خبر للأحوص

نسوة من أهل المدينة يعقدن له مجلساً

فيقول في ذلك شعراً

أخبرني حرمي بن أبي العلاء، قال: حدثني الزبير بن بكار، قال: أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن، قال: حدثني إسماعيل بن محمد المخزومي، قال: اجتع نسوة عند امرأة من أهل المدينة فقلن: أرسلي إلى الأحوص، فإنا نحب أن نتحدث معه ونسمع من شعره، فقالت لهن: إذاً لا يزيدكن على أن يخرج إذا عرفكن، فيشهركن وينظم الشعر فيكن، فلم يزلن بها حتى أرسلت إليه رسولاً يذكر له أمرهن ولا يسميهن، ويقول له أن يأتيهن مخمر الرأس، ففعل، وتحدث معهن وأنشدهن. فلما أراد الخروج وضع يده في تور بين أيديهن فيه خلوق، فغطى رأسه، وخرج ووضع يده على الباب، ثم تفقد الموضع الذي كان فيه، فغدا إليه، وطاف حتى وجد أثر يده في الباب، فقال:

خمس دسسن إلي في لطف

 

حور العيون نواعم زهـر

فطرقتهن مع الجري وقـد

 

نام الرقيب وحلق النسـر

مستبطناً للحـي إذ قـرعـوا

 

عضباً يلوح بمـتـنـه أثـر

فعكفن ليلـتـهـن نـاعـمة

 

ثم استفقن وقد بدا الفـجـر

بأشم معسـول فـكـاهـتـه

 

غض الشباب رداؤه غـمـر

رزن بعيد الصوت مشتـهـر

 

جيبت له جوب الرحى عمرو

قامت تخاصره لكـلـتـهـا

 

تمشي تـأود غـادة بـكـر

فتنازعا من دون نسـوتـهـا

 

كلما يسر كـأنـه سـحـر

كل يرى أن الـشـبـاب لـه

 

في كل غاية صبـوة عـذر

سيفانة أمر الشـبـاب بـهـا

 

رقراقة لم يبلهـا الـدهـر

حتى إذا أبـدى هـواه لـهـا

 

وبدا هواها ما لـه سـتـر

سفرت وما سفرت لمعـرفة

 

وجهاً أغر كـأنـه الـبـدر

قال إسماعيل بن محمد: فخرجت وأنا شاب ومعي شباب نريد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرنا حديث الأحوص وشعره، وقدامنا عجوز عليها بقايا من الجمال، فلما بلغنا المسجد وقفت علينا والتفتت إلينا، وقالت: يا فتيان، أنا والله إحدى الخمس، كذب ورب هذا القبر ولمنبر ما خلت معه واحدة منا، ولا راجعته دون نسوتها كلاماً.

رواية أخرى في سبب هذا الشعر

قال الزبير: وحدثني غير إبراهيم بن عبد الرحمن: أن نسوة من أهل المدينة نذرن مشياً إلى قباء وصلاة فيه، فخرجن ليلاً، فطال عليهن الليل فنمن، فجاءهن الأحوص متكئاً على عرجون بن طاب ، فتحدث معهن حتى أصبح، ثم انصرف وانصرفن، فقال قصيدته:

خمس دسسن إلي في لطف

 

حور العيون نواعم زهـر

وحدثني عمي، عن أبيه، قال: قال حبيب بن ثابت: صدرت إلى العقيق، فخلا لي الطريق، فأنشدت أبيات الأحوص هذه، وعجوز سوداء قاعدة ناحية تسمع ما أقول ولا أشعر بها، فقالت: كذب والله يا سيدي؛ إن سيفه ليلتئذ لعرجون ابن طاب يتحضر به، وإني لرسولهن إليه.
قال الزبير: وحدثني عمي، عن أبيه، عن الزبير بن حبيب، قال: كنت أنشد قول الأحوص:

خمس دسسن إلي في لطف

قال: فإذا نسوة فيهن عجوز سوداء، فأقبلن على العجوز، فقلن لها: لمن هذا الشعر؟ قالت: للأحوص، فقلت : للأحوص لعمري، فقالت لهن: أنا والله الجريء، خرج نسوة يصلين في مسجد قباء، ثم تحدثن في رحبة المسجد، في ليلة مقمرة، فقلن: لو كان عندنا الأحوص! فخرجت حتى أتيتهن به، وهو متخصر بعرجون ابن طاب، فتحدث معهن حتى دنا الصبح، فقلن له: لا تذكر خبرنا، ولا تذكر إليه خيراً، قال: قد فعلت، وأنشدهن تلك الساعة من الليلة تلك الأبيات، ثم استمرت بأفواه الناس تغني:

خمس دسسن إلي في لطف

الأبيات كلها، والله ما قامت عه امرأة ولا كان بينه وبين واحدة منهن سر .

صوت

يابنة الجودي قلبي كـئيب

 

مستهام عندها مـا ينـيب

ولقد قالوا فقلت: دعوهـا

 

إن من تنهون عنه حبـيب

إنما أبلى عظامي وجسمي

 

حبها، والحب شيء عجيب

عروضه من الرمل. الشعر لعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، والغناء لمعبد، ثقيل أول بالسبابة في مجرى البنصر، عن إسحاق، وفيه لمالك خفيف ثقيل أول بالخنصر في مجرى البنصر، عن إسحاق، وفيه رمل بالسبابة في مجرى الوسطى، لم ينسبه إسحاق إلى أحد. وذكر أحمد بن يحيى المكي أنه لأبيه يحيى. والله أعلم.