تمبكتو : مدينة التجارة في السودان الغربي العربي

مقدمة

قامت مدينة تمبكتو في الجزء الشمالي من مملكة مالي القديمة بالقرب من نهر النيجر. وهي الآن على بعد اميال قليلة من مدينة بماكو عاصمة مالي الحالية، وتمكنت في زمن من السيطرة على طرق التجارة بين الموانئ والصحراء. كانت واحدة من ثلاث مدن رئيسة في تلك المملكة . والمدن الثلاث هي : تمبكتو وغاو وجنى . وفي وقت لاحق إنضمت كانو (مدينة الحوصا) الى تمبكتو. ويعتقد أكثر المؤرخين ان عبد الله بن يسن هو من أسس تمبكتو في القرن الحادي عشر الميلادي . وقد إختار هذا المكان لقربه من بئر يسهل عملية الاستقرار فيها ويشجع التجار القادمين اليها من شمال أفريقيا وشرقها من استعمالها قاعدة لتجارتهم في السودان الغربي الذي أطلق عليه بعض المؤرخين العرب اسم السودان الغربي العربي. ولم يطل الوقت حتى بدأ نجم المدينة يلمع مع احتلال المرابطون لولاطة والقضاء عليها . وترافق هذا البدء الصاعد مع تحول تجارة أواسط حوض نهر النيجر اليها ، بحيث تبوأت تمبكتو المركز الاول للتبادل التجاري في السودان الغربي العربي وتكاثر سكانها بعد ان إستقرت فيها جماعة من طوارق مقشر سنة 1096 م / 490 هجري . ومع اضمحلال مكانة مملكة غانة تحولت المدينة الى حاضرة عامرة وأضحت سوقاً تجارياً كبيراً ومركزاً للعلم . فقد تمكنت المدينة ، إضافة الى استقطابها أهل التجارة ، من جذب رجال العلم والثقافة من كافة بلدان المغرب العربي والسودان الغربي  ومصر . وأسهم موقعها الجغرافي المميز ، حيث كانت تلتقي القوافل التجارية البرية القادمة عبر الصحراء ، من تحويلها الى مركز استراتيجي مهم . وسهَل لها قربها من نهر النيجر الكبير والقابل للملاحة النهرية ، وكذلك قربها من شواطئ المحيط الاطلسي ، من أن تحتل في خلال زمن قصير نسبياً مركزاً تجارياً مميزاً .

ازدهار الحركة العمرانية في تمبكتو

إزدهرت الحركة العمرانية في تمبكتو في عهد منسى موسى الذي حكم دولة مالي بين 1312 و 1337 م / 712 و 738 هجري . وكان منسى هذا قد أحضر معه أثناء رحلة حج المهندس الغرناطي اسحق بن الطويجن ليضع المخططات الاولى لبناء مدينة حديثة ذات طابع عربي – مغربي . وأكمل اسكيا داود عمل منسى بعد موت هذا الاخير اعمال البناء هذه ، فاذا بهذا الموقع الفريد القائم على ملتقى الطرق الصحراوية حيث تتجمع القوافل التجارية القادمة من شمال افريقيا ، يتحول الى مدينة عامرة وسوق تكتظ بالمحلات التجارية المتخصصة والمتنوعة ، خاصة تلك التي امتلكها الصناع والخياطون وبائعو الأقمشة القطنية . واشتهرت المدينة كذلك آنذاك بتجارة ريش النعام والمنسوجات السودانية والاوروبية ، وقد ساعدها قربها من نهر النيجر الكبير من ان تصبح ميناء نهرياً ، الى جانب كونها محطة برية مهمة . ولما تمكن حكام مالي وسنغاي من السيطرة عليها أمنوا لها ولطرقها وللقوافل القادمة والمغادرة الأمان مما نشَط تجارتها الخارجية وشجع توافد التجار اليها .

مدينتي جني وغاو

لابد هنا من ان نعود قليلاً للتحدث باختصار عن مدينتي جني وغاو . فالاولى ، أي جني ، تألق نجمها في القرن الحادي عشر ميلادي / الخامس للهجرة وبلغت شأواً في حماية العلم وجذبت اليها عدداً كبيراً من علماء المسلمين من خارج البلاد ، فضلاً عن انه كان لها دورها في مشاركة تبمكتو في الاعمال التجارية اثناء انضمامها مع تمبكتو الى امبراطورية مالي . أما غاو فقد كانت موجودة منذ القرن الثامن الميلادي وأصبحت ذات شأن وأهمية لما اتخذ منها آل زيا ( ضيا ) العاصمة الاولى لدولة سنغاي . إزدهرت في القرن الخامس عشر للميلاد / القرن التاسع للهجرة . وصفها الحسن الوزان الذي زارها في مطلع القرن السادس عشر للميلاد ان فيها مساجد كثيرة وفقهاء وعلماء يدرسون في المساجد . وقال ان بيوتها قليلة ، وأشار الى ان النشاط التجاري فيها كان محدوداً جداً وأكثره له طابع محلي .

كان لموقع تمبكتو الفريد بين الشمال والجنوب ان أسهم في انماء حركة التجارة في الصحراء عبر تنظيم القوافل وتشجيع العرب الرحل ومغاربة الشمال الافريقي وأهل السودان الغربي من الوفود اليها حاملين بضائعهم ومتسوقين من أسواقها العامرة بانواع التجارات . وقامت حركة تبادل سلع وتجارات ، فتبادل التجار الملح والبلح بالقمح وحبوب الكولا والتبر المجلوب من السودان الغربي . .

تحولت تمبكتو في ظرف قليل جداً الى سوق كبير تستقبل البضائع القادمة اليها ، ليس من المغرب وحده ، بل من اوروبا ايضاً . وأضحت مدينة جني شريكاً لها في هذه التجارة . وكان تجار ذلك الزمن يفيدون اليها عبر النهر من
طرابلس الغربوالمغرب العربي وعبر ميناء كبارة او " كبرا " الذي أنشئ على احد اطراف بحيرة تشاد وشغل موقع الميناء الرئيس لتمبكتو .

حلت تمبكتو محل مدن سبقتها في الازدهار مثل مدينتي جني وغاو وأضحت بعد ان شهدت حركة عمرانية كبيرة مدينة عامرة ببيوتها وفنادقها و استقبلت التجار القادمين اليها ، خصوصاً عبر الطريق الساحلي . وكانت الطرق قد كثرت لنقل التجارة من والى تمبكتو ، بينها الطريق الساحلي الذي سبق ان سلكه المرابطون وهم يتنقلون في تلك الاصقاع ناشرين الدين الاسلامي . ومن أهم تلك الطرق : الطريق الذي كان يبدأ من
مصر مروراً بمدينة كانم وصولاً الى تمبكتو . ويليه الطريق الذي كان يخرج من تونس ماراً ببلدة هجارة وصولاً الى تمبكتو . ومن المغرب كان الطريق نحو تمبكتو يبدأ في سجلماسة مروراً بتوات . وأخيراً ، الطريق الذي ريط تغازة بولاته فتمبكتو وامتد شرقاً الى غاو وأغاديس فغات فمصر . وذكر مؤرخ قديم ان الطريق الذي ربط مصر بتمبكتو عن طريق الصحراء الكبرى كان يصل كذلك بين دارفور بالسودان الشرقي واسيوط في صعيد مصر . وكان هذا الطريق غير ممهد . وذكر مؤرخ آخر انه كان لتجارة تمبكتو الخارجية ثلاثة طرق كبيرة ، أحدهم الطريق المحاذي لنهر النيجر من الجنوب الغربي ، وطريقان آخران من الشمال احدهما من المغرب والآخر من غدامس . وكانت أكثر هذه الطرق تحمل المصنوعات المصرية التي أقبل عليها اهل تمبكتو لجودتها وأسعارها المتدنية . وبالمقابل حظيت المنتجات السودانية الغربية العربية باهتمام تجار مصر والتي شملت المصنوعات الذهبية والنحاسية وريش النعام وبيض النعام والعاج والعنبر . وبدورها حظيت نباتات الكولا وتوابل تمبكتو باقبال المصريين عليها .

نشطت تجارة تمبكتو مع
المغرب ، ولا عجب فالمغرب كان أقرب بلد أفريقي لها . فحدودهما مشتركة وصلاتهما قديمة تعود الى ايام حكم دولتي مالي وسنغاي تحت حكم منسى موسى . ويقال إن هذا الحاكم أرسل وفداً سنة 1312 م / 714 هجرية لتهنئة السلطان ابو الحسن المريني بانتصاره على بني زيان . وكان للمغرب آنذاك سفارة في تمبكتو أنشأها السلطان المغربي ابو الحسن .

شملت التجارة المتبادلة بين المغرب وتمبكتو : الملح الذي كان يجلب من المغرب على شكل ألواح من تعازة اضافة الى العقود والحلي والمنسوجات والعاج والنحاس والماشية مقابل تصدير تمبكتو الذهب والمنتجات الزراعية والمعدنية والعبيد . ووصلت تجارة تمبكتو في مرحلة لاحقة الى اوروبا . فقد صدر تجار من فلورنسا وجنوا والبندقية في ايطاليا مصنوعات مختلفة الى تمبكتو . وذكر الرحالة الايطالي فلورونتين بندتودبي ، الذي زار تمبكتو سنة 1470 م / 875 هجرية ان المدينة كانت تشهد آنذاك ازدهاراً ونموأ تجارياً بارزاً جداً .

صادرات وواردات تمبكتو

إشتهرت تمبكتو بثرائها لوفرة معدن التبر ( الذهب ) فيها . ومثله وجد النحاس على نطاق واسع في تكدا الواقعة الى الشرق من تمبكتو . أما الملح الجبلي فكان يستخرج من تعازة في الصحراء ايام حكم السنغاي في عهد أسكيا محمد . وكان لهذا الملح دوره المهم في إغناء الاقتصاد هناك وتسبب بكثير من الحروب المحلية بين حكام تمبكتو وحكام المغرب ، أشهرها الحملة العسكرية التي قادها السلطان المغربي المنصور الذهبي سنة 1590 م / 999 هجرية للاستيلاء على مناجم الملح .

تعاملت تمبكتو مع بلدان افريقية وآسيوية واوروبية عديدة وجمعت ثروة مالية كبيرة ، فعمرت اسواقها ومحلاتها بالسلع المتعددة الاشكال والانواع والاستعمال . وكان من بين باعتها : باعة الذهب وناسخي الكتب وبائعيها وباعة الجلود والاحذية ، فضلاً عن " محلات " الاطباء والقضاة . تصدَر الذهب وارداتها وصادراتها . فكان ينقل اليها من تغازة ويعاد تصديره من هناك على ظهور الجمال الى مصر والمغرب . وكان القطن المغزول والمنسوج ، كما الاحجار الكريمة والمنتجات الجلدية والعاج وسن الفيل وبيض النعام وريشها وشحومها المستعملة دواء من أهم صادرات تمبكتو . وبالمقابل استوردت المنسوجات الحريرية والقطنية والصوفية .

إشتهرت تمبكتو بتجارة الرقيق المجلوب من القبائل الوثنية في بلاد الهوسا او من البلدان المجاورة لمالي وسنغاي . وكان كل تجار الرقيق من المسلمين . ويذكران ابن بطوطة اشترى خادماً من الرقيق في بلدة تكدا . ومن جهة اخرى صدَرت تمبكتو الى المغرب ، بنوع خاص ، الالبان ومشتقاته ولحوم الابقار والجمال وأكياس الجلد والملابس والرخام وأصبح دور تجارها في الاقتصاد مهماً جداً حتى انهم عاونوا النظام الحاكم في تمويل بعض المشاريع العمرانية الأساسية ، كشق الطرق ، وعززوا المالية العامة بما دفعوها من ضرائب دخلت خزينة السلطان ، وأهدوا المجتمعات هدايا وهبات في المناسبات الدينية . وفي إشارة الى ما أصابه التجار من ثروات هائلة ما ذكر ان عمر القاضي ، وهو احد أهم النافذين في البلد ، تقبل هدايا ضيوفه التجار ، بمناسبة ولادة ابنه البكر قدرت اثمانها بألف مثقال من الذهب .

شارك التجار ، كما سبق ان ذكرنا ، الدولة في تمويل بعض مشاريعها العمرانية كشق الطرق تسهيلاً لاستقبال الاعداد الكبيرة من القوافل التجارية القادمة من المناطق والبلدان التي ارتبطت بعلاقات تجارية مع تمبكتو او التي استعملتها هذه القوافل طرق عبور الى أماكن اخرى مجاورة . ولم يتردد هؤلاء التجار ، في الوقت نفسه ، من تسديد ما توجب عليهم للخزينة العامة من ضرائب وجزية وزكاة . وهذا ما أسهم في تعميم الاستقرار واستتباب الامن في تمبكتو وفي كل مالي وستغاي .

إستوردت تمبكتو الخيول العربية الاصيلة من المغرب ومن مصر . وكان الملح أهم ما استوردته من بلاد المغرب وكانت تقايضه بالذهب ، مما يشير الى أن الملح وازنت أهميته الذهب والفضة . وكان هذا الملح المستورد الواحاً كبيرة استعمل بعضه في اعمال بناء المنازل والجوامع .

من بين الواردات الاخرى : الكتب المستوردة من المغرب ومن مصر والتي كان يعاد نوزيع بعضها على تجار مالي وسنغاي . كذلك استوردت تمبكتو الجلود المدبوغة لصناعة الاحذية والسروج . وكان بعض الجلود نصف مصنع . أما السيوف فأتت من المغرب ، بينما جاءت الاصباغ من مصر والمغرب ، وكانت غالية الثمن . وجاء القمح من المغرب . ومثله استوردت تمبكتو اكثر انواع الفاكهة لافتقار المدينة اليها . ومن اوروبا جاءت الثياب القطنية والأقمشة الزرقاء والاسلحة وادوات الطعام والورق والمقصات والابر والمرايا والعنبر والمرجان والآلي الكبيرة والبهارت والسكر والبن والتبغ وعلب النشوق والسجاد والبرانس .

أدخل العرب النظام المصرفي الدقيق الى تمبكتو . فكان التجار والمسافرون الآخرون يتمكنون من الحصول على خطابات ضمان للاتصال تجارياً ببلدان افريقيا الشمالية بما فيها المغرب ومصر اوعبرهما .

التبادل التجاري

كان التبر ، وهو الذهب الخالص غير المسبوك ، العملة المتداولة في حاضرة تمبكتو لشراء وبيع السلع الغالية الثمن . وغالباً ما كان هذا الذهب يبادل بالملح . أما السلع الرخيصة الثمن ، كالعسل والخبز والحليب ، فكانت تشترى بقطع النحاس والحديد . وكان الودع بدوره ، وهو خرز ، يستعمل ايضاً في المعاملات التجارية . واطلق عليه ايضاً اسم كودي . وجرت مبادلته بشكل عام بالملح والنحاس المسبوك واستعملته القوافل في تبادل ما احتاجت اليه من الاشياء الرخيصة او البسيطة . ولجأت اليه العامة لشراء حاجاتها اليومية . وكان الودع كثير التواجد حتى وصلت أعداده الى الالآف ، واعتمد على نطاق واسع كنقد مقبول في المعاملات التجارية البسيطة في دولتي مالي وسنغاي . وكان يجلب على ايدي تجار مصر والمغربالذين بدورهم أحضروه من الهند وشرقي افريقيا ، وكثر تداوله بين التجار وفي الاسواق لارباحه الكبيرة في تمبكتو ودخل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية حتى ان بعض القبائل كانت لا تزوج بناتها الا بعد ان يتسلم الاهل مقدار اربعين الف ودع عن كل فتاة . وكان الحسن بن الوزان قد شاهد عمليات بيع وشراء كثيرة تتم بواسطة الودع كعملة محلية ووصفها بانها قواقع جلبت من بلاد فارس . ومع الوقت تعدى الودع حدود مالي وسنغاي والسودان فوصل الى مصر حيث استخدم كنقد محلي مقبول . وكان مثقال الذهب يصرف بحوالى ثلاثة الآف ودعاً . وقال مؤرخ تمبكتو القاضي كعت انه رأى تمر بوسكري يرصف على الحصير وتباع كل عشر تمرات بخمس ودعات . وذكر ان الودع دخل في كل معاملات تمبكتو حتى في اقامة وبناء المساجد والجوامع .

الذهب

احتفظ الملك بخزينة الدولة . وهي خزينة كبيرة تحتوي على العملة التي هي بالحقيقة سبائك ذهبية . وقد تزن السبيكة الواحدة حوالى الف وثلاثمئة رطل . وقدر ابن خلدون زنة السبيكة ، او حجر الذهب كما كانت تسمى احياناً ، بحوالى عشرين قنطاراً . غير ان المقريزي اشار الى ان وزنها كان لا يتعدى الثلاثين رطلاً .

لعب الذهب دوراً مهماً وكبيراً في اقتصاد السودان الغربي ، خاصة في عهدي منسى موسى في امبراطورية مالي واسكيا محمد في امبراطورية سنغاي . وفي اثناء رحلته الى الحج التي قام بها سنة 1323 م / 724 هجرية حمل معه منسى موسى كميات كبيرة من الذهب الخالص . اما اسكيا محمد فقد ذهب الى الحج سنة 1496 م / 902 هحرية ومعه حاشية كبيرة حاملاً كمية كبيرة من الذهب أنفقها بكاملها في رحلته تلك . وفي وقت من الاوقات أطلق على ملوك تمبكتو لقب ملوك الذهب وعلى أرضهم أرض الذهب ، حتى قيل ان الذهب يزرع على شاطيء نهر النيجر ويجنيه الناس وكأنه ثمرة من الثمار . ومن هذا الذهب كانت تصنع أغماد سيوف ترجمانات السلطان ، كما صنعت منه عصائب رؤوس النساء .

كان ذهب تمبكتو يوزن بالمثقال السوداني عند التعامل به في أسواق البلد ، وهو ما يعادل حوالى 4.238  غراماً . وقال مؤرخ قديم ان المثقال كان يساوي الأونس الروماني الذهبي . وهذا الاونس كان يزن ستة وثلثين من الدينار السوداني ، بينما المثقال كان يساوي وزن 72 جنة من الشعر او ما يعادل ثمن اوقية من الذهب .

استعمل الذهب في التعامل اليومي ، وكان يشترى به كل شيء ، حتى ان ابن بطوطة اشترى خادماً بخمسة وعشرين مثقال (صوليدوس روماني) . وظل السودان الغربي هذا ، في وقت من الاوقات ، المصدر الرئيس لتموين العالم الغربي بالذهب . وكان الذهب يحمل على رؤوس الرجال من مناطق انتاجه في ونقارة الى جني ومنها بالقوارب .

لعب تجار الذهب دوراً مهماً في توطيد العلاقات التجارية والسياسية بين
السودان الغربي والمغرب لقرون عديدة . وانقطعت هذه الصلة عندما احتل جنود المنصور الذهبي تمبكتو سنة 1590 م / 999 هجرية .

يقول بعض المؤرخين والكتاب ان تمبكتو قامت أصلاً بسبب الرحلات التي كان يقوم بها التجار العرب من شمال افريقيا الى جنوب الصحراء ، وأسهمت هذه الرحلات في قيام المدينة وازدهارها ، خصوصاً وان موقعها الاستراتيجي الذي جمع العديد من الطرق الصحراوية والملاحة النهرية والبحرية قد ساعد في ازدهارها . وكان هذا الموقع المميز لتمبكتو ، حيث التقت الطرق القادمة من الشرق والغرب ، قد سهل وصول البضائع والسلع الى المدينة ومنها الى مختلف البلدان القريبة والبعيدة نسبياً كمصر، حتى صارت تمبكتو مخزناً للتجارة ومقراً للواردات والصادرات في السودان الغربي . وأدى هذا الازدهار التجاري الى قيام نظام مصرفي دقيق أنشأه التجار العرب . وكانت عقود البيع والشراء تتبع النظام الاسلامي مع مراعاة النسبة الشرعية من زكاة وخلافه . وبدوره ساعد هذا التطورالاقتصاد المحلي الذي شهدته المدينة ان إتجه اليها الرحالة والمستكشفون باعداد كبيرة بينهم هنري بارث وفيلكس ديبوا الذي ألف كتاباً عن تمبكتو .

أنهى الغزو المغربي سنة 1591 م . دور تمبكتو التجاري والاقتصادي .

المراجع
1 – الحسن بن الوزان ( ليون الافريقي ) : وصف افريقيا ، بالنص العربي ، الرياض 1979 م .
2 – السعدي ، عبد الرحمن : تاريخ السودان ، باريس 1898 .
3 – زيادة ، نقولا : المغرب والسودان في ايام المنصور الذهبي ، الاعمال الكاملة ، الاهلية للنشر والتوزيع ، بيروت 2002 .
4 – ديبوا ، فيلكس : تمبكتو العجيبة ، ترجمة عبد الله ابراهيم ، القاهرة 2003 .

 



السودان