أخبار المنخل ونسبه

هو المُنخَّل بن عمرو - ويقال: المُنخَّل بن مسعود - بن أفلت بن عمرو بن كعب بن سواءة بن غنم بن حبيب بن يشكر بن بكر بن وائل. وذكر أبو محلِّم النسابة: أنه المدخل بن مسعود بن أفلت بن قط بن سوءة بن مالك بن ثعلبة بن حبيب بن غنم بن حبيب بن كعب بن يشكر. وقال ابن الأعرابي: هو المنخل بن الحارث بن قيس بن عمرو بن ثعلبة بن عدي بن جشم بن حبيب بن كعب بن يشكر.


يتهمه النعمان بالمتجردة فيقتله: شاعر مقل من شعراء الجاهلية، وكان النعمانُ بن المنذر قد اتهمه بامرأته المتجرّدة ت وقيل: بل وجده معها، وقيل: بل سُعِيَ به إليه في أمرها فقتله، وقيل: بل حبسه، ثم غَمَض خبره، فلم تُعلم له حقيقة إلى اليوم. فيقال: إنه دفنه حياً، ويقال: إنه غرقه. والعرب تضرب به المثل كما تضربه بالقارظ العنزي وأشباهه ممن هلك ولم يعلم له خبر. وقال ذو الرمة:

تقارب حتى تطمع التابع الصبا

 

وليست بأدنى من إياب المنخّل

وقال النمر بن تولب:

وقولي إذا ما أطلقوا عن بعيرهم

 

تلاقونه حتى يئوب المنـخـل

تفضيل سبب قتله: أخبرني محمد بن خلف بن المرزبان، قال أخبرني أحمد بن زهير قال: أخبرني عبد الله بن كريم قال: أخبرني أبو عمرو الشيباني قال: كان سبب قتل المنخل أن المتجرّدة - واسمها ماوية وقيل: هند بنت المنذر بن الأسود الكلبية - كانت عند ابن عم لها يقال له: حلم، وهو الأسود ب المنذر بن حارثة الكلبي، وكانت أجملَ أهل زمانها، فرآها المنذر بن المنذر الملك اللخمي فعشقها، فجلس ذات يوم على شرابه ومعه حلم وامرأته المتجردة، فقال المنذر لحلم: إنه لقبيح بالرجل أن يقيم على المرأة زماناً طويلاً حتى لا يبقى في رأسه ولا لحيته شعرة بيضاء إلا عرفتها، فهل لك أن تطلق امرأتك المتجردة وأطلق امرأتي سلمى؟ قال: نعم، فأخذ كل واحد منهما على صاحبه عهداً. قال: فطلّق المنذر امرأته سلمى، وطلق حلم امرأته المتجردة، فتزوجها المنذر ولم يطلق لسلمى أن تتزوج حلماً، وحجبها - وهي أمّ ابنه النعمان بن المنذر - فقال النابغة الذيباني يذكر ذلك:

قد خادعوا حلما عن حرة خرد

 

حتى تبطنها الخداع ذو الحلم

قال: ثم مات المنذر بن المنذر، فتزوجها بعده النعمان بن المنذر ابه، وكان قصيراً دميماً أبرش، وكان ممن يجالسه ويشرب معه النابغة الذبياني - وكان جميلاً عفيفاً - والمنخل اليشكري - وكان جميلاً - وكان يتهم بالمتجردة. فأما النابغة فإن النعمان أمره بوصفها فقال قصيدته التي أولها:

من آل مية رائح أو مغتدي

 

عجلان ذا زاد وغير مزود

ووصفها فأفحش فقال:

وإذا طعنت طعنت في مشتهـدف

 

رابي المجسة بالعبير مـقـرمـد

وإذا نزعت نزعت معن مستحصف

 

نزع الحزور بالرشاء المحـصـد

فغار المنخّل من ذلك، وقال: هذه صفة مُعاين، فهم النعمان بقتل النابغة حتى هرب منه، وخلا المنخّل بمجالسته، وكان يهوي المتجردة وتهواه، وقد ولدت للنعمان غلامين جميلين يشبهان المنخل، وكانت العرب تقول: إنهما منه. فخرج النعمان لبعض غزواته - قال ابن الأعرابيّ: بل خرج متصيّداً - فبعثت المتجردة إلى المنخّل فأدخلته قُبَّتها، وجعلا يشربان، فأخذت خلخالها وجعلته في رجله، وأسدلت شعرها فشدّت خَلخالها إلى خَلخاله الذي في رجله من شدة إعجابها به. ودخل النعمان بعقِب ذلك فرآها على تلك الحال، فأخذه فدفعه إلى رجل من حرسه من تغلِب يقال له: عِكَبّ، وأمره بقتله، فعذَبه حتى قتله.


يحرض على عكب قاتله: فقال المنخّل يحرّض قومه عليه:

ألا مَن مبلِغ الحيّين عنّـي

 

بأن القوم قد قتلـوا أُبَـيّا

فإن لم تأروا لي من عِكَبٍ

 

فلا رَوَيتُمُ أبـدا صَـدِيا

وقال أيضاً:

ظلّ وشط النديّ قتلَى بِلا جُرْ

 

م وقومي يُنتِّجون السِّخـالا

من شعره في المتجردة: وقال في المتجردة:

ديار للتي قتلتك غصـبـا

 

بلا سيف يعد ولا نبـال

بطرف ميت في عين حي

 

له خبل يزيد على الخبال

وقال أيضاً:

ولـقـد دخـلـتُ عـلـى الـفـتـا

 

ة الخـدر فـي الـيوم الـمـطـير

الـكـاعـب الـخـنـسـاء تـــر

 

فل في الدمـقـس وفـي الـحـرير

دافـعـتـهـا فـتـدافـــعـــت

 

مشـى الـقـطـاة إلـى الـغـدير

ولـثـمـتـهـا فـتـنـفـســـت

 

كتـنـفـس الـظـبـي الـبـهـير

ورنـت وقـالــت يامـــنـــخ

 

ل هل بجـسـمـك مـن فـتـور؟

ما مـس جـسـمـي غـير حــب

 

ك فـاهـدئي عـنـي وســـيري

يا هـنـد هــل مـــن نـــائل

 

يا هـنـد لـلـعـانـي الأســير؟

وأحـبـهـا وتـحــبـــنـــي

 

ويحـب نـاقـتـهـا بـعـــيري

ولـقـد شـربـت مـن الـمـــدا

 

مة بـالـكـبـير وبـالـصـغــير

فإذا سـكـرت فـــإنـــنـــي

 

رب الـخـورنـق والـســـرير

وإذا صـحـوت فــإنـــنـــي

 

رب الـشـويهة والـبـــعـــير

يا رب يوم للمنخل قد لها فيه قصير

 

 

رواية أخرى لخبر المنخل مع المتجردة: وأخبرني بخبر المنخل مع المتجردة أيضاً علي بن سليمان الأخفش قال: أخبرني أبو سعيد السكري عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي قال: كانت المتجردة امرأة النعمان فاجرة، وكانت تتهم بالمنخل، وقد ولدت للنعمان غلامين جميلين يشبهان المنخل، فكان يقال: إنهما منه، وكان جميلاً وسيماً، وكان النعمان أحمر أبرش قصيراً دميماً. وكان للنعمان يوم يركب فيه يطليل المكث، وكان المنخل من ندمائه لا يفارقه، وكان يأتي المتجردة في ذلك اليوم الذي يركب فيه النعمان فيطيل عندها، حتى إذا جاء النعمان آذنتها بمجيئه وليدة لها موكلة بذلك فتخرجه.


فركب النعمان ذات يوم وأتاها المنخل كما كان يأتيها فلاعبتَه، وأخذت قيداً، فجعلت إحدى حلقتيه في رجله والأخرى في رجلها، وغفلت الوليدة عن ترقب النعمان؛ لأن القوت الذي يجيء فيه لم يكن قرب بعد، وأقبل النعمان حينئذ ولم يطل في مكثه كما كان يفعل، فدخل إلى المتجردة، فوجدها مع المنخل قد قيدت رجلها، ورجله بالقيد، فأخذه النعمان فدفعه إلى عكب صاحب سجنه ليعذبه - وعكب رجل من لخم - فعذبه حتى قتله. وقال المنخل قبل أن يموت هذه الأبيات، وبعث بها إلى ابنيه:

ألا من مبلغ الحرين عنـي

 

بأن القوم قد قتلـوا أبـيا

وإن لم تثأروا لي من عكب

 

فلا أرويتما أبـداً صـديا

يطوف بي عكب في معد

 

ويطعن بالملة في قـفـيا

الأصح أن قاتله هو النعمان لا عمرو بن هند: قال ابن حبيب: وزعم ابن الجصاص أن عمرو بن هند هو قاتل المنخل، والقول الأول أصح.


قصيدته في المتجردة: وهذه القصيدة التي منها الغناء يقولها في المتجردة، وأولها قوله:

إن كنت عاذلتي فـسـيري

 

نحو العراق ولا تحـوري

لا تسألـي عـن جـل مـا

 

لي واذكري كرمي وخيري

وإذا الـرياح تـنـاوحـت

 

بجوانب البيت الـكـسـير

ألفيتـنـي هـش الـنـدي

 

بمر قدحي أو شـجـيري

الشجير: القدح الذي لم يصلح حسناً، ويقال: بل هو القدح العاريٌّة - .

ونـهـى أبـو أفـعـى فـــقـــلّ

 

دنـي أبـو أفـعـــى جـــريري

وجـــلالة خـــطـــــــارة

 

هوجـاء جـائلة الـضـــفـــور

تعـدو بـأشـعـث قـــد وهـــى

 

سربـالـه بـاقـي الـمــســـير

فضـلا عـلـى ظـهـر الـطــري

 

ق إلـيك عـلـقـمة بــن صـــير

الـواهـب الـكـوم الـصـــفـــا

 

يا والأوانـس فــي الـــخـــدور

يصـفــيك حـــين تـــجـــيئه

 

بالـعـصـب والـحـلـي الـكـثـير

وفـــوارس كـــأوار حـــــر

 

الـنـار أحــلاس الـــذكـــور

شدوا دوابـــر بـــيضـــهـــم

 

في كـل مـحـكـمة الـقــتـــير

فاسـتـلأمـوا وتـلـــبـــبـــوا

 

إن الـتـلـبـب لـلـمـــغـــير

وعـلـى الـجـياد الـمـضـمـــرا

 

ت فـوارس مـثـل الـصـقـــور

يخـرجـن مـن خـلـل الـغـبـــا

 

ر يجـفـن بـالـنـعـم الـكـثــير

فشـفـيت نـفـســـي مـــن أول

 

ئك والـفـوائح بـالــعـــبـــير

يرفـلـن فـي الـمـسـك الـذكــي

 

وصـائك كـدم الـــنـــحـــير

يعـكـفـن مـثـل أســاود الـــت

 

نوم لـم تـعـــكـــف لـــزور

ولـقـد دخـلـت عـلـى الـفـتــا

 

ة الـخـدر فـي الـيوم الـمـطــير

الـكـاعـب الـخـنـســاء تـــر

 

فل في الـدمـقـس وفـي الـحـرير

فدفـعـتـهـا فـتــدافـــعـــت

 

مشـي الـقـطـاة إلـى الـغـــدير

ولـثـمـتـهـا فـتـنـفــســـت

 

كتـنـفـس الـظـبـي الـبـهــير

فدنـت وقـالـــت يا مـــنـــخ

 

ل مـا بـجـسـمـك مـن حـرور؟

ما شـف جـسـمـي غـير حـــب

 

ك فـاهـدئي عـنــي وســـيري

ولـقـد شـربـت مـن الــمـــدا

 

مة بـالـصـغـير وبـالـكـبـــير

ولـقـد شـربـت الـخـمـر بـــال

 

عبـد الـصـحـيح وبــالأســـير

فإذا سـكــرت فـــإنـــنـــي

 

رب الـخـورنـق والـــســـدير

وإذا صحوت فإنني رب الشويهة والبعير

 

 

يا رب يوم للمنخ

 

ل قـد لـهـا فــيه قـــصـــير

يا هـنـد هـــل مـــن نـــائل

 

يا هـنـد لـلـعـانــي الأســـير

ومن الناس من يزيد في هذه القصيدة:

وأحبها وتحـبـنـي

 

ويحب ناقتها بعيري

ولم أجده في رواية صحيحة.

صوت

لمن شيخان قد نشدا كلابا

 

كتاب الله لو قبل الكتابـا

أناشده فعرض في إبـاء

 

فلا وأبي كلاب ما أصابا

الشعر لأمية بن الأسكر الليثي، والغناء لعبد الله بن طاهر، رمل بالوسطى. صنعه ونسبه إلى لميس جاريته، وذكر الهشامي أن اللحن لها، وذكره عبيد الله بن عبد الله بن طاهر في جامع أغانيهم ووقع إلي، فقال: الغناء فيه للدار الكبيرة، وكذلك كان يكنّى عن أبيه، وعن إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وجواريهم، ويكنى عن نفسه وجاريته شاجي وما يصنع في دور إخوته بالدار الصغيرة.