أخبار عروة بن أذينة ونسبه

نسبه

هو عروة بن أذينة وأذينة لقبه واسمه يحيى بن مالك بن الحارث بن عمرو بن عبد الله بن زحل بن يعمر وهو الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار. وسمي يعمر بالشداخ لأنه تحمل ديات قتلى كانت بين قريش وخزاعة وقال: قد شدخت هذه الدماء تحت قدمي فسمي الشداخ.
قال ابن الكلبي: الشداخ بضم الشين.

شاعر وفقيه ومحدث

ويكنى عروة بن أذينة أبا عامر وهو شاعر غزل مقدم من شعراء أهل المدينة وهو معدودٌ في الفقهاء والمحدثين روى عنه مالك بن أنس وعبيد الله بن عمر العدوي. أخبرني بذلك أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن عمر بن شبة وروى جده مالك بن الحارث عن علي بن أبي طالب.روى قصة عن جده مالك

أخبرني الحسن بن علي قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا أحمد بن الحارث عن خرج مع علي بن أبي طالب رجلٌ من قومي كان مصطلماً فخرجت في أثره وخشيت انقراض أهل بيته فأردت أن أستأذن له من علي فأدركت علياً بالبصرة وقد هزم الناس ودخل البصرة فجئته فقال: مرحباً بك يابن الفقيمة أبدا لك فينا بداءٌ قلت: والله إن نصرتك لحقٌ وإني لعلى ما عهدت أحب العزلة ثم ذاكرته أمر ابن عمي ذلك فلم يبعد عنه فكنت آتيه أتحدث إليه. فركب يوماً يطوف وركبت معه فإني لأسير إلى جانبه إذ مررنا بقبر طلحة فنظر إليه نظراً شديداً ثم أقبل علي فقال: أمسى والله أبو محمد بهذا المكان غريباً ثم تمثل:

وما تدري وإن أزمعت أمراً بأي الأرض يدركك المقيل

والله إني لأكره أن تكون قريش قتلى تحت بطون الكواكب. قال: فوقع العراقيون يشتمون طلحة وسكت علي وسكت حتى إذا فرغوا أقبل علي عليَّ فقال: إيه يابن الفقيمة والله إنه وإن قالوا ما سمعت لكما قال أخو جعفي:

فتى كان يدنيه الغنى من صديقه إذا ما هو استغنى ويبعده الفقر

ثم أردت أن أكلمه بشيءٍ فقلت: يا أميرالمؤمنين فقال: وما منعك أن تقول: يا أبا الحسن! فقلت: أبيت فقال: والله إنها لأحبهما إلي ولولا الحمقى لوددت أني خنقت بحبل حتى أموت قبل أن يفعل عثمان ما فعل وما أعتذر من قيامٍ بحق ولكن العافية مما ترى كانت خيراً.


حدثنا محمد خلف وكيع والحسن بن علي الخفاف قالا: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد عن الواقدي عن عبد الله بن يزيد عن عروة بن أذينة قال: قدمت مع أبي مكة يوم احترقت الكعبة فرأيت الخشب وقد خلصت إليه النار ورأيت الكعبة متجردة من الحريق ورأيت الركن قد اسود وتصدع من ثلاثة أمكنة فقلت: ما أصاب الكعبة فأشاروا إلى رجل من أصحاب ابن الزبير فقالوا: هذا احترقت بسببه أخذ قبساً في رأس رمح فطيرت الريح منه شيئاً فضربت أستار الكعبة فيما بين اليماني إلى الأسود.

وفد على هشام فذكره بشعره في القناعة

ولامه ثم ندم فأرسل إليه جائزة

حدثني محمد بن جرير الطبري وحفظته وأخبرنا به أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني عمر بن محروس الوراق بن أقيصر السلمي قال: حدثنا يحيى بن عروة بن أذينة قال: أتى أبي وجماعةٌ من الشعراء هشام بن عبد الملك فنسبهم فلما عرف أبي قال له: أنت القائل:

أسعى له فيعنيني تطلبه ولو جلست أتاني لا يعنيني

هذان البيتان فقط ذكرهما المهلبي والجوهري وذكر محمد بن جرير في خبره الأبيات كلها:

وأن حظ امرىءٍ غيري سيبلغه لابـد لابـد أن يحـتـازه دونـي

لا خير في طمع يدني لمنقصةٍ وغفة من قوام العيش تكـفـينـي

لا أركب الأمر تززي بي عواقبه ولا يعاب به عرضي ولا دينـي

كم من فقيرٍ غني النفس تعرفه ومن غني فقير النفس مـسـكـين

ومن عدو رماني لو قصدت له لم يأخذ النصف مني حين يرمينـي

ومن أخٍ لي طوى كشحاً فقلت له: إن انطواءك عني سوف يطويني

إني لأنطق فيما كان من أربي وأكثر الصمت فيما ليس يعنـينـي

لا أبتغي وصل من يبغي مفارقتي ولا ألين لمن لا يشتهي لـينـي

فقال له ابن أذينة: نعم أنا قائلها قال: أفلا قعدت في بيتك حتى يأتيك رزقك!.

وغفل عنه هشامٌ فخرج من وقته وركب راحلته ومضى منصرفاً ثم افتقده هشامٌ فعرف خبره فأتبعه بجائزة وقال للرسول: قل له: أردت تكذبنا وتصدق نفسك. فمضى الرسول فلحقه وقد نزل على ماء يتغدى عليه فأبلغه رسالته ودفع الجائزة. فقال: قل له: صدقني ربي قال يحيى بن عروة: وفرض له فريضتين فكنت أنا في إحداهما.

أخبرنا وكيع قال: حدثنا هارون بن محمد بن عبد الملك قال: حدثني الزبير بن بكار قال: حدثني أبو غزية قال: حدثني أنس بن حبيب قال: خرج ابن أذينة إلى هشام بن عبد الملك في قوم من أهل المدينة وفدوا عليه وكان ابنه مسلمة بن هشام سنة حج أذن لهم في الوفود عليه فلما دخلوا على هشام انتسبوا له وسلموا عليه فقال: ما جاء بك يابن أذينة فقال:  

أتينا نمت بأرحامنا وجئنـا بـإذن أبـي شـاكـر

فإن الذي سار معروفه بنجدٍ وغار مـع الـغـائر

إلى خير خندف في ملكها لبادٍ من الناس أو حاضر

فقال له هشام: ما أراك إلا قد أكذبت نفسك حيث تقول:

لقد علمت وما الإسراف من خلقي أن الذي هو رزقي سوف يأتيني

أسعى له فيعنيني تطلبه ولو جـلـسـت أتـانـي لا يعـنـينـي

فقال له ابن أذينة: ما أكذبت نفسي يا أمير المؤمنين ولكني صدقتها وهذا من ذاك. ثم خرج من عنده فركب راحلته إلى المدينة فلما أمر لهم هشامٌ بجوائزهم فقده فقال: أين ابن أدينة فقالوا: غضب من تقريعك له يا أمير المؤمنين فانصرف راجعاً إلى المدينة فبعث إليه هشام بجائزته.


مر بغنمه وراعيه نائم فضربه وقال شعراً أخبرنا وكيع قال: حدثنا هارون بن محمد قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمي عن عروة بن عبيد الله قال: كان عروة بن أذينة نازلاً مع أبي في قصر عروة بالعقيق وخرج أبي يوماً يمشي وأنا معه وابن أذينة ونظر إلى غنم كانت له في يدي راعٍ يقال له كعب وهي مهملة وكعب نائم حجرة فجعل ابن أذينة ينزو حوله وهو يضربه ويقول:

لو يعلم الذئب بنوم كعب إذاً لأمسى عندنا ذا ذنـب

أضربه ولا يقول حسبي لابد عند ضيعةٍ من ضرب

غنى ابن عائشة بشعره

أخبرني أحمد بن عبد العزيز الجوهري وحبيب بن نصر المهلبي وإسماعيل بن يونس الشيعي قالوا: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثني أبو غسان محمد بن يحيى عن بعض أصحابه قال: مر ابن عائشة المغني بعروة بن أذينة فقال له: قل لي أبياتاً هزجاً أغني فيها فقال له: اجلس فجلس فقال: صوت

سليمى أجمعت بينناً فأين تقولـهـا أينـا!

وقد قالت لأترابٍ لها زهرٍ تـلاقـينـا:

تعالين فقد طاب لنا العيش تـعـالـينـا

وغاب البرم اللي لة والعين فـلا عـينـا

فأقبلن إليها مـس رعـاتٍ يتـهـادينـا

إلى مثل مهاة الرم ل تكسو المجلس الزينا

تمنين مناهن فـكـنـا مـا تـمـنـينـا

قال أبو غسان: فحدثت أن ابن عائشة رواها ثم ضحك لما سمع قوله:

تمنين مناهن فكنا ما تمنينا

ثم قال: يا أبا عامر تمنيتك لما أقبل بخرك وأدبر ذكرك.
قال عمر بن شبة: قال أبو غسان: فحدثني حماد الحسيني قال: ذكر ابن أذينة عند عمر بن عبد العزيز فقال: نعم الرجل أبو عامر على أنه الذي يقول:

وقد قالت لأترابٍ لها زهرٍ تلاقينا

وأخبرني بهذا الخبر وكيع قال: حدثني هارون بن محمد بن عبد الملك الزيات عن الزبير عن محمد بن يحيى عن إسحاق بن إبراهيم عن قسطاس قال: مر ابن عائشة بابن أذينة ثم ذكر الخبر مثل الذي قبله.

اعتراض سكينة على ادعائه العفة

مع شعر قاله

أخبرني حبيب بن نصر المهلبي والحرمي بن أبي العلاء قالا: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني أبو معاوية عبد الجبار بن سعيد المساحقي وأخبرنا بن وكيع قال: حدثنا أبو أيوب المديني عن الحارث بن محمد العوفي قال: وقفت سكينة بنت الحسين بن علي على عروة بن أذينة في موكبها ومعها جواريها فقالت: يا أبا عامر أنت الذي تزعم أن لك مروءة وأن غزلك من وراء عفة وأنك تقي قال: نعم صوت

قالت وأبثثتها وجدي فبحت به: قد كنت عندي تحب السر فاسـتـتـر

ألست تبصر من حولي فقلت لها: غطى هواك وما ألقى على بصري

قال لها: بلى قالت: هن حرائر إن كان هذا خرج من قلبٍ سليم أو قالت: من قلبٍ صحيح.


في هذين البيتين لعلوية رمل بالبنصر وفيهما لإسحاق هزج بالوسطى وفيهما لمخارق ثقيل أول بالبنصر عن الهشامي وعمرو بن بانة وذكر حبش أن الثقيل الأول لمعبد اليقطيني.

تمثل المتوكل للمنتصر بشعره

وذكر علي بن محمد بن نصر البسامي أن خاله أبا عبد الله بن حمدون بن إسماعيل قال: كنت جالساً بين يدي المتوكل وبين يديه المنتصر فأحضر المعتز وهو صبي صغير فلعب فأفرط في اللعب والمنتصر يرمقه كالمنكر لفعله فنظر إليه المتوكل عدة دفعات ثم التفت إلى المنتصر فقال: يا محمد:

قالت وأبثثتها وجدي فبحت به: قد كنت عندي تحب الستر فاستتر

قال: فاعتذر إليه المنتصر عذراً قبله وهو مقطب معرض. قال: وكان المنتصر أشد خلق الله بغضاً للمعتز وطعناً عليه. ولقد دخلت إليه يوماً ودخل إليه أبو خالد المهلبي بعد قتل المتوكل وإفضاء الخلافة إليه ومع المهلبي درع كأنها فضة فقال: يا أمير المؤمنين هذه درع المهلب فأخذها وقام فلبسها ورأى المعتز وعليه وشيءٌ مثقل وما أشبه ذلك فتمثل ببيت جرير:

لبست سلاحي والفرزدق لعبةٌ عليه وشاحا كرجٍ وجلاجله

اعترضت امرأة على شعر قاله

أخبرني وكيع قال: حدثني هارون بن محمد قال: حدثني عبد الله بن شعيب الزبيري قال: حدثني عبد العزيز بن أبي سلمة قال: مرت امرأةٌ بابن أذينة وهو بفناء داره فقالت له: أأنت ابن أذينة قال: نعم قالت: أأنت الذي يقول الناس إنك امرؤٌ صالح وأنت الذي تقول:

إذا وجدت أوار الحب في كبدي عمدت نحو سقاء القوم أبترد

هبني بردت ببرد الماء ظاهره فمن لحر على الأحشاء يتقد!

أبو السالب المخزومي يطلب إنشاده شعراً قاله عروة أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمي عن عروة بن عبد الله وأخبرنا به وكيعٌ عن هارون بن الزيات عن الزبيري عن عمه عن عروة بن عبد الله وذكره حماد عن أبيه عن الزبيري عن عروة هذا قال: كان عروة بن أذينة في دار أبي بالعقيق فسمعه ينشد: صوت

إن التي زعمت فؤادك ملها جعلت هواك كما جعلت هوى لها

فيك الذي زعمت بها وكلاكما يبدي لصاحبه الصبابة كلـهـا

ويبيت بين جوانحي حب لها لو كان تحت فراشها لأقـلـهـا

ولعمرها لو كان حبك فوقها يوماً وقد ضحيت إذاً لأظلـهـا

وإذا وجدت لها وساوس سلوةٍ شفع الفؤاد إلى الضمير فسلهـا

بيضاء باكرها النعيم فصاغها بلباقةٍ فـأدقـهـا وأجـلـهـا

لما عرضت مسلماً لي حاجةٌ أرجو معونتها وأخشى دلـهـا

منعت تحيتها فقلت لصاحبي: ما كان أكثرها لنـا وأقـلـهـا

فدنا فقال: لعلها معذورةٌ من أجل رقبتها فقلت: لـعـلـهـا

قال: فأتاني أبو السائب المخزومي وأنا في داري بالعقيق فقلت له بعد الترحيب: هل بدت لك حاجة فقال: نعم أبيات لعروة بن أذينة بلغني أنك سمعتها منه فقلت له: وأية أبيات فقال: وهل يخفى القمر قوله: إن التي زعمت فؤادك ملها فأنشدته إياها فلما بلغت إلى قوله: " فقلت: لعلها ". قال: أحسن والله هذا والله الدائم العهد الصادق الصبابة لا الذي يقول:

إن كان أهلك يمنعونك رغبةً عني فأهلي بي أضن وأرغب

اذهب لا صحبك الله ولا وسع عليك - يعني قائل هذا البيت - لقد عدا الأعرابي طوره وإني لأرجو أن يغفر الله لصاحبك - يعني عروة - لحسن ظنه بها وطلبه العذر لها. قال: فعرضت عليه الطعام فقال: لا والله ما كنت لآكل بهذه الأبيات طعاماً إلى الليل وانصرف.

ذكر ما في هذا الخبر من الغناء

في الشعر المذكور فيه لعروة في البيت الأول والرابع من الأبيات خفيف رمل بالوسطى نسبه ابن المكي إلى ابن مسجح وقيل: إنه من منحوله إليه وفيهما وفي البيت الثالث من شعر ابن أذينة

ويبيت بين جوانحي حب لها لو كان تحت فراشها لأقلها

رأي لأبي السائب في شعر قاله

أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثنا عمر بن أبي بكر المؤملي قال: أخبرنا عبد الله بن أبي عبيدة قال: قلت: لأبي السائب المخزومي: ما أحسن عروة بن أذينة حيث يقول: صوت

لبثوا ثلاث منى بمنزل غبطةٍ وهم على غرض لعمرك ما هم

متجاورين بغير دار إقامةٍ لو قد أجد رحيلهـم لـم ينـدمـوا

ولهن بالبيت العتيق لبانةٌ والبيت يعرفـهـن لـو يتـكـلـم

لو كان حياً قبلهن ظعائناً حيا الحطيم وجـوهـهـن وزمـزم

وكأنهن وقد حسرن لواغباً بيضٌ بأكناف الحـطـيم مـركـم

في هذه الأبيات الثلاثة لابن سريج ثاني ثقيل بالبنصر عن عمرو.
قال: فقال: لا والله ما أحسن ولا أجمل ولكنه أهجر وأخطل في صفتهن بهذه الصفة ثم لا صوت

تفرق أهواء الحجيج على منى وصدعهم شعب النوى صبح أربع

فريقان: منهم سالكٌ بطن نخلة وآخر منهم سالك بطن تـضـرع

- في هذين البيتين للدلال ثاني ثقيل بالوسطى عن الهشامي وحبش -.

فلم أر داراً مثلها غبطةٍ وملقى إذا التف الحجيج بمجمع

أقل مقيماً راضياً بمكانه وأكثر جاراً ظاعنـاً لـم يودع

انظر إليه كيف تقدمت شهادته علمه وكبا لسانه ببيانه وهل يغتبط عاقل بمقام لا يرضى به ولكن مكرهٌ أخوك لا بطل والعرجي كان أوفى بالعهد منهما وأولى بالصواب حيت تعرض لها نافرةً من منى فقال لها عاتباً مستكيناً:

عوجي علي فسلمي جبر فيم الصدود وأنتم سفر!

ما نلتقي إلا ثلاث منى حتى يفرق بيننا النـفـر

في هذين البيتين غناء قد تقدمت نسبته في أخبار ابن جامع في أول الكتاب.


أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني جعفر بن موسى اللهبي قال: كان عبد الملك بن مروان إذا قدم مكة أذن للقرشيين في السلام عليه فإذا أراد الخروج لم يأذن لأحد منهم وقال: أكذبنا إذاً قول الملحى - يعني كثيراً - حيث يقول:

تفرق أهواءالحجيج على منى وصدعهم شعب النوى صبح أربع

وذكر الأبيات الأربعة.

خالد صامة يغني شعره بين يدي الوليد

أخبرنا علي بن سليمان الأخفش قال: حدثنا محمد بن يزيد قال: حدث الزبيري عن خالد صامة وكان أحد المغنين قال: قدمت على الوليد بن يزيد فدخلت إليه وهو في مجلس ناهيك به وهو على سرير وبين يديه معبد ومالك وابن عائشة وأبو كامل فجعلوا يغنون حتى بلغت النوبة إلي فغنيته: صوت

سرى همي وهم المرء يسري وغار النجم إلا قيس فتر

أراقب في المجرة كل نجمٍ تعرض للمجرة كيف يجري

لهم ما أزال له مديماً كأن القلب أضرم حـر جـمـر

فقال لي الوليد: أعد يا صام ففعلت فقال لي: من يقول هذا الشعر قلت: عروة بن أذينة يرثي أخاه بكراً. فقال لي: وأي العيش لا يصفو بعده هذا العيش والله الذي نحن فيه على رغم أنفه والله لقد تحجر واسعاً.
لابن سريج في هذه الأبيات ثاني ثقيل بالوسطى عن عمرو ابن المكي وغيرهما وفيها رمل ينسب إلى ابن عباد الكاتب وإلى حاجب الحزور وإلى مسكين بن صدقة.
حدثنا الأخفش عن محمد بن يزيد قال: قال الزبيري: حدثت أن سكينة بنت الحسين أنشدت هذا الشعر فقالت: من بكر هذا أليس هو الأسود الدحداح الذي كان يمر بنا قالوا: نعم فقالت: لقد طاب كل شيء بعده حتى الخبز والزيت.

اعترض ابن أبي عتيق على شعره

في رثاء أخيه فخاصمه

وأخبرني الحسن بن علي الخفاف قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمي قال: لقي ابن أبي عتيق عروة بن أذينة فأنشده قوله: حتى فرغ منها ثم أنشده: سرى همي وهم المرء يسري حتى بلغ إلى قوله: وأي العيش يصلح بعد بكر! فقال له ابن أبي عتيق: كل العيش والله يصلح بعده حتى الخبز والزيت. فغضب عروة من قوله وقام عن مجلسه وحلف ألا يكلمه أبداً فماتا متهاجرين.