أخبار عبد الله بن دحمان

عبد الله بن دحمان الأشقر المغني.

وقد تقدم خبر أبيه وأخيه الزبير .

وكان عبد الله في جنبة إبراهيم بن المهدي ومتعصباً له، وكان أخوه الزبير في جنبة إسحاق الموصلي ومتعصباً له، فكان كل واحد منهما يرفع من صاحبه ويشيد بذكره فعلا الزبير بتقديم إسحاق له، لتمكن إسحاق وقبول الناس منه، ولم يرتفع عبد الله بذكر إبراهيم له ، مع غض إسحاق منه، وكان الزبير على كل حال يتقدم أخاه عبد الله.

فأخبرني الحسين بن يحيى، عن حماد، عن أبيه، قال: كان أبي كثيراً ما يقول: ما رأيت أقل عقلاً ومعرفةً ممن يقول: إن دحمان كان فاضلاً، والله ما يساوي غناؤه كله فلسين ، وأشبه الناس به صوتاً وصنعةً وبلادةً وبرداً : ابنه عبد الله، ولكن المحسن - والله - المجمل المؤدي الضارب المطرب: ابنه الزبير.


وقال يوسف بن إبراهيم: كان أبو إسحاق يؤثر عبد الله بن دحمان ويقدمه، وإذا صنع صوتاً عرضه على أبي إسحاق فيقومه له ويصلحه، مضادة لأخيه الزبير في أمره، لميل الزبير إلى إسحاق وتعصبه له، وأوصله إلى الرشيد مع المغنين، عدة مرات، أخرج له في جميعها جائزة.

أقول لما أتاني ثـم مـصـرعـه

 

لا يبعد الرمح ذو النصلين والرجل

التارك القرن مصفراً أنـامـلـه

 

كأنه من عقار قـهـوة ثـمـل

ليس بعل كبـير لا شـبـاب لـه

 

لكن أثيلة صافي الوجه مقتـبـل

يجيب بعد الكرى لـبـيك داعـيه

 

مجذامة لهواه قلـقـل عـجـل

قوله: لا يبعد الرمح، يعني ابنه الذي رثاه، شبهه بالرمح في نفاذه وحدته.
والنصلان : السنان والزج.


والرجل : يعني به ابنه أيضاً من الرجلة ، يصفه بها، أو أنه عنى: لا يبعد الرجل ورمحه.


والعل: الكبير السن الصغير الجسم، ويقال أيضاً للقراد: عل.


والمقتبل: المقبل .


وقوله: مجذامة لهواه، يعني أنه يقطع هواه ولا يتبعه فيما يغض من قدره.


وقلقل: خفيف سريع، والمتقلقل: الخفيف .


الشعر للمتنخل الهذلي. والغناء: لمعبد، وله فيه لحنان: أحدهما من القدر الأوسط من الثقيل الأول، بإطلاق الوتر في مجرى البنصر، عن إسحاق، والآخر خفيف ثقيل بالبنصر، عن عمرو.


وذكر الهشامي أن فيه للغريض لحناً من الثقيل ، ابتداؤه:

ليس بعل كبير لا شباب له

الذي بعده: إن لجميلة فيه خفيف ثقيل. وفيه ثاني ثقيل ينسب إلى ابن سريج، وأظنه ليحيى المكي .

وقال حبش: فيه لعبد الله بن العباس ثقيل أول بالبنصر.