البترول العربي بين آراء الشركات والحكومات المصدرة

نشرت هذه المقابلات في كانون الاول / ديسمبر 1960 في العدد الثاني من مجلة الرائد العربي

إغتنمت مجلة الرائد العربي فرصة انعقاد مؤتمر البترول الثاني في
بيروت فأجرى مندوبها مقابلات مع عدد من اعضاء المؤتمر ، من أهل الاختصاص والمعرفة بشؤون النفط . كما وجهت الرائد العربي عدداً من الاسئلة لبعض ممثلي الشركات المشركة في المؤتمر والتي تقوم باستغلال واستثمار النفط في بعض البلدان العربية . فوقفت من خلال اجاباتهم على وجهات نظر هذه الشركات من مختلف المشاكل والقضايا البترولية الني تشغل الرأي العام العربي . ووجهت في الوقت نفسه اسئلة لممثلي بعض الاقطار العربية المصدرة للنفط فوقفت على وجهة نظر هذه الاقطار من موقف الشركات والحجج القانونية الشرعية التي تستند اليها في الخلاف القائم بين الفريقين بما يتعلق بالاتفاقيات البترولية الموقعة بين الفريقين : الاقطار والشركات ، بالاضافة الى سواها من المشاكل والقضايا النفطية . والرائد العربي ، إذ تنشر هذه المقابلات على صفحاتها ، تؤكد ايمانها بأن خير وسيلة للوصول الى الحقيقة وتعميق الوعي الاقتصادي بين جمهرة قرائها هي إطلاع القارىء العربي بأمانة على مختلف وجهات النظر ليتمكن هذا القارىء من ان يميز بين الصحيح و الخطأ والغث من السمين فيبني موقفه ورأيه الصحيح على اسس علمية سليمة وحجج دامغة . وفيما يلي الاسئلة والاجابات عليها :

السؤال الاول : هل تنص اتفاقيات البترول بين الحكومات والشركات صاحبة الامتياز على المشاركة او التشاور المسبق في اتخاذ القرارات المتعلقة بتحديد اسعار النفط الخام المنتج ؟ وما هو رأيكم في شرعية التخفيضات الاخيرة التي طرأت على أسعار النفط الخام .

السؤال الثاني : هل ترون ضرورة للتباحث مع الشركات المنتجة العاملة في بلادكم قصد تعديل هذه الاتفاقيات لادخال نصوص خاصة تحدد وتوضح الدور الذي يجب ان تقوم به حكومة بلادكم عندما تطرأ عوامل تستدعي إعادة النظر بأسعار النفط ؟.

السؤال الثالث : تبرر الشركات المنتجة قراراتها بتخفيض اسعار النفط الخام بما يلي :

1 – ظهور الاتحاد السوفياتي كبلد مصدر للنفط الخام .

2 – منافسة الشركات الصغيرة والشركات المستقلة .

3 – الزيادة التي طرأت على الانتاج في السنوات الاخيرة .

ما هو رأيكم في هذه المبررات ، والى أي مدى ستؤثر في اسعار النفط الخام المنتج من الشرق الاوسط ؟

السؤال الرابع : هل قامت حكوماتكم بأية إجراءات مقابل الاجراءات التي اتخذتها الشركات المنتجة ، او هل تنوى الحكومات ان تقوم بأية اجراءات في المستقبل ؟ وما هي هذه الاجراءات ؟

السؤال الخامس : هل لديكم ملاحظات عامة او حلول ترغبون في عرضها تتعلق بالخلاف الناشب بين حكومتكم والشركات المنتجة بشأن اسعار البترول الخام ؟ .

الدكتور مصطفى الحفناوي

عضو وفد الجمهورية العربية المتحدة

1 – من المعروف والمفهوم ان البترول ليس سلعة عادية ، تبيعها الحكومات المنتجة للشركات وتتصرف بها هذه الشركات كما يحلو لها ، وانما البترول وثيق الصلة بحياة الدول والبلدان التي تمتلكه في السلم والحرب . وانه بالنسبة لكثير من الدول العربية المورد الاهم من موارد ميزانياتها . وعليه ، فان التعاقد عليه لا يجري في نطاق القانون الخاص ( بطريقة العقود العادية ) ، وانما يجري في نطاق القانون العام (بطريقة الالتزام). وقواعد القانون العام تعطي الدولة مانحة الالتزام حقوقاً كثيرة تنبع كلها من المصلحة العامة لشعبها ، وهي لذلك تخولها ، دون معقب عليها ، الحق في تعديل شروط الالتزام بما يتمشى مع المصلحة العامة ، بل ولها عند الضرورة ان تلغي هذه الامتيازات بجرة قلم . فالمصلحة العامة فوق كل اعتبار آخر . وما دام هذا هو حكم القانون ، وما دام ان الملتزم ، أي الشركات صاحبة الامتيازات ، يعمل تحت اشراف الدولة مانحة الالتزام ، ويتلقى اوامرها وينفذها ، سواء في منطقة استغلال البترول او في السوق العالمية ، فمن الطبيعي اذن ان الشركات لا تستطيع التصرف في الاسعار وتغير فيها بغير موافقة الدولة مانحة الالتزام . بل واكثر من ذلك ، فإن الدولة مانحة الالتزام تستطيع ان تمنع الشركات من ان تبيع البترول لبلاد معينة اذا كان ذلك يتعارض مع مصلحة الدولة العليا .

2 – أود ان اذكر اولاً ان الجمهورية العربية المتحدة تنتج بترولها بنفسها . أما بالنسبة الى الاقطار الشقيقة التي تستعين بشركات أجنبية ، فأرجو ان يأتي الوقت الذي تستطيع فيه ان تعتمد على نفسها في صناعاتها البترولية . وللاقطار الشقيقة الحق في تعديل الاتفاقيات المبرمة في ما بينها وبين الشركات . وأعتقد أن المصلحة تقضي باجراء مثل هذا التعديل . والخطوة الاولى في ذلك هي اللجوء الى المشاورات والمفاوضات الودية ، فاذا لم تؤد هذه المشاورات والمفاوضات الى تحقيق ما تنشده الدولة ، وهي بصدد اداء وظيفتها العامة ، فانها من غير شك تستطيع ان تعالج الامر بتشريعها الذي يعد صاحب الكلمة الاولى والاخيرة ، كما سبق وحدث بالنسبة لالتزام شركة قناة السويس المنحلة والتي الغي امتيازها بقانون التأميم الذي أصدره الرئيس جمال عبد الناصر . وقد إعترف العالم أجمع بشرعية وقانونية التأميم . فهذه حقوق معترف بها ولا ينازع فيها من الناحية القانونية أحد .

3 – إن جميع المبررات التي استندت اليها الشركات لتبرير اجراء تخفيض الاسعار ليست صحيحة ، وهي محاولات والاعيب مكشوفة يراد بها حمل البلاد العربية على قبول سياسة الامر الواقع .

السيد محمد الظاهر

رئيس الوفد العراقي

1 – هناك نص غير صريح ومعقد . لكن من المفروض ان يتفق الطرفان على تحديد السعر السائد ، وانفراد الشركات بالتخفيض غير شرعي طبعاً .

2 – من الضروري تعديل النصوص بالشكل الذي يوفر مصلحة الحكومة في هذه المسألة باعتبارها شريكة في الربح .

3 – نحن نعتقد ان سعر لبترول غير خاضع للعوامل الاقتصادية المفروضة وانما هو سعر احتكاري . ولقد سبق للشركات ان اوعزت للصحف والمجلات والكتاب التابعين لها القيام بعملية تسنيد اعلامية الى العوامل الثلاثة الواردة في السؤال . ونحن لا نقبل بهذه الحجج الثلاث . ففي رأينا ان انتاج النفط في منطقة الشرق الاوسط محتكر من قبل " الكارتل العالمي " المعروف ، وان هذا الكارتل يسيطر ليس على الانتاج فحسب ، بل على عمليات النقل والتكرير والتوزيع . وكلما خفض هذا الكارتل أسعار النفط الخام ، كلما ازدادت ارباحه عن طريق نشاطه النفطي الآخر .

4 – قامت حكومتنا باتخاذ الاجراءات التي تخولها اياها نصوص الامتياز . كذلك اعتبر مؤتمر بغداد والمنظمة المنبثقة عنه بمثابة خطوة مجابهة في هذا الميدان .

5 – سبق ان عرض السيد عبد الله الطريقي هذا الموضوع في محاضرته بتاريخ 20/10/1960 في مؤتمر البترول العربي الثاني . وفي رأينا ان السعر السائد لنفط الشرق الاوسط يجب ان يحدد وفقاً للمعادلة التالية : السعر في سوق الاستهلاك ناقصاً اجور الشحن المتبقة من نقطة الشحن الى تلك السوق .

السيد م. ج. سلاديك

المدير العام لشركة خدمات البترول في الشرق الاوسط

1 – إن الاتفاقيات لا تتضمن نصاً صريحاً على وجوب استشارة الحكومات مسبقاً قبل اجراء التخفيض ، وليس من المألوف في النظام التجاري الحر ان تستشار الحكومات عند تقرير الاسعار . أما من حيث شرعية اجراء التخفيض فان النص الحرفي للاتفاقيات يدعو الى اعتبارها قانونية . لكن هناك عوامل اخرى يجب أخذها بعين الاعتبار عند بحث هذه القضية . فهناك مثلاً مسألة ما اذا كانت الحكومة شريكة في امتياز البترول ، وبالتالي ما اذا كانت العائدات التي تتقاضاها تشكل حصتها من هذه المشاركة او هي مجرد ضرائب تجبيها من الشركة . كذلك هناك مسألة ما اذا كانت امتيازات البترول هي جزءاً من قانون الدولة المانحة لهذه الامتيازات . فاذاكانت كذلك ، فباستطاعة الدولة اصدار قوانين اخرى تبطل مفعول هذه الامتيازات . وهكذا نرى ان هذه المسألة تحتاج الى دراسة معمقة ولا يمكن معالجتها بصورة سطحية . كما ان هناك ملابسات عديدة يتوجب ايضاحها قبل الوصول الى حكم في هذه القضية .

2- إن تعديل هذه الاتفاقيات لا يكفي . وان باستطاعة الحكومات ، على اي حال ، ان تصدر قوانين تجبر الشركات على التعاون معها في هذا المضمار، اذا ما تخلفت الشركات عن التعاون . والقضية التي يتوجب الاهتمام بها ، هي معرفة الاسباب الحقيقية التي دعت الشركات الى تخفيض الاسعار . وهذا الامر يتطلب دراسة تحليلية لتوضيح الوضع العام في الاسواق العالمية . فالمبررات التي قدمتها الشركات لتخفيض الاسعار لا تكفي ولا تفي ، إذ ان الاسباب التي توجب بالفعل تخفيض الاسعار المعلنة هي ثلاثة : انخفاض اسعار البيع، ارتفاع كلفة الانتاج ، وزيادة الضرائب . فهل حدث اي من هذه التغييرات في المدة الاخيرة ؟ .

3 – أ- يصدِر الاتحاد السوفياتي ما لا يزيد على 3 % من مجموع التقدير العالمي . وهذه النسبة لا تبرر تخفيض الاسعار بنسبة 6 % .

ب – إن لمنافسة الشركات المستقلة بعض الاثر في تخفيض الاسعار . ولتقدير أهمية وفاعلية هذه المنافسة يجب اعتبار نسبة ما تبيعه هذه الشركات ، وليس نسبة انتاجها فقط .

ج – باستطاعة الشركات العاملة في الشرق الاوسط تنظيم زيادة الانتاج بحيث لا يزيد عن نسبة زيادة الطلب العالمي . فاذا ما ازداد انتاجها في بلد ما تستطيع ، وهي المالكة لمعظم الامتيازات في الشرق الاوسط ، أن تخفض الانتاج في بلد آخر .

4 – هناك اجراءات عديدة يمكن اللجوء اليها للمحافظة على مستوى عائدات الحكومات ،كتحديد نسب الانتاج او تحديد نسبة معينة للعائدات . ولكن يتوجب دائماً وجود الجو السياسي الملائم لنجاح أي من هذه الاجراءات.

5 – لقد ضمنت ايجاباتي على الاسئلة السابقة كل الملاحظات التي اردت وودت ان اوردها .

السيد فرانك هندركس

المستشار القانوني لدائرة شؤون النفط والمعادن في المملكة العربية السعودية

لست مطلعاً على النص الحرفي لجميع اتفاقيات النفط ، لكن يمكنني القول إنه ، باستثناء الاتفاقية السعودية – اليابانية واتفاقية شركة بترول العراق ، فان الاتفاقيات لا تتضمن عادة نصاً صريحاً بوجوب استشارة شركات النفط لحكومات البلاد المنتجة قبل اتخاذ قرارات خاصة بتعديل اسعار النفط . على انني أعتقد ان وجوب تلك الاستشارات يتجلى بوضوح لمن يتفهم روح هذه الاتفاقيات . وهناك سبب آخر يجعل من تعديل الشركات لاسعار النفط عملاً غير قانوني ، وهو ان التعديل ليس إلا طريقة تتوسل بها الشركات لتخفيض قيمة الضرائب التي تدفعها لحكومات البلاد المنتجة ، والتي تبلغ قيمتها 5 بالمئة من الارباح التي تجنيها .

2 – إنه لمن سوء الحظ ان مثل هذه النصوص لم تورد في الاتفاقيات عند عقدها . وقد يرجع ذلك الى ان العائدات التي كانت تدفعها الشركات للحكومات كانت على أساس نسبة ثابتة لا تتأثر بتخفيض الاسعار ، ولكن، عند عقد اتفاق ينص على مناصفة الارباح على اساس الاسعار المعلنة ، فان أي تخفيض في الاسعار سينعكس سلباً على عائدات الحكومات . وليس من المحتمل ان تضاف الان نصوص خاصة بالتشاور المسبق في اتخاذ قرارات بشأن تعديل الاسعار ، الا في الاتفاقيات الجديدة . أما بشأن الاتفاقيات القائمة ، فاعتقد ان الحكومات يمكنها معالجة الوضع بشكل يقنع الشركات بمشاورتها قبل ادخال أي تعديل في الاسعار ، والا لجأت الحكومات الى اخاذ خطوات تأديبية .

3 – أ – أوافق الشيخ الطريقي رأيه في ان تصدير النفط الروسي الى الاسواق العالمية ليس عاملاً مؤثراً في تخفيض اسعار نفط الشرق الاوسط . ومما لا شك فيه ان الاتحاد السوفياتي يستطيع خلق المتاعب بالنسبة للاسعار في أسواق معينة ، وقد قام بهذا العمل في الماضي ، ومن المتوقع ان يقوم به في المستقبل . ولكن كيف يمكن للاتحاد السوفياتي ان يصدر كميات ذات أهمية من النفط ، وهو الذي يدعي انه يقوم بنشاط صناعي جبار بينما لا يزيد انتاجه عن 2.50 مليون برميل يومياً ، يصدر قسماً منه الى البلدان الشيوعية الاخرى . ان الولايات المتحدة ، مثلاً تنتج اكثر من سبعة ملايين برميل يومياً ، ومع ذلك فهي تستورد كميات اضافية لسد حاجاتها .

أنا لا أعتقد ان الاتحاد السوفياتي يستطيع ان يصدِر كميات كافية لاغراق السوق العالمية . وأشك في امكانية ازدياد أهمية النفط السوفياتي كعامل في تقرير اسعار النفط العالمي . وخلاصة القول ان دور الصادرات الروسية في تخفيض اسعار نفط الشرق الاوسط كان ثانوياً جداً .

ب – هناك منافسة من قبل هذه الشركات . فكثير من الشركات المستقلة والصغيرة ، رغبة منها في تأمين أسواق لها ، جدت في البحث عن النفط وعثرت عليه . غير انه ليس باستطاعة هذه الشركات غزو الاسواق العالمية إذ ليس لديها الامكانات اللازمة لتصدير النفط الذي تنتجه ، وبالتالي لن تستطيع المنافسة إلا في الاسواق المحلية .

ج – اعتقد ان وجود فائض في النفط هو السبب الرئيس للتخفيضات الاخيرة لاسعار نفط الشرق الاوسط . ويبقى المبرر الاقتصادي الوحيد الذي يبرر زيادة الانتاج متعلق بزيادة الطلب على النفط في الولايات المتحدة، وان لا تتمكن الصناعة النفطية الاميركية من رفع انتاجها بنسبة مماثلة . فلكي تتمكن الشركات المنتجة من سد حاجات الاسواق الاميركية ، خاصة عندما يرتفع الطلب ، عليها ان تفتش وان تعثر على منابع نفطية خارجية . انما عملية انتاج النفط من حقول جديدة تتطلب وتستغرق وقتاً طويلاً . وهذا يستوجب البدء بحفر ابار جديدة قبل ان تظهر الحاجة ، او تستفحل ، الى زيادة حقيقية في الانتاج . اما الفائض الحالي في الانتاج فنتج عن اكتشاف حقول نفطية جديدة وعن بعض الظروف السياسية الطارئة وعن القيود الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة الاميركية . إلا أن الولايات المتحدة نفسها سوف تضطر الى تخفيف هذه القيود او ازالتها بالكامل عندما ينشأ الحاجة لديها الى استيراد النفط او عندما تزول فترة الكساد الحالية لديها .

4 – إن الاجراءات الجماعية التي انبثقت عن مؤتمر بغداد هي خطوة إيجابية موفقة . ولم تقم الحكومات المنتجة ، باستثناء فنزويلا التي هددت بالتأميم ، باجراءات فردية . ومن الارجح باعتقادي ان البلدان المنتجة التي لم تشارك في ذلك المؤتمر ستتجاوب مع السياسة التي ستتبعها بلدان المؤتمر .

ليس من الضروري الآن القيام باجراءات متشددة تجاه الشركات . فلن تجرؤ هذه الشركات بعد اليوم على اتخاذ قرارات افرادية بتخفيض الاسعار ، بل ستلجأ دوماً الى استشارة حكوماتها . وتحاول الحكومات الان رفع الاسعار الى ما كانت عليه سابقاً . إلا انه ليس هناك مستوى ثابت للاسعار ، وقد لا تعود هذه الاسعار الى ما كانت عليه قبل التخفيض ، لكنها ستكون باي حال أعلى من الاسعار الحاضرة . غير ان الخطر الان لا يكمن في تخفيض الاسعار المعلنة بقدر ما تتعلق في الصفقات التي تتم بحسومات كبيرة . فبعض الشركات الصغيرة تلجأ الى هذه الحسومات لتجد سوقاً تصرف فيه كل ما تنتجه .

5 – أود أن أقول ان مؤسسة الدول المصدرة للنفط ستعمل بنجاح وستصل الى تحقيق أهدافها ، إذ انها لا تعتمد في مطالبها على اعتبارات سياسية او اقليمية ، بل على اسس اقتصادية سليمة . وسيحول تعاون الدول المنتجة فيما بينها دون تخفيض الاسعار من الشركات التي أخفقت ، حتى الآن ، في جميع محاولاتها لاضعاف مؤسسة الدول المصدرة ، وستخفق كذلك في أي محاولة تقدم عليها في المستقبل .

السيد دي كوندول

عضو وفد شركة نفط الكويت K.O.C.

1 – أ – يمكنني الاجابة على هذا السؤال في ما يتعلق فقط بالاتفاقية المعقودة بين شركة بترول الكويت وحاكم الكويت . وتنص هذه الاتفاقية على ان الشركة مسؤولة عن انتاج البترول في الكويت وتكرير ما يلزم لسد الحاجات المحلية . اما تصدير او تسويق البترول المنتج فمن مسؤولية الشركتان المؤسستان لشركة بترول الكويت . ولا تتضمن هذه الاتفاقية اية نصوص تتعلق بالاسعار . إلا ان هذه الاتفاقية عدلت عندما بدأنا اقتسام الارباح مناصفة مع الحكومة الكويتية . ولم تتضمن الاتفاقية المعدلة اية نصوص بشأن الاسعار . وجرت بعد ذلك مفاوضات بين حاكم الكويت والشركة إنتهت الى قبول الشركتين المؤسستين بدفع حصة الحكومة على أساس الاسعار المعلنة ، وليس على أساس الاسعار الحقيقية . وفي هذه المرة ايضاً لم تضف اية نصوص بشأن استشارة الحكومة قبل تعديل الاسعار .

ب- وعلى هذا ، وعلى ضوء هذه الاتفاقية الجديدة ، فمن الواضح ان تغيير الاسعار عملية شرعية من الناحية القانونية . وعلى كلٍ ، فالاسعار المعلنة تتغير تبعاً لحالة السوق العالمية . وكنا قد شاهدنا في السنوات الماضية ارتفاعاً في الاسعار ، الا ان حالة السوق العالمية الحالية أوجبت تخفيض الاسعار .

2 – إن تعديل الاتفاقيات بهذا الشكل ليس مقبولاً من الناحية العملية . فهذه الاستشارات لا تتفق وطبيعة العمليات التجارية التي هي اساس النجاح في تسويق النفط . فالاتفاق على صفقات البيع وتقرير اسعار النفط يجب ان يتم بين البائع والمشتري بسرية تامة .

3 – أ – إن صادرات البترول الروسي عامل فعال في تخفيض الاسعار . فالاتحاد السوفياتي يطمح الى استعادة المركز الذي كان يحتله في سوق النفط العالمية خلال الفترة التي سبقت الحرب العالمية الثانية ، عندما كان يصدر كميات كبيرة من البترول الى الاسواق العالمية . ومما يزيد في أهمية البترول الروسي في هذا المضمار انه يصدر الى بلدان اوروبا الغربية التي هي السوق الرئيس لبترول الشرق الاوسط.

ب – إن عدد الشركات المستقلة آخذ يالازدياد . وقد بدأت الشركة الكبيرة تشعر باهمية منافسة هذه الشركات لها . فالشركات المستقلة لا تتقيد بالاسعار المعلنة المتفق عليها من قبل الشركات الكبيرة . ولذا ، فان منافستها في الاسواق العالمية على اساس البيع باسعار مخفضة هو من الاسباب الرئيسة التي أدت الى تخفيض الاسعار المعلنة .

ج – هناك بالفعل فائض في الانتاج . فحكومتا العراق وايران تضغطان على الشركات العاملة في أراضيها لزيادة انتاجها

4 – ان تدخل الحكومات في العمليات التجارية أمر غير طبيعي ، وانا شخصياً اعارضه .

5 – أرجو ان تثق الحكومات العربية بصدق نوايا الشركات تجاهها . فالشركات لا تفكر مطلقاً في خداع البلدان التي تعمل فيها !..

السيد س.ل.لوكيت

ممثل شركة ستاندرد اويل ، نيو جرسي

1 – أ – لا تتضمن الاتفاقيات المعقودة بين شركات البترول وحكومات البلدان المنتجة اية نصوص بشأن تقرير الاسعار المعلنة . وهذا يعني ان للشركات منفردة الحق في تقرير الاسعار .

ب – وعليه فان القول بعدم شرعية تخفيض الاسعار كلام مردود وغير وارد او مقبول .

2 – اعتقد انه يجب ان لا تعدل الاتفاقيات بهذا الشكل . فأسعار البترول ، كأسعار سائر السلع ، تتقرر بين البائع والشاري ، ولا تقرر بنصوص قانونية .

3 – أود أن أوضح هنا أنه من الخطأ القول إن الشركات تستعمل هذه الحجج " كمبررات " لتخفيض الاسعار. فالعوامل المذكورة في السؤال هي التي أدت بالفعل الى تخفيض الاسعار . والشركات تأمل ان تزول هذه العوامل ، لكنه من الصعب اتخاذ اية اجراءات معاكسة ضد الصادرات الروسية والشركات المستقلة . قد يكون من المفيد ومن المستطاع تنظيم الانتاج .

4 – إن ما تريده الحكومات هو حق الاطلاع على أعمال الشركات . وهذا أمر مستحسن . وقد كانت الحكومات تقوم به في الماضي .

5 – إن قضية الاسعار في غاية التعقيد . والعوامل التي تتحكم في سوق البترول العالمية عديدة ومن الصعب فهمها او تقدير مدى آثارها . وهناك امر آخر : يظن الجميع ان شركات البترول تجني ارباحاً هائلة من عمليات الانتاج . إنه زعم خاطىء . فهذه العمليات لا تعود على المستثمرين بفائدة تذكر . وليس أدل على ذلك من ان اسعار اسهم شركات البترول قد تدنت في السنوات الاخيرة .

السيد بريغرين فلوز

دائرة اقتصاد النفط في شركة شل ، لندن

1- سأحصر اجابتي في الاتفاقيات التي ترتبط بها شركة شل . لا يوجد في جميع هذه الاتفاقيات ، حسب معرفتي ، اية نصوص بشأن المباحثات المسبقة قبل تغيير الاسعار .

2 – الاجابة على هذا السؤال تشتمل على نظرية هندركس . تقول هذه النظرية ان للحكومات الحق ، بل ان من واجبها ، تعديل نصوص اتفاقياتها مع الشركات صاحبة الامتيازات والشركات الاخرى ان هي وجدت ، لأن هذه الاتفاقيات في وضعها الحالي لا تتفق ومصلحة شعوب البلدان المنتجة . وقد ثارت في وجه هذه النظرية معارضة شديدة في المؤتمر على الصعيدين القانوني والعملي .

لا يمكنني بحث الناحية القانونية منها ولكن الاعتبار العملي . يظهر بوضوح ان اي شركة ترغب في استثمار اموالها في بلاد اجنبية تشترط ان تحصل على جميع الضمانات بان الظروف التي تستثمر بها اموالها لن تكون عرضة لتغييرات قد تؤثر على نسبة ارباحها او على التزاماتها تجاه عمالها وموظفيها ، او اية امور اخرى متفق عليها مع الحكومة قبل دخول الشركة الى البلاد . ولا يعني هذا ، بالطبع ، ان مثل هذه الاتفاقيات لا يمكن ان تغير اذا ما قامت ظروف توجب ذلك . غير ان مثل هذا الاجراءات يجب الا تأتي من طرف واحد . وهذا يعني ان اي تغيير في الاتفاقيات يطال نصوصها الاصلية يجب ان يتم عن طريق المفاوضات بين الحكومة والشركات المعنية . وانا لست في وضع يخولني سلطة الاعراب عن وجهة نظر شركتي في ما يتعلق بهكذا أمور . لكنني أعتقد اننا لن نرفض بحث اية قضية تثار .

3 – لا شك ان الصادرت السوفياتية هي من الاسباب التي أثرت عل اسعار النفط في الاسواق العالمية . وقد أوضح ذلك المستر جوروف ، رئيس منظمة تصدير النفط الروسية ، حينما تكلم عن ضرورة بيع النفط الروسي بأسعار تمكن هذا النفط من المنافسة في الاسواق العالية . وعلى الرغم من ان الكمية المصدرة بحد ذاتها ليست كبيرة ، إلا أنها ازدادت بنسبة كبيرة في السنوات القليلة الماضية . ومن المؤكد انها ستزداد في المستقبل ، كما أكد المستر جوروف .

كذلك يجب ان تقارن هذه الكمية بالمجموع الكلي لللانتاج في العالم ، والذي تستهلك كميات كبيرة منه في اماكن انتاجه ، خاصة في الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي . لكن كمية النفط التي تدخل نطاق التجارة العالمية لا تشكل الصادرات الروسية منه حالياً سوى 5.3 % . فالاثر الرئيس للصادرات الروسية على اسعار النفط لا يأتي من حجم الكمية المصدرة ، بل من تركيز هذه الصادرات على بعض الاسواق مثل ايطاليا او المانيا او السويد . وفي الهند هبط سعر النفط المستورد ، والذي تأتي غالبيته من الشرق الاوسط ، بمعدل 12 % بمجرد التهديد باستيراد النفط الروسي .

العوامل الاخرى المسببة لهبوط اسعار النفط هي عمليات الشركات الصغيرة ، خاصة تلك التي قامت باستثمارات كبيرة في فنزويلا قبل سنتين او ثلاث سنوات على أمل اقتحام اسواق الولايات المتحدة . وقد وجدت هذه الشركات الصغيرة انها تملك النفط ، ولكنها مكبلة بديون كبيرة عليها تسديدها ، بينما الاسواق الاميركية مغلقة في وجهها بسبب قيود الاستيراد التي فرضتها الحكومة الاميركية . فالمجال الوحيد امامها هو البحث عن منافذ في اسواق النصف الشرقي من الكرة الارضية . ولن تستطيع غزو هذه الاسواق الا باجراء تخفيضات كبيرة على الاسعار المعلنة يبلغ في بعض الاحيان 40 او 50 سنتاً للبرميل الواحد . كل هذه العوامل لها تأثير تخفيضي على أسعار النفط العالمية ، ونتيجتها ان هناك كميات احتياطية ضخمة من النفط تبلغ 5 الى 8 ملايين برميل يومياً يمكن انتاجها عند الطلب .

4 – من السابق لاوانه التنبؤ بنتيجة هذه القرارات . وكل ما يستطيعه المرء هو ان يعطي فكرة عما يمكن اعتباره أنسب الظروف لتطور صناعة النفط تطوراً سليماً . فمع انه يصح القول ان التنافس بين الشركات ، التي ازداد عددها بشكل ملفت في السنوات الاخيرة ، قد أدى الى انخفاض الاسعار . ويجب ايضاً ان نذكر ان هذا التنافس قد أدى الى توسع كبير في استعمال المحروقات الهيدروكاربونية كمصدر للطاقة ، حتى أصبح النفط والغاز الطبيعي يسدان نصف متطلبات الطاقة في جميع انحاء العالم . كما ان هذا التنافس قد أدى الى اكتشاف منتجات جديدة مهمة في ميادين لم تكن تدخل في الحسبان قبل وقت قصير كصناعة النسيج والبلاستيك الخ .. ، وهذا كله نتيجة التنافس في البحث عن مجالات جديدة لتصريف منتجات النفط . كذلك أدى هذا التنافس الى قيام نظام للتوزيع يكفل لاي كان وحيثما كان ، أن يحصل على حاجته من النفط بسعر يرضيه ويرضي البائع . ويرتكز هذا النظام التوزيعي على وسائل نقل عماده الناقلات المبحرة ليلاً ونهاراً ناقلة ما لا يقل عن عشرين مليون طن من النفط يومياً . وهذا كله من الالف مليون طن من النفط الذي سيستهلك هذا العام نتيجة للازدياد المتواصل على الطلب . وانا أعتقد مخلصاً ان احسن فرصة لتنمية الصناعة البترولية لخير الجميع هي استمرارها على أساس نظام حر غير مقيد .

5 – لقد كانت شركتي دائماً ، وما زالت ، على استعداد لتقديم جميع المعلومات للحكومات التي نعمل في أراضيها عن الاتجاهات التي تطرأ على أسواق النفط العالمية . وليس لدي ملاحظات أخرى أبديها ، إذ ان اجاباتي على الاسئلة السابقة تضمنت كل ما أريد ان أقوله .