حكم الولاة في المغرب والأندلس

المغرب

مر المغرب بعد انتهاء اعمال الفتوح بمرحلة عرفت تاريخياً باسم " عصر الولاة " كان المغرب خلالها جزأ من الدولة الاموية تدار اموره من العاصمة المركزية
دمشق بواسطة عامل اتخذ له من مدينة القيروان عاصمة . وما لبث ، بعد فتح الاندلس ، ان شمل نفوذه هذا الاقليم الجديد . وكان الوالي يفوّض امور الحكم في الاندلس الى والٍ او أمير .

عمد الحكم العربي في الشمال الافريقي الى تقوية صلاته مع البربر عن طريق نشر
الاسلام وتعريب الناس . وقد لاقت هذه السياسة ، في البدء ، نجاحاً كبيراً ، اذ تحول البربر بأكثريتهم الى الدين الجديد فانتشر الاسلام سريعاً بينهم وظهرت طبقة من المسلمين الجدد شديدة الحماس للدين وللغة العربية التي حلّت شيئاً فشيئاً محل اللغات المحلية واصبحت ، بفضل القرآن الكريم، اللغة الاكثر انتشاراً بين البربر . والى جانب الأسلمة والتعريب عمد الحكام العرب الى احترام عادات البلدان المفتوحة وتقاليدها ، بخاصة ما لم يتعارض مع الاسلام او مع سياسة الدولة العليا . فأبقوا على النظم الادارية السائدة وتركوا أكثر الوظائف بأيدي البربر وسواهم من سكان البلدان الاصليين .

لم تستمر هذه العلاقة على سلاستها وتسامحها ، اذ بدأت تظهر باكراً بعض الاشارات المقلقة بفعل جنوح الولاة نحو تغليب مصالح العرب على سواهم مما حمل البربر على الشعور بأنهم أصبحوا أتباعاً ومحكومين . ومع ميل البربر الذين عرفوا بالانفة والكبرياء والميل للمشاكسة والقتال الى رفض هذا الواقع الجديد، وبدء ظهور صراع عربي بربري شجعته جماعات الخوارج التي توافدت الى المغرب اثر الصراع بين معاوية وعلي في المشرق، ظهرت بوادر ثورة شعبية ما لبثت ان تحولت سنة 740م ( 122 هـ) الى ثورة بربرية شاملة ضد عامل الامويين المقيم في القيروان بقيادة ميسرة المطغري ، احد زعماء قبيلة زنانة القوية التي كانت قد انحازت الى الخوارج وآمنت بتعاليمهم . وتمكن ميسرة من تحقيق نصر عسكري في معركة حاسمة قرب مدينة طنجة مما امّن له بسط سلطانه على المغرب الاقصى بكامله. غير أن هذا الثائر سرعان ما اختلف مع اتباعه فقتلوه وسلموا الزعامة لثائر آخر هو خالد بن حميد الزناتي .

جمع ابن الحبحاب والي القيروان جيشاً كبيراً وعززه بقوات جاءته من جزيرة صقلية وسار به للثأر لهزيمته في طنجة . غير أن المعركة انتهت بهزيمته مرة ثانية . وكانت هذه الهزيمة مدوية أطلق عليها المؤرخون اسم " غزوة الاشراف " لكثرة من قتل فيها من أشراف العرب وسادتهم . واصابت الهزيمة صدىً واسعاً في العالم الاسلامي فعم الاضطراب الشمال الافريقي وتداعت دعائم الحكم وانتشرت الفوضى .

وفي دمشق ذهل الخليفة هشام عبد الملك لهول الخسارة فأرسل على عجل جيشاً ضخماً من عرب بلاد الشام بقيادة كلثوم بن عياض القشري وانضم اليه من بقي على ولائه من البربر .

جاءت المواجهة التي وقعت على ضفاف نهر سبو على غير ما تمنى وأراد الخليفة ، اذ دارت الدائرة على العرب وقتل منهم خلق كبير بينهم قائد الحملة كلثوم بن عياض وتراجعت الجيوش الاموية الى مدينة سبتة فأخضعها البربر لحصار شديد . وبذلك انحصر نفوذ الامويين لمدة طويلة وساد نفوذ البربر في المغرب الاقصى .

الاندلس

تولت مجموعة من الولاة حكم اسبانيا بعد سقوطها في يد العرب. وكانت البلاد تتبع سياسياً وادارياً الامارة في
القيروان . غير أن هذا الواقع تفجر سنة 756 م ( 138 هـ ) عندما بدأ ما بات يعرف بعصرالامارة الاموية واصبحت البلاد تعرف رسمياً بالاندلس . وبين قيام الامارة وانتهاء ايام الفتح تولى حوالى عشرين والياً حكم اسبانيا الاسلامية . وكانت دمشق تعين هؤلاء ، نظرياً في بعض الحالات ، ذلك لأن قسماً من الولاة فرضهم جنودهم المقيمون في اسبانيا وتغاضت دمشق عن ذلك وسكتت وباركت . وكانت العاصمة الاموية تنظر الى عصر الولاة على انه انتقالي ، وكانت تحضر لاقامة حكم مركزي يربط الاندلس مباشرة بدمشق بدل المرور بطريق القيروان .

كان عبد العزيز بن موسى بن نصير اول الولاة . وهو ابن موسى بن نصير والي " أفريقية" . وتبعه في الولاية من بعد اغتياله في مسجد أشبيلية ، ايوب بن حبيب اللخمي الذي نقل العاصمة من أشبيلية الى قرطبة . وجاء بعده الحر بن عبد الرحمن الثقفي فالسمح بن مالك الخولاني فعبد الرحمن بن عبد الله الفافقي فعنبسة بن سحيم الكلبي الذي كان اطول الولاة حكماً اذ اقترب عهده من خمس سنوات . وخلفه عذرة بن عبد الله الفهري فيحيى بن سلمة الكلبي فحذيفة بن الاحوص الأشجعي فعثمان بن ابي نسعة الخثعمي فهيثم بن عبد الله الكلابي فمحمد بن عبد الله الأشجعي فعبد الرحمن بن عبد الله الفافقي الذي قتل بعد سنة وبضع اشهر ، فعبد الملك بن قطن الفهري فعقبة بن الحجاج السلولي الذي تصدى للثائرين البربر في طنجة وهزم فخلعه أهل الاندلس واعادوا عبد الملك بن قطن الفهري الى الولاية ولكنه عندما استعان بجيش بلج بن بشر القشري لمواجهة اضطرابات كادت تودي به انجده هذا الاخير وعزله من الحكم وتولى الولاية مكانه . ثم جاء ثعلبة بن سلامة العاملي فابي الخطار بن ضرار الكلبي فثوابة بن سلامة الجذامي فيوسف بن عبد الرحمن الفهري.

 



الاسلام
دمشق
القيروان