أخبار فضالة بن شريك ونسبه

نسبه وشعر لابنه عبد الله في ذم ابن الزبير: هو فضالة بن شريك بن سلمان بن خويلد بن سلمة بن عامرٍ موقد النار بن الحريش بن نمير ابن والبة بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزارٍ. وكان شاعراً فاتكاً صعلوكاً مخضرماً أدرك الجاهلية والإسلام. وكان له ابنان شاعران، أحدهما عبد الله بن فضالة الوافد على عبد الله بن الزبير والقائل له: إن ناقتي قد نقبت ودبرت فقال له: ارقعها بجلدٍ واخصفها بهلبٍ وسر بها البردين. فقال له: إني قد جئتك مستحملاً لا مستثيراً ، فلعن الله ناقةً حملتني إليك. فقال له ابن الزبير: إن وراكبها. فانصرف من عنده وهو يقول:

أقول لغلمتي شدو ركـابـي

 

أجاوز بطن مكة في سـواد

فمالي حين أقطع ذات عرقٍ

 

إلى ابن الكاهلية من معـاد

سيبعد بيننا نص الـمـطـايا

 

وتعليق الأداوى والـمـزاد

وكل معبدٍ قـد أعـلـمـتـه

 

مناسمهن طلاع الـنـجـاد

أرى الحاجات عند أبي خبيبٍ

 

نكدن ولا أمـية بـالـبـلاد

من الأعياص أو من آل حربٍ

 

أغر كغرة الفرس الـجـواد

ابنه فاتك ومدح الأقيشر له: حدثنا بذلك محمد بن العباس اليزيدي قال حدثنا أحمد بن الحارث الخراز عن المدائني. فأما فاتك بن فضالة فكان سيداً جواداً. وله يقول الأقيشر يمدحه:

وفد الوفود فكنت أفضل وافدٍ

 

يا فاتك بن فضالة بن شريك

مر بعاصم بن عمر بن الخطاب فلم يقره فهجاه: أخبرني بما ذكر من أخباره ها هنا مجموعاً علي بن سليمان الأخفش قال حدثنا أبو سعيدٍ السكري عن محمد بن حبيب، وما ذكرته متفرقاً فأنا ذاكر إسناده عمن أخذته. قال ابن حبيب: مر فضالة بن شريكٍ بعاصم بن عمر الخطاب رضي الله تعالى عنهما وهو متبدٍ بناحية المدينة، فنزل به فلم يقره شيئاً ولم يبعث إليه ولا إلى أصحابه بشيءٍ ، وقد عرفوه مكانهم. فارتحلوا عنه. والتفت فضالة إلى مولى لعاصمٍ فقال له: قل له: أما والله لأطوقنك طوقاً لا يبلى. وقال يهجوه:

ألا أيها الباغي القرى لست واجداً

 

قراك إذا ما بت في دار عاصم

إذا جئته تبغي القرى بات نائماً

 

بطيناً وأمسى ضيفه غير نائم

فدع عاصماً أفٍ لأفعال عاصمٍ

 

إذا حصل الأقوام أهل المكارم

فتىً من قريشٍ لا يجود بنـائلٍ

 

ويحسب أن البخل ضربة لازم

ولولا يد الفاروق قلدت عاصماً

 

مطوقةً يحدى بها في المواسم

فليتك من جزم بن زبان أو بني

 

فقم أو النوكى أبان بـن دارم

أناس إذا ما الضيف حل بيوتهم

 

غدا جائعاً عيمان ليس بغانـم

قال : فلما بلغت أبياته عاصماً استعدى عليه عمرو بن سعيد بن العاص وهو يومئذٍ بالمدينة أمير، فهرب فضالة بن شريكٍ فلحق بالشام، وعاذ بيزيد بن معاوية وعرفه ذنبه وما تخوف من عاصم؛ فأعاذه، وكتب إلى عاصم يخبره أن فضالة أتاه مستجيراً به، وأنه يحب أن يهبه له. ولا يذكر لمعاوية شيئاً من أمره، ويضمن له ألا يعود لهجائه، فقبل ذلك عاصم وشفع يزيد بن معاوية. فقال فضالة يمدح يزيد بن معاوية:

إذا ما قريش فاخرت بقديمـهـا

 

فخرت بمـجـدٍ يا يزيد تـلـيد

بمجد أمير المؤمنـين ولـم يزل

 

أبوك أمين الـلـه غـير بـلـيد

به عصم الله الأنام مـن الـردى

 

وأدرك تبلاً من معاشـر صـيد

ومجد أبي سفيان ذي الباع والندى

 

وحربٍ وما حرب العلا بزهـيد

فمن ذا الذي إن عدد الناس مجدهم

 

يجيء بمجدٍ مثـل مـجـد يزيد

وقال فيه القصيدة المذكور فيها الغناء في هذه القصيدة بعينها .


هجا ابن مطيع حين طرده المختار عن ولاية الكوفة: أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال حدثني السكري عن ابن حبيب قال: كان عبد الله بن الزبير قد ولى عبد الله بن الأسود بن نضلة بن عبيد بن عويج بن عدي بن كعب، الكوفة، فطرده عنها المختار بن أبي عبيدة حين ظهر؛ فقال فضالة بن شريكٍ يهجو ابن مطيع:

دعا ابن مطيعٍ للبـياع فـجـئتـه

 

إلى بيعةٍ قلبي بها غـير عـارف

فقرب لي خشناء لما لمسـتـهـا

 

بكفي لم تشبه أكـف الـخـلائف

معودةً حمل الهراوي لقـومـهـا

 

فروراً إذا ما كان يوم التـسـايف

من الشثنات الكرم أنكرت لمسهـا

 

وليست من البيض السياط اللطائف

ولم يسم إذ بايعته من خلـيفـتـي

 

ولم يشترط إلا اشتراط المجازف

متى تلق أهل الشام في الخيل تلفني

 

على مقربٍ لا يزدهى بالمجاذف

ممرٍ كبنيان العبادي مـخـطـفٍ

 

من الضاريات بالدماء الخواطـف

هجا عمر بن مسعود لأنه تسول في جمع صداق زوجه: وقال ابن حبيب في هذا الإسناد: تزوج عامر بن مسعود بن أمية بن خلفٍ الجمحي امرأةً من بني نصر بن معاوية، وسأل في صداقها بالكوفة، فكان يأخذ من كل رجلٍ سأله درهمين درهمين. فقال له فضالة بن شريكٍ يهجوه بقوله:

أنكحتم يا بني نصرٍ فـتـاتـكـم

 

وجهاً يشين وجوه الربرب العين

أنكحتم لا فتى دنـيا يعـاش بـه

 

ولا شجاعاً إذا انشقت عصا الدين

قد كنت أرجو أبا حفص وسنتـه

 

حتى نكحت بأرزاق المساكـين

هجا رجلاً من بني سليم خان الأمانة: وقال ابن حبيب في هذا الإسناد: أودع فضالة بن شريكٍ رجلاً من بني سليم يقال له قيس ناقةً، فخرج في سفرٍ، فلما عاد طلبها منه، فذكر أنها سرقت. فقال فيه :

ولـو أنـنـي يوم بـطـن الــعـــقـــيق

 

ذكـرت وذو الـلـب ينـسـى كــثـــيرا

مصاب سليمٍ لقاح النبي لم أودع الدهر فيهم بعيرا

 

 

وقد فات قيس بعيرانةٍ

 

إذا الـظـل كـان مـــداه قـــصـــيرا

من الـلاعـبـات بـفـضـل الـــزمـــام

 

إذا أقـلـق الـسـير فـيه الـضــفـــورا

ومـن يبـك مـنـكـم بـنـي مـــوقـــدٍ

 

ولـم يرهـم يبـك شـجــواً كـــبـــيرا

هم الـعـاسـفـون صـلاب الـقـــنـــا

 

إذا الـحـيل كـانـت مـن الـطـعـن زورا

وأيسـار لـقـمــان إذ أمـــحـــلـــوا

 

وعـز لـمـن جـاءهـم مـسـتــجـــيرا

فإن أنـا لـم يقـض لـي ألـــقـــهـــم

 

فرأت الـسـلام عـلـيهــم كـــثـــيرا

عود إلى شعر في ذم ابن الزبير قيل إنه لفضالة: وذكر ابن حبيب في هذه الرواية أن القصيدة التي ذكرتها عن المدائني في خبر عبد الله بن فضالة بن شريكٍ مع ابن الزبير كانت مع فضالة وابن الزبير لا مع ابنه، وذكر الأبيات وزاد فيها:

شكوت إليه أن نقبت قلـوصـي

 

فرد جواب مشدود الـصـفـاد

يضن بـنـاقةٍ ويروم مـلـكـاً

 

محال ذلـكـم غـير الـسـداد

وليت إمارةً فبـخـلـت لـمـا

 

وليتهم بمـلـكٍ مـسـتـقـاد

فإن ولـيت أمـية أبـدلـوكـم

 

بكل سـمـيدعٍ واري الـزنـاد

من الأعياص أو من آل حـربٍ

 

أغر كغرة الفـرس الـجـواد

إذا لم ألقهم بـمـنـىً فـإنـي

 

ببـيتٍ لا يهـش لـه فـؤادي

سيدنيني لهم نـص الـمـطـايا

 

وتعـلـيق الأداوي والـمـزاد

وظهر معبدٍ قـد أعـمـلـتـه

 

مناسمهـن طـلاع الـنـجـاد

وعين الحمض حمض خناصرات

 

وما بالعرق من سبل الغـوادي

فهن خـواضـع الأبـدان قـود

 

كأن رؤوسهـن قـبـور عـاد

كأن مواقع الغربـان مـنـهـا

 

منارات بنين عـلـى عـمـاد

طلب عبد الملك فضالة فلما وجده قد مات أكرم أهله: قال فلما ولي عبد الملك بعث إلى فضالة يطلبه، فوجده قد مات، فأمر لورثته بمائة ناقةٍ تحمل وقرها براً وتمراً . قال : والكاهلية التي ذكرها زهرة بنت خنثرٍ امرأة من بني كاهل ابن أسدٍ، وهي أم خويلد بن أسد بن عبد العزى .
صوت:

لقد طال عهدي بالإمـام مـحـمـدٍ

 

وما كنت أخشى أن يطول به عهدي

فأصبحت ذا بـعـدٍ وداري قـريبة

 

فواعجبا من قرب داري ومن بعدي

فيا ليت أن العيد لـي عـاد يومـه

 

فإني رأيت العيد وجهك لي يبـدي

رأيتك في برد النـبـي مـحـمـدٍ

 

كبدر الدجى بين العمامة والـبـرد

الشعر لأبي السمط مروان الأصفر بن أبي الجنوب بن مروان الأكبر بن أبي حفصة .

والغناء لبنانٍ خفيف رملٍ مطلق ابتداؤه نشيد. وذكر الصولي أن هذا الشعر ليحيى بن مروان. وهذا غلط قبيح .