مـلـحـق
مختارات من الموشحات الأندلسية
بعض الأندلسيين (ولعله لأبي العلاء ابن زُهر)
أيها الساقي، إليـك المُشـتكى |
قـد دعوناك وإن لم تسـمع |
* |
|
ونديمٍ هِمْتُ في غُرّته |
|
وبشرب الـراح من راحـته |
|
كلما استيقظ من سـكرتـه |
|
* |
|
جذب الزقّ إليـه واتـكى، |
وسقاني أربعاً في أربعِ |
* |
|
ما لعيني عَشِيَت بالنظر |
|
أنكرَت بعدَك ضوءَ القمر |
|
فإذا ما شئت فاسمع خبري: |
|
* |
|
عَشِيَت عينياي من طول البُكا، |
وبـكى بعضي على بعضي معي! |
|
|
غصن بانٍ مال من حيث التوى |
|
بات من يهواه من فرط الجوى |
|
خفق الأحشاء موهون القِوى |
|
* |
|
كلما فكّر في البين بـكـى! |
ويحـه، يبكـي لما لم يـقـع |
* |
|
ليس لي صبرٌ ولا لي جلدٌ |
|
يا لقومي، عذلوا واجتهدوا، |
|
أنكروا دعوايَ مما أجدُ |
|
* |
|
مثلُ حالي حقّه أن يُشتكى: |
كمدُ اليأس وذلّ الطمعِ |
* |
|
كبدٌ حَرّى ودمعٌ يَكف |
|
يذرفُ الدمعَ ولا ينذرف |
|
أيها المعرضُ عمّا أصفُ |
|
* |
|
قد نما حبي بقلبي وزكـا |
لا تخل في الحب أني مُدّعي |
ابراهيم بن سهل الأندلسي
هـل درى ظبي الحـمى أن قد حمـى |
قلبَ صـبٍّ حلّه من مكنـسِ |
فهو في حر وخفق مثلما |
لعبت ريحُ الصبا بالقبس |
* |
|
يا بدوراً أشرقت يوم النوى |
غُرراً تسلكُ بي نـهجَ الغرر |
ما لنفسي في الهوى ذنب سـوى |
منكمُ الحسنى ومن عيني النظر |
أجتني اللذات مكلومَ الجوى |
والتداني في حبيبي بافكر |
كلما أشكوه وجدي بسما |
كالربى بالعارض المنجبس |
إذ يقيم القطرُ فيها مأتما |
وهي من بهجتها في عُرُس |
* |
|
غالبٌ لي غالبٌ بالتُوءده |
بأبي أفديه من جافٍ رقيق |
ما علمنا مثلَ ثغرٍ نضّدنه |
أُقحواناً عُصرت منه رحـيق |
أخذت عيناه منه العربده |
وفؤادي سكره ما إن يفيق |
فاحم اللمة معسـول اللمى |
ساحر الغنج شهيَ اللَعس |
وجهه يتلو "الضحى" مبتسماً |
وهو من إعراضه في "عبس" |
* |
|
أيها السائل عن جُرمي لديه، |
لي جزاء الذنب وهو المذنبُ |
أخذت شمس الضحى من وجنتيه |
مَشرقاً للشمس فيه مغرب |
ذهب الدمع بأشواقي إليه |
وله خدٌ بلحظي مُذهَبُ |
ينبِتُ الوردُ بلحظي كلما |
لاحظته مقلتي في الخُلَس |
ليت شعري، أيّ شيء حرّما |
ذلك الوردَ على المغترس؟ |
* |
|
كلما أشكو إليه حُرقي |
غادرتني مقلتاه دنِفا |
تركت ألحاظه من رمقي |
أثر النمل على صُمِ الصفا |
وأنا أشكره في ما بَقي، |
لستُ ألحـاه على ما أتلفا |
فهو عندي عادل إن ظلما، |
وعذولي نطقُه كالخرس |
ليس لي في الأمر حكم بعدما |
حل من نفسي محلّ النفس |
* |
|
أضرم النار بأحشائي ضِرام |
تتلظى كلّ حين ما تشاء |
هي في خدّيه بردٌ وسلام |
وهي ضُرّ وحريق في الحشا |
أتقي منه على حكم الغرام |
أسداً ورداً وأهواه رشا |
قلت، لما أن تبدّى مُعلّما، |
وهو في ألحاظه في حرس |
أيها الآخذ قلبي مغنما |
اجعل الوصل مكان الخُمُس |
ولقد عارض هذا الموشح شعراء كثيرون قديماً وحديثاً أشهرهم:
الوزير لسان الدين ابن الخطيب
جادكَ الغيث إذا الغيث هـمى |
يا زمانَ الوصل بالأندلسِ |
لم يكن وصلك إلا حلُما |
في الكـرى أو خِلسة المختلس |
* |
|
إذ يقود الدهر اشتات المنى |
ينقل الخطو على ما يرسم |
زمَراً بين فُرادى وثُنى |
مثلما يدعو الوفودَ الموسمُ |
والحيا قد جللّ الروض سنى |
فثغور الروض عنه تبسم |
وروى النعمان عن ماء السما |
كيف يروي مالك عن أنس |
فكساه الحسن ثوباً مُعلّماً |
يزدهي منـه بأبهى ملبس |
* |
|
في ليالٍ كتمت سر الهوى |
بالدجى لولا شموسُ الغرر |
مال نجم الكأس فيها وهوى |
مستقيمَ السير سعد الأثر |
وطر ما فيه من عيب سوى |
أنه مرّ كلمح البصر |
حين لذّ الأنس شيئاً أو كما |
هجم الصبح هجوم الحرس |
غارت الشهب بنا أو ربما |
أثرت فينا عيون النرجس |
* |
|
أي شيء لامرئ قد خلصا |
فيكون الروضُ قد مكن فيه |
تنهب الأزهار منه الفرصا |
أمنت من مكره ما تتقيه |
فإذا الماء تناجى والحصا |
وخلا كل خليل بأخيه |
تبصر الورد غيوراً برما |
يكتسي من غيظه ما يكتسي |
وترى الآس لبيباً فهما |
يسرق السمع بأذني فرس |
* |
|
يا أهبل الحي من وادي الغضا |
وبقلبي منزل أنتم به |
ضاق عن وجدي بكـم رحـب الفضا |
لا أبالي شرقه من غربهِ |
فأعيدوا عهد أنس قد مضى |
تُنقذوا عانيَكم من كربه |
واتقوا الله وأحيوا مغرماً |
يتلاشى نفساً في نفس |
حبس النفْس عليكم كرماً |
افترضَوْن عفاء الحبس |
* |
|
وبقلبي منكم مقتربُ |
بأحاديث المنى وهو بعيد |
قمر أطلع منه المغربُ |
شقوة المُغرى به وهو سعيد |
قد تساوى محسن أو مذنب |
في هواه بين وعد ووعيد |
ساحر المقلة معسول اللمى |
جال في النفْس مجال النفَس |
سدد السهم فأصمى إذ رمى |
ففؤادي نبلة المفترس |
* |
|
ان يكن جار وخاب الأملُ |
وفؤادي الصبّ بالشوق يذوبْ |
فهو للنفس حبيبٌ أولُ |
ليس في الحب لمحبوب ذنوبْ |
أمرُهُ معتمل ممتثلُ |
في ضلوع قد براها وقلوب |
حكّم اللحظ بها فاحتكما |
لم يراقب في ضعاف الأنفس |
منصف المظلوب ممن ظلما |
ومجازي البر منها والمسي |
* |
|
ما لقلبي كلما هبت صبا |
عاده عيد من الشوق جديد |
كان في اللوح له مُكتتبا |
قوله إنّ عذابي لشديد |
جلب الهم له والوصبا |
فهو للأشجان في جهد جهيد |
لاعجٌ في أضلعي قد أضرما |
فهي نار في هشيم اليبس |
لم يدع من مهجتي إلا ذما |
كبقاء الصبح بعد الغلس |
* |
|
سلمي يا نفس في حكم القضـا |
واعمري الوقت برُجعى ومتاب |
دعْك من ذكر زمان قد مضى |
بين عُتبى قد تقضّت وعتابْ |
واصرفي القول إلى المولى الرضا |
مُلهَمِ التوفيق في أم الكتاب |
الكريم المنتهى والمنتمى |
أسد السرج وبدر المجلس |
ينزل النصر عليه مثلما |
ينزل الوحي بروح القدس |
* |
|
مصطفى الله سميّ المصطفى |
الغني بالله عن كل أحد |
من اذا ما عقد العهدَ وفى |
وإذا ما قبُحَ الخطب عقد |
من بني قيس بن سعد وكفى |
حيث بيتُ النصر مرفوع العمد |
حيث بيت النصر محمي الحمى |
وجنى الفضل زكي المغرس |
والهوى ظلُّ ظليل حينما |
الندى هب إلى المغترس |
* |
|
هاكها يا سبط انصار العلا |
والذي إن عثر الدهر أقال |
غادة ألبسها الحسن ملا |
تبهر العين جـلاء وصقال |
عارضت لفظا ومعنى وحلى |
قولَ من أنطقه الحبّ فقال: |
(هل درى ظبي الحمى أن قد حمى |
قلب صبّ حله عن مكنس |
فهو في حر وخفق مثلما |
لعبت ريح الصبا بالقبس) |
ابن زمرك
1- |
أبلغ لغرنـاطـة السـلامْ |
وصفْ لها عهديَ السليمْ |
|
فلو رعى طرفها ذمـام |
ما بتّ في ليلـة السـليمْ |
* |
||
|
كم بثّ فيها على اقتراح |
أُعلّ من خمرة الرضـاب |
|
أدير فيها كؤوس راح |
قد زانها الثغر بالحبـاب |
|
أختال كالمهر في الجماح |
نشوانَ في روضة الشباب |
|
أضاحك الزهر في الكمام |
مباهيا روضه الوسـيم |
|
وأفضح الغصن في القوام |
إن هبّ من جوّها النسـيم |
* |
||
|
بينا أنا والشباب ضافْ |
وظلـله فوقنا مديـد |
|
ومورد الأنس فيه صافْ |
وبُرده رائق جديـدْ |
|
إذ لاح في الفود غيرَ خاف |
صبحٌ به نُبّهَ الوليـد |
|
أيقظ من كان ذا مـنام |
لما انجلى ليلـه البـهيم |
|
وأرسل الدمع كالغمـام |
في كـل وادٍ بـه أهيم |
* |
||
|
يا جيرةً عهدُهم كريم |
وفعلهم كـله جمـيل |
|
لا تعذلوا الصّب إذ يهيم |
فقبله قـد صـبا جميل |
|
القرب من ربعكم نعيم |
وبعدُكم خطبه جليل |
|
كم من رياض بـه وسام |
يزهى بها الرائض المسيم |
|
غديرها أزرق الجمام |
ونبتها كـله جميم |
* |
||
|
أعندكم أنني بفـاس |
أكابد الشوق والحـنين |
|
أذكر أهـلي بـها ونـاسي |
واليومُ في الطـول كالسنين |
|
الله حسبي فكم أقاسي |
من وحشة الصب والبنين |
|
مُطارحا ساجع الحـمام |
شوقاً إلى الإلف والحميم |
|
والدمع قد لجّ في انسجامْ |
وقد وهى عِقدُه النظيم |
* |
||
|
يا ساكني جنـة العريفْ |
أسكنتمُ جنةَ الخلود |
|
كم ثَم من منظر شـريف |
قد حُف باليمن والسعود |
|
ورب طود به منيف |
أدواحه الخضر كالبنود |
|
والنهر قد سُل الحسـام |
لـراحـة الشـرب مستديم |
|
والزهر قد راق بابتـسام |
مقبّلا راحـة النديم |
* |
||
2- |
لو ترجع الأيام بعد الذهاب |
لم تقدح الأيام ذكرى حبيبْ |
|
وكل من نام بليل الشبابْ |
يوقظه الدهـر بصبـح المشيب |
* |
||
|
يا راكب العجز إلا نهضةٌ |
قد ضيق الدهر عليـك المـجالْ |
|
لا تحسبن أن الصبى روضة |
تنام فيها تحت فيء الظلال |
|
فالعيش نوم والردى يقظة |
والمرء ما بينهما كالخيال |
|
والعمر قد مر كمرّ السحابْ |
والملتقى بالله عمـا قريبْ |
|
وأنت مخدوع بلمع السـراب |
تحسـبه ماء ولا تستريـب |
* |
||
|
والله ما الكون بما قد حـوى |
إلا ظلالاً تُوهم الغـافلا |
|
وعادة الظل إذا ما استوى |
تبصره منتقلاً زائـلا |
|
إنا إلى الله عبيد الهـوى |
لم نـعرف الحق ولا الباطلا |
|
فكل من يرجو سوى الله خـاب |
وإنما الفوز لعبدٍ منيبْ |
|
يستقبل الرُجعى بصدق المتاب |
ويرقب الله الشـهيد الرقيب |
* |
||
|
يا حسرةً، مرّ الصبا وانقضى |
وأقبل الشيب يقصّ الأثرْ |
|
واخجلتا والرَحلُ قد قُوّضـا |
وما بقي في الخير غير الخبر |
|
وليتني لو كنت في ما مضى |
أدخر الزاد لـطـول السـفر |
|
قد حان من ركب التصابي إياب |
ورائد الرشد أطال المغيب |
|
يا أكمه القلب بغير الحجاب |
كم ذا أناديك فلا تستجيب |
أبو بكر الأبيض الوشاح (كان معاصراً لابن باجه)
2 |
|
1 |
||
مما أباد القـلوبـا |
|
ما لذّ لي شربُ راحٍ |
||
يمشـي لنـا مستريبا |
|
على رياض الأقـاح |
||
يا لحظه ردّ نُوبـا، |
|
لولا هضيمُ الوشاحِ |
||
ولا لماه الشنيبا، |
|
إذا أسا في الصـباحِ |
||
بردْ غليل |
|
أو في الأصيلْ |
||
صبّ عليل |
|
أضحى يقول: |
||
لا يستحيل |
|
ما للشمول |
||
فـيه عن عهدي |
|
لطمتُ خـدي |
||
ولا يزال |
|
وللـشمال |
||
في كل حال |
|
هبّت فمالْ |
||
يرجـو الوصالْ |
|
غصن اعتدال |
||
وهو في الصـدّ |
|
ضمّه بـردي |
أبو بكر بن زهر
ما للمُوَلّـه |
من سـكرهِ لا يُفيق؟ |
يـا لـه سـكران |
من غير خمر! |
ما للكئيب المشوق |
يندب الأوطـان؟ |
هـل تستعاد |
أيامنا بالخليج |
وليـاليـنا؟ |
أو يُستفاد |
من النسيم الأريجْ |
مسكُ دارينـا |
وإذ يـكاد |
حسن المكان البهيج |
إن يحيينـا |
نهـرٌ أظلّه |
دوحٌ علـيه أنيق |
مُورقٌ فـينان |
والماء يجـري |
وعائم وغريق |
من جـنى الريـحان |
* |
||
أو هل أديبْ |
يحيي لنا بالغروسْ |
ما كـان أحـلى، |
معَ الحبيب |
وصافـيـات الكؤوس |
فاسقني وآمـلا |
عيشٌ يطيبْ |
ومنزه كالعروس |
عـندما تُجلى |
عيشٌ لعلّه |
يعود منه فـريق |
كالذي قـد كان |
أضغاث فـكر |
تحـدو بـه وتسوق |
هـذه الألحـان |
* |
||
يا صاحبيّا |
إلى متى تعذُلاني؟ |
أقصرا شيّاً، |
قد متُّ حياً |
والمُبتلى بالغواني |
ميّتٌ حيّا، |
جـنى عَليّا |
عذب اللمـى والمـعاني، |
عـاطر ريـّا |
هـلاله كِلّـه، |
غـزال أنس يفوق |
سائرَ الغزلان |
يا ليت شعري، |
هلي لي إليه طريقْ |
أو إلى السُلوان؟ |
بعضهم
ما لي شـمولْ |
بـلا شـجـون |
مزاجـهـا في الكـاس |
دمـع هَتونْ |
لله ما بـذَرْ |
مـن الدمـوع |
صبَ إذا اسـتعـبـر |
مـن الولـوع، |
أودى بـه جُؤذر |
يـوم الطـلوع |
* |
|
فهو قتيـل، |
لا بـل طـعيـن |
بـين الرجـا واليـاس |
لـه مـنون |
* |
|
جرحت للحَينِ |
كـفي بـكفي |
وحـيل ما بيْني |
وبـين إلـفي |
لا شـك بالبَيْن |
يـكون حتـفي |
* |
|
حان الرحـيل، |
ولـي ديـونْ |
إن رَدّهـا العباس |
فـهو الأمـين |
* |
|
أما تـرى البـدرا |
بـدر السُعود |
قد اكتسى خُضـرا |
مـن البُرود |
إذا انثنى نضـرا |
مـن القـدودْ |
* |
|
أضحـى يـقـول: |
مُت يـا حـزيـن، |
قد اكتسى بالآس |
اليـاسـمـيـن |
قلتُ، وقـد شَرَد |
النـوم عـني |
وأيـأس العوّد |
السـقم مـني |
* |
|
جـسمي نـحـيل |
لا يـستبيـن |
يـطـلبه الجُلاس |
حيثُ الأنـين |
* |
|
يـجاوز الحـد |
قـلبي اشتياقا |
وكُلّف السـهد |
مـن لا أطـاقا |
قلت، وقـد مـدّ |
ليـلي رُواقا: |
* |
|
ليـلي طـويل |
بـلا مـعين؛ |
يـا قـلبَ بعض الناسْ |
أمـا تـلـين؟ |
عبادة القـزاز
بدرُ تِمّ، شـمس ضُحى |
غصن نقا، مسكُ شَمّ |
ما أتم، مـا أوضـحـا |
مـا أورقـا، مـا أنمّ! |
لا جـرمْ، مـن لمحـا |
قـد عشـقا، قـد حُرِمْ |