نسب أمية بن أبي الصلت

وخبره في قوله هذا الشعر

نسبه

أبو الصلت عبد الله بن أبي ربيعة بن عمرو بن عقدة بن عنزة بن عوف بن قسي ، وهو ثقيف. شاعر من شعراء الجاهلية قديم. وهذا الشعر يقوله في سيف بن ذي يزن لما ظفر بالحبشة يهنيه بذلك ويمدحه.

سيف بن ذي يزن يستنجد كسرى

وكان السبب في قدوم الحبشة اليمن وغلبتهم عليها وخروج سيف بن ذي يزن إلى كسرى يستنجد عليهم أن ملكاً من ملوك اليمن يقال له: ذو نواس غزا أهل نجران، وكانوا نصارى، فحصرهم؛ ثم إنه ظفر بهم فخدد لهم الأخاديد، وعرضهم على اليهودية فامتنعوا من ذلك، فحرقهم بالنار، وحرق الإنجيل، وهدم بيعتهم، ثم انصرف إلى اليمن، وأفلت منه رجل يقال له دوس ذو ثعلبان على فرس، فركضه حتى أعجزهم في الرمل.

دوس ذو ثعلبان يستنجد قيصر

ومضى دوس إلى قيصر ملك الروم يستغيثه ويخبره بما صنع ذو نواس بنجران، ومن قتل من النصارى، وأنه خرب كنائسهم، وبقر النساء، وهدم الكنائس، فما فيها ناقوس يضرب به. فقال له قيصر: بعدت بلادي عن بلادكم، ولكن أبعث إلى قوم من أهل ديني، أهل مملكته قريب منكم فينصرونكم. قال دوس ذو ثعلبان؛ فذاك إذاً، قال قيصر: إن هذا الذي أصنعه بكم أذل للعرب أن يطأها سودان ليس ألوانهم على ألوانهم، ولا ألسنتهم على ألسنتهم، فقال الملك: أنظر لأهل دينه إنما هو خوله.


قيصر يكتب إلى ملك الحبشة بنصرة دوس فكتب إلى ملك الحبشة أن انصر هذا الرجل الذي جاء يستنصرني، واغضب للنصرانية، فأوطىء بلادهم الحبشة.


أرباط يخرج في جيش كبير إلى اليمن فخرج دوس ذو ثعلبان بكتاب قيصر إلى ملك الحبشة، فلما قرأ كتابه أمر أرياط - وكان عظيماً من عظمائهم - أن يخرج معه فينصره. فخرج أرياط في سبعين ألفاً من الحبشة، وقود على جنده قواداً من رؤسائهم، وأقبل بفيله، وكان معه أبرهة بن الصباح. وكان في عهد ملك الحبشة إلى أرياط: إذا دخلت اليمن فاقتل ثلث رجالها، وخرب ثلث بلادها، وابعث إلي بثلث نسائها. فخرج أرياط في الجنود فحملهم في السفن في البحر، وعبر بهم حتى ورد اليمن، وقد قدم مقدمات الحبشة، فرأى أهل اليمن جنداً كثيراً، فلما تلاحقوا قام أرياط في جنده خطيباً فقال: يا معشر الحبشة، قد علمتم أنكم لن ترجعوا إلى بلادكم أبداً، هذا البحر بين أيديكم إن دخلتموه غرقتم، وإن سلكتم البر هلكتم، واتخذتكم العرب عبيداً، وليس لكم إلا الصبر حتى تموتوا أو تقتلوا عدوكم.


انتصار أرياط على ذي نواس فجمع ذو نواس جمعاً كثيراً، ثم سار إليهم فاقتتلوا قتالاً شديداً، فكانت الدولة للحبشة، فظفر أرياط، وقتل أصحاب ذي نواس، وانهزموا في كل وجه. فلما تخوف ذو نواس أن سيؤسر ركض فرسه، واستعرض به البحر، وقال: الموت بالبحر أحسن من إسار أسود، ثم أقحم فرسه لجة البحر، فمضى به فرسه، وكان آخر العهد به.


ثم خرج إليهم ذو جدن الهمذاني في قومه، فناوشهم، وتفرقت عنه همدان، فلما تخوف على نفسه قال: ما الأمر ما صنع ذو نواس، فأقحم فرسه البحر، فكان آخر العهد به.


ودخل أرياط اليمن، فقتل ثلثاً، وبعث ثلث السبي إلى ملك الحبشة، وخرب ثلثاً، وملك اليمن، وقتل أهلها، وهدم حصونها، وكانت تلك الحصون بنتها الشياطين في عهد سليمان لبلقيس، واسمها بلقمة، وكان مما خرب من حصونهم: سلحون، وبينون، وغمدان، حصوناً لم ير مثلها. فقال الحميري ، وهو بذكر ما دخل على حمير من الذل:

هونك أين ترد العين ما فاتـا

 

لا تهلكن أسفاً في إثر من فاتا

أبعد بينون لا عـين ولا أثـر

 

وبعد سلحون يبني الناس أبياتا!

قال: فلما ظفر أرياط أخذ الأموال، وأظهر العطاء في أهل الشرف، فغضبت الحبشة حين أعطى أشرافهم، وترك أهل الفقر منهم، واستذلهم وأجاعهم وأعراهم وأتعبهم في العمل، وكلفهم ما لا يطيقون، فجزع من ذلك الفقراء، وشكا ذلك بعضهم إلى بعض، وقالوا: ما نرانا إلا أذلة أشقياء أينما كنا، إن كان قتال قدمنا في نحور العدو، وإن كان قتل قتلنا، وإن كان عمل فعلينا، والبلايا علينا، والعطايا لغيرنا، مع ما يقصينا ويجفونا.

أبرهة يحرض فقراء الحبشة على أرياط

فقال لهم عند ذلك رجل من الحبشة يقال له أبرهة من قواد أرياط: لو أن رجلاً غضب لغضبكم إذاً لأسلمتموه حتى يذبح كما تذبح الشاة. قالوا: لا والمسيح، ما كنا نسلمه أبداً، فواثقوه بالإنجيل ألا يسلموه حتى يموتوا عن آخرهم.


فنادى مناديه فيهم، فاجتمعوا إليه فبلغ ذلك أرياط أن أصحم أبرهة جمع لك الجموع، ودعا الناس إلى قتالك. قال: أو قد فعل ذلك أبرهة، وهو ممن لا بيت له في الحبشة! وغضب أرياط غضباً شديداً، وقال: هو أدنى من ذلك نفساً وبيتاً، هذا باطل.


قالوا: فأرسل إليه؛ فإن أتاك فهو باطل، وإن لم يأتك فاعلم أنه كما يقال، فأرسل إليه: أجب الملك أرياط. فجثا أبرهة على ركبتيه وخر لوجهه، وأخذ عوداً من الأرض فجعله في فيه، وقال للرسول: اذهب إلى الملك فأخبره بما رأيت مني، أنا أخلعه؟ أنا أشد تعظيماً له من ذلك! وأنا آتيه على أربع قوائم بحساب البهيمة.


فرجع الرسول إلى الملك فأخبره بالخبر، فقال: ألم أقل لكم؟ قالوا: الملك أعقل وأعلم منا.


فلما ولى الرسول من عند أبرهة وتوارى عنه صاح أبرهة في الفقراء من الحبشة، فاجتمعوا إليه معهم السلاح، والآلة التي كانوا يعملون بها ويهدمون بها مدن اليمن: المعاول والكرازين والمساحي، ثم صفوا صفاً، وصفوا خلفه آخر بإزائه. فلما أبطأ أبرهة على الملك وهو يرى أنه يأتيه على أربع قوائم كما قال، وأتى الرسول أرياط فأخبره بما صنع أبرهة، ركب في الملوك ومن تبعه من أتباعهم، فلبسوا السلاح وجاءوا بالفيلة، وكان معه سبعة فيلة، حتى إذا دنا بعضهم من بعض برز أبرهة بين الصفين، فنادى بأعلى صوته: يا معشر الحبشة، الله ربنا، والإنجيل كتابنا، وعيسى نبينا، والنجاشي ملكنا، علام يقتل بعضنا بعضاً في مذهب النصرانية؟ هذا رجل وأنا رجل فخلوا بيني وبينه، فإن قتلني عاد الملك إلى ما كان عليه من أثرة الأغنياء وإهلاك الفقراء، وإن قتلته سلمتم وعملت فيكم بالإنصاف بينكم ما بقيت. فقال الملوك لأرياط: قد أخبرناك أنه صنع ما قد ترى، وقد أبيت إلا حسن الرأي فيه، وقد أنصفك. وكان أرياط قد عرف بالشجاعة والنجدة، وكان جميلاً، وكان أبرهة قصيراً دميماً قبيحاً منكر الجمة ، فاستحيا أرياط من الملوك أن يجبن، فبرز بين الصفين، ومشى أحدهما إلى صاحبه، وحمل عليه أرياط فضرب أبرهة ضربة وقع منها حاجباه وعامة أنفه، ووقع بين رجلي أرياط، فعمد أبرهة إلى عمامته فشد بها وجهه، فسكن الدم والتأم الجرح، وأخذ عوداً وجعله في فيه، وقال: أيها الملك، إنما أنا شاة فاصنع ما أردت، فقد أبصرت أمري. ففرح أرياط بما صنع، وكان أبرهة قد سم خنجراً، وجعله في بطن فخذه، كأنه خافية نسر.

أبرهة يقتل أرياط ويتولى ملك اليمن

فلما رأى أبرهة أن أرياط قد أفلت عنه، وهو ينظر يميناً وشمالاً؛ لئلا تراه ملوك الحبشة، استل خنجره فطعنه طعنة في فرج درعه فأثبته ، وخر أرياط على قفاه، وقعد أبرهة على صدره فأجهز عليه. فسمى أبرهة الأشرم بتلك الضربة التي شرمت وجهه وأنفه.
فملك أبرهة عشرين سنة، ثم ملك بعد أبرهة ابنه يسكوم، ثم أخوه مسروق بن أبرهة، وأمه ريحانة امرأة ذي يزن أم سيف بن ذي يزن الحميري.

سيف يسعى لتخليص اليمن من الحبشة

فلما طال على أهل اليمن البلاء مشوا إلى سيف بن ذي يزن الحميري، فكلموه في الخروج، وقالوا إنا نجد فيما روت حمير عن خبر لسطيح أنه يوشك أن هذا البلاء يفرج بيد رجل من أهل بيتك ابن ذي يزن، وقد رجونا أن ندرك بثأرنا، فأنعم لهم. فخرج إلى قيصر ملك الروم، فكلمه أن ينصره على الحبشة، فأبى، وقال: الحبشة على ديني ودين أهل مملكتي، وأنتم على دين يهود، فخرج من عنده يائساً.

النعمان يصحب سيفاً إلى كسرى

فخرج عامداً إلى كسرى، فانتهى إلى النعمان بن المنذر بالحيرة فدخل عليه، فأخبره بما لقي قومه من الحبشة، فقال: أقم؛ فإن لي على الملك كسرى إذناً في كل سنة، وقد حان ذلك.


فلما خرج أخرج معه سيف بن ذي يزن فأدخله على كسرى، فقال: غلبنا على بلادنا، وغلب الأحابيش علينا، وأنا أقرب إليك منهم، لأني أبيض وأنت أبيض، وهم سودان. فقال: بلادك بلاد بعيدة، ولا أبعث معك جيشاً في غير منفعة، ولا أمر أخافه على ملكي.
فلما أيأسه من النصر أمر له بعشرة آلاف درهم واف، وكساه كساً.


فلما خرج بها من باب كسرى نثرها على الصبيان والعبيد، فرأى ذلك أصحاب كسرى، فقالوا ذلك له؛ فأرسل إليه: لم صنعت بجائزة الملك؟ تنثرها للصبيان والناس؟ فقال سيف: وما أعطاني الملك! جبال أرضى ذهب وفضة، جئت إلى الملك ليمنعني من الظلم، ولم آته ليعطيني الدراهم، ولو أردت الدراهم كان ذلك في بلدي كثيراً.


فقال كسرى: أنظر في أمرك. فخرج سيف على طمع، وأقام عنده فجعل سيف كلما ركب كسرى عرض له، فجمع له كسرى مرازبنه، وقال: ما ترون في هذا العربي، وقد رأيته رجلاً جلداً؟ فقال قائل منهم: إن في السجون قوماً قد سجنهم الملك في موجدة عليهم، فلو بعثهم الملك معه فإن قتلوا استراح منهم، وإن ظفروا بما يريد هذا العربي فهو زيادة في ملك الملك. فقال كسرى: هذا الرأي.

كسرى يعين سيفاً بجيش يقوده وهرز

وأمر بهم كسرى فأحضروا فوجد ثمانمائة رجل، فولى أمرهم رجلاً معهم يقال له وهرز، وكان رامياً شجاعاً مع مكانة في الفرس، وجهزهم، وأعطاهم سلاحاً، وحملهم في البحر في ثماني سفن، فغرقت سفينتان، وبقي من بقي وهم ستمائة رجل؛ فأرسلوا إلى ساحل عدن، فلما ارسوا قال وهرز لسيف: ما عندك، فقد جئنا بلادك؟ فقال: ما شئت من رجل عربي وفرس عربي، ثم اجعل رجلي مع رجلك حتى نموت جميعاً أو نظرف جميعاً.


قال وهرز: أنصفت. فاستجلب سيف من استطاع من اليمن، ثم زحفوا إلى مسروق بن أبرهة، وقد سمع بهم مسروق وبتعيبتهم، فجمع إليه جنده من الحبشة، وسار إليهم، والتقى العسكران، وجعلت أمداد اليمن تثوب إلى سيف، وبعث وهرز ابناً له كان معه على جريدة خيل، فقال: ناوشوهم القتال، حتى ننظر قتالهم، فناوشهم ابنه، وناوشوه شيئاً من قتال، ثم تورط ابنه في هلكة لم يستطع التخلص منها؛ فاشتملوا عليه فقتلوه، فازداد وهرز عليهم حنقاً. وسيء العرب، وفرحت الحبشة، فأظهروا الصليب، فوتر وهرز قوسه، وكان لا يقدر أن يوترها غيره.

وهرز يقتل مسروقاً

وقال وهرز والناس في صفوفهم: انظروا أين ترون ملكهم؟ قال سيف : أرى رجلاً قاعداً على فيل تاجه على رأسه، بين عينيه ياقوتة حمراء. قال: ذلك ملكهم. وقال وهرز: اتركوه. ثم وقف طويلاً، ثم قال: انظروا هل تحول؟ قالوا: قد تحول على فرس. قال: هذا منه اختلاط. ثم وقف طويلاً، وقال: انظروا هل تحول؟ قالوا: قد تحول على بغلة، فقال: ابنة الحمار، ذل الأسود وذل ملكه، ثم قال لأصحابه: نقتله في هذه الرمية، تأملوا النشابة، وأخذ النشابة وجعل فوقها في الوتر، ثم نزع فيها حتى ملأها، وكان أيداً ، ثم أرسلها فصحكت الياقوتة التي بين عيني ملكهم مسروق، فتغلغلت النشابة في رأسه حتى خرجت من قفاه، وحملت عليهم الفرس، فانهزمت الحبشة في كل وجه، وجعلت حمير تقتل من أدركوا منهم، وتجهز على جريحهم.

وهرز يدخل صنعاء ويملك اليمن

وأقبل وهرز يريد أن يدخل صنعاء، وكان موضعهم الذي التقوا فيه خارج صنعاء، وكان اسم صنعاء: أزال ، فلما قدمت الحبشة بنوها وأحكموها، فقالت: صنعة؛ فسميت صنعاء، وكانت صنعاء مدينة لها باب صغير يدخل منه، فلما دنا وهرز من باب المدينة رآه صغيراً، فقال: لا تدخل رايتي منكسة، اهدموا الباب، فهدم باب صنعاء، ودخل ناصباً رايته وسير بها بين يديه. فقال سيف بن ذي يزن: ذهب ملك حمير آخر الدهر، لا يرجع إليهم أبداً.


فملك وهرز اليمن، وقهر الحبشة، وكتب إلى كسرى يخبره: إني قد ملكت للملك اليمن، وهي أرض العرب القديمة التي تكون فيها ملوكهم، وبعث بجوهر، وعنبر، ومال، وعود، وزباد ، وهو جلود لها رائحة طيبة.

كسرى يأمر وهرز أن يملك سيفاً اليمن

فكتب كسرى يأمره أن يملك سيفاً، ويقدم وهرز إلى كسرى.


فخلف على اليمن سيفاً، فلحا خلا سيف باليمن وملكها عدا على الحبشة، فجعل يقتل رجالها ويبقر نساءها عما في بطونها، حتى أفناها إلا بقايا منها أهل ذلة وقلة، فاتخذهم خولاً، واتخذ منهم جمازين بحرابهم بين يديه.

الحبشة يغتالون سيفاً

فمكث كذلك غير كثير، وركب يوماً وتلك الحبشة معه، ومعهم حرابهم يسعون بها بين يديه، حتى إذا كان وسطاً منهم مالوا عليه بحرابهم فطعنوه بها حتى قتلوه.


وكان سيف قد آلى ألا يشرب الخمر، ولا يمس امرأة حتى يدرك ثأره من الحبشة، فجعلت له حلتان واسعتان فأتزر بواحدة، وارتدى الأخرى، وجلس على رأس غمدان يشرب، وبرت يمينه. وخرج بعد ذلك يتصيد فقتلته الحبشة.


وكان ملك أرياط عشرين سنة، وملك أبرهة ثلاثاً وعشرين سنة، وملك يكسوم تسع عشرة سنة، وملك مسروق اثنتي عشرة سنة، فهذه أربع وسبعون سنة.


وكان قدوم أهل فارس اليمن مع وهرز بعد الفجار بعشر سنين، وقبل بنيان قريش البيت بخمس سنين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ابن ثلاثين سنة أو نحوها؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد بعد قدوم الفيل بخمس وخمسين ليلة.

وفود العرب تقدم على سيف لتهنئته بالنصر

ونسخت خبر مديحه سيفاً بهذا الشعر من كتاب عبد الأعلى بن حسان، قال: حدثنا الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عباس، وحدثني به محمد بن عمران المؤدب بإسناد لست أحفظ الاتصال بينه وبين الكلبي فيه، فاعتمدت هذه الرواية، قال: لما ظفر سيف بن ذي يزن بالحبشة، وذلك بعد مولد النبي صلى الله عليه وسلم بسنتين أتته وفود العرب وأشرافها لتهنيه وتمدحه، وتذكر ما كان من بلائه وطلبه بثأر قومه؛ فأتته وفود العرب من قريش، فأتوه بصنعاء، وهو على رأس قصر له يقال له: غمدان، فأخبره الآذن بمكانهم، فأذن لهم، فدخلوا عليه وهو على شرابه، وعلى رأس غلام واقف ينثر في مفرقه المسك، وعن يمينه ويساره الملوك والمقاول، وبين يديه أمية بن الصلت الثقفي ينشده قوله فيه هذه الأبيات :

أمية يمدح سيفاً والفرس

لا يطلب الثأر إلا كابن ذي يزن

 

في البحر خيم للأعداء أحـوالا

أتى هرقل وقد شالت نعامـتـه

 

فلم يجد عنده النصر الذي سـالا

ثم انتحى نحو كسرى بعد عاشرة

 

من السنين يهين النفس والمـالا

حتى أتى ببني الأحرار يقدمهـم

 

تخالهم فوق متن الأرض أجبالا

لله درهم من فـتـية صـبـروا

 

ما إن رايت لهم في الناس أمثالا

بيض مـرازبة غـلـب أسـاورة

 

أسد تربت في الغيضات أشـبـالا

فالتط من المسك إذ شالت نعامتهم

 

وأسبل اليوم في برديك إسـبـالا

واشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقـاً

 

في رأس غمدان داراً منك محلالا

تلك المكارم لا قعبان مـن لـبـن

 

شيباً بماء فعـادا بـعـد أبـوالا

بنو الأحرار الذين عناهم أمية في شعره هم الفرس الذين قدموا مع سيف بن ذي يزن، وهم إلى الآن يسمون بني الأحرار بصنعاء، ويسمون باليمن الأبناء، وبالكوفة الأحامرة؛ وبالبصرة الأساورة، وبالجزيرة الخضارمة، وبالشام الجراجمة.

عبد المطلب يهنىء سيفاً

وسيف يرحب به وبمن معه

فبدأ عبد المطلب فاستأذن في الكلام، فقال له سيف بن ذي يزن: إن كنت ممن يتكلم بين يدي الملوك، فقد أذنا لك، فقال عبد المطلب: إن الله قد أحلك أيها الملك محلاً رفيعاً، صعباً منيعاً، شامخاً باذخاً، وأنبتك منبتاً طابت أرومته، وعزت جرثومته، في أكرم موطن، وأطيب معدن؛ فأنت - أبيت اللعن - ملك العرب، وربيعها الذي به تخصب، وأنت أيها الملك رأس العرب الذي له تنقاد، وعمودها الذي عليه العماد، ومعقلها الذي إليه يلجأ العباد، فسلفك لنا خير سلف، وأنت لنا منهم خير خلف، فلم يحمل من أنت خلفه، ولن يهلك من أنت سلفه نحن أهل حرم الله وسدنة بيته، أشخصنا إليك الذي أبهجنا؛ لكشفك الكرب الذي فدحنا، فنحن وفود التهنية لا وفود المرزية.


قال: وأيهم أنت أيها المتكلم؟ قال: أنا عبد المطلب بن هاشم، قال: ابن أختنا؟ قال: نعم. فأدناه حتى أجلسه إلى جنبه، ثم أقبل على القوم وعليه، فقال: مرحباً وأهلاً، وناقة ورحلاً، ومستناخاً سهلاً، وملكاً ربحلا ، يعطى عطاء جزلاً، قد سمع الملك مقالتكم، وعرف قرابتكم، وقبل وسيلتكم، وأنتم أهل الشرف والنباهة، ولكم الكرامة ما أقمتم، والحباء إذا ظعنتم.


سيف يسر اه أمارات ظهور النبي ثم استنهضوا إلى دار الضيافة والوفود، فأقاموا فيها شهراً لا يصلون إليه، ولا يؤذن لهم في الإنصراف، وأجرى لهم الأنزال . ثم انتبه لهم انتباهةً، فأرسل إلى عبد المطلب، فأدناه، وأخلى مجلسه، ثم قال: يا عبد المطلب، إني مفوض إليك من سر علمي أمراً لو يكون غيرك لم أبح به إليه، ولكني رأيتك موضعه، فأطلعتك طلعه؛ فليكن عندك مطوياً حتى يأذن الله فيه، فإن الله بالغ أمره.


إني أجد في الكتاب المكنون، والعلم المخزون، الذي اخترناه لأنفسنا، واحتجناه دون غيرنا، خبراً عظيماً، وخطراً جسيماً، فيه شرف الحياة، وفضيلة الوفاء للناس عامة، ولرهطك كافة، ولك خاصة.


قال عبد المطلب: مثلك أيها الملك من سر وبر، فما هو فداك أهل الوبر، زمراً بعد زمر؟ قال ابن ذي يزن: إذا ولد غلام بتهامة، بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة، ولكم به الزعامة، إلى يوم القيامة.


قال عبد المطلب: أيها الملك، لقد أبت بخير ما آب بمثله وافد، ولولا هيبة الملك وإكرامه وإعظامه لسألته أن يزيدني في البشارة ما أزداد به سروراً. قال ابن ذي يزن: هذا حينه الذي يولد فيه، أو قد ولد؟ اسمه محمد صلى الله عليه وسلم، يموت أبوه وأمه، ويكلفه جده وعمه، قد ولدناه مراراً، والله باعثه جهاراً، وجاعل له منا أنصاراً، يعز بهم أولياءه، ويذل بهم أعداءه، يضرب بهم الناس عن عرض، ويستبيح بهم كرائم الأرض، يخمد النيران، ويدحر الشيطان، ويكسر الأوثان، ويعبد الرحمن، قوله فصل، وحكمه عدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله.


فقال عبد المطلب: أيها الملك، عز جدك، وعلا كعبك، ودام ملكك، وطال عمرك، فهل الملك مخبري بإفصاح، فقد أوضح لي بعض الإيضاح.


فقال ابن ذي يزن: والبيت ذي الحجب، والعلامات على النصب، إنك يا عبد المطلب، لجده غير الكذب. فخر عبد المطلب ساجداً، فقال له: ارفع رأسك، ثلج صدرك، وعلا أمرك؛ فهل أحسست شيئاً مما ذكرته لك؟ فقال عبد المطلب: أيها الملك! كان لي ابن، وكنت به معجباً، وعليه رفيقاً، زوجته كريمة من كرائم قومي، اسمها آمنة بنت وهب؛ فجاءت بغلام سميته محمداً، مات أبوه وأمه؛ وكفلته أنا وعمه. قال: الأمر ما قلت لك؛ فاحتفظ بابنك، واحذر عليه من اليهود؛ فإنهم له أعداء، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلاً، واطو ما ذكرت لك عن هؤلاء الرهط الذين معك؛ فإني لا آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون له الرياسة؛ فينصبون له الحبائل، ويطلبون له الغوائل، وهم فاعلون وأبناؤهم، وبطيء ما يجيبه قومه؛ وسيلقى منهم عنناً، والله مبلج حجته؛ ومظهر دعوته، وناصر شيعته، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي؛ حتى أصير يثر دار ملكي؛ فإن أجد في الكتاب المكنون أن بيثرب استحكام أمره، وأهل نصرته، وموضع قبره؛ ولولا أن أتوقى عليه الآفات، وأحذر عليه العاهات، لأعلنت على حداثة سنه أمره، ولكني صارف ذلك إليك من غير تقصير مني بمن معك.


يجزل العطاء لعبد المطلب وصحبه قال: ثم أمر لكل رجل بعشرة أعبد، وعشرة إماء، ومائة من الإبل وحلتين بروداً، وخمسة أرطال ذهباً، وعشرة أرطال فضة، وكرش مملوءة عنبراً، ثم أمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك.


وقال: يا عبد المطلب، إذا حال الحول فائتني. فمات ابن ذي يزن قبل أن يحول الحول.


وكان عبد المطلب كثيراً ما يقول: يا معشر قريش، لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك، وإن كثر؛ فإنه إلى نفاد، ولكن ليغبطني بما بقي لي شرفه وذكره إلى يوم القيامة. فإذا قيل له: وما ذاك؟ قال: ستعلمون نبأ ما أقول، ولو بعد حين.
وفي ذلك يقول أمية بن عبد شمس :

جلبنا النصح تحمله المطـايا

 

إلى أكوار أجمـال ونـوق

مغلغلة مرافقـهـا ثـقـالاً

 

إلى صنعاء من فج عمـيق

تؤم بنا ابن ذي يزن ونهـدي

 

مخاليها إلى أمم الطـريق

فلما وافقت صنعاء صارت

 

بدار الملك والحسب العريق

المالكي يغني طاهراً بشعر أمية في سيف

أخبرني علي بن عبد العزيز، قال: حدثني عبد الله بن عبد الله بن خرداذبة، قال: كان أحمد بن سعيد بن قادم المعروف بالمالكي، أحد القواد مع طاهر بن الحسين بن عبد الله بن طاهر، فكان معه بالري، وكان مع محله من خدمة السلطان مغنياً حسن الغناء، وله صنعة، فحضر مجلس طاهر بن عبد الله، وهو متنزه بظاهر الري بموضع يعرف بشاذمهر، وقيل: بل حضره بقصره بالشاذياخ ، فغنى هذا الصوت:

اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً

 

في رأس غمدان.....البـيت

فقال ابن عباد الرازي في وقته من الشعر مثل ذلك المعنى، وصنع فيه، وغنى فيه أحمد بن سعيد لحناً من خفيف الرمل وهو : صوت

اشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقـاً

 

بالشاذياخ ودع غمدان للـيمـن

فأنت أولى بتاج الملك تلبـسـه

 

من هوذة بن علي وابن ذي يزن

فطرب طاهر، فاستعاده مرات، وشرب عليه حتى سكر، وأسنى لأحمد بن سعيد الجائزة.

هوذة بن علي ويوم الصفقة

أما ذكره هوذة بن علي ولبسه التاج؛ فإن السبب في ذلك أن كسرى توج هوذة بن علي الحنفي، وضم إليه جيشاً من الأساورة، فأوقع ببني تميم يوم الصفقة .


يوم الصفقة أخبرني بالسبب في ذلك علي بن سليمان الأخفش، قال: حدثنا أبو سعيد السكري، قال: حدثنا ابن حبيب ودماذ، عن أبي عبيدة، قال ابن حبيب: قال أبو سعيد: وأخبرنا إبراهيم بن سعدان، عن أبيه، عن أبي عبيدة، قال ابن حبيب: وأخبرني ابن الأعرابي، عن المفضل، قال أبو سعيد، قالوا جميعاً:  كان من حديث يوم الصفقة أن باذام عامل كسرى باليمن بعث إلى كسرى عيراً تحمل ثياباً من ثياب اليمن، ومسكاً وعنبراً، وخرجين فيهما مناطق محلاة، وخفراء تلك العير فيما يزعم بعض الناس بنو الجعيد المراديون. فساروا من اليمن لا يعرض لهم أحد، حتى إذا كان بحمض من بلاد بني حنظلة بن يربوع وغيرهم، أغاروا عليها فقتلوا من فيها من بني جعيد والأساورة، واقتسموها، وكان فيمن فعل ذلك ناجية بن عقال، وعتبة بن الحارث بن شهاب، وقعنب بن عتاب، وجزء بن سعد، وأبو مليل عبد الله بن الحارث، والنطف بن جبير، وأسيد بن جنادة، فبلغ ذلك الأساورة الذين بهجر مع كزارجر المكعبر، فساروا إلى بني حنظلة بن يربوع، فصادفوهم على حوض، فقاتلوهم قتالاً شديداًن فهزمت الأساورة، وقتلوا قتلاً شديداً ذريعاً، ويومئذ أخذ النطف الخرجين اللذين يضرب بهما المثل .


فلما بلغ كسرى استشاط غضباًن وأمر بالطعام فادخر بالمشقر ومدينة اليمامة، وقد أصابت الناس سنة شديدة، ثم قال: من دخلها من العرب فأميروه ما شاء .


فبلغ ذلك الناس، قال: وكان أعظم من أتاهم بنو سعد، فنادى منادي الأساورة: لا يدخلها عربي بسلاح، فأقيم بوابون على باب المشقر، فإذا جاء الرجل ليدخل قالوا: ضع سلاحك، وامتر، واخرج من الباب الآخر؛ فيذهب به إلى رأس الأساورة فيقتله، فيزعمون أن خيبري بن عبادة بن النوال بن مرة بن عبيد - وهو مقاعس - قال: يا بني تميم؛ ما بعد السلب إلا القتل، وأرى قوماً يدخلون ولا يخرجون، فانصرف منهم من انصرف من بقيتهم، فقتلوا بعضهم وتركوا بعضاً محتبسين عندهم. هذا حديث المفضل.


وأما ما وجد عن ابن الكلبي في كتاب حماد الراوية، فإن كسرى بعث إلى عامله باليمن بعير، وكان باذام على الجيش الذي بعثه كسرى إلى اليمن، وكانت العير تحمل نبعاً ، فكانت تبذرق من المدائن حتى تدفع إلى النعمان، ويبذرقها النعمان بخفراء من بني ربيعة ومضر حتى يدفعها إلى هوذة بن علي الحنفي، فيبذرقها حتى يخرجها من أرض بني حنيفة، ثم تدفع إلى سعد، وتجعل لهم جعالة، فتسير فيها، فيدفعونها إلى عمال باذام باليمن.


فلما بعث كسرى بهذه العير قال هوذة للأساورة: انظروا الذي تجعلونه لبني تميم فأعطونيه؛ فأنا أكفيكم أمرهم، وأسير فيها معكم، حتى تبلغوا مأمنكم، فخرج هوذة والأساورة والعير معهم من هجر، حتى إذا كانو ابنطاع بلغ بني سعد ما صنع هوذة، فساروا إليهم، وأخذوا ما كان معهم، واقتسموه وقتلوا عامة الأساورة، وسلبوهم، وأسروا هوذة بن علي، فاشترى هوذة نفسه بثلاثمائة بعير، فساروا معه إلى هجر، فأخذوا منه فداءه، ففي ذلك يقول شاعر بني سعد:

ومنا رئيس القوم ليلة أدلجـوا

 

بهوذة مقرون اليدين إلى النحر

وردنا به نخل اليمامة عـانـياً

 

عليه وثاق القد والحلق السمر

فعمد هوذة عند ذلك إلى الأساورة الذين أطلقهم بنو سعد، وكانوا قد سلبوا، فكساهم وحملهم، ثم انطلق معهم إلى كسرى، وكان هوذة رجلاً جميلاً شجاعاً لبيباً، فدخل عليه فقص أمر بني تميم وما صنعوا، فدعا كسرى بكأس من ذهب فسقاه فيها، وأعطاه إياها وكساه قباء ديباج منسوجاً بالذهب واللؤلؤ، وقلنسوة قيمتها ثلاثون ألف درهم، وهو قول الأعشى :

له أكاليل بالياقوت فصـلـهـا

 

صواغها لا ترى عيباً ولا طبعا

وذكر أن كسرى سأل هوذة عن ماله ومعيشته فأخبره أنه في عيش رغد، وأنه يغزو المغازي المغازي فيصيب.


فقال له كسرى في ذلك: كم ولدك؟ قال: عشرة، قال: فأيهم أحب إليك؟ قال: غائبهم حتى يقدم، وصغيرهم حتى يكبر، ومريضهم حتى يبرأ. قال كسرى: الذي أخرج منك هذا العقل حملك على أن طلبت مني الوسيلة. وقال كسرى لهوذة: رأيت هؤلاء الذين قتلوا أساورتي، وأخذوا مالي، أبينك وبينهم صلح؟.


قال هوذة: أيها الملك بيني وبينهم حساء الموت، وهم قتلوا أبي. فقال كسرى: قد أدركت ثأرك، فكيف لي بهم. قال هوذة: إن أرضهم لا تطيقها أساورتك، وهم يمتنعون بها، ولكن احبس عنهم الميرة، فإذا فعلت ذلك بهم سنة أرسلت معي جنداً من أساورتك، فأقيم لهم السوق؛ فإنهم يأتونها، فتصيبهم عند ذلك خيلك. ففعل كسرى ذلك، وحبس عنهم الأسواق في سنة مجدبة، ثم سرح إلى هوذة فأتاه، فقال: ائت هؤلاء فاشفني منهم، واشتف. وسرح معهم جوار بودار ورجلاً من أردشير خره. فقال لهوذة: سر مع رسولي هذا، فسار في ألف أسوار حتى نزلوا المشقر من أرض البحرين، هو حصن هجر.


وبعث هوذة إلى بني حنيفة فأتوه، فدنوا من حيطان المشقر، ثم نودي: إن كسرى قد بلغه الذي أصابكم في هذه السنة، وقد أمر لكم بميرة، فتعالوا، فامتاروا. فانصب عليهم الناس، وكان أعظم من أتاهم بنو سعد، فجعلوا إذا جاءوا إلى باب المشقر أدخلوا رجلاً رجلاً، حتى يذهب به إلى المكعبر فتضرب عنقه، وقد وضع سلاحه قبل أن يدخل، فيقال له: ادخل من هذا الباب واخرج من الباب الآخر، فإذا مر رجل من بني سعد بينه وبين هوذة إخاء، أو رجل يرجوه، قال للمكعبر: هذا من قومي فيخليه له.


فنظر خيبري بن عبادة إلى قومه يدخلون ولا يخرجون، وتؤخذ أسلحتهم، وجاء ليمتار، فلما رأى ما رأى قال: ويلكم! أين عقولكم! فوالله ما بعد السلب إلا القتل.


وتناول سيفاً من رجل من بني سعد يقال له مصاد، وعلى باب المشقر سلسلة ورجل من الأساورة قابض عليها، فضربها فقطعها ويد الأسوار، فانفتح الباب، فإذا الناس يقتلون، فثارت بنو تميم.


ويقال: إن الذي فعل هذا رجل من بني عبس يقال له: عبيد بن وهب، فلما علم هوذة أن القوم قد نذروا به أمر المكعبر فأطلق منهم مائة من خيارهم، وخرج هارباً من الباب الأول هو والأساورة، فتبعتهم بنو سعد والرباب، فقتل بعضهم، وأفلت من أفلت.

صوت

إذا سلكت حوران من رمل عالج

 

فقولا لها: ليس الطريق هنالك

دعوا فلجات الشام قد حيل دونها

 

بضرب كأفواه العشار الأوارك

عروضه من الطويل. الشعر لحسان بن ثابت، والغناء لابن محرز، ولحنه من القدر الأوسط من الثقيل الأول، مطلق في مجرى البنصر.
وهذا الشعر يقوله حسان بن ثابت لقريش حين تركت الطريق الذي كانت تسلكه إلى الشام بعد غزوة بدر، واستأجرت فرات بن حيان العجلي دليلاً، فأخذ بهم غيرها، وبلغ النبي صلى الله عليه وسلم الخبر، فأرسل زيد بن حارثة في سرية إلى العير فظفر بها، وأعجزه القوم.