إعادة النظر بنسب الارباح: أهم قرارات المؤتمر الثاني للدول المنتجة للنفط ( اوبيك )

بقلم معلق "الرائد العربي " لشؤون البترول

نشر المقال في اذار / مارس 1961 ، العدد الخامس ، الرائد العربي

إجتمع اعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط ( ويطلق عليها اسم اوبيك ) للمرة الثانية في كراكاس ، عاصمة فنزويلا ، في شهر كانون الثاني / يناير المنصرم . والاعضاء المؤسسون لهذه المنظمة هم خمسة : ايران ،
العراق ، الكويت ، المملكة العربية السعودية ، وفنزويلا . وقد حصل الاجتماع الاول في بغداد في شهر ايلول/ سبتمبر 1960 ، وجاء الاجتماع الثاني يوضح غايات المؤسسة واهدافها وينظم اعمالها وبرامجها .

اول عمل قامت به هذه المؤسسة لدى اجتماعها في كراكاس هو قبول
قطر كعضو جديد فيها . ومن ثم جرى الاتفاق على نظام المؤسسة ومركزها وكيفية تمويلها . كما جرى تعيين رئيس الوفد الايراني الدكتور فؤاد روحاني اول رئيس لمجلس ادارة المنظمة . ويتألف هذا المجلس من ممثلي الدول المؤسسة الخمس . وقد ترك الباب مفتوحاً امام انضمام بلدان مصدرة للنفط ، على ان تتمثل كل هذه البلدان بمقعد واحد في المؤسسة. وقد تقدمت بلدان اميركا الجنوبية بطلب الانتساب . كما اتفق على ان يكون مقر المنظمة الدائم في مدينة جنيف السويسرية . أما تمويل المؤسسة فستساهم فيه كل من الدول الاعضاء بمبلغ اولي قيمته 150 الف جينه استرليني .

عند افتتاح المؤتمر ، قال رئيس جمهورية فنزويلا ان الغاية المتوخاة من مؤسسة اوبيك هي المحافظة على المصالح العليا لشعوب البلدان المنتجة للنفط ، وجميعها من البلدان المتخلفة اقتصادياً ، من دون ايقاع أي ضرر بصناعة النفط او بالبلدان المستهلكة ، ومعظمها بلدان متطورة اقتصادياً . وذكر ان البلدان المصدرة للمواد الاولية ، ومنها بلدان النفط ، يتأثر دخلها انخفاضاً بانخفاض اسعار النفط ، اذا ما قيست تلك الاسعار باسعار المنتجات الصناعية . ومن أجل المحافظة على مصلحة البلدان التي تعتمد في دخلها على تصدير المواد الاولية ، تتوجب المحافظة على استقرار الاسعار .

تجدر الاشارة هنا ، الى ان احدى الوسائل الفعالة للمحافظة على الاسعار من الانخفاض تكون بتحديد الانتاج. وهذه عملية متبعة في الولايات المتحدة الاميركية . ويتطلب تحديد الانتاج وتقنيته على المستوى العالمي ، الاتفاق على الوسائل الفعالة للحصول على نتيجة مرضية للجميع . وما تزال هذه القضية قيد البحث والتداول من قبل اعضاء منظمة اوبيك .

تتعلق أهم قرارات المؤتمر الثاني للدول المنتجة للنفط بنسب ارباح شركات البترول . واتفق جميع الاعضاء على ان الفوائد التي تحصل عليها الشركات التي تتعامل مع المنظمة هي أكثر بكثير من ارباح شركات النفط في انحاء اخرى من العالم ، او حتى من ارباح الصناعات غير البترولية . فقد تبين ان الكثير من شركات النفط العاملة في بلدان منظمة اوبيك تحصل على ارباح صافية تزيد عن 50 بالمئة من قيمة الاموال الموظفة في تلك البلدان ، بينما عائدات رؤوس الاموال في بلدان اخرى ، وفي شتى الصناعات ، لا تتعدى 30 بالمئة، وغالباً ما تكون أقل من نصف هذه النسبة .

يجدر بنا ان نشير ، في هذا الصدد ، ان بريطانيا والولايات المتحدة الاميركية ، وهما الدولتان اللتان تنتمي اليهما معظم شركات النفط العالمية لديهما ميزان للارباح يسمى بالارباح العادلة المقبولة . ففي بريطانيا مثلاً، التي فرضت سنة 1953 ضريبة على الارباح الزائدة ، اعتبرت الارباح العادلة لشركات النفط والتعدين ، هي تلك الارباح التي تتراوح بين 10 و 14 بالمئة من رأس المال المدفوع ، وذلك حسب اعمار الموجودات الثابتة . اما في الولايات المتحدة ، فقد توصلت الدولة سنة 1940 ، ممثلة " بلجنة التجارة ما بين الولايات " ومعظم شركات النفط الكبرى ، الى اتفاق يحدد الدخل العادل . وقد اعتبر الاتفاق انه لا يحق لشركات الانابيب في الولايات المتحدة ان توزع على مساهميها انصبة من الارباح تزيد عن 7 بالمئة من قيمة الانابيب وممتلكاتها .

إن اعتماد البلدان المنتجة للنفط مبدأ " الربح العادل المعقول " اساساً لتحديد عائدات الشركات هو خطوة مهمة وموفقة ، إذ لا يوجد أي تبرير اقتصادي لمبدأ مناصفة ارباح انتاج النفط ونقله بين شركات النفط والحكومات، لأن هذا المبدأ لا يمثل سوى قوة مساومة اعتمده احد الفريقين وقت االمفاوضات . وباعتماد منظمة اوبيك تأمين ارباح " عادلة ومعقولة " لشركات النفط ، تكون الدولة الممثلة في المنظمة قد إستبدلت مبدأ مناصفة الارباح بمبدأ آخر يقوم على أساس نظرية صحيحة وقابلة للتطبيق العملي ، في الوقت نفسه .

ستقوم منظمة اوبيك بدراسات اقتصادية حول موضوع ارباح شركات النفط و تقابلها بالربح العائد من استثمارات اخرى لكي تخلص الى وسيلة عادلة وواقعية تؤمن حقوق البلدان المنتجة للنفط .