تجارة العراق في القرن الرابع للهجرة

نشير في مطلع هذا البحث الى ان العراق كان ينقسم في ذلك العصر الى منطقتين : المنطقة الجنوبية التي أطلق عليها اسم العراق، والشمالية التي عرفت باسم الجزيرة . أما كلمة السواد فتشير الى الاراضي الغرينية التي شملت كل المنطقة الجنوبية . إمتد العراق ككل من عبدان الى جبي شمالاً فالطيب فحلوان، ثم شمالاً غرباً الى تكريت فالسن فحديثة فالموصل فجزيرة ابن عمر فارزن ، ثم شرقاً الى البصرة في الخليج .

التجارة في العراق حسب المؤرخين القدامى

عالج عدد من الكتاب والمؤرخين القدامى الذين عاصروا تلك الفترة موضوع التجارة في هذه المنطقة التي أصبحت تعرف حديثاً باسم العراق ، وحاولوا ايجاد المخارج التي لا تتعارض مع الشرع في ما يتعلق بمواضيع جد شائكة كالربا والفائدة الخ.. . فالجاحظ الذي توفي سنة 869 م، وهو ابن عراق، ترك رسالة للتجار عنوانها كتاب"التبصرة في التجارة" ذكر فيه بعض المبادئ العامة في التجارة وتكلم عن الذهب والفضة والاحجار الكريمة والعطور والثياب والمنسوجات. وله مؤلف آخر عنوانه "رسالة في مدح التجار وفي ذم خدمة السلطان". وعالج مؤلفون وجغرافيون كابن خرداذبه وابن رستة واليعقوبي وابن الفقيه والمسعودي والمقدسي وسواهم بعض جوانب التجارة والمنتوجات المحلية ووصفوا طرق المواصلات البرية والبحرية والنهرية. ووضع الشيباني المتوفي سنة 1009 م . كتاباً خاصاً بالتجار شرح لهم فيه الطرق التي يستطيعون بموجبها ان يتجنبوا القيود الاسلامية في بعض طرق البيع وفي مسألة الربا . أما أبو الفضل الدمشقي فتناول في كتابه الاشارة الى محاسن التجارة واصناف البضائع والمعاملات التجارية وأصولها ، وصنف التجار . كذلك صنف البيروني في مؤلفه "الجماهير في معرفة الجواهر" الاحجار الكريمة وتحدث عن المباديء الاقتصادية العامة وتكلم عن بعض العوامل الطبيعية والجغرافية التي أسهمت في نمو التجارة العراقية ومنها موقع العراق الجغرافي كجسر بين ايران والهند وأواسط اسيا والصين من جهة ، والجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر والغرب من جهة اخرى، ونصح العراقيين ان يصبحوا وسطاء اساسيين في تجارة العالم المتمدن. ولاحقاً دعا ابن خلدون، الذي أطلق على العراق اسم "السوق الأعظم للتجارة" ، الى حل مشكلة الربا والصيرفة . وقال ان هاتين المشكلتين حلتا لسببين اثنين: اولاً، لأن المتعاملين بهما ، خاصة مشكلة الربا ، كانوا من غير المسلمين ؛ وثانياً لأن التجارة توسعت بشكل كبير مما دفع بالفقهاء الى إيجاد وسائل مشروعة للتخلص من المشكلتين معاً . وفي مؤلفه "المخارج والحيل" قال الشيباني ان موضوع الربا قد حل عملياً ببيع البضائع من دون رؤيتها ، وأجاز التأخير بالدفع ونقل الديون والدفع باقساط ، كما أجاز الفائض مقترحاً " بيع العينة " لتسويغ الفائض ( الفائدة ) .

حرم الشرع احتكار المواد الغذائية ، لكن التجار لم يتقيدوا بهذا التحريم . اما في ما تعلق بالمواد غير الغذائية فالاحتكار لم يكن مألوفاً وليس ممنوعاً . وحدها الدولة احتكرت آنذاك المنسوجات الرسمية والطراز للخليفة .

التجار وتجاراتهم

تعاطى التجار بالدرجة الاولى بأدوات الترف كالبسط والجواهر والرقيق . وكانت أسواقهم تعتمد كثيراً على كبار الموظفين وعلى الأغنياء . وهذه نماذج من تجارات التجار في ايام الدولة العباسية :

تعامل ابن الجصاص بادوات الترف فقط ، كالجواهر والرياش . وكان يتعامل بشكل عام مع الطبقة العليا في الدولة . وكانت أرباحه هائلة ، فجمع ثروة كبيرة وصار له نفوذ واسع .

ويحدثنا ابو الفضل الدمشقي بدوره عن ثلاثة انواع من التجار :

1 – الركاض ، وهو التاجر الذي يتعامل مع بلدان عديدة ومختلفة .

2 – الخزان ، وهو التاجر الذي يشتري البضاعة وقت توفرها وكثرة البائعين لها وقلة الطلب عليها ثم يحفظها وينتظر ان تنعكس الظروف فيرتفع ثمنها .

3 – المجهز ، وهو التاجر الذي لا يسافر من بلد الى آخر ، بل يكون له وكلاء مأمونون يرسل اليهم البضاعة أمانة لبيعها . وبدورهم يشتري له الوكلاء ما يحتاج اليه من البضائع ويرسلونها اليه .

أما السماسرة فكانوا يفوضون بشراء البضائع وبيعها ، وكانت أجورهم مرتفعة . وكان التجار احياناً يشكلون شركات ، منها :

1 – شركة الضمان ، حيث يساهم التجار برأسمال الشركة ويتعاونون في العمل ويتقاسمون الارباح ويتحملون الخسائر ، كل بنسبة رأسماله .

2 – شركة المفاوضة ، وفيها يتفق المساهمون على افتسام الربح وتحمل الخسارة .

3 – شركة الوجوه ، وفيها يساهم احد المتنفذين او الوجهاء باعطاء أسمه للشركة في حين ان الثاني يقوم بالعمل .

الاعتماد                                     

لجأ التجار بكثرة آنذاك الى الاعتماد في معاملاتهم التجارية . ويقول ابو الفضل الدمشقي في مؤلفه "الاشارة الى محاسن التجارة" ان الاعتماد تألف من ثلاثة أنواع :

أ – المضاربة او المقارضة ، وهي ان يشتغل شخص برأسمال شخص آخر لقاء حصة من الارباح يتفق عليها مسبقاً بين الفريقين . وكان المقارض يدفع نفقات سكنه واقامته ، في حين ان أجور النقل كانت تسدد من صافي الارباح .

ب – السلف المؤجل ، أي إقتراض المال ثم وفاءه لاحقاً بموجب الشروط المتفق عليها بين الطرفين .

ج – الاستلاف المنجَم ، أي اقتراض مال على ان يسدد على اقساط محددة القيمة والزمن .

الاقتراض                           

كان التجار يقترضون الاموال من الصرافين بربح معين . وكان لبعض التجار " ناقد" خاص ينظم لهم معاملات الاعتماد . ويروي التنوخي في مؤلفه "الفرج بعد الشدة" ان تاجراً من أهل الابلة احتاج الى خمسمئة دينار ، فذهب "ناقده" الى البصرة واقترض له هذا المال . ومن جهة اخرى اعتاد التجار على اقراض بعضهم بعضاً .

باع التجار احياناً عملاءهم بالدين ، فكانوا يعطونهم البضاعة على ان يستلموا اثمانها فيما بعد . ويتحدث التنوخي عن رجل أصابه ضيق لأن التجار لم يقرضوه المال الذي احتاج اليه . وكانت القروض تتراواح بين الآف الدنانيير وبين جزء من الدينار . وأشار
الجاحظ في مؤلفه "البـخـلاء" ان معاملات الاعتماد، من استدانة او ايفاء دين ، كانت تنظم في صكوك بحضور شاهدين اثنين يوقعان الصك ثم يختم هذا الصك بنوع من الطين .

وجدت معاملات أكثر تعقيداً . فكان الدائن أحياناً يشترط وجود وكيل يتعهد بدفع الدين متى عجز المدين عن تسديد دينه . وكان الدين يحول احياناً من شخص الى آخر . واستخدمت هذه الطريقة لتصفية الديون .

في الاخبار ان أمر التجار، وسمي سفاتج، كان نافذاً في المشارق وفي المغارب لأنهم كانوا يكتبو سفاتج (نوع من سند دفع) بالاموال الجمة على معاملاتهم فيكون "أسرع في الرواج من مال الجباية والخراج". وكانت هذه السفاتج تقبل في بلاد الاعداء والبلاد الاسلامية المستقلة (مسكويه: تجارب الأمم) .

كانت معاملات الاعتماد تحصل كذلك بين الدولة والتجار. ففي أوقات الازمات ، وعند تأخر جباية الضرائب ، كانت الدولة تقترض من التجار ( دين على الدولة ) . ومتى اقترض الوزير من التجار قدم لهم ضماناً بالدين . فكان علي بن عيسى ، كما يذكر التنوخي في مؤلفه "نشوار المحاضرة" ، يعطي التجار سفاتج مؤجلة على الواردات ، تصرف حين يحل موعدها . واذا شكا التجار من معاملة الدولة فانهم كانوا يتوقفون عن اقراضها . وهذا ما حصل مع الوزير ابن شيراز (943 – 945 م . ) عندما رفض التجار تسليفه مالاً لأنه ظلم بعضهم وصادر أموالهم . وكان التجار يأخذون فائدة على ما يقرضونه للدولة والسفاتج التي يصرفونها .

الأسواق

كونت الاسواق جزءاً مهماً من المدن . فعندما وضعت خطط بناء بغدادفي القرن الثامن للميلاد وخطط سامراء في القرن التاسع للميلاد وجهت عناية خاصة للاسواق . وعندما بنى المتوكل (في منتصف القرن التاسع ميلادي) الجعفرية شمالي سامراء أقام سوقاً في كل حي تسهيلاً للمشترين . وكان لكل صنعة او تجارة سوقها او دربها .

1 - أسواق بغداد

كانت بغداد ملتقى التجار في العصر الساساني وأصبحت الآن المركز العظيم للامبراطورية العباسية . وجعلها موقعها الجغرافي السوق الطبيعي للتجارة الداخلية . فنهري دجلة والفرات يصلان بينها وبين الطرق البحرية في الجنوب ، وبينها وبين أرمينيا وبلاد الشام في الشمال والغرب ، في حين ان طريق بغداد – خرسان الكبير حولها الى مركز مهم لتجارة ايران وأواسط آسيا . وبدا ان القسم الغربي من المدينة كان أكثر تطوراً من القسم الشرقي .

الكرخ هي "السوق العظمى" في بغداد ، وهي معدن التجارة . ويقول
اليعقوبي في مؤلفه "البلدان" ان طولها بلغ آنذاك فرسخان (حوالى ثلاثة اميال او ما يساوي ثمانية كيلومترات) وعرضها فرسخ واحد (حوالى ميل واحد). وعلى جانبي "باب الكرخ" اسواق مهمة . وهناك أسواق واسعة لكل انواع التجارات في محلة باب البصرة ، فضلاً عن اسواق أخرى في درب المحول حيث كانت المراكب القادمة عبر الفرات تلقي بحمولاتها (الخطيب البغدادي في مؤلفه تاريخ بغداد). ويقول اليعقوبي :

"وكان لكل تجارة في الكرخ شوارع معلومة، وصفوف في تلك الشوارع وحوانيت وعراص، ولا يختلط أصحاب المهن من سائر الصناعات بغيرهم، وكل سوق مفردة ، وكل أهل مفردون بتجارتهم " . ومن أسواق الكرخ المتفرعة والمنفردة: سوق البطيخ للفاكهة وسوق البزازين لبيع الأقمشة وسوق الطعام وسوق العطارين وسوق الصرافين وسوق او دار القطن وسوق الوراقين التي ضمت سنة 892م . ما ينوف عن مئة مكتبة .

كانت محلة الحربية مركز التجار الاجانب وفيها سوق باب الشام . وهي كما وصفها اليعقوبي : " سوق عظيمة فيها جميع التجارات والبياعات تمتد في شارع عظيم تتفرع منه الى الجوانب دروب طوال ، وفي كل درب أهل بلد من البلدان يطلق اسمهم عليه . ومن تجار هذه السوق : أهل بلخ ، أهل مرو ، أهل الختل ، أهل بخارى ، أهل كابل شاه ، واخيراً أهل خوارزم. ولكل أهل بلد قائد ورئيس".

باب الطاق هو الحي التجاري الرئيس في الجانب الشرقي من
بغداد في طرف الجسر المركزي . يتفرع من ساحة هذا الجسر سوقان : سوق الاساكفة وسوق الطيب حيث تباع العطور والزهور . ووراء هذين السوقين تمتد سوق الطعام وفيها حوانيت للخبازين وللقصابين . وكان سوق الصاغة في بناية فخمة . وكان هناك سوق للوراقين . أما سوق الغنم فكانت قرب باب المخرم على ضفاف نهر بطاطيا . وفي سوق خضير كانت تباع طرائف الصين . وتقع هذه السوق قرب الجسر الأعلى .

2 - أسواق البصرة

تمتعت البصرة بموقع جغرافي مناسب حيث كانت تلتقي الصحراء بالسهل الخصيب والبحر . كانت البصرة باب العراق ومحط التجارة الشرقية وملتقى القوافل الآتية من الصحراء . قال عنها الجاحظ في مؤلفه البـخـلاء: "يقال انه ليس في الارض بلدة واسطة، ولا بادية شاسعة، ولا طرف من الاطراف، الا وأنت واجد بها المديني والبصري والحيري".

بلغت شهرة البصرة في التجارة مبلغاً كبيراً ووصفها الافغاني في مؤلفه "
أسواق العرب" بانها قبة الإسلام. كانت البضائع تحمل اليها من مختلف بلدان الشرق . ولا بد من الاشارة الى ان الجاحظ كان من أهل البصرة .

3 - أسواق المربد

شغل المربد مركز تجارة البصرة مع الصحراء . قام عند باب البصرة الغربي على طرف الصحراء (ياقوت: معجم البلدان). كانت سوق المربد في الأساس سوقاً للجمال ثم نمت السوق وتطورت بسرعة في نهاية عصر الراشدين ( 660 م ) وأصبح المربد سوقاً للبدو تباع فيه النمور والجمال والاسلحة وغنائم الحرب . جرى توسيع السوق في العهد الاموي ( 749 م ) وصار ملتقى البدو والحضر للتجارة وأصبح المربد في الوقت نفسه مركزاً أدبياً التقى فيه كبار الشعراء كالفرزدق وجرير . وفي نهاية القرن الثالث للهجرة ( التاسع ميلادي ) أصبح المربد مركزاً نشيطاً للاعمال التجارية وموطن أنس ومرح ومسرحاً للفعاليات الادبية، ووصل درجة من الازدهار حتى أطلق عليه اسم  "عين البصرة" .

4 - أسواق الابلة

كانت الابلة مرفأ البصرة ومركز تجارتها . قامت على ضفاف نهر الابلة . حضنت عدداً كبيراً من الأسواق والخانات . نهرها كان مرصوفاً بالسفن بصورة مستمرة ، وقامت السلطات في وقت من الاوقات بصرف مبالغ كبيرة لانشاء ادراج صخرية على ضفاف نهر الابلة ليمكن النزول الى مستوى النهر الواطي ء وقت الجزر تسهيلاً لشحن السفن بالبضائع او لتفريغها .

5 - أسواق الموصل

كانت هذه المدينة مركزاً مهماً للتجارة . إالتقت فيها طرق التجارة من أذربيجان ومن بلاد الشام ومن ارمينيا ومن جنوب العراق. إعتبرها ياقوت الحموي في "معجم البلدان" باب العراق ومفتاح خرسان ورأس طريق اذربيجان . كانت تمون العراق بالحبوب في أوقات الشدة . قال عنها ابن حوقل في مؤلفه "المسالك والممالك" بعد ان زارها سنة 969 م . : " أسواق واسعة ... بها كل جنس من الاسواق : الاثنان والاربعة والثلاثة مما يكون في السوق المائة حانوت وزائد " . وأثنى المقدسي على أسوافها التي كان أكثرها مسقوفاً . كما أثنى على فنادقها البديعة . ومن بين أسواق الموصل: سوق الطعام وسوق الاساكفة وسوق الغنم . وكان يقام في ساحة قلعتها الداخلية سوق في ايام الاربعاء دعي بسوق الاربعاء . كان الفلاحون يأتون اليه للتسوق او لبيع منتجاتهم.

6 - أسواق الكوفة

تقع الكوفة على طريق الوادي الخصيب قرب الصحراء . جاءها الحجاج للتزود او للراحة وهم في طريق الحج . كانت ملتقى القوافل القادمة من الصحراء . ضمت مركزان تجاريان : دار الرزق ودار الكناسة. أنشأ الاول على الضفة الغربية لنهر الكوفة. تميزت أسواقه بانها كانت مغطاة وامتدت من جسر الكوفة حتى مركز المدينة. اما الثاني فكان عند الباب الغربي للمدينة واصبح مع الوقت مركزاً للتجارة الواسعة مع شبه الجزيرة العربية. كانت عمليات بيع وشراء المواشي والبغال تجري في احد اسواق الكوفة الذي عرف بسوق "البراذين" .

7 - أسواق سامراء

بلغت هذه المدينة المستحدثة أوجها من الازدهار في خلال القرن الثالث للهجرة عندما أصبحت عاصمة للدولة العباسية. كانت تجارتها داخلية وأسواقها لخدمة أهلها فقط . قلت أهميتها في القرن الرابع للهجرة .

نشأت بالاضافة الى هذه الاسواق أسواق " ظرفية " او " موقتة " كان الباعة فيها من المزارعين او الحرفيين الذين حملوا منتجاتهم لبيعها من الناس مباشرة . كما وجدت أسواق تعاطت بالبيع بالجملة . ولا بد من الاشارة الى ان الباعة المتجوليين وجدوا هم ايضاً طريقهم الى الاسواق لبيع ما حملوا ولشراء ما احتاجوا اليه .

صادرات العراق

 
من
بغداد : الاقمشة القطنية والمنسوجات الحريرية ، خاصة المناديل والازر والعمائم ، الخزف والادوات الزجاجية والدهون والمعاجين والادوية .

من البصرة : التمور والخز وماء الورد والبنفسج والحناء .

من الابلة : المناديل والعمائم .

من الموصل : الستور والمسوح والدرَاج والحنطة والشعير والعسل والملح .

من الكوفة: مناديل الخز الكوفية والوشي والتمور ودهن البنفسج .

من واسط : البسط والستور والتكك .

من ميسان : الانماط والوسائد والستور والبسط .

من آمد : الطيالسة الصوفية والثياب الموشية والمناديل والمغارم ( شراشف الفرش ) وثياب الكتان والصوف .

من حران : القطن والعسل والموازين

من نصيبين : الرصاص والموازين والفاكهة المقددة والشاه بلوط وحجر الزجاج الفاخر .

من الجزيرة : الفاكهة المجففة والخيول الأصيلة .

من عبدان : الحصر .

من حلوان : الرمان والتين والكامخ .

واردات العراق

من ايران : البسط والطفافس والسجاد والثياب الكتانية والثياب الرقاق والطيالس الصوفية والثياب الموشية والابريسم الجيد والقلانس والفاكهة (التفاح والخوخ والسفرجل والكمثرى والزبيب) والشراب وماء الورد والمعاجن ودهن الياسمين والكحل والزعفران والزمرد والسكر.

من بلاد ما وراء النهر : القطن والمنسوجات الحريرية والملابس الصوفية وفرو السمور والسنجاب والفنك  (حيوان صغير يشبه الثعلب) والرقيق التركي والاسلحة كالسيوف والاقواس والكاغد .

من الهند : التوابل والاحجار الكريمة ، خاصة الياقوت ، والعقاقير والكافور والعنب والعود الهندي وجلد النمور والصندل الابيض والآبنوس وجوز الهند والفيلة والرماح والقطيفة .

من التيبت: المسك .

من ملفا : التنك .

من الصين : الحرير والثياب الحريرية ، الديباج ، الغضائر (خزف أخضر)، الجواري ، الخصيان ، اللبود ، العقاقير، الضارصيني، المسك، الطواويس، الفيلة، الأوني الذهبية والفضية، السروج، الكاغد، المداد.

من الشام : المنسوجات الحريرية ، القطن ، المنسوجات القطنية ، الميازر ، زيت الزيتون ، السكر ، الزجاج والادوات الزجاجية ، الفاكهة كالتفاح والتين .

من شبه الجزيرة العربية : الخيول العربية ، نجائب الابل ، الادم (الجلد المدبوغ) ، الاحذية ، النعام ، القنا ( لصنع الرماح ) .

من اليمن : البرود ، الادم ، العصائب ، العنبر الثمين ، الديباج ، الزعفران ، الورس (الزعفران)، البخور ، المر ، الدروع، السيوف ، البغال ، الحمير ، السبح .

من مصر: النسيج القطني ، الثياب ، المنسوجات الصوفية ، الزبرجد ، دهن البلسان ، البغال ، الحمير ، القراطيس .

من شمال أفريقيا : اللبود ( قماش للسرج ) ، الاكسية ، ثياب الصوف ، القرظ ( ورق السلم تدبغ به الجلود ) ، النمور ، الفرو، السمور، السنجاب ، الرقيق ، الجواري ، السيوف .

من الاندلس : أجود النحاس ، الزئبق ، البز ، الاقمشة القطنية ، الجواري .

من ارمينيا : البسط الرقاق ، السجاد ، الفرش ، الستائر ، الصوف ، الثياب الصوفية ، البراذع ، التكك .

من آسيا الصغرى : الديباج الرومي ، الثياب الكتانية ، الارز ، البسط ، التكك .

المواصلات الداخلية النهرية


تميزت المواصلات النهرية بسهولتها وبكونها الأسرع . وكان نهرا دجلة والفرات أهم ممرين مائيين في البلاد ، يصلان الأقسام العليا من
العراق بالخليج العربي ويربطان بين المدن المختلفة .

دجلة : كان نهر
دجلة صالحاً للملاحة في أقسامه العليا وكان النقل فيه بين الموصل وبغداد سهلاً . كذلك كان التنقل فيه من بغداد حتى خليج البصرة أسهل منه من بقية أجزائه لأن النهر يتسع في هذا الجزء وتقل فيه الموانع ، كما تقل سرعة تياراته . إستخدم النهر للتنقل شمالاً ، عكس تياره ، وصولاً الى الموصل . غير ان تيار النهر كان قوياً شمال تكريت. وكان التنقل بالقوارب شائعاً في بغداد .

الفرات : كانت القوارب تصعد فيه شمالاً حتى الرقة. غير ان السير فيه في الجزء الأكبر من مجراه كان يأخذ اتجاه مجرى النهر. وكانت السفن القادمة في الفرات تسير في نهر عيسى حتى المحول الواقع غرب بغداد ، حيث تنقل الاحمال الى قوارب صغيرة وصولاً الى مدينة بغداد . وهذا الطريق سلكه التجار العالميون .

المواصلات البرية


تميزت المواصلات البرية بسهولتها نظراً لاستواء سطح البلاد . وشغلت بغداد مركزاً تلتقي فيه طرق رئيسة تؤدي الى مختلف انحاء البلاد وهي :

1 – طريق شرقي : الى حلوان ومنها الى ايران وأواسط آسيا .
2 – طريق شمالي : يتجه الى
الموصل والجزيرة .
3 – طريق جنوبي : باتجاه واسط فالبصرة .
4 – طريق جنوبي غربي : نحو
الكوفة ومنها الى شبه الجزيرة العربية وصولاً الى الحجاز .
5 – طريق غربي : نحو الرقة ومنها الى
سوريا ومصر .

كانت كل هذه الطرق تصان بشكل جيد ولا يدفع التجار المكوس داخل البلاد . وضعت هذه الطرق تحت اشراف صاحب ديوان البريد . وتقسم الطرق لغرض البريد الى محطات تدعى سكك ، وهي محطات بدالة للركاب والدواب . وكان البريد في ايام العباسيين ينقل المراسلات والاخبار الرسمية والبضائع احياناً . وكانت الخيول والجمال والبغال تستعمل في عمليات نقل البريد .

العلاقات التجارية الخارجية


التجارة البحرية

إستعملت المراكب الصغيرة في الملاحة الساحلية ، بينما استعين بالمراكب والسفن الكبيرة للنقل في البحار . وكانت الكبيرة جداً تبحر الى الصين . وفي القرن الحادي عشر الميلادي كانت هذه السفن والمراكب تحمل بضع مئات من الرجال . وكان ملاحو المحيط الهندي بأكثرهم من العراقيين وبعضهم من سيراف وعُمان .

ويبدو مما ذكره المقدسي ان البحارة كانوا يسترشدون بخرائط مفصلة في رحلاتهم. وكانت كتب الملاحة مكتوبة بالعربية والفارسية . ولما لم تكن البوصلة قد عرفت بعد ، فان التجار وبحارتهم كانوا يوجهون سفنهم اعتماداً على الشمس والقمر والنجوم ، كما لجأوا الى الحمام الزاجل ليرشدهم . وكان المحيط الهندي يصلح للملاحة في فصل الشتاء فقط ، وكانت الرحلة الى الصين تستغرق حوالى السنتين .

إشتهرت
البصرة بانها مبدأ الطرق البحرية ، فتبحر منها بعض السفن باتجاه الهند والصين ويدور البعض الآخر حول سواحل شبه الجزيرة العربية وصولاً الى البحر الأحمر ومنه الى الجزء الشرقي من أفريقيا .

1 - التجارة البرية

التجارة البرية مع الهند

نشطت التجارة البرية مع الهند لقربها من العراق . وكان بعض أمراء الهند يشجعون التجارة مع العرب . وأعتمدت الديبل كمركز أساس للتجارة العربية - الهندية . والديبل ميناء يبعد 24 ميلاً الى الجنوب الغربي من مدينة تاتا الحالية . وفي هذه المدينة – الميناء كان التجار العرب يتبادلون المتاجر مع التجار الهنود . أما مدينة المولقات الهندية فكانت مركزاً مهماً للتجارة مع الاقسام الداخلية من الهند .

تميزت سيلان باحجارها الكريمة ، وبنوع خاص العقيق ، وبتوابلها . وكان السيلانيون يبادلون العراقيين الاحجار الكريمة والتوابل بالنبيذ العراقي .

الطرق التجارية البرية الاخرى

كانت السفن التجارية الخارجة من البصرة قاصدة الصين تمر بمسقط والديبل وكولوملي ، ومن هناك تدور حول الهند وصولاً الى خليج البنغال فجزيرة لنجبالوس فكله بار ( في ملفا ) ومنها الى جزيرة تيومه ( سومطرة ) فكندرانج في دلتا نهر الميكونغ ، ثم الى الصنف ( كمبوديا ) فصندر فولات وصولاً الى بونغ بيان واخيراً الى خانفو ( كانتون ) .

بدورها أتت السفن الصينية الى البصرة . غير انها توقفت عند نشوب الحرب الأهلية في الصين سنة 859 م . وهرب التجار الاجانب ، بمن فيهم العرب ، من كانتون وزيتون ولجأوا الى كله بار على الساحل الغربي لشبه جزيرة ملفا .

شجعت السلطات الصينية التجارة الخارجية واتخذت تدابير مهمة لتنظيم هذه التجارة وحولتها بين سنتي 976 و 983 م . الى ايدي الدولة . وكان التجار العرب يأخذون الى الصين : العاج ، الكهرب الفصوصي الصقلبي ، الكندر ( عطر ) ، الكافور ، الياقوت ، درق السلاحف ، وكان قرن الكركدن أعز محمول الى الصين . وبلغت المكوس التي دفعت عادة حوالى 30 بالمئة من قيمة البضاعة ، لكنها كانت تخفض أحياناً . ويذكر كاتب صيني هو شاد جو كيوا ان الحد الادنى وصل الى 10 بالمئة والحد الاقصى لم يتخط 44 بالمئة .

أما بشأن التجارة مع كوريا ، فقد ذكر
المسعودي انه لم يدخل احد من التجار العراقيين الى تلك البلاد .

ذكر ابن رسته في مؤلفه " الاعلاق النفيسة " ان الطريق البحري من
البصرة الى البحر الأحمر كان صالحاً للملاحة في كل الفصول لكنه كان مهدداً بالقراصنة ، لذلك كان " لا بد في كل مركب من مقاتلة " . وكانت سقطرى أخطر محطة . ووصفها المسعودي بأنها عش القراصنة الهنود . ووافقه على ذلك المقدسي . أما على المقلب الافريقي فكان التجار يبحرون الى سواحل شرقي افريقيا وصولاً الى سُفالة ( موزانبيق ) يفتشون عن الذهب والرقيق ( المسعودي الذي ابحر هو نفسه من زنجبار التي كان امراؤها مسلمون الى عُمان). .

يصف المؤرخ
البيروني طريقة تعامل التجار من الزنج فيقول: "إن رسم تجار البحر في مبايعات ... الزنج ان لا يأتمنوهم في العقود وانما يجيء رؤساءهم وكبارهم ويرهنون أنفسهم حتى يستوثق منهم بالقيود . ويدفع الى قومهم ما ارادوا من الامتعة ليحملوها الى أرضهم ويقتسمونها فيما بينهم . ثم انهم يخرجون الى الصحارى في طلب أثمانها . ولا يجد كل واحد من الذهب في تلك الجبال الا بمقدار ما خصه من السلع ... فيجيئون به الى المراكب ويسلمونه الى مراكبهم ورهائنهم حتى يؤدوه ويرفعون الوثاق عنهم " .

أسس التجار العرب مراكز تجارية وجعلوا لهم فيها وكلاء وبنوا المخازن . وكانت هذه المراكز مأهولة عادة بمسلمين لاجئين او بمسلمين من أهل البلاد وتعود ادارتها الى قاض يدير شؤونهم وفقاً للشريعة الاسلامية (
المسعودي  والمروزي ) .

أقام العرب لهم مراكز في الهند . وقد شاهد المسعودي سنة 916 م . مستعمرة عربية تجارية في منطقة صيمور ( شول حالياً ) فيها "عشرة الآف ، تضم قادمين جدد من البصرة وبغداد وسواها ومن أفراد من انساب عربية ، لكنهم ولدوا في البلاد . وفي المستعمرة تجار كبار " .

إتخذ التجار العرب من كانتون مركزاً مهماً لهم ، وبينهم تجار عراقيون . وثذكر روايات عربية غير مؤكدة تعود الى القرن الثالث للهجرة ان بعض العلويين الذين هربوا من مطاردة الامويين الى أقصى الشرق واستقروا في كانتون . ووجدت مستعمرات عربية تجارية اخرى في الصين في زيتون وهانغ شو . كذلك وجدت مستعمرات على طريق الصين في كله بار وشمالي سومطره وفي جزر النيكوبار .

التجارة البرية

تعددت الطرق البرية التجارية التي وصلت بلدان الهلال الخصيب آنذاك بالشرق والغرب وما بينهما . فالى الشرق وصلت هذه الطرق الى ايران وما وراء النهر ، والى الغرب وصلت الى شرقي اوروبا ، وامتدت جنوباً حتى شملت كل انحاء شبه الجزيرة العربية ، والى الغرب الافريقي فوصلت الى
مصر وكل بلاد البربر في الشمال الافريقي . وكانت الجمال أهم وسيلة نقل. واستعان التجار المسافرون في الغالب بالأدلاء ، خاصة على الطرق المهددة بقطاع الطرق، كما كان الحال في بادية الشام ومثلها شرقاً في أواسط آسيا .

سلكت التجارة البرية مع خرسان وبلاد ما وراء النهر الطريق التاريخي المعروف بطريق خرسان الذي كان يمر ببغداد فهمدان فقزوين والري ونيسابور ومرو وبخارى وسمرقند حيث يتشعب الى فرعين : شمالي ويذهب الى خوارزم ، وشرقي يصل الى الصين . وكانت التجارة آنذاك رائجة جداً مع بلاد فارس ، حتى ان الفاكهة كانت تستورد منها بكميات كبيرة ( التنوخي : الفرج بعد الشدة ) . ولعب عراق ذلك الزمن دوراً بارزاً في التجارة العابرة (ترانزيت ) مع ايران ، بينما كانت خوارزم محطة مهمة للتجار المتاجرين مع الترك وأواسط آسيا واوربا الشرقية . فأكثر الرقيق التركي والصقلبي ، كما الفرو الصقلبي والخزري ، كان يأتي عن طريق خوارزم . وكانت قوافل التجار متصلة من خوارزم الى بلغار ، ومن بلغار الى خوارزم .

ذهب بعض التجار العرب الى مدينة بلغار ( عاصمة البلغار ) بطريق إتل ، إما براً او في القوارب بصعود الفولكا . وكانوا يؤدون ضريبة قدرها 1/10 في بلغار ويعاملون معاملة جيدة لأن البلغار كانوا قد أسلموا حديثاً ( ابن رسته ) . ويذكر المقدسي ان البضائع الروسية والبلغارية كانت تأتي من بلغار وشملت فرو السمور والسنجاب والفنك وفرو  الثعالب ، إضافة الى النشاب والقلانس وغراء السمك والسيوف والدروع والرقيق الصقلبي والعسل والشمع .

كان الخزر ( سكنوا بين القوقاس والفولغا ) وسطاء نشيطين ومهمين في التجارة بين البلدان الاسلامية العربية وبين شرقي اوروبا . وكان نهر الفولغا طريقهم الأسهل ، وكان غراء السمك بضاعتهم الوحيدة . أما الشعب الفنلندي الذي سكن يومها الاراضي الواقعة بين الخزر والبلغار والذي عرف ببرطاس ( موردوفا ) فكان يصدر الفرو ، خاصة فرو الثعالب السود الذي كان فرواً ممتازاً وثميناً جداً . وكانت تجاراتهم تحمل بطريق خراسان .

يتحدث ابن خرداذبه عن التجار الروس ( وكانت كلمة روس تعني في ذلك الزمن أهل الشمال ثم صارت تشير الى مؤسسي امارة كييف) الذين يعتبرون فرعاً من الصقالبة . كانوا يأتون بطريق نهر الدون ثم يعبرون الى الفولغا وينزلون فيه الى بحر قزوين . وبعد وصولهم الى الساحل الجنوبي لبحر قزوين كانوا يحملون بضائعهم على الجمال الى
بغداد ، حيث " يقولون انهم مسيحيون ويدفعون الجزية " . تاجر هؤلاء الروس بفرو الخزر وبفرو الثعالب السود وبالسيوف واستعانوا بخدام من الصقالبة ليترجموا لهم . ويؤكد ابن رسته ان هؤلاء الروس الذين سكنوا آنذاك حول نوفوغرود كانوا يتاجرون بفرو الخزر والسنجاب والرقيق . ويضيف ابن حوقل الى ذلك ان التجارة الروسية كانت تنقل دائماً عبر الأراضي الخزرية .

ويذكر ابن فضلان انه التقى بعض التجار الروس قرب بلغار وكانوا يحملون الرقيق والفرو في طريقهم الى بحر  قزوين ، وان التجار المسلمين كانوا يتاجرون مع كويابه ( كييف ) مباشرة . ويتحدث المروزي عن الكهرب الصقلبي المحمول من منطقة البلطيق والذي يأخذه التجار المسلمون الى الصين . ويضيف ابن حوقل الرصاص والزئبق الى صادرات الروس .

وجدت كميات كبيرة من النقود العباسية في روسيا وفي حوض بحر البلطيق . ووجدت أكبر مجموعة من النقود الفضية في منطقة البحيرات الروسية الكبرى قرب نوفوغرود وبسكوف وفي روسيا الوسطى وفي حوض الفولغا قرب جاروسلاف وفلاديمير وقازان ، وفي القسم الشمالي للدنيير في فيتبسك ، وفي مناطق البلطيق وخليج فنلندا وفي جزيرة جتلند ( فسبي على البلطيق ) . وأقدم هذه النقود يعود الى مطلع القرن الثامن للميلاد ، غير ان أكثرها يعود الى الفترة الواقعة بين نهاية القرن التاسع الميلادي وأواسط القرن العاشر. وأكثرها نقود ساسانية ( فارسية ) ومعها كمية كبيرة من النقود البغدادية . ويستنتج من ذلك ان شعوب شرقي اوروبا قبلت النقود العباسية وان النصف الاول من القرن العاشر الميلادي شهد فورة كبيرة في تجارة العرب مع اوروبا الشرقية .

كانت التجارة مع الصين في هذا الوقت محدودة وضئيلة ، إن لم نقل معدومة . فالرحلة البرية كانت طويلة جداً ، وكثيراً ما أغلقت الحكومات الصينية الطرق المؤدية الى الصين كوسيلة للتحفظ من " التخلل الاجنبي " كما يقول المرزوي . والحقيقة ان الطريق البحري كان اسهل وأقصر لدرجة ان بعض التجار كانوا يأتون من سمرقند الى
البصرة براً ومن هناك كانوا يسلكون الطريق البحري الى الصين (المسعودي) .

لا إشارات تاريخية موثقة تؤكد وجود مراكز تجارية للمسلمين العرب على الطريق البري الى الصين . ومن المحتمل ان كل تجارة اسلامية سلكت الطريق البري الطويل كانت تحمل بواسطة الصغد في آسيا الوسطى ، وهم شعب ايراني الأصل قامت مستعمراتهم ومراكزهم التجارية على طول الطريق بين سمرقند والصين .

كان الطريق البري الى الهند طويلاً وشاقاً . وفي القرن الثالث للهجرة كان اليهود ( الرذانية ) يذهبون من البصرة الى الاهوار فكرمان فالسند واخيراً الهند . ويذكر
المسعودي في مؤلفه " مروج الذهب" طريقاً آخر سلكه التجار آنذاك يمتد من خرسان الى السند .

تميزت التجارة بين
العراق وبلاد الشام بقوتها وانتظامها لدرجة ان الخضروات كانت تجلب في الاغلب من الشام الى العراق بشكل يومي (التنوخي). ويخبرنا اليعقوبي ان السفن كانت تأتي باستمرار محملة بالبضائع السورية وبالدقيق عبرنهر الفرات ثم تسلك نهر عيسى الى بغداد . وشهدت حركة النقل في هيت ، حيث يعبر طريق الشام البري نهر الفرات ، نمواً مستمراً لدرجة ان وارد العبارة الواحدة وصل سنة 915 م ما مجموعه 80250 ديناراً . وكان للتجار العراقيين علاقات تجارية مربحة مع البربر في شمالي افريقيا ، وكان الذهب أهم ما استوردوه من هناك .

أقام العرب محطات تجارية على طول الطرق التجارية البرية . ففي الشرق كانت في سمرقند جالية متاجرة  (ابن حوقل) ، وفي إتل، عاصمة الخزر، سكنت جماعة عربية مسلمة بلغ عددها حوالى عشرة الآف نسمة . وأقامت في بلغار جماعة من التجار المسلمين وبعض الصناع العراقيين . وفي سجلماسة ، في
المغرب، أقامت جالية من التجار العراقيين من أهل البصرة والكوفة وبغداد (ابن حوقل) . وفي مصر سكنت اعداد كبيرة من اليهود العراقيين، عمل بعض أفرادها وكلاء للتجار العراقيين، من بينهم يعقوب بن كلس الذي صار وزيراً للخليفة الفاطمي العزيز. فقد كان يهودياً بغدادياً وكان قد بدأ حياته العملية في القاهرةوكيلاً للتجار .

كانت هناك ثلاث طرق متبعة في المعاملات التجارية آنذاك هي :
.
1 – المقايضة ، واتبعت في التعامل مع زنوج شرقي آسيا ووسطها ومع جزر المحيط الهندي ومع الصين احياناً (المرزوي) ) .

2 – التعامل المزدوج بحيث يأخذ التجار العملة المحلية ليشتروا بها بضائع محلية . إتبعت هذه الطريقة في الصين وفي بعض جهات من الهند .

3 – النقود العباسية ، من دراهم ودنانيير . قبلت في شرقي اوروبا .

المراجع

1 – Fischel , W.J. : Jews in the Economic & Political life of Medieval Islam , London 1937 .
2 – الدوري ، عبد العزيز : تاريخ العراق الاقتصادي في القرن الرابع للهجرة ، مطبعة المعارف ، بغداد 1948 .
3 – ابن فضلان : رحلة ابن فضلان ، طبعة ليننغراد 1938 .
4 – الاصطخري : المسالك والممالك ، ليدن ، لا تاريخ .
5 – ابن حوقل : المسالك والممالك ، ليدن 1938
6 – البيروني ، ابو الريحان : الجماهر في معرفة الجواهر حيدراباد 1335 هجري .
7 – ابن رسته : الاعلاق النفيسة ، ليدن 1892 .
8 – التنوخي : نشوار المحاضرة او جامع التواريخ ، المجمع العلمي العربي ، دمشق 1930 .
9 – التنوخي : الفرج بعد الشدة ، جزءان ، القاهرة 1904 .
10 – المروزي : في الصين والترك والهند ، ترجمة ف . مينورسكي ، ليدن 1942 .
11 – المسعودي : التنبيه والاشراف ، ليدن 1891
12 – المسعودي : مروج الذهب ، باريس 1861 – 1877 .
13 – الجاحظ : التبصر بالتجارة ، دمشق 1933 .
14 – المقدسي : احسن التقاسيم الى معرفة الأقاليم ، ليدن 1877 .

 



البصرة
البيروني