أخبار ربيعة بن مقروم ونسبه

اسمه ونسبه: هو ربيعة بن مقروم الضبي بن قيس بن جابر بن خالد بن عمرو بن عبد الله بن السيد بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار.


شاعر إسلامي مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وكان ممن أصفق عليه كسرى، ثم عاش في الإسلام زماناً.


يهجو ضابئ بن الحارث: قال أبو عمرو الشيباني: كان ربيعة بن مقروم باع عجرد بن عبد عمرو بن ضمرة بن جابر بن قطن بن نهشل بن دارم - لقحة إلى أجل، فلما بايعه وجد ابن مقروم ضابئ بن الحارث عند عجرد، وقد نهاه عن إنظاره بالثمن، فقال ابن مقروم يعرض بضابئ إنه أعان عليه وكان ضلعه معه:

أعجر ابن المليحة إن همي

 

إذا ما لج عذالي لـعـان

قوله: لعان أي عان من العناء، عناني الشيء يعنيني، وهو لي عان.

يرى ما لا أرى ويقول قـولاً

 

وليس على الأمور بمستعـان

ويحلف عند صاحبـه لـشـاة

 

أحب إلي من تلك الثـمـان

وحامل ضب ضغن لم يضرني

 

بعيد قلبه حلـو الـلـسـان

ولو أني أشاء نقمـت مـنـه

 

بشغب من لسـان تـيحـان

ولكني وصلت الحبـل مـنـه

 

مواصلة بحبـل أبـي بـيان

ترفع في بني قطن وحـلـت

 

بيوت المجد يبنيهـن بـانـي

يعني حلت بنو قطن بيوت المجد.

وضمرة إن ضمرة خير جار

 

إلى قطن بأسبـاب مـتـان

هجان الحي كالذهب المصفى

 

صبيحة ديمة يجنـيه جـان

قال أبو عمرو: الذهب في معدنه إذا جاءه المطر ليلا لاح من غد عند طلوع الشمس فيتتبع ويؤخذ.
يمدح مخلصه من الأسر قال أبو عمرو: وأسر ربيعة بن مقروم واستيق ماله، فتخلصه مسعود بن سالم بن أبي سلمى بن ذبيان بن عامر بن ثعلبة بن ذؤيب بن السيد، فقال ربيعة بن مقروم فيه قوله:

كفاني أبو الأشوس المنكرات

 

كفاه الإلـه الـذي يحـذر

أعز من السيد في منصـب

 

إليه العزازة والمـفـخـر

وقال يمدحه أيضاً:

بان الخليط فأمسى القلب معمودا

 

وأخلفتك ابنة الحر المـواعـيدا

كأنها ظبية بكـر أطـاع لـهـا

 

من حومل تلعات الحي أو أودا

قامت تريك غداة البين منسـدلاً

 

تجللت فوق متنيها العـنـاقـيدا

وبارداً طيبا عـذبـاً مـذاقـتـه

 

شربته مزجاً بالظلم مشـهـودا

وجسرة أجد تدمي مناسـمـهـا

 

أعملتها بي حتى تقطع الـبـيدا

كلفتها، فأت حتماً تكـلـفـهـا

 

ظهيرة كأجيج النار صـيخـودا

في مهمة قذف يخشى الهلاك به

 

أصداؤه لا تني بالليل تـغـريدا

لما تشكت إلي الأين قلت لهـا:

 

لا تستريحن ما لم ألق مسعـودا

ما لم ألاق أمرأً جزلاً مواهبـه

 

رحب الفناء كريم الفعل محمودا

وقد سمعت بقوم يحمدون فـلـم

 

اسمع بمثلك لا حلماً ولا جـودا

ولا عفافاً ولا صبراً لنـائبة

 

ولا أخبر عنك الباطل السيدا

السيد: قبيل الممدوح من آل ضبة.

لا حـلـمـك الـحـلـم مـوجـود عــلـــيه، ولا

 

يلـفـى عـطـاؤك فـي الأقـوام مـنـــكـــودا

وقد سبقت لغايات الجواد وقد أشبهت آباءك الشم الصناديدا

 

 

هذا ثنائي بما أوليت من حسن

 

لازلـت بـرا قـرير الـعـين مــحـــســـودا

يتقاضى دينه بشعر فيقضى قال أبو عمرو: كان لضابئ بن الحارث البرجمي، على عجرد بن عبد عمرو دين بايعه به نعماً، واستخار الله في ذلك، وبايعه ربيعة بن مقروم، ولم يستخر الله تعالى، ثم خافه ضابئ فاستجار بربيعة بن مقروم في مطالبته إياه، فضمن له جواره، فوفى ع8جرد لضابئ، ولم في لربيعة، فقال ربيعة:

أعجرد إني من أماني بـاطـل

 

وقول غداً شيخ لـذاك سـؤوم

وإن اختلافي نصف حول محرم

 

إليكم بني هند علـي عـظـيم

فلا أعرفني بعد حول مـحـرم

 

وقول خلا يشكوننـي فـألـوم

ويلتمسوا ودي وعطفي بعدمـا

 

تناشد قـولـي وائل وتـمـيم

وإن لم يكن إلا اختلافي إليكـم

 

فإني امرؤ عرضى علي كريم

فلا تفسدوا ما كان بيني وبينكـم

 

بني قطن إن المـلـيم مـلـيم

فاجتمعت عشيرة عجرد عليه، وأخذوه بإعطاء ربيعة ماله، فأعطاه إياه.


حماد الراوية يثرى على حسابه: أخبرني جعفر بن قدامة، قال: حدثني حماد بن إسحاق، عن أبيه، عن الهيثم بن عدي، عن حماد الراوية، قال: دخلت على الوليد بن يزيد، وهو مصطبح، وبين يديه معبد، ومالك، وابن عائشة وأبو كامل، وحكم الوادي، وعمر الوادي يغنونه، وعلى رأسه وصيفة تسقيه، لم أر مثلها تماماً وكمالا وجمالاً. فقال لي: يا حماد، أمرت هؤلاء أن يغنوا صوتاً يوافق صفة هذه الوصيفة، وجعلتها لمن وافق صفتها نحلة. فما أتى أحد منهم بشيء، فأنشدني أنت ما يوافق صفتها، وهي لك؛ فأنشدته قول ربيعة بن مقروم الضبي:

دار لسعـدى إذ سـعـاد كـأنـهـا

 

رشأ غرير الطرف رخص المفصل

شماء واضحة العـوارض طـفـلة

 

كالبدر من خلل السحاب المنجـلـي

وكأنما ريح القرنـفـل نـشـرهـا

 

أو حنوة خلطت خزامى حـومـل

وكأن فاها بعدما طـرق الـكـرى

 

كأس تصفق بالرحيق السـلـسـل

لو أنها عرضت لأشـمـط راهـب

 

في رأس مشرفة الذرا متـبـتـل

جار سـاعـات الـنـيام لـربــه

 

حتى تخدد لحمه مـسـتـعـمـل

لصبا لبهجتها وحـسـن حـديثـهـا

 

ولهم من نـامـوسـه بـتـنـزل

فقال الوليد: أصبت وصفها، فاخترها أو ألف دينار، اخترت الألف الدينار، فأمرها، فدخلت إلى حرمه وأخذت المال.
وهذه القصيدة من فاخر الشعر وجيده وحسنه، فمن مختارها ونادرها قوله: صوت

بل إن ترى شمطا تفرع لمتـي

 

وحنا قناتي وارتقى في مسحلي

ودلفت من كبر كأني خـاتـل

 

قنصاً ومن يدبب لصيد يختـل

فلقد أرى حسن القناة قويمـهـا

 

كالنصل أخلصه جلاء الصيقل

أزمان إذ أنا والجديد إلى بلـى

 

تصبي الغواني ميعتي وتنقلـي

غنى بذلك معبد ثقيلا أول:

ولقد شهدت الخيل يوم طـرادهـا

 

بسليم أووظفة القـوائم هـيكـل

مقاذف شنج النساعبـل الـشـوى

 

سباق أندية الـجـياد عـمـيثـل

لولا أكفكفـه لـكـان إذا جـرى

 

منه العزيم يدق فأس المسـحـل

وإذا جرى منه الـحـمـيم رأيتـه

 

يهوي بفارسـه هـوي الأجـدل

وإذا تعلل بـالـسـياط جـيادهـا

 

أعطـاك نـائيه ولـم يتـعـلـل

ودعوا: نزال فكـنـت أول نـازل

 

وعلام أركـبـه إذا لـم أنـزل؟

ولقد جمعت المال من جمع امرىء

 

ورفعت نفسي عن لئيم المـأكـل

ودخلت أبنية الملـوك عـلـيهـم

 

ولشر قول المرء ما لـم يفـعـل

ولرب ذي حنق علـي كـأنـمـا

 

تغلي عداوة صدره كالمـرجـل

أزجيته عني فأبـصـر قـصـده

 

وكويته فوق النواظر مـن عـل

وأخي محافظة عصى عذالتـه

 

وأطاع لذته مـعـم مـخـول

هش يراح إلى الندى نبهـتـه

 

والصبح ساطع لونه لم ينجـل

فأتيت حانوتا به فصبـحـتـه

 

من عاتق بمزاجها لم تقـتـل

صهباء إلياسية أغـلـى بـهـا

 

يسر كريم الخيم غير مبـخـل

ومعرس عرض الرداء عرسته

 

من بعد آخر مثله في المنـزل

ولقد أصبت من المعيشة لينهـا

 

وأصابني منه الزمان بكلكـل

فإذا وذاك كأنه مـا لـم يكـن

 

إلا تذكره لمـن لـم يجـهـل

ولقد أتت مائة علـي أعـدهـا

 

حولاً فحولا لا بلاها مبـتـل

فإذا الشباب كمبذل أنـضـيتـه

 

والدهر يبلي كل جدة مـبـذل

هلا سألت وخبر قوم عنـدهـم

 

وشفاء غيك خابرا أن تسألـي

هل نكرم الأضياف إن نزلوا بنا

 

ونسود بالمعروف غير تنحل؟

ونحل بالثغر المخـوف عـدوه

 

ونرد حال العارض المتهلـل

ونعين غارمنا ونمنع جـارنـا

 

ونزين مولى ذكرنا في المحفل

وإذا امرؤ منا حبـا فـكـأنـه

 

مما يخاف على مناكب يذبـل

ومتى تقم عند اجتماع عشـيرة

 

خطباؤنا بين العشيرة يفصـل

ويرى العدو لنا دروءاً صعـبة

 

عند النجوم منيعة الـمـتـأول

وإذا الحمالة أثقلت حمـالـهـا

 

فعلى سوائمنا ثقيل المحـمـل

ونحق في أموالنا لحـلـيفـنـا

 

حقاً يبوء بـه وإن لـم يسـأل

وهذه جملة جمعت فيها أغاني من أشعار اليهود، إذ كانت نسبتهم وأخبارهم مختلطة، فمن ذلك:

صوت

أنى تذكر زينـب الـقـلـب

 

وطلاب وصل عزيزة صعب

ما روضة جاد الربيع لـهـا

 

موشية ما حولـهـا جـدب

بألذ منهـا إذ تـقـول لـنـا

 

سيراً قليلا يلحق الـركـب

الشعر لأوس بن ذبي القرظي، والغناء لابن سريج ثقيل أول بالسبابة في مجرى البنصر عن إسحاق، وزعم عمرو أن فيه لحنا من الثقيل الأول بالوسطى لمالك، وأن فيه صنعة لابن محرز، ولم يجنسها.