أخبرنا محمد بن خلفٍ وكيعٌ قال حدثنا حماد بن إسحاق قال حدثني أبي قال أنشدني مسعود بن خالد المورياني لنفسه في يونس:
يا يونس الكاتب يا يونـس |
|
طاب لنا اليوم بك المجلس |
إن المغنـين إذا مـا هـم |
|
جاروك أخنى بهم المقبس |
تنشر ديباجاً وأشـبـاهـه |
|
وهم إذا ما نشروا كربسوا |
أخبرني الحسين بن يحيى عن حماد عن أبيه قال: ذكر إبراهيم بن قدامة الجمحي قال: اجتمع فتيانٌ من فتيان أهل المدينة فيهم يونس الكاتب وجماعة ممن يغني، فخرجوا إلى وادٍ يقال له دومة من بطن العقيق، في أصحاب لهم فتغنوا، واجتمع إليهم نساء أهل الوادي - قال بعض من كان معهم: فرأيت حولنا مثل مراح الضأن -وأقبل محمد بن عائشة ومعه صاحب له؛ فلما رأى جماعة النساء عندهم حسدهم، فالتفت إلى صاحبه فقال: أما والله لأفرقن هذه الجماعة! فأتى قصراً من قصور العقيق، فعلا سطحه وألقى رداءه واتكأ عليه وتغنى:
هذا مقـام مـطـردٍ |
|
هدمت منازله ودوره |
رقى عليه عـداتـه |
|
ظلماً فعاقبه أمـيره |
- الغناء لابن عائشة رملٌ بالوسطى، والشعر لعبيد بن حنين مولى آل زيد بن الخطاب، وقيل: إنه لعبد الله بن أبي كثير مولى بني مخزوم - قال: فوالله ما قضى صوته حتى ما بقيت امرأةٌ منهن إلا جلست تحت القصر الذي هو عليه وتفرق عامة أصحابهم. فقال يونس وأصحابه: هذا عمل ابن عائشة وحسده.
صاحب الشعر الذي تغنى به ابن عائشة أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا أبو غسان محمد بن يحيى عن أبيه قال: تزوج عبد الله بن أبي كثير مولى بني مخزوم بالعراق في ولاية مصعب بن الزبير امرأة من بني عبد بن بغيض بن عامر بن لؤي، ففرق مصعب بينهما. فخرج حتى قدم على عبد الله بن الزبير بمكة فقال:
هذا مـقـام مــطـــردٍ |
|
هدمت مـنـازلـه ودوره |
رقـت عـلـيه عـداتــه |
|
كذباً فـعـاقـبـه أمـيره |
في أن شربـت بـجـم مـا |
|
وكـان حـلاً لـي غـديره |
فلقد قطعت الـخـرق بـع |
|
د الخرق معتسفـاً أسـيره |
حتـى أتـيت خـلــيفة ال |
|
رحمن ممـهـوداً سـريره |
حييتـه بــتـــحـــيةٍ |
|
في مجلسٍ حضرت صقوره |
فكتب عبد الله بن مصعب: أن ازدد عليه امرأته؛ فإني لا أرحم ما أحل الله عز وجل؛ فردها عليه. هذه رواية عمر بن شبة.
وأخبرني الحسن بن علي عن حماد بن إسحاق عن أبيه عن المدائني عن سحيم بن حفص: أن المتزوج بهذه المرأة عبيد بن حنين مولى آل زيد بن الخطاب، وأن المفرق. بينهما الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة الذي يقال له القباع؛ وذكر باقي الخبر مثل الأول.
أخبرني عمي قال حدثني طلحة بن عبد الله الطلحي قال حدثني أحمد بن الهيثم قال: خرج يونس الكاتب من المدينة إلى الشام في تجارة؛ فبلغ الوليد بن يزيد مكانه؛ فلم يشعر يونس إلا برسله قد دخلوا عليه الخان، فقالوا له: أجب الأمير - والوليد إذ ذاك أمير - قال: فنهضت معهم حتى أدخلوني على الأمير، لا أدري من هو، إلا أنه من أحسن الناس وجها وأنبلهم، فسلمت عليه، فأمرني بالجلوس، ثم دعا بالشراب والجواري؛ فكنا يومنا وليلتنا في أمر عجيب. وغنيته فأعجب بغنائي إلى أن غنيته:
إن يعش مصعبٌ فنحن بخيرٍ |
|
قد أتانا من عيشنا ما نرجي |
أصواته المعروفة بالزبائب
أقصدت زينب قلبي بعـد مـا |
|
ذهب الباطل عني والـغـزل |
وعلا المفرق شـيبٌ شـامـلٌ |
|
واضحٌ في الرأس مني واشتعل |
الشعر لابن رهيمة المدني. والغناء في اللحن المختار لعمر الوادي ثاني ثقيلٍ بالبنصر في مجراها عن إسحاق. وفيه ليونس الكاتب لحنان: أحدهما خفيف ثقيل أول بالبنصر في مجرى الوسطى عن إسحاق، والآخر رملٌ بالسبابة في مجرى البنصر عنه أيضاً. وفيه رملان بالوسطى والبنصر: أحدهما لابن المكي، والآخر لحكم، وقيل: إنه لإسحاق من رواية الهشامي. ولحن يونس في هذا الشعر من أصواته المعروفة بالزيانب، والشعر فيها كلها لابن رهيمة في زينب بنت عكرمة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام؛ وهي سبعة: أحدها قد مضى. والآخر:
أقصدت زينب قلبي |
|
وسبت عقلي ولبي |
تركتني مستهامـاً |
|
أستغيث الله ربـي |
ليس لي ذنبٌ إليها |
|
فتجازيني بذنبـي |
ولها عندي ذنـوبٌ |
|
في تنائيها وقربي |
غناه يونس رملاً بالبنصر. وفيه لحكم هزجٌ خفيفٌ بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق.
ومنها:
وجد الفؤاد بـزينـبـا |
|
وجداً شديداً متعـبـا |
أصبحت من وجدي بها |
|
أدعى سقيماً مسهبـا |
وجعلت زينب ستـرةً |
|
وأتيت أمراً معجـبـا |
غناه يونس ثقيلاً أول مطلقاً في مجرى البنصر عن عمرو وإسحاق، وهو مما يشك فيه من غناء يونس. ولعلية بنت المهدي فيه ثقيلٌ أول آخر لا يشك فيه أنه لها، كنت فيها رشأٍ الخادم - وذكر أحمد بن عبيد أن فيه من الغناء لحنين هما جميعاً من الثقيل الأول ليونس - ومن لا يعلم يزعم أن الشعر لها.
إنما زينب الـمـنـى |
|
وهي الهم والـهـوى |
ذات دلٍ تضني الصحي |
|
ح وتبري من الجوى |
لا يغـرنـك أن دعـو |
|
ت فؤادي فما التـوى |
واحذري هجرة الحبي |
|
ب إذا مـل وانـزوى |
غناه يونس رملاً بالخنصر في مجرى البنصر عن إسحاق.
ومنها:
إنمـا زينـب هـمـي |
|
بأبـي تـلـك وأمـي |
بأبـي زينـــب لا أك |
|
ني ولكنـي أسـمـي |
بأبي زينـب مـن قـا |
|
ضٍ قضى عمداً بظلمي |
بأبي مـن لـيس فـي |
|
قلبـه قـيراط رحـم |
غناه يونس رملاً بالبنصر عن عمرو، وله فيه لحنٌ آخر.
ومنها:
يا زينب الحسناء يا زينـب |
|
يا أكرم الناس إذا تنـسـب |
تقيك نفسي حادثات الـردى |
|
والأم تفديك مـعـاً والأب |
هل لك في ود امرئٍ صادقٍ |
|
لا يمذق الـود ولا يكـذب |
لا يبتغي في وده محـرمـاً |
|
هيهات منك العمل الأريب |
غناه يونس ثاني ثقيلٍ بالسبابة في مجرى الوسطى عن إسحاق.
ومنها:
فليت الذي يلحى على زينب المنى |
|
تعلقه ممـا لـقـيت عـشـير |
فحسبي له بالعشر مما لـقـيتـه |
|
وذلك فيمـا قـد تـراه يسـير |
غناه يونس ثاني ثقيلٍ بالوسطى في مجراها عن الهشامي.
ومن الناس من يجعلها ثمانيةً، ويزيد فيها لحن يونس في:
تصابيت أم هاجت لك الشوق زينب |
وليس هذا منها؛ وإن كان ليونس لحنه، فإن شعره لحجية بن المضرب الكندي، وقد كتب في موضع آخر؛ وإنما الزيانب في شعر ابن رهيمة. ومنهم من يعدها تسعةً ويضيف إليها:
قولا لـزينـب لـو رأي |
|
ت تشوقي لك واشترافي |
وهذا اللحن لحكم. والشعر لمحمد بن أبي العباس السفاح في زينب بنت سليمان بن علي، وقد كتب في موضع آخر.
انقضت أخبار يونس الكاتب.