمر ؟

الهيئات الثلاث التي اشتركت في هذا المؤتمر هي الحكومة الكويتية ، وقد مثلها مندوبان عن دائرة الشؤون الاجتماعية والعمل . فهي الجهة الرسمية المختصة ببحث الشؤون الاجتماعية . ورافق المندوبان شخصان اثنان كمستشارين . ومثل مندوب آخر اصحاب العمل ، وقد جاء اختياره عن طريق غرفة التجارة في القطاع الاهلي في الكويت . ومثل العمال مندوب اختارته الدائرة من بين القائمين على العمل في صناعة النفط التي يعمل فيها باعتبارها الاكثر تمثيلاً ، كما هو معروف ، للأيدي العاملة في القطاع الاهلي ، وكذلك لكونها تضم، حالياً ،اكبر قطاع عمالي في البلاد .

هل تلتزم الدول تنفيذ كل المقررات والتوصيات ؟ . وما هي هذه المقررات والتوصيات التي اتخذها المؤتمر هذا العام؟.

تقسم القرارات التي تتخذها الهيئة الى قسمين :

1 – توصيات غير ملزمة ، إلا الالتزام الادبي طبعاً ، إذ انها مجرد تعبير عن الاتجاهات التي تنتهجها اغلبية الدول والمجتمعات في شؤون العمل والعمال من حيث تحسين ظروف العمل وتحقيق الرفاه والرخاء للمجتمع البشري عن طريق رفع مستوى الايدي العاملة بصفة عامة ، لكونها تكون الغالبية العظمى من عناصر الانتاج.

2 – الاتفاقيات ، وما يعبر عنها باللانكليزية بـ conventions التي تصبح ملزمة عندما تصادق عليها الدول الراغبة بالانضمام اليها . وهذا التصديق هو ما يعطي الاتفاقيات القوة الملزمة . وهي عادة تدور حول تنظيم ساعات العمل والتأمين الاجتماعي والاجور وتشغيل النساء اثناء الليل ، الى غير ذلك من مواضيع تهدف أساساً الى إقرار العدالة الاجتماعية وتوفير حياة افضل للفئة العاملة .

يصدر المؤتمر ، الى جانب الاتفاقيات والتوصيات ، قرارات شتى تتناول المواضيع نفسها التي تتناولها عادة الاتفاقيات والتوصيات . أما في ما يتعلق بالقرارات التي اتخذها المؤتمر هذا العام ، فلعل جدول الاعمال الذي كان محل مناقشة في المؤتمر لهذا العام ، يعطي صورة واضحة عن طبيعة هذه القرارات . فقد اشتمل جدول الاعمال على توصية بتخفيض ساعات العمل ، ولم ينتهي المؤتمرون حتى الآن الى الاتفاق على رأي قاطع بهذا الشأن ، حيث كانت النية تتجه الى تخفيض ساعات العمل الى ست ساعات في اليوم ، أو اربعين ساعة في الاسبوع . وبحث المؤتمر كذلك موضوع اسكان العمال ، واتخذت ، بشأن هذا الموضوع ، التوصيات اللازمة لتوفير السكن الملائم للعمال وتذليل العقبات المالية للانتفاع بهذا المسكن ، سواء عن طريق الايجار او الشراء بالتقسيط . كما بحث المؤتمر موضوع التدريب المهني واتخذ بشأنه التوصيات الملائمة لحث الدول والهيئات ، مجتمعة ومنفردة ، على العمل لرفع مستوى الكفاية الفنية للايدي العاملة بصورة عامة . واتخذت توصيات تتعلق بمشاكل العمالة والمعاملة المتساوية بين الوطنيين وغير الوطنيين في ما يتعلق بالضمانات الاجتماعية . واتخذ المؤتمر ، من جهة اخرى ، علماً بخروج اتحاد جنوب افريقيا من منظمة العمل الدولية بسبب سياستها العنصرية والتفرقة في المعاملة بين المواطنين بسبب الجنس واللون . فدستور منظمة العمل الدولية وغيرها من المنظمات الدولية الاخرى ، لا يقر هذه السياسة التي لا تتناسب وكرامة الانسان . ولعل من الاهمية بمكان ان أشير الى ان المؤتمر قد وافق في دورته هذه على قبول عضوية الكويت وسيراليون وموريتانيا . وبهذا أصبح عدد الدول الاعضاء في منظمة العمل الدولي مئة عضو .

بمناسبة اشتراك الكويت في منظمة العمل الدولي ، هل يبيح القانون تأسيس نقابات عمالية في الكويت ؟ . وهل ستشمل هذه النقابات ، في حال تأسيسها ، جميع العمال العرب العاملين في البلاد ، أم يقتصر على المواطنين الكويتين فقط ؟.

إن قانون العمل في قطاعيه العام والخاص ، قد نص على حرية تكوين النقابات العمالية . وعليه، فليس ثمة ما يمنع قيام نقابات عمالية تتقيد بنصوص احكام القانون وتأخذ بالاعتبار ظروف البلاد الحالية . وحتى الآن ، كما هو معروف ، لا توجد نقابات عمالية في الكويت . ويعود السبب ، في اعتقادي ، الى سببين : الاول ، ان عدد العمال الكويتيين قليل جداً ، وهم حديثو العهد بالمسائل والقضايا العمالية ؛ وثانيا ، ان العمال من غير الكويتيين لا يفكرون في انشاء نقابات لهم . فشروط العمل في الكويت ومستوى الاجور ، أفضل في كثير من الاحيان من شروط العمل في اي بلد كان ، خاصة اذا ما قيست اجورهم في الكويت بتلك الاجور التي يمكن لهم ان يتقاضوها في بلدانهم الاصلية . ومع ذلك ، فنحن لا نستغرب قيام نقابات عمالية عندنا في المستقبل القريب . وهذا راجع ، بالطبع ، الى ظروف العمل في الكويت . أما عن طبيعة هذه النقابات وكيفية تكوينها فهذا امر ، ولا شك ، مرهون بوقته . أى انني أعيد وأكرر ان مبدأ تكوين نقابات في الكويت ، منصوص عليه في القانون . وهذا ما يفسح في المجال للحركة العمالية ان تنمو وتزدهر .

بصفتكم رئيس وفد الكويت الى هذا المؤتمر ، وبمناسبة اشتراك الكويت للمرة الأولى في المؤتمر ، ما هي الانطباعات التي خلفها المؤتمر في نفسكم ؟ .

يمكن تلخيص هذه الانطباعات بما يلي :

أولاً ، تعتبر اجتماعات المؤتمر العام السنوي للمنظمة مجالاً خصباً ونافعاً لاكتساب الخبرة وتبادل المعرفة ، وذلك نظراً لما تتيحه هذه الاجتماعات من فرص اللقاء والاختلاط بمختلف الوفود القادمة من بلدان عديدة والمؤلفة من جميع المستويات ، مما يتيح لنا ، ولسوانا كذلك ، تفهم الاوضاع الاجتماعية والعمالية السائدة في كل انحاء العالم .

ثانيا ، يعتبر هذا المؤتمر الهيئة العليا لتخطيط السياسة التي تسير عليها المنظمة في أعمالها . وعليه ، فالمؤتمر يعد منبراً عالمياً لسماع مختلف وجهات النظر بشأن أي موضوع يطرح على بساط البحث . وقد يكون من الصعب القول ، بصورة قاطعة ، ان أعمال المؤتمر بعيدة عن بعض التيارات والمناورات ذات الاهداف السياسية ، إلا ان مثل هذه الاغراض غير بارزة بشكل قاطع ونطاقها محدود جداً وتتطلب من جميع الوفود ، على أي حال ، اليقظة والحذر .

ثالثاً ، يمكن القول ان المؤتمر العام يتيح فرصة طيبة ومفيدة لمختلف الدول وممثليها من أطراف حكومية وعمالية واصحاب عمل المشاركة في اعمال المؤتمر واقرار التوصيات والاتفاقيات الهادفة التى تحسين ظروف العمل وتحقيق الرخاء والرفاه للبشر جميعاً . ولهذه الاسباب ، فان الانضمام لهذه المنظمة العمالية والمشاركة في أعمالها ذو نفع كبير ، ليس للدولة العضو فحسب ، بل لجميع دول العالم المتعاونة على اقرار السلم المبني على العدالة الاجتماعية . وهذا هو الهدف الذي قامت من أجله هذه المنظمة العالمية . وما من شك في ان كسب الكويت منه ، بصفة خاصة، كبير باذن الله تعالى .