أخبار الحصين بن الحمام ونسبه

هو الحصين بن الحمام بن ربيعة بن مساب بن حرام بن واثلة، بن سهم بن مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار.


أخبرني محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: كان الحصين بن الحمام سيد بني سهم بن مرة، وكان خصيلة بن مرة وصرمة بن مرة وسهم بن مرة أمهم جميعاً حرقفة بنت مغنم بن عوف بن بلي بن عمرو بن الحاف بن قضاعة، فكانوا يداً واحدة على من سواهم، وكان حصين ذا رأيهم وقائدهم ورائدهم. وكان يقال له: مانع الضيم.


وحدثني جماعة من أهل العلم أن ابنه أتى باب معاوية بن أبي سفيان فقال لآذنه: استأذن لي على أمير المؤمنين وقل: ابن مانع الضيم، فاستأذن له، فقال له معاوية: ويحك! لا يكون هذا إلا ابن عروة بن الورد العبسي، أو الحصين بن الحمام المري، أدخله. فلما دخل إليه قال له: ابن من أنت؟ قال: أنا ابن مانع الضيم الحصين بن الحمام، فقال: صدقت، ورفع مجلسه وقضى حوائجه.


أخبرني ابن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: كان ناس من بطنٍ من قضاعة يقال لهم: بنو سلامان بن سعد بن زيد بن الحاف بن قضاعة. وبنو سلامان بن سعد إخوة عذرة بن سعد، وكانوا حلفاء لبني صرمة بن مرة ونزولاً فيهم. وكان الحرقة وهم بنو حميس بن عامر بن جهينة حلفاء لبني سهم بن مرة، وكانوا قوماً يرمون بالنبل رمياً سديداً، فسموا الحرقة لشدة قتالهم. وكانوا نزولاً في حلفائهم بني سهم بن مرة. وكان في بني صرمة يهوديٌ من أهل تيماء يقال له جهينة بن أبي حمل. وكان في بني سهم يهودي من أهل وادي القرى يقال له غصين بن حي، وكانا تاجرين في الخمر. وكان بنو جوشن - أهل بيت من عبد الله بن غطفان - جيراناً لبني صرمة، وكان يتشاءم بهم ففقدوا منهم رجلاً يقال لهم خصيلة كان يقطع الطريق وحده. وكانت أخته وإخوته يسألون الناس عنه، وينشدونه في كل مجلس وموسم. فجلس ذات يوم أخ لذلك المفقود الجوشني في بيت غصين بن حي جار بني سهم يبتاع خمراً، فبينما هو يشتري إذ مرت أخت المفقود تسأل عن أخيها خصيلة، فقال غصين:

تسائل عن أخيها كل ركبٍ

 

وعند جهينة الخبر اليقين

فأرسلها مثلاً، يعني بجهينة نفسه. فحفظ الجوشني هذا البيت، ثم أتاه من الغد فقال له: نشدتك الله ودينك هل تعلم لأخي علماً؟ فقال له: لا وديني لا أعلم. فلما مضى أخو المفقود تمثل:

لعمرك ما ضلت ضلال ابن جوشنٍ

 

حصاةٌ بليلٍ ألقيت وسط جـنـدل

أراد أن تلك الحصاة يجوز أن توجد، وأن هذا لا يوجد أبداً فلما سمع الجوشني ذلك تركه، حتى إذا أمسى أتاه فقتله. وقال الجوشني:

طعنت وقد كاد الظلام يجـنـنـي

 

غصين بن حي في جوار بني سهم

فأتي حصين بن الحمام فقيل له: إن جارك غصيناً اليهودي قد قتله ابن جوشن جار بني صرمة. فقال حصين: فاقتلوا اليهودي الذي في جوار بني صرمة، فأتوا جهينة بن أبي حمل فقتلوه. فشد بنو صرمة على ثلاثة من حميس بن عامر جيران بني سهم فقتلوهم. فقال حصين: اقتلوا من جيرانهم بني سلامان ثلاثة نفرٍ، ففعلوا. فاستعر الشر بينهم. قال: وكانت بنو صرمة أكثر من بني سهم رهط الحصين بكثير. فقال لهم الحصين: يا بني صرمة، قتلتم جارنا اليهودي فقتلنا به جاركم اليهودي، فقتلتم من جيراننا من قضاعة ثلاثة نفرٍ وقتلنا من جيرانكم بني سلامان ثلاثة نفر، وبيننا وبينكم رحم ماسة قريبة، فمروا جيرانكم من بني سلامان فيرتحلون عنكم، ونأمر جيراننا من قضاعة فيرتحلون عنا جميعاً، ثم هم أعلم. فأبى ذلك بنو صرمة، وقالوا: قد قتلتم جارنا ابن جوشن، فلا نفعل حتى نقتل مكانه رجلا من جيرانكم، فإنك تعلم أنكم أقل منا عدداً وأذل، وإنما بنا تعزون وتمنعون. فناشدهم الله والرحم فأبوا. وأقبلت الخضر من محارب، وكانوا في بني ثعلبة بن سعد، فقالوا: نشهد نهب بني سهم إذا انتهبوا فنصيب منهم. وخذلت غطفان كلها حصيناً، وكرهوا ما كان من منعه جيرانه من قضاعة. وصافهم حصينٌ الحرب وقاتلهم ومعه جيرانه، وأمرهم ألا يزيدوهم على النبل، وهزمهم الحصين، وكف يده بعد ما أكثر فيهم القتل. وأبى ذلك البطن من قضاعة أن يكفوا عن القوم حتى أثخنوا فيهم. وكان سنان بن أبي حارثة خذل الناس عنه لعداوته قضاعة، وأحب سنان أن يهب الحيان من قضاعة، وكان عيينة بن حصن وزبان بن سيار بن عمرو بن جابر ممن خذل عنه أيضاً. فأجلبت بنو ذبيان على بني سهم مع بني صرمة، وأجلبت محارب بن خصفة معهم.
فقال الحصين بن الحمام في ذلك من الأبيات:

ألا تقبلون النصف منـا وأنـتـم

 

بنو عمنا لا بل هامكم القـطـر

سنأبى كما تأبون حتى تلـينـكـم

 

صفائح بصرى والأسنة والأصر

أيؤكل مولانا ومولى ابن عمـنـا

 

مقيمٌ ومنصورٌ كما نصرت جسر

فتلك التي لم يعلم الناس أنـنـي

 

خنعت لها حتى يغيبني القـبـر

فليتكم قد حـال دون لـقـائكـم

 

سنون ثمانٍ بعدها حججٌ عشـر

أجدي لا ألقاكم الـدهـر مـرةً

 

على موطنٍ إلا خدودكم صعـر

إذا ما دعوا للبغي قاموا وأشرقت

 

وجوههم والرشد وردٌ له نـفـر

فواعجبا حتى خصيلة أصبحـت

 

موالي عزٍّ لا تحل لها الخـمـر

قوله: موالي عز، يهزأ بهم. ولا تحل لهم الخمر، أراد فحرموا الخمر على أنفسهم كما يفعل العزيز، وليسوا هناك:

ألما كشفنا لأمة الذل عنـكـم

 

تجردت لا برٌّ جميلٌ ولا شكر

فإن يك ظني صادقا تجز منكم

 

جوازي الإله والخيانة والغدر

قال: فأقاموا على الحرب والنزول على حكمهم، وغاظتهم بنو ذبيان ومحارب بن خصفة. وكان رئيس محارب حميضة بن حرملة. ونكصت عن حصين قبيلتان من بني سهم وخانتاه، وهما عدوان وعبد عمرو بنا سهم، فسار حصين، وليس معه من بني سهم إلا بنو وائله بن سهم وحلفاؤهم وهم الحرقة، وكان فيهم العدد، فالتقوا بدارة موضوع، فظفر بهم الحصين وهزمهم وقتل منهم فأكثر. وقال الحصين بن الحمام في ذلك:

جزى الله أفناء العشـيرة كـلـهـا

 

بدارة موضوعٍ عقوقاً ومـأثـمـا

بني عمنا الأدنين منهم ورهطـنـا

 

فزارة إذا رامت بنا الحرب معظما

ولما رأيت الود ليس بـنـافـعـي

 

وإن كان يوماً ذا كواكب مظلـمـا

صبرنا وكان الصبر منـا سـجـيةً

 

بأسيافنا يقطعن كفا ومعـصـمـا

نفلق هامـاً مـن رجـالٍ أعـزةٍ

 

علينا وهم كانوا أعق وأظـلـمـا

نطاردهم نستنقذ الجرد بـالـقـنـا

 

ويستقذون السمهري المـقـومـا

نستنقذ الجرد، أي نقتل الفارس فنأخذ فرسه. ويستنقذون السمهري وهو القنا الصلب، أي نطعنهم فتجرهم الرماح

لدن غدوةٍ حتى أتى الليل ما ترى

 

من الخيل إلا خارجياً مسومـا

وأجرد كالسرحان يضربه الندى

 

ومحبوكةً كالسيد شقاء صلدمـا

يطأن من القتلى ومن قصد القنـا

 

خباراً فما يجرين إلا تقـحـمـا

عليهم فتيانٌ كساهـم مـحـرقٌ

 

وكان إذا يكسو اجاد وأكـرمـا

صفائح بصرى أخلصتها قيونهـا

 

ومطرداً من نسج داود مبهـمـا

جزى الله عنا عبد عمرو مـلامةً

 

وعدوان سهـمٍ مـا أذل وألامـا

فلست بمبتاع الـحـياة بـسـبةٍ

 

ولا مرتقٍ من خشية الموت سلما

وقال أبو عبيدة:

وقتل في تلك الحرب نعيم بن الحارث بن عباد بن حبيب بن وائلة بن سهل، قتلته بنو صرمة يوم دارة موضوع، وكان واداً للحصين فقال يرثيه:

قتلنا خمسةً ورموا نعيما

 

وكـــــان الـــــــقـــــــتـــــــل لـــــــلـــــــفـــــــتـــــــيان زينـــــــا

لعــــمـــــــر الـــــــبـــــــاكـــــــيات عـــــــلـــــــى نـــــــعـــــــيم

 

لقـــــــد جـــــــلـــــــت رزيتـــــــه عـــــــلـــــــــــينـــــــــــــــا

فلا تـــــــبـــــــعـــــــد نـــــــعـــــــيم فـــــــكـــــــل حــــــــــــيٍّ

 

سيلـــــــقـــــــى مـــــــن صـــــــروف الـــــــدهـــــــر حـــــــينـــــــا

قال أبو عبيدة: ثم إن بني حميس كرهوا مجاورة بني سهم ففارقوهم ومضوا، فلحق بهم الحصين بن الحمام فردهم ولامهم على كفرهم نعمته وقتاله عشيرته عنهم، وقال في ذلك:

إن امرأً بعدي تبدل نـصـركـم

 

بنصر بني ذبيان حقًّا لخـاسـر

أولئك قـومٌ لا يهـان ثـويهـم

 

إذا صرحت كحلٌ وهب الصنابر

وقال لهم أيضاً:

ألا أبلغ لديك أبا حـمـيسٍ

 

وعاقبة الملامة للمـلـيم

فهل لكم إلى مولًى نصورٍ

 

وخطبكم من الله العظـيم

فإن دياركم بجنـوب بـسٍّ

 

إلى ثقفٍ إلى ذات العظوم

بس: بناء بنته غطفان شبهوه بالكعبة. وكانوا يحجونه ويعظمونه ويسمونه حرماً، فغزاهم زهير بن جناب الكلبي فهدمه:

غذتكم في غداة الناس حجًّا

 

غذاء الجائع الجدع اللـئيم

فسيروا في البلاد وودعونا

 

بقحط الغيث والكلإ الوخيم

قال أبو عبيدة: قال عمرو: زعموا أن المثلم بن رباح قتل رجلاً يقال له حباشة في جوار الحارث بن ظالم المري، فلحق المثلم بالحصين بن الحمام، فأجاره. فبلغ ذلك الحارث بن ظالم، فطلب الحصين بدم حباشة، فسأل في قومه وسأل في بني حميس جيرانه فقالوا: إنا لا نعقل بالإبل، ولكن إن شئت أعطيناك الغنم. فقال في ذلك وفي كفرهم نعمته:

خليلي لا تـسـتـعـجـلا أن تـزودا

 

وأن تجمعا شملي وتنـتـظـرا غـدا

فما لبـثٌ يومـاً بـسـائق مـغـنـم

 

ولا سرعةٌ يومـاً بـسـابـقةٍ غـدا

وإن تنظراني الـيوم أقـض لـبـانةً

 

وتستوجبا منـاً عـلـي وتـحـمـدا

لعمرك إني يوم أغدو بـصـرمـتـي

 

تنـاهـى حـمـيسٌ بـادئين وعـودا

وقد ظهرت مـنـهـم بـوائق جـمةٌ

 

وأفرع مولاهم بـنـا ثـم أصـعـدا

وما كان ذنبي فـيهـم غـير أنـنـي

 

بسطت يداً فيهم وأتـبـعـتـهـا يدا

وأني أحامي مـن وراء حـريمـهـم

 

إذا ما المنادي بـالـمـغـيرة نـددا

إذا الفوج لا يحـمـيه إلا مـحـافـظٌ

 

كريم المحيا مـاجـدٌ غـير أجـردا

فإن صرحت كحلٌ وهـبـت عـريةٌ

 

من الريح لم تترك لذي العرض مرفدا

صبرت على وطء الموالي وخطبهـم

 

إذ ضن ذو القربى عليهـم وأجـمـدا

أخبرني ابن دريد قال: حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: كان البرج بن الجلاس الطائي خليلاً للحصين بن الحمام ونديماً له على الشراب، وفيه يقول البرج بن الجلاس:

وندمانٍ يزيد الكأس طيبـاً

 

سقيت وقد تغورت النجوم

رفعت برأسه فكشفت عنه

 

بمعرقةٍ ملامة من يلـوم

ونشرب ما شربنا ثم نصحو

 

وليس بجانبي خدي كلـوم

ونجعل عبأها لبني جعـيلٍ

 

 

كانت للبرج أخت يقال لها العفاطة، وكان البرج يشرب مع الحصين ذات يوم فسكر وانصرف إلى أخته فافتضها، وندم على ما صنع لما أفاق، وقال لقومه: أي رجل أنا فيكم؟ قالوا: فارسنا وأفضلنا وسيدنا. قال: فإنه إن علم بما صنعت أحد من العرب أو أخبرتم به أحداً ركبت رأسي فلم تروني أبداً، فلم يسمع بذلك أحد منهم. ثم أن أمةً لبعض طيىء وقعت إلى الحصين بن الحمام، فرأت عنده البرج الطائي يوماً وهما يشربان. فلما خرج من عنده قالت للحصين: إن نديمك هذا سكر عندك ففعل بأخته كيت وكيت، وأوشك أن يفعل ذلك بك كلما أتاك فسكر عندك. فزجرها الحصين وسبها، فأمسكت. ثم إن البرج بعد ذلك أغار على جيران الحصين بن الحمام من الحرقة فأخذ أموالهم، وأتى الصريخ الحصين بن الحمام، فتبع القوم، فأدركهم، فقال للبرج: ما صبك على جيراني يا برج؟ فقال له: وما أنت وهم هؤلاء من أهل اليمن وهم منا، وأنشأ يقول:

أنى لك الحرقات فيما بيننا

 

عننٌ بعيدٌ منك يا بن حمام

أقبلت تزجي ناقة متباطئا

 

علطاً تزجيها بغير خطام

تزجي: تسوق، علطاً: لا خطام عليها ولا زمام، أي أتيت هكذا من العجلة فأجابه الحصين بن الحمام:

برجٌ يؤثمني ويكفر نعمـتـي

 

صمي لما قال الكفيل صمام

مهلاً أبا زيدٍ فإنك إن تـشـأ

 

أوردك عرض مناهلٍ أسدام

أوردك أقلبةً إذا حافلـتـهـا

 

خوض القعود خبيئة الأخصام

أقبلت من أرض الحجاز بذمةٍ

 

عطلا أسوقها بغير خـطـام

في إثر إخوانٍ لنا من طـيىء

 

ليسوا بأكفـاء ولا بـكـرام

لا تحسبن أخا العفاطة أننـي

 

رجلٌ بخبرك ليس بالـعـلام

فاستنزلوك وقد بللت نطاقهـا

 

عن بنت أمك والذيول دوامي

ثم ناصب الحصين بن الحمام البرج الحرب، فقتل من أصحابه البرج عدة وهزم، سائرهم واستنقذ ما في أيديهم، وأسر البرج، ثم عرف له حق ندامه وعشرته إياه فمن عليه وجز ناصيته وخلى سبيله. فلما عاد البرج إلى قومه وقد سبه الحصين بما فعل بأخته لامهم وقال:أشعتم ما فعلت بأختي وفضحتموني، ثم ركب رأسه وخرج من بين أظهرهم فلحق ببلاد الروم، فلم يعرف له خبر إلى الآن.


وقال ابن الكلبي: بل شرب الخمر صرفاً حتى قتلته.


أخبرني ابن دريد قال: حدثنا أبوحاتم عن أبي عبيدة قال: جمع الحصين بن الحمام جمعاً من بني عديٍّ ثم أغار على بني عقيل وبني كعب فأثخن فيهم واستاق نعماً كثيراً ونساء، فأصاب أسماء بنت عمرو سيد بني كعب فأطلقها ومن عليها، وقال في ذلك:

فدًى لبني عدي ركض ساقي

 

وما جمعت من نعمٍ مـراح

تركنا من نساء بني عـقـيلٍ

 

أيامى تبتغي عقد النـكـاح

أرعيان الشوي وجدتمـونـا

 

أم أصحاب الكريهة والنطاح

لقد علمت هوازن أن خيلـي

 

غداة النعف صادقة الصباح

عليها كل أروع هـبـرزيٍّ

 

شديدٍ حده شاكي الـسـلاح

فكر عليهم حتى التـقـينـا

 

بمصقولٍ عوارضها صباح

فأبنا بالنهاب وبـالـسـبـايا

 

وبالبيض الخرائد واللـقـاح

وأعتقنا ابنة المري عـمـروٍ

 

وقد خضنا عليها بالـقـداح

أخبرنا ابن دريد قال: حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة أن الحصين بن الحمام أدرك الإسلام. قال: ويدل على ذلك قوله:

وقـافـيةٍ غـير إنـســيةٍ

 

قرضت من الشعر أمثالهـا

شرودٍ تلمع بالـخـافـقـين

 

إذا أنشدت قيل من قالـهـا

وحيران لا يهتدي بالنـهـار

 

من الظلع يتبع ضلالـهـا

وداعٍ دعا دعوة المستـغـيث

 

وكنت كمن كان لبى لـهـا

إذا الموت كان شجاً بالحلوق

 

وبادرت النفس أشغـالـهـا

صبـرت ولـم أك رعـديدةً

 

وللصبر في الروع أنجى لها

ويومٍ تسعر فيه الـحـروب

 

لبست إلى الروع سربالهـا

مضعـفة الـسـرد عـاديةً

 

وعضب المضارب مفصالها

ومـطـرداً مـن ردينــية

 

أذود عن الورد أبطـالـهـا

فلم يبق من ذاك إلا التـقـى

 

ونفسٌ تعـالـج آجـالـهـا

أمورٌ من الله فوق السمـاء

 

مقادير تنزل أنـزالـهـا

أعوذ بربي من المـخـزيا

 

ت يوم ترى النفس أعمالها

وخف الموازين بالكافـرين

 

وزلزلت الأرض زلزالها

ونادى منادٍ بأهل القـبـور

 

فهبوا لتبرز أثـقـالـهـا

وسعرت النار فيها العذاب

 

وكان السلاسل أغلالـهـا

حدثنا ابن دريد قال حدثنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: مات حصين بن الحمام في بعض أسفاره، فسمع صائح في الليل يصيح لا يعرف في بلاد بني مرة:

ألا هلك الحلو الحلال الحلاحل

 

ومن عقده حزمٌ وعزمٌ ونائل

الحلو: الجميل، والحلال: الذي لبس عليه في ماله عيب. والحلاحل: الشريف العاقل:

ومن خطبه فصلٌ إذا القوم أفحموا

 

يصيب مرادي قوله من يحـاول

المرادي: جمع مرادة، وهي صخرة تردى بها الصخور، أي تكسر قال: فلما سمع أخوه معية بن الحمام ذلك قال: هلك والله الحصين، ثم قال يرثيه:

إذا لاقيت جمعـاً أو فـئامـاً

 

فإني لا أرى كـأبـي يزيدا

أشد مهـابةً وأعـز ركـنـاً

 

وأصلب ساعة الضراء عواد

صفيي وابن أمي والمواسـي

 

إذا ما النفس شارفت الوريدا

كأن مصدراً يحـبـو ورائي

 

إلى أشباله يبغـي الأسـودا

المصدر: العظيم الصدر، شبه أخاه بالأسد.

لأ أرق الله عيني من أرقت لـه

 

ولا ملا مثل قلبي قلبه ترحـا

يسرني سوء حالي في مسرتـه

 

فكلما ازددت سقماً زادني فرحا

الشعر لمحمد بن يسير، والغناء لأحمد بن صدقة، رملٌ بالوسطى.