العباسيون والقراصنة

واجه العباسيون ظروفاً صعبة في بداية عهدهم . إلا انهم تابعوا مراقبة القراصنة الذين حاولوا استغلال الفترة الانتقالية والعودة الى مهاجمة السفن الاسلامية التجارية المبحرة شرقاً فتصدى لهم العباسيون بحزم وأحدثوا وظيفة والي البحر مهمته تجهيز البحرية لمحاربة القراصنة وحماية السفن الاسلامية اثناء رحلاتها الى الشرق. وكان هؤلاء القراصنة قد حاولوا توسيع نطاق نشاطهم في منطقة الخليج العربي فاعتدوا في ايام أبي جعفر المنصور هلى جزيرة قيس ودمروها سنة 141 هجرية وساروا الى البصرة ودخلوها عنوة وصولاً الى نهر دجلة. فما كان من الخليفة ابو جعفر المنصور الا ان ارسل جيشاً بقيادة عبيدة السعدي لطردهم. وعاود القراصنة الميد الكرة مرة ثانية سنة 153 هجرية ووصلوا بمراكبهم وبوارجهم الى نهر الامير المتفرع من نهر دجلة فقتلوا وسبوا خلقاَ من المسلمين. وفي البحر الأحمر هاجم القراصنة الهنود مدينة جدة سنة 153 هجرية ونهبوا السفن التجارية الراسية في الميناء وفروا فلحق بهم جيش الخليفة وقضى عليهم وعلى نشاطهم في البحر الاحمر. وفي سنة 159 هجرية ارسل الخليفة المهدي حملة بحرية ضخمة الى الهند ووصلت الى مدينة باريد وفتحتها وقضت على القراصنة الهنود الذين تواجدوا فيها. وفي سنة 170 للهجرة ارسل الخليفة هارون الرشيد اسطولاً مكوناً من ثلاثة عشر مركباً خرجت من ميناء البصرة ووصلت الى حدود عُمان فهرب القراصنة الى المحيط الهندي. وتابع هارون الرشيد حملاته ضد القراصنة الميد وارسل سنة 177 للهجرة حملة بحرية بقيادة عمرو العربي الى بحر البصرة حيث تمكنت الحملة من أسر بارجة من بوارج الميد. وكانت هذه الحملة ايذاناً بان حملات الخلفاء العباسيين لن تتوقف حتى يزول خطر القراصنة وتنظيف الطرق التجارية البحرية منهم .

بعد ان فقد القراصنة مراكزهم في الخليج العربي لجأوا الى المحيط الهندي حيت كانوا يهاجمون السفن الاسلامية المتجهة الى الهند، كما خططوا لغزو السواحل المطلة على بحر العرب فتعرضت السواحل العمانية لهجمات بوارج الميد الهندية التي استخدمت طريقة الكر والفر لنهب المناطق البعيدة. ولما تولى غسان بن عبد الله اليحموي الامامة في عُمان سنة 192 للهجرة أمر ببناء سفن صنعت خصيصاً لملاحقة القراصنة الميد الهنود. وقد نجحت هذه الجهود العمانية بابعاد القراصنة عن السواحل العمانية .

واصل الخلفاء الذين جاءوا بعد الرشيد تأمين الملاحة التجارية في الخليج العربي وفي المحيط الهندي وتطهيرها من لصوص البحر، فأرسلوا الحملات البحرية العسكرية المتواصلة الى الهند، كان من بينها حملة كبيرة خرجت في عهد الخليفة
المأمون من مدينة سندان بالسند، مكونة من سبعين بارجة يقودها والي المدينة محمد بن الفضل بن ماهانو، وتبعتها حملة اخرى بقيادة ابراهيم بن هاشم، فعبرت المحيط الهندي متجهة الى مدينة سرشب وتمكنت من تطهير الطريق البحري الى الهند وتأمينه.

المراجع
1 – حركات ، ابراهيم : السياسة والمجتمع في عهد الراشدين ، الاهلية للنشر والتوزيع ، بيروت 1985 .
2 – المريخي ، سيف ، مجلة كلية الآداب ، القرصنة في الخليج والبحر الاحمر والمحيط الهندي ، جامعة الاسكندرية 2008 .
3 – البلاذري ، احمد بن يحي بن جابر : فتوح البلدان ، دار الناشرين للجامعيين ، بيروت 1957 .
4 – الطبري ، محمد بن جرير : تاريخ الرسل والانبياء والملوك ، دار المعارف ، القاهرة 1960 .
5 – المسعودي ، علي بن الحسين : مروج الذهب ومعادن الجوهر ، الشركة العالمية للكتا ب بيروت 1989 .
6 – المسعودي ، علي بن الحسن : التنبيه والاشراف ، دار التراث ، بيروت 1968 .
7– الاصطخري ، ابراهيم بن محمد : المسالك والممالك ، وزارة الثقافة ، القاهرة 1961 .
8 – Shaaban ,M.A. Islamic History , Cambridge , 1976 .

 



البصرة
هارون الرشيد