الكنعانيون

أُطلق إسم كنعان لأول مرة على ساحل بلاد الشام الممتد من فلسطين حتى سوريا مروراً بلبنان حيث سكن شعب سامي اطلق عليه اسم كنعان . وكانت ارض كنعان حوالى 1300 ق.م. ولاية مصرية . ثم اتسعت ارض الكنعانيين لتشمل مناطق الأموريين سكان المناطق الجبلية ومناطق جماعات اخرى وأضحت كلمة كنعان تدل على " خليط من الشعوب " .

إنصرف الكنعانيون الى التجارة واصبحت هذه التجارة جزءاً لا يتجزأ من حياتهم حتى باتت كلمة كنعاني تعني تاجراً. واصبحت أهم مرافئهم تمتد من شمال قيصرية حتى
صور وصيدون وبيروت وبيبلوس وأوغاريت شمالاً قرب اللاذقية . وكانت هذه المدينة العظيمة خارج حدود كنعان الا انها شاركت في عدة خصائص كنعانية . واصبح موقع كنعان مع الوقت جسراً بين آسيا الغربية ومصر وازدهرت تجارتها . كما تعرضت للتأثرات الحضارية المتنوعة . واوضح هذه التأثيرات العمارة الكنعانية التي اتبعت النموذجين المصري والسوري . انما اهم مظهر للتأثرات هو استخدام الكنعانيين لطريقتي الكتابة المصرية الهيروغليفية والبابلية المسمارية معاً. ومنهما اخترع الكنعانيون الابجدية التي اضحت اعظم واهم تركة قدموها للعالم . وتم اختراعهم ما بين 2000 و 1600 ق.م. وكانت اول كتابات لهم بهذه الابجدية الجديدة على ورق البردى وعلى الاواني الخزفية .

أحاط الكنعانيون مدنهم بأسوار دفاعية من الحجارة والتراب لابعاد المغيرين والوحوش . وبنوا بيوتهم متلاصقة . وعمل عامة الشعب في الزراعة او في مهن شتى او كانوا موظفين عند الملك او عند الملاكين والتجار . كما انتشرت قرى الفلاحين والرعاة خارج المدن .

كانت الارامية في حلتها البدائية لغة الكنعانيين وهي قريبة من العبرية مما سَهل على العبرانيين الفارين من
مصر ان يتواصلوا مع الكنعانيين بسهولة . غير ان الديانة الكنعانية ، بعكس الديانة اليهودية ، كانت أقل صرامة وبعيدة عن محبة الله وطاعة شرائعه مما منع امتزاج الشعبين واختلاطهما . غير انه لم يمض وقت طويل حتى بدأ العبرانيون بعبادة بعل اله الكنعانيين واصبح هذا الاله يشكل منافساً خطراً لاله بني اسرائيل . ولما صار أخاب ملكاً لبني اسرائيل في مملكة اسرائيل الشمالية عملت زوجته ايزابل الكنعانية من صيدون على احلال بعل محل اله العبرانيين .

كانت آلهة الكنعانيين وآلاهاتهم قوى طبيعية مشخّصة . وكان بعل ومعناه الرب ، اله الطقس عندهم وبالتالي حامل مفاتيح الغلال الجيدة . وكانت عشتار ، زوجة بعل ، التي عرفت ايضاً باسم عنات ، الآهة الحب والحرب . وكان ابوه إيل رئيس الالهة . وكانت امه آشيراه الالاهة الام والاهة البحر. ومن آلهتهم ايضاً : شماش ( الشمس ) ووشف ( اله الحرب والعالم السفلي ) وداجون ( الحنطة ) بالاضافة الى آلهة اخرى من الدرجة الثانية . واصبح مع الوقت لكل مدينة الهها المفضل .

نعرف اليوم الكثير عن هذه الالهة من مصادر اوغاريتية كنعانية او اجنبية . فقد صوِرت هذه الالهة على انها الهة حرب متعطشة الى الدماء ، تبتهج بمقاتلة بعضها بعضاً ، منغمسة في آفات جنسية جامحة . وكانت الالهة تتدخل في شؤون البشر ارضاءً لنزواتها او ابداءً لكرمها ومحبيتها لهم . وانعكست هذه الصورة للالهة على حياة الكنعانيين واصبحت إحتفالاتهم الدينية مهرجانات منحطة يطلق فيها العنان للشهوات .

بنى الكنعانيون معابد مجهزة بسخاء وجعلوا لها كهانها وجوقاتها وخدمها . وفي أيام الاعياد كان الملوك يأتون الى المعابد في مواكب مهيبة . ولما كانت المعابد في اول الامر غير فسيحة فكان لا يسمح للعامة بدخولها اثناء الاحتفالات الرسمية . ولما تحسنت احوال الكنعانيين أصبح بمقدور الملوك تشييد المعابد الضخمة والفخمة وتغشية تماثيل الالهة وجدران المعابد بالمعدن الثمين وتقديم الاطباق الذهبية لتوضع فيها أطعمة الالهة . وكانت التماثيل قد إنتشرت متمثلة بحيوانات . فكانوا مثلاً يرمزون الى بعل بثور والى امه آشيراه بلبوة . وبنوا داخل المعابد مذابح لتقديم الاضاحي ومواقد للبخور وأعمدة حجرية مسكنا للالهة وارواحها . وكذلك بنى الكنعانيون في اعالي الجبال أعمدة حجرية ومذابح وسوارٍ من خشب كمعابد في الهواء الطلق حيث كانت العامة تصلي وتقدم قرابينها . وكانت القرابين عادة من الحيوانات او الاطعمة . وعند تقديم الاضاحي كان الكاهن يفحص احشاء الحيوان المذبوح لكشف طالع العابد . وكانت تلك عادة ورثها الكنعانيون عن اشور و
بابل . ومن الطرق الاخرى لكشف الطالع استطلاع النجوم ومناجاة ارواح الموتى والدخول في غيبوبة نبوئية .
فلسطين#سوريا#بابل