نسب عمرو ذي الكلب وأخباره

اسمه ونسبه هو عمرو بن العجلان بن عامر بن برد بن منبه، أحد بني كاهل بن لحيان بن هذيل.


قال السكري عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي: إنما سمي ذا الكلب لأنه كان له كلب لا يفارقه.


وعن الأثرم عن أبي عبيدة أنه قال: لم يكن له كلب لا يفارقه، إنما خرج غازياً ومعه كلب يصطاد به، فقال له أصحابه: يا ذا الكلب، فثبتت عليه.


قال: ومن الناس من يقول له عمرو الكلب، ولا يقول فيه: "ذو".


قال: وكان يغزو بني فهم غزواً متصلاً، فنام ليلة في بعض غزواته، فوثب عليه نمران فأكلاه فادعت فهم قتله، هكذا في هذه الرواية.


عمرو ذو الكلب وأم جليحة وقد أخبرني علي بن سليمان الأخفش، قال: حدثنا أبو سعيد السكري، عن محمد بن حبيب عن ابن الأعرابي وأبي عبيدة عن ابن الأعرابي عن المفضل وغيرهم من الرواة قالوا: كان من حديث عمرو ذي الكلب الهذلي - وكان من رجالهم - أنه كان قد عليق امرأة من فهم يقال لها: أم جليحة، فأحبها وأحبته، وكان أهلها قد وجدوا عليها وعليه، وطلبوا دمه، إلى أن جاءها عاماً من ذلك، فنذروا به، فخرجوا في أثره، وخرج هارباً منهم فتبعوه يومهم ذلك، وهم على أثره، حتى أمسى، وهاجت عليه ريح شديدة في ليلة ظلماء، فبينا هو يسير على ظهر الطريق إذ رأى ناراً عن يمينه، فقال: أخطأت والله الطريق وإن النار لعلى الطريق، فحار وشك، وقصد للنار، حتى أتاها، وقد كان يصيح، فإذا رجل قد أوقد ناراً ليس معه أحد، فقال له عمرو ذو الكلب: من أنت؟ قال: أنا رجل من عدوان، قال، فما اسم هذا المكان؟ قال السد، فعلم أنه قد هلك وأخطأ - والسد شيء لا يجاوز - قال: ويلك! فلم أوقدت، فوالله ما تشتوي، ولا تصطلي، وما أوقدت إلا لمنية عمرو الشقي، هل عندك شيء تطعمني؟ قال: نعم، فأخرج له ثمرات قد نقاها في يده، فلما رآها قال: ثمرات، تتبعها عبرات من نساء خفرات، ثم قال: اسقني، قال: ماذا؟ ألبنا؟ قال: لا، ولكن اسقني ماء قراحاً، فإني مقتول صباحاً، ثم انطلق، فأسند في السد، ورأى القوم الذين جاءوا في طلبه أثره، حيث أخطأ، فاتبعوه، حتى وجدو فدخل غاراً في السد، فلما ظهروا للسد علموا أنه في الغار فنادوه، فقالوا: يا عمرو، قال: ما تشاءون؟ قالوا: اخرج، قال: فلم دخلت إذن؟ قالوا: بلى، فاخرج، قال: لا أخرج، قالوا: فأنشدنا قولك:

ومقعد كربة قد كنت منها

 

مكان الإصبعين من القبال

قال: ها هي ذه أنا فيها. قال: وعن له رجل من القوم، فرماه عمرو فقتله، فقالوا: أقتلته يا عدو الله؟ أجل، ولقد بقيت معي أربعة أسهم كأنها أنياب أم جليحة لا تصلون إلي أو أقتل بكل سهم منها رجلا منكم، فقالوا لعبدهم: يا أبا نجاد، أدخل عليه، وأنت حر، فتهيأ للدخول أبو نجاد عليه، فقال له عمرو: ويلك! يا أبا نجاد، ما ينفعك أن تكون حراً إذا قتلتك؟ فنكص عنه، فلما رأوا ذلك صعدوا، فنقبوا عليه، ثم رموه حتى قتلوه، وأخذوا سلبه، فرجعوا به إلى أم جليحة وهي تتشوف، فلما رأوها قال لها: يا أم جليحة، ما رأيك في عمرو، قالت: رأيي والله أنكم طلبتموه سريعاً، ووجدتموه منيعاً، ووضعتموه صريعاً؟ فقالوا: والله لقد قتلناه، فقالت: والله ما أراكم فعلتم، ولئن كنتم فعلتم، لرب ثدي منكم قد افترشه، وضب قد احترشه، فطرحوا إليها ثيابه، فأخذتها، فشمتها، فقالت: ريح عطر وثوب عمرو، أما والله ما وجدتموه ذا حجزة جافية، ولا عانة وافية، ولا ضالة كافية.
أخته ترثيه وقالت ريطة أخت عمرو ذي الكلب ترثيه:

كل امرىء لمحال الدهر مكروب

 

وكل من غالب الأيام مغـلـوب

وكل حي وإن غزوا وإن سلمـوا

 

يوما طريقهم في الشرد عبـوب

أبلغ هذيلا وأبلغ من يبـلـغـهـا

 

عني رسولاً وبعض القول تكذيب

بأن ذا الكلب عمراً خيرهم نسبـاً

 

ببطن شريان يعوي حوله الـذيب

الطاعن الطعنة النجلاء يتبعـهـا

 

مثعنجر من نجيع الجوف أسكوب

والتارك القرن مصفراً أنامـلـه

 

كأنه من نقيع الورس مخضـوب

تمشي النسور إليه وهـي لاهـية

 

مشي العذارى عليهن الجلابـيب

والمخرج العاتق العذراء مذعـنة

 

في السبي ينفح من أردانها الطيب

صوت

يا دار عمرة من محتهلها الجرعـا

 

هاجت لي الهم والأحزان والوجعا

أرى بعيني إذا مالت حمولـتـهـم

 

بطن السلوطح لا ينظرون من تبعا

طوراً اراهم وطوراً لا أبـينـهـم

 

إذا ترفع حذج سـاعة لـمـعـا

الشعر للقيط الأيادي ينذر قومه قصد كسرى لهم، والغناء لكردم بن معبد هزج بالبنصر من روايتي حبش والهشامي.