حول أعمال مؤتمر المحامين العرب السادس

 

المنعقد في القاهرة بين 1 7 شباط/فبراير 1961

نشر هذا التقرير في اذار / مارس 1961 ، العدد الخامس ، الرائد العربي .

شهدت
القاهرة اول اجتماع لمؤتمر المحامين العرب يعقد على اراضي الجمهورية العربية المتحدة بعد قيام الوحدة بين مصر وسوريا .

إبتدأ المؤتمر أعماله في مطلع هذا الشهر واشترك فيه أكثر من الف وخمسمئة محام عربي . واقتصرت أعمال المؤتمر في اليوم الاول على سماع خطاب الرئيس
جمال عبد الناصر ، الذي افتتح المؤتمر بنفسه . كما استمع المؤتمرون الى كلمات الامين العام المساعد لجامعة الدول العربية الاستاذ الدرديري اسماعيل والدكتور عدنان القوتلي ، الامين العام لاتحاد المحامين العرب ، والاستاذ فاخر الكيالي ، وزير العدل المركزي في الجمهورية العربية المتحدة ، والاستاذ مصطفى البرادعي نقيب المحامين في الاقليم الجنوبي ، والاستاذ عبد الرزاق شبيب نقيب المحامين العراقيين ، والسيد محمد الجنابي مندوب محامي المغرب ، والاستاذ عبد الله شرف الدين ممثل محامي ليبيا ، والاستاذ محمد عبد الله رئيس وفد السودان ، والاستاذ سليم عربيد ممثل نقابة بيروت ، والاستاذ ماجد صفية نقيب محامي اللاذقية ، والاستاذ مصطفى الذوق نقيب محامي طرابلس ، والاستاذ ابراهيم ابو ستة نقيب محامي غزة .

إنبثقت عن المؤتمر لجان متعددة قامت ببحث ودراسة مختلف القضايا التشريعية والقانونية والقومية في البلاد العربية . وتمخضت هذه الابحاث والدراسات عن توصيات رفعت الى المكتب الدائم الذي قام باقرار معظمها واعلانها في جلسة المؤتمر الختامية .

تخللت مواعيد انعقاد المؤتمر ولجانه محاضرات وبحوث قيمة أعدها والقاها اعضاء مشتركون في المؤتمر . نذكر من هذه المحاضرات والابحاث محاضرة للدكتور جمال مرسي بدر من محامي نقابة الاقليم الجنوبي (
مصر) في الجمهورية العربية المتحدة حول ادعاء اسرائيل حق المرور في قناة السويس ، ومحاضرة حول الافلاس الواقعي قدمها الاستاذ ضياء شيت خطاب ، عضو محكمة استئناف بغداد ، ومحاضرة حول توحيد التشريع في البلاد العربية قدمها الاستاذ النقيب ظافر القاسمي من دمشق . كما قدمت للمؤتمر ابحاث عديدة أعدها المحامون المنتسبون للنقابات المشتركة في المؤتمر ، نذكر منها بحثاً حول خطابات الضمان والكفالات المصرفية قدمها الاستاذان المحاميان الدكتور احمد زكي الشيتي وفاروق غلاب من نقابة الاقليم الجنوبي (مصر) ، وبحثاً حول تحويل مجرى نهر الاردن ومحاولة اسرائيل السيطرة على موارد المياه العربية قدمه الاستاذ المحامي مصطفى البرادعي نقيب المحامين في الاقليم الجنوبي (مصر) ، وبحثاً حول سلطة القاضي في تعديل العقود في القانون المدني السوري وبالمقارنة مع قوانين البلاد العربية قدمه الاستاذ المحامي عبد السلام الترمانيني من نقابة حلب ، وبحثاً آخر حول سلطة القاضي في تعديل التعويض الاتفاقي قدمه الاستاذ المحامي جبرائيل غزال من نقابة حلب . كما قام الاستاذ المحامي عادل محمد علوية بتقديم بحث حول حق الجمهورية العربية المتحدة في منع اسرائيل من نقل بضائعها عبر قناة السويس وحول حق الجمهورية العربية المتحدة في اتخاذ اجراءات تأديبية ضد السفن التابعة لدول تنقل او تحاول ان تنقل بضائع عبر قناة السويس . وتقدم الاستاذ المحامي اسعد الكوراني ، نقيب المحامين في حلب ببحث حول الوحدة القانونية بين البلاد العربية ووسائل تحقيقها .

إستغرقت اعمال اللجان اربعة ايام متوالية سيطر عليها جو من النقاش العلمي والروح الرياضية . وكان من ابرز المواضيع المهنية التي بحثها المؤتمر في دورته السادسة هذه ، القانون الموحد لتنظيم مهنة المحاماة . وكان مشروع هذا القانون محل اهتمام مختلف النقابات والاعضاء في الاقطار العربية المشتركة في المؤتمر .

إختتم المؤتمر اعماله في يوم 7 شباط / فبراير واعلن توصياته التي اتخذت بالاجماع . وهذه أهم التوصيات:

- يوصي المؤتمر الحكومات العربية التي لم يعرَب قضاؤها بعد ان تواصل جهودها لتعريب القضاء وتوحيده حتى تصبح اللغة العربية وحدها لغة التقاضي في البلاد العربية . ويوصي المؤتمر الحكومات العربية ان تمد الدول العربية الحديثة العهد بالاستقلال بقضاة عرب ليحلوا محل القضاة الاجانب الموجودين لديها والذين لا يعرفون اللغة العربية .

- يوصي المؤتمر بالاخذ بنظرية الظروف الطارئة والتوصية بلزوم النص عليها في تشريعات سائر البلاد العربية .

- يوافق المؤتمر على المبدأ المقررفي المادة 224 من القانون المدني المصري الذي بمقتضاه يكون من الواجب الحكم بالتعويض مع امكان تحلل المدين من هذا التعويض اذا ثبت ان الدائن لم يلحقه اي ضرر .

- يوافق المؤتمر على اعطاء الحق للقاضي في تخفيض التعويض الانفاقي عندما يكون المدين قد نفذ جزءاً من التزامه وعندما يكون التقدير بالاصل مبالغاً فيه كثيراً بحيث لا يتناسب مطلقا مع الاضرار الفعلية . ويرى المؤتمر ان القاضي لا يجوز له ان يعمد الى زيادة التعويض الانفاقي الا في الحالات التي يكون فيها المدين قد ارتكب غشاً او خطأ جسيماً ، مع العلم ان ذلك يدل ايضاً على سوء النية .

- يوصي المؤتمر ان تتوسع البلدان العربية في تشريعاتها في حالات الاستغلال التي تنص عليها في القانون المدني ، بحيث لا تبقى قاصرة على حالتي الطيش البين والهوى الجامح ، بل تشمل حالات عدم الخبرة وضعف الادراك والحاجة وغيرها ، على ان يؤخذ نص المشروع التمهيدي للقانون المصري المتعلق بنظرية الاستغلال اساساً للبحث ، وعلى ان يضاف الى هذا النص : " ان علم المستفيد بوجود احدى هذه الحالات يقوم قرينة على قصد الاستغلال مع جواز اثبات عكس هذه القرينة " .

- يقرر المؤتمر الاخذ بنظام التقاضي على درجتين والاحتفاظ به في تشريعات البلاد العربية ضماناً لحسن سير العدالة وتأميناً لمصلحة المواطنين وحفظاً لحقوقهم .

- يوصي المؤتمر بقبول واقرار مشروع قانون الافلاس والصلح الواقي الذي أعدته وقدمته اللجنة الفرعبة المؤلفة لهذا الغرض وضمه الى الاجزاء الاخرى لمشروع القانون التجاري الموحد .

- يوصي المؤتمر بمتابعة ودراسة ووضع مشروع الاحكام الخاصة بالشركات وتقديمه في المؤتمر القادم لمناقشته واقراره .

- يطالب المؤتمر الحكومات العربية بتوحيد مصطلحات القانون بصورة خاصة وفقاً لما قرره المؤتمر من قبل .

- يوصي المؤتمر بضرورة تأليف لجان من الآن لوضع مشروعات القوانين الموحدة التي لم يتم وضعها حتى الان ، على ان تنتهي من عملها قبل انعقاد المؤتمر التالي بوقت كاف لعرض هذه المشروعات على النقابات المشتركة في الاتحاد .

- يرى المؤتمر ان رقابة القضاء على دستورية القوانين امر ضروري لضمان الحقوق والحريات العامة . لذلك ، فإن المؤتمر يوصي الدول العربية بان تتضمن دساتيرها نصوصاً خاصة بانشاء محاكم عليا دستورية تتوافر لها ضمانات كاملة ، وتكون مهمتها الاساسية مراقبة دستورية القوانين بطريق الدعوى الاصلية بناء على طلب ذوي الشأن ، كما يقضي بان تنظم الاحكام الخاصة بتكوين المحكمة العليا وضماناتها واجراءاتها بما يؤكد استقلالها الكامل وصفتها الدستورية .

- يوصي المؤتمر للوصول الى ضمانات عملية فعالة لهذه المبادىء بانشاء محكمة عدل عربية باتفاق الدول العربية وتكليف الامانة العامة لاتحاد المحامين العرب بالعمل على اعداد مشروع انشاء هذه المحكمة واختصاصها وسلطتها لدراسته في المؤتمر المقبل .